جيمس بي روبن(2)
ترجمة الباحث :أمير جبار الساعدي
لماذا تجاهل معظم العالم واشنطن عندما توجهت للإطاحة بصدام حسين؟ لم تكن الحرب على العراق صفقة سهلة على الإطلاق ولكنها لم تكن بتلك الصعوبة كذلك.لقد كانت مناورة إدارة بوش قبل الحرب عملا اخرق للغاية إذا قدمت دراسة منهجية عن استبعاد الحملة الدبلوماسية.
طبيعة التغيرات الدبلوماسية
كونت الولايات المتحدة بعد هجمات 11ايلول/سبتمبر 2001 تحالفا تاريخيا وعالميا للإطاحة بنظام طالبان وتدمير شبكة القاعدة.لقد أيد كل من الصين واليابان وباكستان وروسيا المشروع إضافة إلى أوربا. لقد شتت الحرب المستمرة على شبكة القاعدة خلاياه ولم تقض عليها. إذ ما يزال هناك الكثير
من الناشطين البارزين. لكن المهمة عكست انطباعا بالنجاح على نطاق واسع.وبعد ثمانية عشر شهرا دخلت إدارة بوش حربا جديدة وهذه المرة للإطاحة بصدام حسين.ولكن في هذا الصدد عارضت معظم الدول التي أيدت الولايات المتحدة سابقا في أفغانستان هذه الحملة كما فعل معظم العالم. لقد كان إخفاق واشنطن في تحشيد الدعم الدولي لخلع دكتاتور مقيت هزيمة دبلوماسية أشبه بالصاعقة ،هذا الإخفاق لم يجعل من الصعب جذب إسهامات قوات أجنبية للمساعدة في بسط الاستقرار في عراق ما بعد صدام،بل عموما دمر سياسة الولايات المتحدة الخارجية على مدى السنوات المقبلة.لم يكن صعبا الحصول على دعم لسياسة إدارة بوش بشان العراق. فبالرغم من كل ما حصل فقد كانت بغداد في وضع خرق واضح لسلسلة من قرارات مجلس الأمن وكان بيل كلينتون قد رأى في العراق تهديدا رئيسا نظرا لقدرته الواضحة في دخول مجال أسلحة الدمار الشامل ورغبته الأكيدة لاستخدامها.هذه الأسباب مع تاريخ صدام في الانتهاكات الفاضحة لحقوق الإنسان ورفضه الانصياع لدعوات المجتمع الدولي قد دفع كلينتون أيضا لدعم تغيير النظام في العراق.ومما لاشك فيه إن اجتياح هذا البلد لم يكن أبدا بالمهمة السهلة حتى بعد هجمات الحادي عشر من أيلول /سبتمبر2001.وتطلب الأمر وضع خطة شاملة لإضفاء الشرعية على استخدام القوة والحيلولة دون ظهور الولايات المتحدة كدولة معتدية. وفعلا بدت إدارة بوش مدركة هذه الحقيقة بادئ الأمر عندما نجحت في الخريف الماضي بتحشيد العالم بشان مطلبها إن العراق في النهاية سينزع أسلحته. ولكن برغم تتابع الجهد الدبلوماسي والنقاش الدولي، على مدى اشهر، لم تجمع واشنطن الدعم الكافي لسياستها قبل التوجه الفعلي نحو الحرب. وبقيت المملكة المتحدة واسبانيا حلفاء راسخين كما فعلت معظم دول وسط أوربا وشرقها.
لكن هذه الدول كاستراليا كانت إلى جانب الولايات المتحدة منذ البداية. ما الخطأ الذي حصل؟
ولماذا رفضت العديد من الدول اخذ الخط الأمريكي عندما توجه زعيم العالم الحر لشن حرب على دكتاتور ظالم مقيت؟
وكم حجم الأضرار المصاحبة التي حدثت أثناء الحرب؟ وما الدروس التي يمكن أخذها من هذه الكارثة؟
وبعد استخلاص موسع لمعلومات ابرز المشتركين في أوربا والأمم المتحدة إضافة إلى معلومات عدد من الدبلوماسيين الأمريكيين المطلعين،بدأت تظهر بعض الدروس المهمة من الأزمة الحالية.
أولا: حقيقة أن تسوغ واشنطن لشن الحرب بدا تحولا" بمقتضى الوقت دفع عددا من المراقبين في الخارج للتساؤل عن دوافع إدارة بوش والتشكك في قبولها نزع العراق أسلحته سلميا".
