الثلاثاء، 3 مايو 2011

"الجميع أرجلهم بالفلقة"


أمير جبار الساعدي

لا توجد أرضية وطنية تجمع كل الشركاء السياسيين في أرضنا المعمورة بعد كل فيض التجاذبات الطويلة والمملة بعد أنتهاء انتخابات العام الماضي النيابية... وتأخر تشكيل الحكومة العتيدة بعد مرور ثمانية أشهر، وبعد مرور أكثر من أربعة أشهر على تسنم السيد المالكي مسؤولية قيادة السلطة التنفيذية في البلد، عبر أفاق الشراكة الوطنية وتوافق الفرقاء على طاولة السيد البارزاني... لم تكتمل تشكيلة الحكومة النهائية الى الان ولم يخف حدة الصراع بين الاطراف الفائزة بالانتخابات عن كيل الاتهامات بالتنصل عن مضامين حكومة الشراكة والتوافق الوطني الذي أعتمده جميع قادة الكتل وبمشورة خارجية ضاغطة للخروج من عنق الزجاجة... والتي مازال خانقا لحد هذه اللحظة نتيجة التناكف السياسي بين كتلتي التحالف الوطني والقائمة العراقية... وبين ضغط الشارع
العراقي الذي ملَ طول الانتظار والوعود السرابية ... وبين مداراة الحكومة الأتحادية على تجاوز مطالب الشعب العراقي من جنوبه الى شماله... وضعت نفسها بموقف لا تحسد عليه بعد أن أعلن دولة المالكي المائة يوم التي عدها خط الشروع لمحاسبة المقصرين من وزراء ومن دونهم في سلم المسؤولية، ولم ينسى الحكومات المحلية ومجالسها، ولا المدراء العامين إذا ما فشلوا بتحسين خطط أعمالهم وبرامج إداراتهم لتقديم كل ما يصب في تخفيف حدة الشد والضغط الشعبي على الحكومة... وبين هذا وذاك... برز تحدي أخر أمام الحكومة ومجلس النواب العراقي وهو تمديد أجل بقاء قوات الاحتلال الأمريكي في العراق بعد تعديل الاتفاقية الأمنية المشتركة بين البلدين أو كما يحب سياسينا أن يسميها اتفاقية الإنسحاب حسب الجداول المعدة والمتفق عليها بين الطرفين، فبدأت سلسلة من تلويحات الإعلام بين من يمتلكون قرار التمديد، فرئيس مجلس النواب يلقي الكرة في ملعب الحكومة عبر تصاريحه، ويطالب النواب أستضافة رئيس الحكومة للوقوف على جاهزية قواته من جيش وقوى أمن داخلي في الحفاظ على أمان المواطن وحماية سيادة أرض وسماء ومياه العراق... ويزيد رئيس سلطتنا التشريعية بأن على الحكومة ورئيسها أن يستعدوا لمواجهة أمرهم المحتوم بعد إنقضاء المائة يوم... ويعاجله دولة المالكي بالقول بأن قرار التمديد ليس مسؤولية منفردة ويدعو لأن يجتمع الفرقاء ويأخذون قرارهم بما يروه مناسبا لمصلحة البلاد... وإن العملية السياسية مازالت مقيدة، وإن قرار الحكومة لن يكون ملزما ما لم يصدق عليه مجلس النواب.
وعلى السيد رئيس مجلس النواب أن يتذكر بأن الحكومة ذات طبيعة تشاركية وبمسحة وطنية وأن القرار لن يكون منفردا لرئيس مجلس الوزراء وحده وأن وزراءها ممثلين من كل الكتل الفائزة وحسب استحقاقهم الانتخابي، وقد تم توزيع مقاعدها المثقلة بعدد الحقائب وبالاعباء وأنهم لن يأخذون قرار في مجلس الوزراء إلا بعد رجوعهم لمن أنعم عليهم بهذه المناصب، وهو أنتم ياسيادة رئيس مجلس النواب... والدليل على ذلك تأخر التصويت الالكتروني في مجلسكم... فإذا لم توافقوا فلن يستطيع السيد المالكي من أن يفرض وحده القرار لأنها ليست حكومة أغلبية، بل شراكة رضائية فله صوت حال من رشحتموهم لتسنم الحقائب الوزارية...
وبالعودة الى قضية الاتفاقية الغير أمنية ... فإن الاطراف كلها تعلن عدم موافقتها، حكوميا وعلى لسان الناطق باسمها، وكل الكتل في مجلس النواب تعلن معارضتها.. وما أن جد الجد حتى ترى من يسمعك في الخفاء غير ما اتفق عليه، وقد بانت بعض ملامحها من خلال نسيان حقوق العراقيين والأسراع بالتصويت بأغلبية مجلس النواب على اتفاقية تسوية المطالبات بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية، خوفا من تراكم الديون ... ولكن ليس هناك من يهتم لأمر المظالم والحيف الذي وقع على العراقيين... فأنه أمرٌ مقدرٌ ومكتوب.
وبين التلويح بأسقاط الحكومة وحل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة، يشهر كل من قادة الكتل سيوفهم المشرعة دائما بالخلاف... فالسيد علاوي يهدد، ويثني عليه رئيس مجلس النواب، وماكان من السيد المالكي إلا أن يعزز هذه التهديدات بأخرى مثلها وإنه للحكومة سيقيل ولمجلس النواب سيحيل لانتخابات مبكرة حسب ما نص عليه الدستور في المادة (64)، وفي لقائه الصحفي يقول بأن "الجميع أرجلهم بالفلقة"، وهذا دليل بأن كل المشاركين في نداء البناء والنهوض بالعراق هم متورطون ويتحملون مسؤولية التمديد، وأسقاط الحكومة والعودة للمربع الأول بحضور الانتخابات المهرولة، فأين هي مصلحة العراقيين هنا... وأين هي أصوات المنتخبين لكم ومن نصبكم لتعتلوا كراسي القرار والسلطة، أفلا ينبغي لكم الركون لمطالب الشعب الذي مازال يصرخ في كل جمعة ويعتصم بكرده وعربه، يسألكم أن توفوا بما وعدتم ويطالب بالاصلاح بما فشلتم، ولهذا فأن عليكم بناء الثقة والعودة بالبلاد الى ساحة "التوافق السياسي" الذي أخل بكل العملية الديمقراطية بالعراق... ولكن ليس لدينا مخرج بدل التلويح بحكومة الأغلبية، لان الأتفاق أقرب وأسهل، فمازالت بارقة الأمل معقودة بأن ينتبه قادة البلاد بأن واقع العراق الحالي بحاجة الى لقاء مباشر بين قادة الكتل السياسية لتشكيل حكومة شراكة وطنية حقيقية، وليس القفز على التوافق... فإن الشارع العراقي يترقب وبكم يتوعد من شماله الى جنوبه إذا لم تسرعوا بأعطائه حقوقه التي كفلها له دستورنا الموسوم بالخروقات وكثرة المفخخات، فأنهم لن ينهوا الاعتصامات ولن يوقفوا المظاهرات حتى يأتوا بمن يلبي مطالبهم التي تعبوا وهم ينتظرونها ترى النور...

ليست هناك تعليقات: