الثلاثاء، 23 مارس 2010

قرأة للتغطية الإعلامية في انتخابات العراق 2010

أمير جبار الساعدي

بعث
موقع "درابين" عدد من الأسئلة يستطلع بها التغطية الإعلامية خلال الانتخابات العامة التي حصلت في العراق، وأدرج قرأتي لمجمل مشاهداتي للمشهد الإعلامي على الساحة العراقية.
التساؤل حول مدى حيادية التغطية الإعلامية المحلية، العربية أوالعالمية، يوجب علينا معرفة توجهات تلك الوسيلة الإعلامية التي تقوم بالتغطية ومن هي الجهة التي تدعمها أو تمولها وهذا ينطبق على جميع الوسائل وعائديتها ومواقعها في أي بلد، وما هي درجة أرتباط المصالح العامة التابعة لتك الدولة أو الخاصة التي قد تمثلها بعض الكارتلات الصناعية والاقتصادية التي لديها مصالح معينة في العراق، حيث يمكن لها أن توجه هذه الجهة الإعلامية والصحافية لخدمة مصالحها حسب اتفاق مبرم بين الزبون ومقدم الخدمة لديها، ولدينا بعض القنوات الإعلامية التي تعتبر موسم الانتخابات لها موسم حصاد وربح وفير يدر عليها الملايين وقد يعود عليها ببعض الأستثمارات الكبيرة في وسائلها الإعلامية، هذا من جهة.
وفي الجهة الأخرى يختلف مفهوم الحيادية والحرفية لدى الموسسات الإعلامية حتى الكبيرة منها حسب أولويات عملها النفعي والتوجه الايدولوجي لديها وأن كانت تنفي بأن لديها توجه فكري يحدد عملها كونها جهة إعلامية كبيرة وواسعة الأنتشار وذلك يبعدها من الأرتباطات الفكرية المؤدلجة لجهة محددة، وهذا ما يخالفه في كثير من الأحيان نوعية المواد التي تنشرها أو تبثها برامج تلك القنوات الإعلامية.
وفي ضوء ما شاهدناه وقرأناه من مختلف المؤسسات الإعلامية محلية وعربية وعالمية كبيرة كانت أم صغيرة وأن لم نحيط بأغلبها لكن الأطلاع على نماذج منها، يمكن القول بأنها لم تكن بالمستوى الذي يتناسب مع حجم التحديات المفروضة على الشعب العراقي وأشدد على المخاطر والتضحيات التي قدمها الشعب العراقي، وكذلك نوعية التجربة التي يعيشها العراقيين اليوم ومدى تأثير نجاحها على الشعوب العربية والمنطقة من ناحية طبيعة هذه الممارسة الديمقراطية، ولكننا لا ننكر حرص بعض الجهات الإعلامية على الوصول لكل منطقة في الساحة العراقية ونقل أجواء الحماس العراقي للوصول الى صناديق الأقتراع، ونقل المشاهد الأنسانية والاجتماعية وكذلك حاجة المواطن العراقي للشعور بأن صوته لن يضيع هدرا لأنه يحتاج الى الكثير من المطالب ليشعر بانتمائه الحقيقي لهذا البلد.
وعلى صعيد أخر كان هناك دور لا يمكن إغفاله لوسائل الإعلام المحلي التي نشطت في تغطية مجريات الانتخابات ويصاحبها التعليق المباشر على ما يجري من أحداث من خلال مجموعة من المحللين والكتاب العراقيين والتي ساعدت كثيرا في تحفيز بعض المترددين والمتمردين للذهاب الى صناديق الأقتراع وهذا ما لمسته شخصيا من بعض المواطنين في بغداد، وعلى النقيض كان هناك أمتعاض من بعض القنوات العربية والمحلية والتي سبق وأن أشرت اليها في لقاءاتي التلفزيونية والتي كانت تبدوا بأنها تدعم قائمة بعينها وهذا الشعور كان حسب توجه المناطق ومحاصصتها الطائفية والتي كسرها المواطن العراقي في بعض المناطق بتصويته لقائمة تختلف عن لون طائفته المذهبية.
فلماذا لا تكون هناك بهجة لكل قائمة تتقدم في حمى التنافس الانتخابي وما تحققه من نصر فهو راجع لمن أيدها وساندها من العراقيين حيث أدلى بصوته لتلك القائمة التي يرغب بها، والمستغرب هنا لماذا تتعالى بعض الأصوات الإعلامية وعبر قنواتها المتعددة الى الترويج الدعائي لقائمة محددة وحسب وأن عملية العد والتدوين لم تنتهي على مستوى العراق بكل أنواع انتخاباته الخاصة والخارجية والعامة، وعملية الضرب الأستباقي بتبادل الاتهام وإلقاء الشكوك في ساحة المفوضية بين الكتل الكبيرة "علاوية" أم "مالكية"، "ائتلافية" أم "تحالفية" أو "تغيرية" فهذا سابق لأوانه من كل الأطراف المشتركة في الانتخابات أو من قبل الجهات الإعلامية التي روجت لها وكما أشرت سابقا في مقال" أمريكا... وأتهام التزوير" فأن الكتل جميعها أستفادت من درس الانتخابات السابقة وأسست شبكة مراقبين كبيرة وأستخدمت كل وسائل التوثيق التي تضمن أصواتها وحقوق من صوت لها، وعليه فأن الجميع لديه التصور الواضح والأولي عن عدد الأصوات التي حصل عليها وعدد المقاعد التي يمكن أن يتحصل عليها، وأن محاولات ألصاق التهم بالمفوضية بشكل دائما هو الذي من غير جدوى وليس العكس، ولا يعني هذا بأنه لم تكن هناك خرقات وأخطاء مقصودة أو غير مقصودة في التلاعب بعدد الأصوات في المركز الوطني للعد والفرز، وعلى سبيل المثال وأنا أطالع نتائج الانتخابات المنشورة من على موقع المفوضية وجدت لدى أحدى الكتل مجموع أصوات لا يساوي عدد الأصوات المذكورة مقابل مرشحيها وهي من الكتل الصغيرة، ومثال أخر، قد أصبحت نسبة أنجاز الفرز حوالي 95% ومازال هناك بعض المرشحين من الكتل التي كان لديه بعض الدعم تشاهد أمام عدد الأصوات التي حصل عليه (1، 2) وأعتقد بأن هذا المرشح قد خاصم أهله ومحبيه وأصدقائه أو ذهب هو وزوجته وحسب من غير أي داعم ومساند فهل يعقل ذلك؟؟ فهل يعني ذلك بأن المفوضية كانت تتعمد التزوير لتلك القائمة بنسبة مجموع الأصوات الذي يقارب المئة صوت والذي لا يقدم أي شيء للقائمة لانها بحكم الخاسرة أصلا لانها لم تصل العتبة الانتخابية. وهناك بعض الاعتراضات على تصويت الخارج وما جرى فيه من عدم احتساب كثير من الأصوات نتيجة عدم تطابق وثائق الناخبين مع متطلبات قانون الانتخابات، وهناك من يجمع التأييد لغرض المطالبة بحقوق الأصوات المهدورة والتي ألغيت. ومثال حي أخر في الانتخابات الخاصة هناك من فرط بأصوات قسم من قوات الحدود، وكذلك مشكلة كثير من الإعلاميين العاملين في شبكة الإعلام العراقي وباقي القنوات من الذين لم يستطيعوا أن يصوتوا نتيجة تغطيتهم المباشرة للانتخابات، ولعدم وجود مادة في القانون تجيز لهم أن يصوتوا ضمن التصويت الخاص وهم بالآلاف هدرت أصواتهم. والجدير بالذكر بأن الجامعة العربية والأمم المتحدة والمراقبين الدوليين لم يسجلوا خرقا يصل الى الإخلال بالمعايير الدولية للانتخابات.
والكل أجمع بأنه لا يوجد هناك قائمة يمكن أن تتفرد بتشكيل الحكومة المقبلة وفق أي أغلبية أرادتها سياسية أم توافقية لان حدة التنافس بين الكتل الكبيرة وائتلافاتها كان على أشده وتقاربت مستويات حصولها على عدد الأصوات وبالتالي عدد المقاعد في مجلس النواب القادم، فالشعب ينتظر اليوم نوع التحالفات القادمة ومع من ستكون أكثر ممن سيفوز وعدد مقاعده لانه أصبح معلوم لديه من الفائز وتوقع نسبة حصوله على المقاعد، فلماذا يفترض البعض بأن هناك فيتو إيراني على علاوي ونحن نتذكر التصريحات قبل بدء الانتخابات حول نية الائتلاف الوطني ترشيح أياد علاوي لمنصب رئيس الوزراء والنية بزيارة إيران وهذا ما تم نفيه لاحقا، فمن يضع الحدود لشكل الحكومة في العراق هل هي إيران أم دول الجوار الإقليمي أم أمريكا؟
ومن برأيكم أقوى تأثيرا هل هي أيران أم أمريكا صاحبة اليد الطولى في الوضع العراقي الحالي؟ ، وكيف يمكن لدول الجوار من أن تضع يدها على موزاين القوى في العراق؟.
والجواب على ذلك نعم هناك تأثير للجميع على الساحة السياسية في العراق وهذا لا يمكن لأحد أن يستبعده وله من الشواهد الكثير، ولكن هل له نفس التأثير في صنع الحكومة الجديدة هذا ما لا يمكن للمواطنين العراقيين أن يتصوروه، فلو أراد من يتصدر لمنصب رئيس الوزراء من أي قائمة أن يُغلبْ حسه الوطني وانتمائه على مصالح الفئة والحزب، وأن يتنازل عن هذا المنصب فمن يستطيع أن يمنعه من ذلك، هل أمريكا أم إيران أم دول الجوار تستطيع فرض ذلك، ولنصيغ المشهد كالتالي فلو تحققت المفاجئة بين كتلتي ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي وائتلاف العراقية بزعامة رئيس الوزراء الاسبق أياد علاوي مع أحد الكتل الأخرى التي لا تطمح لرئاسة الحكومة فهل هذا سيصب في مصلحة أي من أطراف التأثير في المشهد السياسي العراقي، أم سيعزز من اللحمة الوطنية وسيقوي مكانة العراق ورجحان كفة مصالحه على مصالح الأخرين، فلماذا نسمح للفيتو من أي طرف خارجي كان أم داخلي بأن يؤثر على خياراتنا الوطنية التي تصب في منفعة الشعب العراقي قبل غيره وهو المستفيد والمتضرر الوحيد طيلة هذه الفترة، ولو كانت التحالفات التي تتربع على عرش المصالح العراقية هي في أن يأتلف الائتلاف الوطني العراقي برئاسة إبراهيم الجعفري مع أي من ائتلافي دولة القانون أو العراقية ومن ثم مع التحالف الكردستاني فلا يوجد من يعترض ذلك، إن حجم التسويات السياسية قد أعد سلفا قبل الأنتخابات بنوع وحجم التحالفات التي سعت الكتل لتشكيلها، أما فيما يخص تماسك هذه الكتل داخل مجلس النواب الجديد وحتى قبل أن يتشكل فممكن لبعض تحالفاته ان تنقسم حسب ما تمليه عليها مصالحها ومن ثم دعوى برنامجها السياسي التي تسعى لتنفيذه، وقد سمعنا بعض التلويح من قبل بعض التيارات والأحزاب عن رغبتها بذلك الأمر، وتلاها إشهار ورقة التهديد بأستخدام فيتو أصوات الناخبين العراقيين الذين منحوه لهم بأن يصادقوا على هذا المرشح أو ذاك لمنصب رئيس الوزراء، متناسين ذكر المنصب الأخر الذي يرشح رئيس الحكومة وهو منصب رئيس الجمهورية مع عدم إغفال حجم صلاحياته بعد أن فُض مجلس الرئاسة، أم سيكون لهم قول أخر سيفشى به لاحقا، وهذا ما لم نسمع الكثير من الكتل المتنافسة تأتي على تداوله بين أروقة تفاوضها مع باقي الائتلافات، وكل هذا لا يضر العراقيين بل ما يريدون أن يسمعوه منكم، هو كما أفردتم في برامجكم السياسية قبل الانتخابات بأن هدفكم الأول والأخير هو حاجات ورفاهية شعبكم وأهلكم ومحبيكم الذين خاطروا بأرواحهم لكي يصلوا صناديق الأقتراع في يوم السابع من آذار، وهذا هو الذي يُنتظر أن تفعلوه لاحقا لا غير...

الجمعة، 19 مارس 2010

بوناً بين الخرافي .. الطبطبائي .. صنيدح

أمير جبار الساعدي

تميزت
العلاقات العراقية العربية في الفترة الأخيرة بنوع من الفتور والذي رافق الدبلوماسية العراقية عبر علاقاته مع الأشقاء العرب ومن ضمنهم دولة الكويت، والتي كانت لديها بعض المبادرات في دعم وتطوير العلاقات بين البلدين الشقيقين من خلال الزخم الاستثماري في القطاعات الخاصة والحكومية في بعض المجالات، وأخرها هو إعلان العراق تسمية محمد حسين بحر العلوم سفيرا له في الكويت حيث وصف وزير الخارجية الكويتي تلك الخطوة بالجيدة، وفي أكثر من مرة أشار رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي الى الجهود الرامية لتقوية العلاقات بين البلدين وهو ما يحتاجه البلدان لتجاوز الخلافات وتقوية وروابط الأخوة بينهما.
وفي الجانب الأخر نرى النائب الكويتي وليد الطبطبائي يشدد على عروبة الخليج العربي ويرفض تهاون السفير الكويتي في إيران، ويدعو إلى التصدي لمحاولات إيران تزوير الحقائق وضرب الهوية الإسلامية والعربية لسكان الخليج شرقه وغربه، وهذا الانتماء الى الجذور العربية وطلب تصحيح المفاهيم لدى الآخرين، وتقوية الروابط بين الأشقاء من خلال توحيد البعد التاريخي بمسمياته المكانية والزمانية للوجود العربي في المنطقة، مع احترام كل المكونات الأخرى التي تشاطرنا أرضنا وعالمنا من غير تمييز.
وفي المقابل يطرأ على الساحة النائب الكويتي مبارك صنيدح، والذي عبر تصريحه الغير مبرر بتمنيه "انه لا يتمنى الاستقرار للعراق ويسعده استمرار ما اسماها بالصراعات الطائفية بين أبناء الشعب العراقي". هذه الأمنية التي لا ترتبط بأي وشيجة لا الى ديننا الحنيف ولا الى روابط الدم والتأريخ بين الأشقاء الذي سعى البلدين الى طي صفحة الماضي وبناء علاقات أساسها المصالح المشتركة واحترام سيادة البلدين ومد جسور المحبة والتعايش السلمي بينهم. ويبدوا بأنه لا يملك الكثير عن مجريات الأحداث في العراق فهو يذكر "بأن الدكتور أياد علاوي هاجم كربلاء والفلوجة" وعليه أن يقرأ جيدا قبل أن يصرح لأن رئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي هاجم النجف وليس كربلاء.

فالتوقيت السيء
لهذا التصريح غير المقبول من الجميع ونحن في طور ترميم العلاقة الأخوية بين البلدين لا دق إسفين الفرقة والتمزق بين الأشقاء، فلقد ترك كلام النائب صنيدح أثرا في نفوس الكثيرين ممن أرادوا نسيان الماضي الذي لم تكن لهم الإرادة في اختيار مجريات أحداثه وبدأ صفحة جديدة، وقد صعدت وتيرة التنابز بين الأشقاء من على مختلف صفحات الانترنت من غير طائل ولا فائدة ترتجى من وراء ذلك، فما الذي أراده النائب صنيدح وهو عضو ممثل في مجلس الأمة الكويتي الذي أستدعى وزير الإعلام لكي يسائله عن بعض الإجراءات التي يجب اتخاذها للتصدي للفضائيات والصحف التي تروج للشقاق والفرقة بين الكويتيين، فما بالهم بالذي يسبب الفرقة بين الأخوة في العراق ودولة الكويت ألا يجب أن يسائل أيضا عن نواياه الحقيقية وهو يتمنى ان يكون بين العراق والكويت جدارا فولاذيا كجدار مصر على غزة في إشارة إلى عدم تطبيع العلاقات والتعاون مع العراق.
وأخير أود أن أذكر النائب صنيدح بأن ألوان العلم الكويتي وكثير من الأعلام العربية هي ترجمة حرفية لأبيات الشاعر العراقي صفي الدين الحلي.

الثلاثاء، 16 مارس 2010

أمريكا ... واتهام التزوير

أمير جبار الساعدي

خرج علينا الرئيس أوباما مهنئا في خطابه بعد أنتهاء عملية التصويت في العراق في السابع من آذار، وأورد في خطابه إنه متخوف من أن العراق سيواجه فترة صعبة وربما أعمال عنف في الأيام القادمة بعد الانتخابات وهذا ما كنت قد استغربته من على شاشة أحدى الفضائيات العربية في نفس اليوم متسائلا كيف للرئيس أوباما أن يتخلى عن مسؤوليته، والعراق مازال تحت طائلة البند السابع ولم يمض وقت بعيد من توقيع الاتفاقية الأمنية والإستراتيجية بين العراق وأمريكا وكانت قوات الاحتلال قد أحاطت العملية الانتخابية بعنايتها الأمنية تساند القوات العراقية التي كانت تتحمل مسؤولية الحفاظ على الأمن بشكل أكبر مما سبق، وبعد هذا نرى بأن بعض الجهات تحاول الالتفاف على فحوى ورؤية اوباما في خطابه ومحاولة تمرير تحليلات تبين بأن هناك شكوك لدى أمريكا بحصول تزوير في الانتخابات العامة من خلال ما أشار له اوباما بتخوفه من مرور العراق بأيام صعبة وهو ما منح بعض المحللين من أطرافٍ بعينها بأن تسلط الضوء على ذلك الخطاب وتمرير ما يرونه مناسبا في صف ادعاءهم بالتزوير الذي سيفقدهم الكثير من الأصوات وهذا ما نفته المفوضية وكذلك المراقبين الدوليين والأمم المتحدة والجامعة العربية، وهذا لا يُخلي العملية الانتخابية من خروقات ومحاولات للتزوير وسط حمى التنافس بين الكيانات الكبيرة التي تقاذفت الاتهامات فيما بينها حول وجود نيات لقلب النتائج النهائية للانتخابات.
وعودا على ذي بدء، لم تنته عملية العد والفرز في جميع المراكز الانتخابية حتى أعلن اوباما خطابه، فكيف تسنى لهم بان يلقوا كرة التزوير في ساحة أمريكا وأنها على علم مسبق بذلك ؟ ولماذا تتواطأ أمريكا في عملية التزوير فأين مصلحتها في ذلك ومع من ؟، علما بأن الرئيس اوباما أشار الى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق بأنها ستواصل العمل في الأيام القادمة لفرز الأصوات والتحقق من الشكاوى.
يحاول البعض تحميل الأمر أكثر من وزنه ليكسبه نوعا من المصداقية ليضفي على إدعاءته بعداً دوليا له ثقله الكبير والتأثير في العملية السياسية في العراق لما له من فاعلية في تغيير الأحداث إن أراد ذلك بشكل أو أخر فلديه كافة الأدوات اللازمة لفعل ذلك، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ؟ من يمنع الولايات المتحدة من تغيير نظام الحكم في العراق إن لم يرقها توجهه أو تضاربت مصالحها مع مصالح العراقيين على المدى البعيد ؟؟؟.
وقد أرجع البعض الأخر سبب ذلك لعدم وجود تجانس بين السياسين الفاعلين في الساحة العراقية ولوجود حجم كبير من التدخلات الأقليمية التي تجعل العراق أرضا خصبة لكل التجاذبات ونشوء العنف السياسي فيما بينهم.
وبعد كل هذه السلبية التي يحاول البعض أن يأطر بها صورة مجريات أحتساب نتائج تصويت العراقيين في يوم الانتخابات النيابية، إلا أن هناك الكثير من الاليات المعقدة والكثيرة والتي تمر بها عملية العد والتدوين لمعرفة النتيجة النهائية، ناهيك عن كاميرات المراقبة والتصوير من قبل الإعلاميين والمراقبين المحليين والكيانات السياسية ومن مثلهم من الأمم المتحدة والتي هي الأخرى لم تسلم من أتهامات البعض لها بالتدخل، ومن ثم قامت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بتوزيع (CD) يحتوي على جميع بيانات القوائم التي تم إدخالها من قبلهم حتى هذا اليوم، ويمكن للكيانات السياسية المتنافسة على المراكز المتقدمة من التأكد بمطابقتها مع ما لديهم من نسخ تم حفظها أو تصويرها لديهم من خلال شبكات المراقبة الكبيرة العدد والتنظيم التي سعوا من خلالها للحفاظ على حقوق العراقيين الذين وضعوا ثقتهم بمن صوتوا لهم وأنتخبوهم في السابع من آذار.
وبأعتراف الجميع لا يمكن لأي طرف أن ينفي بأن هناك أختراقات يختلف وزنها ولونها قد حصلت في عموم العملية الانتخابية ورفعت بها الشكاوى وأخرى لم يتم بها ذلك، ولكنها لم تصل الى الأن لمستوى الأخلال بالمعايير الدولية لسير الانتخابات العامة في العراق.

الخميس، 11 مارس 2010

الـقومـي ... والـلاقومـي

أمير جبار الساعدي

كثيرا مايطل علينا المحليين والمراقبين والباحثين في شؤون الشرق الأوسط بأفكار وتحليلات نراها ذات مغزى ورؤى قريبة مما يجري على ساحتنا السياسية ويمكن لها في بعض الأحيان أن تضع النقاط على الحروف، وما أستدعى انتباهي هو ما صدر من أحد الباحثين الأمريكان وأسمه يون كول، حيث رشحَ من سلسلة تحليلاته بأن قائمة الدكتور أياد علاوي هي تيار قومي يرغب بالتقرب الى المحيط العربي ويقابله جناح معادي للحركة القومية موالي لإيران يتزعمه السيد نوري المالكي، وبإعادة أستقراء الكيانات المؤتلفة مع ائتلاف القائمة العراقية نشاهد بأن هناك تنوع كبير ومتعدد فيه الكثير من الأطياف الأثنية والعقائدية وكذلك المذهبية وحتى السياسية، فكيف تمكن الباحث أن يوحد جميع رؤى هذه الائتلافات بشخص الدكتور أياد علاوي بتوجهه القومي والتي حسب الظن بأنه توصل لها من خلال مشاهدته للزيارات المكوكية التي قام بها رئيس القائمة العراقية قبل اقرار قانون الانتخابات وبعد بدء الحملة الانتخابية للانتخابات العامة والتي أراد بها أن يعزز موقعه لدى العالم العربي ويكسب دعم هذه الدول لقائمته، أو أنه قد يكون بحث في توجهات الدكتور أياد علاوي والذي يمكن أنه أختزلها بدلا عن جميع الأحزاب والكتل المندمجة مع القائمة العراقية بشخصه وحسب.

وبالمقابل فإن ائتلاف دولة القانون يضم بين طياته كل الشخصيات المعروفة من الطيف العراقي من أكراد وشيوخ قبائل ومستقلين وغيرهم من الاقليات فهل تصور السيد الباحث بأن هؤلاء يمكن أن يتنازلوا عن حسهم القومي وولائهم الوطني ويعادون العرب ويوالون إيران ؟؟؟ وهل أصبحت العلاقات الخارجية وتواصل تبادل المصالح بين الأطراف الفاعلة بالساحة العراقية هو أمر أصبح فيه معاداة وموالاة ؟؟؟ فجميع الأطراف الداخلة في العملية السياسية في عراق اليوم هي المستفيد الأول من عملية التغيير التي أحدثتها أمريكا بعد أحتلال العراق فهل هذه الأطراف يمكن أن تعلن معاداتها دائما لأمريكا ؟؟؟ وتتجنب الدخول معها في أسترايجية قريبة أو بعيدة المدى لضمان مصالح العراق ومصالح أمريكا أيضا، ونحن نعرف حتى الأطراف التي تعلن عن معاداتها لأمريكا هي مجبرة على التعامل معها، لآنها جزء من العملية السياسية في العراق وهذا ما يحتمه تبادل المنافع بين الأطراف الرسمية بين الأدارتين العراقية والأمريكية.

وعود على ذي بدء هل يمكن أن نعلن بأن الشركات الأمريكية التي طالبت من الكونغرس بأن لا يضغط كثيرا على إيران في تشديد العقوبات الاقتصادية عليها، لان هناك الكثير من هذه الشركات سوف تتضرر مصالحها نتيجة الحجم الكبير من التبادلات التجارية بين الطرفين، بأنها موالية لإيران ومعادية للولايات المتحدة الأمريكية وعليه يجب جعلها تحت المراقبة وأن تتحسس أمريكا بتعاملها مع هذه الشركات.

إن مفهوم الدبلوماسية والعمل على ضمان مصالح الأطراف السياسية بين أي طرفين لا يدخل بها معاداة وموالاة، لان في السياسية لا يوجد تحالف دائم أو صداقة دائمة بل مصالح دائمة. فأين ستكمن مصالح العراق الدائمة هل هي بالابتعاد عن محيطه العربي والاقتراب من أجواء المحيط الإقليمي ؟ وهل يستطيع أي من يتسنم سدة الحكم وكتلة المعارضة التي ستوازنه من أن يمنع أطراف عربية من أقامت علاقات طيبة مع العراق أو الاقتراب ممن يصرح بأنه يعاديهم ؟
إن الحكومة ليست فرد، وأن الحزب الحاكم لا يتمثل بشخص واحد ولا بحزبه وحسب، بل هي مجموعة كتل وكيانات وأحزاب أجتمعت على أساس المشتركات الوطنية والتي تصب في بودقة مصالح العراق أولا بين كل الأطراف السياسية مهما أختلفت توجهاتها ومشاربها.

نحن هنا لا ندين أحد ولا نوالي أحد بل نتسأل لماذا يصدح المحللون بتصوراتهم التي تمس روح الحس الوطني للشارع العراقي وهو يقرأ ما يكتب عنه من قبل الغير من غير أن تكون لديه دراية كافية بطيعة البيئة العراقية في بعض الأحيان، وذلك لأنه لم يستكشف هذا العراق حتى الآن.