الأحد، 8 فبراير 2009

قدرات المخابرات الامريكية تختبر(1-2)

ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي
قدرات المخابرات الامريكية (الامن قومي)
واشنطن- ستكون العمليات المخابراتية أهم جزء في حرب أمريكا ضد الارهاب، الان أجهزة المخابرات ليست أهلاً لذلك حتى الآن.
كان ذلك الامر أكبر فشل مخابراتي يشهده العالم حتى الان، إذ عمل تسعة عشر شخص على الأقل لخمسة سنوات داخل الولايات المتحدة على عملية كبيرة لتدمير بضعة اهداف بالعديد من طائرات النقل وما استطاعت أجهزة المخابرات الأمريكية التي تتقاضى ثلاثين مليار دولار أمريكي سنويا من اكتشاف ولا حتى النزر اليسير منها. ولم لا؟

وما يمكن تعلمه من هذا الفشل ؟
إن الحقيقة التي مفادها ام الكثير من التخطيط في امريكا تشير باصبع اللوم الاول الى الوكالة المسؤولة عن المخابرات المحلية، وهو مكتب المباحث الفيدرالية. ويوجد دليل على ان المكتب كان على علم بانه يتم تدبير لشي ما. واحبطت المخابرات الفليبينية في عام 1995 خططا اعد لها رمزي يوسف، وهو ارهابي مدان حاليا، لاختطاف احدى طائرات النقل وصدمها اما بمقر وكالة المخابرات المركزية الـ C.I.A أو بمبنى وزارة الدفاع (البنتاغون). وكان مكتب المخابرات الفيدرالية على علم ايضا بأن عددا من الاشخاص على ارتباط بمنظمة القاعدة قد كانوا يحضرون دروسا خاصة في الطيران. وكان اثنين من المشتبه بهم على قائمة الاشخاص المراقبين.
ولو كان مكتب المباحث الفيدرالي مسؤول أساسا، لأشعرنا ذلك بشي من العزاء، لأن المشكلة كانت ستبدو ممكنة الحل وعلى سبيل المثال[1]، فإن وزارة العدل رفضت طلبا تقدم به مكتب المباحث الفيدرالي للتنصت على المكالمات الهاتفية لاحد المختطفين المشتبه بهم، ومن المحتمل أن يحرر مجلس الشيوخ القيود المفروضة على القوانين المماثلة لتلك التي تعيق جميع المعلومات المخابراتية المحلية.
لا تكمن المشكلة الان في مكتب التحقيقات وذلك يعود لسببين:
أولا: ان كانت احدى الجماعات الارهابية حذرة ومتماسكة ولا تقوم بعمليات كبيرة لشراء مواد غير قانونية (كما في هذه الحالة) فليس بوسع مكتب المباحث الفيدرالي إلا اللجوء الى التنصت على المكالمات الهاتفية واساليب اخرى في فرض القانون وبعد تحويل امريكا الى دولة بوليسية1، سيكون هناك قدرا لا يمكن تقلبه دائما من تفاصيل العمل التي لا يمكن التحقيق فيها مسبقا.
ثانيا: إن مكتب المباحث الفيدرالي هو وكالة لتنفيذ القانون والتحقيق الجنائي - والارهاب مسألة أمن قومي. وأن صلاحياته في الخارج بالمحاولات التي بذلها للنحقيق في ثلاث هجمات سابقة على اهداف امريكية في الخارج ـ وهو برجي الخبر في المملكة العربية السعودية في عام 1996 والسفارتين في شرقي افريقيا عام 1998 والسفينة الحربية الامريكية (USS COL) كول في عام2000. ففي قضية برجي الخُبر، وكما هو معلوم رفض السعوديون التعاون مع مجرد هيئة محلية لتفيذ القانون.
ويشترط هذا الرد على ان فشل المخابرات هذه المرة يجب ان يتضمن وكالة المخابرات المركزية ووكالة الأمن القومي وحتى هيئات اخرى مثل وزارة العدل. وأبدت هذه الاطراف الرغبة في العمل المشترك. وعلى اية حال، فأن الحقيقية المثبطة أن بعض الانتقادات كانت قد بدأت بتدارسها قبل الحادي عشر من شهر ايلول، وانه من غير الواضح ما مدى التغيير الاضافي الذي يمكنها أن تحققه.
إن أكثر الاتهامات الرسمية عنفا هو ان اجهزة المخابرات فشلت تقدير التهديد الحقيقي للإرهاب العالمي. ان عمل اجهزة المخابرات ـ ركز فيما مضى على الاتحاد السوفيتي ـ قد اصبح أكثر تعقيدا بسب انتشار الاسلحة النووية والجريمة المنظمة والمخدرات وهلم جرا. وبسب عدم امتلاكها لتسلسل هرمي واضح عن الاعداء فإنها أبخست شأن الإرهاب.
ولايعد الدليل على ذلك سيئا جدا، ذلك ان وكالة المخابرات المركزية شكلت وحدة لملاحقة اسامة بن لادن في عام 1999 إلا ان مكتب المباحث الفيدرالي طالما اشار في عقد التسيعينات الى أن "بن لادن" لا يعد خطرا كبيرا على الامن. ولم يحدث أي شيء عندما حاول ضابط ميداني بوكالة المخابررات المركزية في الشرق الاوسط اقناع الوكالة لجمع المعلومات المخابراتية عن افغانستان من آسيا الوسطى.
تعد الفكرة التي تقول ان جمع المعلومات المخابراتية بحاجة لإعادة النظر فيها فكرة غير جديدة تماما. فعقب عمليتي تفجير السفارتيين الأمريكيتين في عام 1998 اقترحت احدى اللجان القومية المعينة بالإرهاب تغييرات عدةـ فعلى سبيل المثال، زيادة عدد الجواسيس وقانون غير متشدد حول التنصت على المكالمات الهاتفية للمشتبه بهم ـ التي تجري مناقشتها الآن وحذر وزير الدفاع الامريكي وليام كوهين في شهر تموز عام 1999 من احتمال قيام إرهابيين باستخدام اسحلة كيمياوية وجرثومية. وفي وقت سابق من هذا العام، أوصت احدى اللجان التي كانت برئاسة كل من غاري و وارن روودمان وهما عضوان سابقان في مجلس الشيوخ، باحداث تغييرات حكومية كبيرة بغية تشكيل وزارة للدفاع المحلي.
ولم يحظ ذلك إلا بقليل من الاهتمام (وشمل ذلك وسائل الإعلام على نحو تستحق اللوم عليه) ويخوض النقاد في خمسة تغييرات اساسية لا يعد أيّا منها حلا للمشكلة:
* استخدام المزيد من الجواسيس: أهملت وكالة المخابرات المركزية شباكا في الشرق الاوسط حتى وقت ليس بالبعيد. فأصبح عدد أقل مما كان مستخدم في الحرب الباردة من الضباط العاملين بهذه القضية والناطقبن بالعربية، على الرغم من إنها اخذت تسلك الطريق المعاكس للتدهور منذ ثلاث سنوات مضت، يقول مارك جيريكت وهو ضابط سابق عن القضية في قسم الشرق الادنى التابع لوكالة المخابرات المركزية إن القسم مازال لا يمتلك شخصا يستطيع الدخول الى الجماعات الإرهابية لانه "لا تحدث عمليات تعتبر الاسهال كسبيل للعيش" ذلك فيما إذا استطاعوا اختراق تنظيم القاعدة وحتى لو حاولو فإن ذلك مسألة اخرى.
------------------------------------------------------------------
[1] مجلة الايكونومست (Economist)العدد الصادر في 6/تشرين الاول /2001.

ليست هناك تعليقات: