الثلاثاء، 13 أكتوبر 2009

الحرب هي "الفشل الكامل للروح البشرية"(2-2)

روبرت فيسك
ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي
وهكذا ترون المشكلة، الحرب كانت قد انتهت في حينها. كنا نتحدث عن حرب الخليج عام 1991، حرب تحرير الكويت.عندما تم وضع الصحفيين في مجاميع، والذي كان حينها ما يعادل الاندماج.وكانوا يمزحون حينها بقولهم، إنهم أرادوا إرسال تقرير عن الحرب الحقيقية، ولكن لم يتم السماح لهم بذلك، وإنهم كانوا مراقبين. ولكن عندما انتهت الحرب وعندما سمح لهم بالقيادة عبر الخط السريع وتصوير كل شيء يريدوه، قاموا بمراقبة أنفسهم. وبعيداً جداً عن الإحساس.لا نستطيع استلام شيء من هذا القبيل على الفطور، وماذا بخصوص الأطفال؟ في لندن، وفي واشنطن، وفي نيويورك، وفي أي مكان أخر، باريس، هناك مدراء القنوات التلفازية والناشرين قالوا: "لا نستطيع عرض هذا". من المحال.العديد من أسوء الصور قد تم التقاطها في احتلال العراق في عام 2003: رجل يخرج طفلا كقطعة من الكيك المحمص، طفلة جميلة بين أذرع رجل، كان علينا أن نقتطع هذه اللقطات، لأنه لم نرد أن نرى عظام القدم العالقة وهي تنسحب. كانت ميتة، ومجروحة في العديد من اللقطات. لم ترى أبداً تلك الصور ضوء النهار. لم تعرض. كان من الممكن ذلك ولكنه لم يتم. وبسبب الحساسية. ليس من الممكن عرض ذلك أثناء فترة الفطور. إنه يعتبر عمل غير مسئول أظهار الميت وهو في هذه الحالة، إنه يعتبر قلة احترام. أخبركم، إن رأيتم ما رأيت عندما ذهبت الى الحروب عندما كنت في خط الجبهة مع أو من دون جنود أو مع مدنيين أو مع جرحى في المستشفيات، لو رأيتم ذلك فإنكم سوف لن تحلمون أبدا بدعم حرب مرة أخرى في حياتكم. انه لشيء ملحوظ في السينما، السينما التجارية، من الممكن عرض أفلام مميزة عن عروض دموية وقاسية جدا والتي هي تشبه بشكل كبير ما هو حقيقي، مثل فلم "إنقاذ الجندي ريان"، والتي تظهر لك الشجاعة وهي تسقط. وحتى مع هذا فان الحرب الحقيقة ليس بالإمكان عرضها من دون مراقبة الصور والتي هي في حالات عديدة تطابق حقيقة ما نراه عندما نذهب الى السينما، أو عندما نرى فلم حربياً في السينما. إنه لشيء غريب. وفقط عندما تكون هناك تدرك ذلك - أعرف محرراً في لندن يهز رأسه بإشارة لعدم القناعة حتى عندما أكرر قولي عليه مراراً وتكراراً. إن تذهبوا الى الحرب، تدركون انه ليس أساسيا مسألة النصر أو الهزيمة، بل ما يهم هو الموت والتسبب في الموت والمعانات بحجم كبير وبقدر ما تستطيع فهمه. بل إنها مسألة الفشل الكامل للروح البشرية. نحن لا نظهر هذا لأننا لا نريد ذلك. وفي هذا الذكاء الصحفي، وفي ذكر التقارير التلفازية، فان كاميرات التلفاز تصبح قاتلة.إنها تشارك جنبا الى جنب مع غيوم الحكومة لتحجب عنك الرؤية ولتسمح لك خوض حروب أكثر، لأنه لو اظهروا لك الحقيقة، لما سمحوا لك بخوض حرب أخرى.
أمي كودمان: روبرت فيسك، سؤالان. احدهم هو، لماذا تظن إن الرئيس بوش قد فعل ذلك؟ وماذا تظن كون انك تكتب كتاباً في طور الصدور، "الحرب العظمى للحضارة" عن زيادة نداءات قرائك والأسئلة، والاحتجاج، وماذا نستطيع عمله حيال ذلك، ولماذا تظن انه فعل ذلك؟ ماذا تعتقد انه يريد أن ينجزه الآن؟ وماذا تظن إن بمقدور الناس عمله؟ روبرت فيسك: ما فعله بوش في عام 2003 وما فعله أستاذنا بلير، رئيس وزراءنا والذي نحبه بعمق، ما فعلاه كلاهما أنهما اقترفا خطأًً كبيراً والذي علمهم التأريخ انه كان عليهما عدم فعل ذلك. لقد ذهبا الى الحرب لأسباب أيديولوجية. لقد عالجا الأمور بأسباب عسكرية، أسلحة الدمار الشامل، إنقاذ الشيعة المساكين، أو السنة المساكين، أو الأكراد المساكين، أو أيا كان، تدمير صدام حسين، منح الديمقراطية للشرق الأوسط. سوف يكون هناك أسباب أخرى، والتي سوف تظهر قريبا، قبل أن نخبر العراقيين بأنهم غير ممتنين وإنهم يجب أن يكونوا ممتنين أكثر مما هم عليه الآن. لقد بدأنا فعلاً إخبارهم بذلك في الرسائل، وبدأت ألاحظ هذا. ولكنهم بالغوا في أسبابهم الإيديولوجية. لأنك إن فعلت هذا فانك فشلت. أترى، إن كل شيء يكون خطأ في الحرب إن بنيناه على أساس أيديولوجي. سواء أكانت أيديولوجية يمين – جناح مسيحي، أو أصولي، سواء أكانت أيديولوجية غربية أمريكية تروم تفجير دكتاتوريات الشرق الأوسط. لا أريد الخوض بذلك لأننا سنشعر بالملل لدرجة النعاس. ولكن ما حدث هو إن كل شيء لديه متعلق بأغراضكم العسكرية التي ساء استخدامها. على سبيل المثال، انظر الى المخابرات الأمريكية لم تعد تجدي نفعاً في العراق. وبشكل كامل. إن كل ما يفعلونه إنهم يلقون القبض على الأشخاص الخطأ. وضرب وتعذيب الناس، نعم، وبالمناسبة، هم يفعلون ذلك. والأدهى من ذلك، فان أمريكا تمتلك تلك المخابرات الاستثنائية في آلية جمع المعلومات. فلديها كمبيوترات هائلة ترتبط على الهواتف الخلوية. الملايين عبر الشرق الأوسط. مترجمين يترجمون متنقلين من صفحة الى صفحة، ليس بالسرعة الكافية كما نعرفها قبل 11 أيلول عام 2001. ولكنهم يقومون بذلك. إنهم يجمعون هذا الكم الكبير من المعلومات الاستخبارية عن ما يحدث في الشرق الأوسط. والآن إن كنت قادراً على فهم الظلم، الذي يرزح تحته جزئيا الشرق الأوسط وبشكل أساسي، فانك من الممكن أن ترسم صورة حول الموضوع. ولكن إن كنت تنوي الذهاب الى هناك أيديولوجيا في تلك المخابرات وتحاول أن تصلحها على ما تعتقد أو ماذا تريد أن تعتقد، إذن فان الـ C.I.A.سي أي أي كاملةً سيتم إقصائها. وتصبح ليس بذي جدوى. ولهذا السبب، على سبيل المثال، خلفية، تأسيس مبدأ الحرب على العراق، فقد بنيت من الرمل، لأنها كانت حرباً إيديولوجية. لم تكن مبنية على ما يريده العراقيين فعلا، وهو الذي سوف يحصل حقيقةً. لقد كانت مبنية هي الأخرى على مبدأ البترول، أنا اعرف ذلك. لأنه إن قام الرئيس بتصدير العراق مع نبات الهليَون، فإننا لم نكن هناك، أليس كذلك؟ عندما تشن حربا على أساس إيديولوجي، فإن هذا ما يحدث؟ انك تخسر. وعندما تكذب عن حقيقة أساسيات تلك الحرب، فانك تخسر.وإن الحرب في العراق قد خسرناها أصلاً. لانها صحافة السجن أو صحافة الفندق والأكاذيب التي تطلقها وزارة الخارجية والبنتاغون والبيت الأبيض ومقر رئاسة الوزراء ووزارة الدفاع في لندن وحسب، وهلم جراً حتى تبقي العجلة تدور. وفي نقطة ما سوف يحدث الانفجار، بحيث إن هؤلاء الذين هم في السلطة سوف لن يجدوا تفسيرا لذلك. أنا لا أستطيع تنبأ المستقبل ولكن سوف يحدث ذلك. كيف نتعامل مع هذا؟ لا اعرف. أترون، هؤلاء القراء الذين يكتبون لي وما زالوا يفعلون. لقد استلمت رسالة الكترونية من خارج الأستوديو وهي في حقيبتي. ماذا نستطيع فعله حيال ذلك؟ يبدوا أن انكساراً فعلياً حدث في بريطانيا. بين الناخبين والمنتخبين. أحد الأسباب، طبعا، حزب توري (the Tory) الذي يدعم حزب العمال، والذي أخذت الصحافة فيه الجانب المعارض. إن المشكلة في الولايات المتحدة هي أكبر بخصوص هذا الموضوع وكما افهمها، حسناً، سوف انقل لكم قول أحد عناصر البحرية الأمريكية، في سان ديجو قبل بضعة شهور، "إن مشكلتنا إن لدينا هذا النوع من الديمقراطية المزيفة" وأضاف "نحن نقترع لنوابنا ورجال الكونغرس للأقوال التي يقولونها عن الذي سوف يمنحونا إياه، ولكنهم يعطونا شيء ويقولون شيء مختلفاً تماماً". أظن إن هناك مشكلة كبير في مجاميع اللوبي.لا اقصد فقط اللوبي الإسرائيلي، اقصد لوبي السلاح والخ...أظن إن لدينا مشكلة كبيرة مع مجاميع اللوبيات في واشنطن وكل رئيس يأتي يقول بأنه سوف يقوم بتنظيف ذلك، ولكنه لا يفعل ذلك أبدا وفي الحقيقة، انه لم يقل ذلك، ليس جورج بوش على أية حال. ولكني أظن إن لدينا مشكلة أكبر من مشكلة الولايات المتحدة في قضايا مثل الشرق الأوسط، على سبيل المثال، إن صوتكم لا يسمع إلا إذا كان مؤيداً للسياسية الأمريكية والإسرائيلية في الشرق الأوسط، وهكذا صعودا الى أعلى السلم. سوف يكون هناك أرواح شجاعة، بول فينلي.انظر، ماذا حدث له. ولكن أساسا، سوف لن يكون لك ممثل لتلك القضايا الحساسة. إن سياسية أمريكا في الشرق الأوسط هي القضية الحساسة في كل حياتنا في هذا الوقت. أشرت الى ذلك – وبشكل مسهب في كتابي الجديد عن قضية لماذا بعد إحداث 11 أيلول 2001، أتذكر أنني قمت بهذا الجدل الرهيب مع الأستاذ بوستون، ديرشويتز، الذي اتصل بي "أنه رجل خطير. انه مناوئ للأمريكان. إن ذلك مشابه لكونك مضاد للسامية". وإن هذا مرفوض بالطبع، وأنا كذلك. ولكن أي شخص يطرح هذا السؤال لماذا حصل ذلك، كان ينظر له على اعتباره غير وطني، وعدو محتمل، ولذلك يعتبر عدو للأمريكان، وعدواً للشعب، وعدواً للديمقراطية. لأنه بالطبع طرح السؤال لماذا، علينا القول: حسنا، توقفوا للحظة، إن مختطفي الطائرات الـ 19 قد قدموا من العرب. لقد أتوا من الشرق الأوسط. هل هناك مشكلة هناك؟ ألا نستطيع أن نسبر الأمور هناك. انه لشيء غريب لأنه إن ارتكبت جريمة في سانتا في، فان الشرطة سوف تأتي. وأن أول شيء سوف يقومون به هو النظر في الدافع وراء الجريمة. وعندما ترتكب جريمة دولية ضد البشرية على حجم ما حدث في 11 أيلول 2001. فإن الشيء الوحيد الذي هو غير مسموح به هو البحث عن الدافع وراء الجريمة. وأظن انه على مدى واسع ولعدة أشهر منع الأمريكيين في البحث عن الدافع للجريمة. ولكن في الوقت الذي كان لدينا من اجل البحث عن الدافع، قمنا بقصف أفغانستان وقلنا إن العراق لديه أسلحة الدمار الشامل. ومن ثم ألحقنا الهزيمة بصدام. وهكذا دواليك. وانه يبدوا على أية حال بان السياسيين المحدثين، وفي حالات عديدة، بمساعدة الصحفيين، كما أخشى، نشروا ما يكفي لخداع الناس. سوف نقوم بتوضيح هذا في الغد، إن ذلك سري جداً لإخباركم به "يصر مسئولي المخابرات على ذلك انظر في النيويورك تايمز، في الفقرات الأولى مرات عديدة يذكر: "طبقاً الى مسئولين في المخابرات الأمريكية". و"يقول المسئولون الأمريكيون". وأظن أحيانا على الـ نيو يورك تايمز أن يتم تسميتها بـ "يقول المسئولون الأمريكيون. تطلعوا عليها فحسب في الغد أو بعد غد. أو الى"لوس أنجلس تايمز"، أو لاحظوا الـ"سان فرانسيسكو كرونيكل"، لم تعد نظيفة ولسوء الحظ، ولكن الواشنطن بوست!.
إنه تقريبا، كما لم تعرفون العلاقة الحميمة بين الصحفيين الأمريكان وبين السلطة خطرة جداً. تريدون النظر ورؤية ماهية العلاقة وأشبهها، بالـتناضحية (osmotic)المضيف، والطفيلي كلاهما معاٌ.عليكم فقط النظر في المؤتمر الصحفي للبيت الأبيض "السيد الرئيس، السيد الرئيس؟ نعم، بوب، نعم جون؟ نعم، نانسي. تلك هي العلاقة. إن الصحفيين يرغبون الاقتراب من السلطة. إنهم يعرفون انه إن أرادوا التقرب من السلطة، فان عليهم عدم تحدي السلطة. وهذا يرجعنا الى تعريف اميراهاس للصحافة، والذي أجد نفسي مكرساً حياتي لهذا التعريف بشكل كامل: "عليك أن تتحدى السلطة كل الوقت، وكل الوقت، وكل الوقت حتى الساسة ورئيس الوزراء، وحتى إن كرهك قراءك، فان عليك تحدي السلطة. وهذا يشمل تحدي سلطة بن لادن.
امي كودمان: وهذا هو السؤال، لقد قمت بتغطية غزوات إسرائيل للبنان، والثورة الإيرانية، والحرب العراقية- الإيرانية، والاحتلال السوفيتي لأفغانستان، وحرب الخليج، وحروب الجزائر، الصراع الفلسطينيين- الإسرائيلي، وغزو واحتلال العراق، روبرت فيسك: يكفي، يكفي، يكفي،........
امي كودمان: ما الذي يعطيك الأمل؟ ما لذي يعطيك أملاً؟ روبرت فيسك: لا شيء. أنا أسف، لاشيء. أنا أسف.لا شيء في هذا الوقت، أن يقوم الناس العاديين، كما أظن. الناس العاديين بالتحدث. والناس في العالم العربي كذلك.ولكن في مصطلحات الحكومات، لا شيء كثير. من الممكن أن أكون مخطئا، من الممكن أن أكون تشاؤمياً لأنه لقد رأيت الكثير من الأشياء. امي كودمان: روبرت فيسك مؤلف كتاب "الحرب العظمى للحضارة": "فتح الشرق الأوسط"، ومحرر لصحيفة الاندبندنت على مدى ثلاثين عاماً.

هناك تعليق واحد:

IRAQI SPIRIT يقول...

الأستاذ البرجوازي العراقي
تحية طيبة ...
شكرا لكل ما تقدمونه من جهود طيبة وخيرة في توثيق المدونات العراقية من على هذه الصفحات المليئة بالأفكار والتوجهات والشاعرية وحب الوطن والعمل على رفعة العراق وأهله.
تقديري وأحترامي لجميع ماتفعلونه.