ثانيا: فشلت الولايات المتحدة في توقيت خطواتها العسكرية والدبلوماسية. لقد أكد نشر الولايات المتحدة قواتها في الشرق الأوسط إنها مصممة على سياستها لشن الحرب وليس السبيل الأخر كما سدت الطريق بوجه الجهود الدبلوماسية.
ثالثا": الإخفاق بالتكهن بقرار صدام بالإذعان جزيئا" لمطالب الأمم المتحدة مما اثبت نتائجه الكارثية على السياسة الأمريكية.
رابعا: كان يكمن إنجاح جهد أخير للتوصل إلى قرار ثان من مجلس الأمن لو إن الولايات المتحدة أبدت رغبتها في التوصل إلى حل بتمديد المهلة النهائية بضعة أسابيع .ولكن هذا الحل لم يكن مطروحاً وهذا يقود إلى الدرس الأخير.إن بلاغة إدارة بوش وأسلوبها شحنا من دون أن يقنعا المسؤولين البارزين وأنصاره في الخارج ولاسيما في ضوء استخفاف واشنطن على مدى سنتين بالمؤسسات والاتفاقيات الدولية.
الحصول على الموافقة
كان احد أسباب التشاؤم الأوربي الرئيسة بشان الحملة الأمريكية على العراق هو الإحساس إن واشنطن كانت مصممة على دخول الحرب بغض النظر عما فعله صدام. وقد يرجع هذا الشك إلى التسويغات المتحايلة لشن الحرب، وقد يرجع إلى إخفاقه في الاشتراك مع ابرز أصدقائه وحلفائه اشتراكاً شاملاً ومتيناً ومهما كان السبب، فقد اعتقد معظم العالم إن واشنطن كانت مصممة على الإطاحة بصدام لدرجة إنها لن تطلب الموافقة حتى في حالة إذعان الرئيس العراقي المخلوع للإنذارات الدولية. ومن جانب العدالة في الطرح فقد كانت الإدارة الأمريكية قد أخضعت الأسس المنطقية لسياستها بشن الحرب بعيدا عن خطر أسلحة الدمار الشامل العراقية. فقد ادعى مسؤولو إدارة بوش على سبيل المثال إن الإطاحة بصدام ستدعم قدسية قرارات الأمم المتحدة وسيقضي على حكومة دموية أرعبت مواطنيها وسيحرم أسامة بن لادن ابرز حلفائه كما سيدعم الديمقراطية في الشرق الأوسط. لكن كل من هذه الادعاءات، برغم إن بعضها قد يكون مقنعاً، قد سقطت من خلال تاريخ الإدارة وسمعتها. فبالنسبة إلى الادعاء إن واشنطن سعت إلى تعزيز سلطة الأمم المتحدة تصادم مع معارضتها السابقة لدعم المؤسسات الدولية والقانون الدولي.
إما الاعتقاد بـ(ولسونية) (wilsonianism) بوش في اللحظة الأخيرة فقد سقط كذلك باستخفافه السابق بالتدخل الإنساني وارتيابه من معاونيه من المحافظين الجدد (الذين يعدهم الكثيرون أعداءً للتعاون الدولي ولا يهتمون إلا (بتعزيز قوة إسرائيل) وأخيراً إدراك إن الولايات المتحدة لم ترع اهتماماً بتعزيز الديمقراطية في الأنظمة الصديقة في الشرق الأوسط كالمملكة العربية السعودية. إما مزاعم التعاون الوثيق بين صدام وبن لادن، في حال ثبوتها، فستكون حاسمة. لكن الارتباط لم يحصل أبداً بل مجرد ادعاءات ولم يقبله أي بلد أخر ، وفي الواقع فقد عملت الاستخبارات الخارجية من وكالة الاستخبارات المركزية إن الوكالة نفسها تشكك في هذه الادعاءات. فضلا على ذلك فان العديد من أهداف الولايات المتحدة المعلنة كانت مغرية بشكل خاص، واضر تنوعها قضية الإدارة بدلاً من مساعدتها.وانهار التماسك الدبلوماسي عندما أكدت مختلف زوايا البيروقراطية الأمريكية على أسباب مختلفة لشن الحرب: إذ ركزت وزارة الخارجية،على سبيل المثال ،على خرق العراق قرارات الأمم المتحدة بينما دفع البنتاغون بقضية الارتباط بالقاعدة. ونظراً لفقدان الإدارة الانضباط للتحدث بصوت واحد،لم تظهر رسالة متماسكة أبداً. لقد ركز مراقبو أوربا المتشككين بدرجة كبيرة على التصريحات غير المفيدة التي أدلي بها كل من نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد. إذ أكدا في تصريحاتهما العلنية العيوب العميقة في أي نظام من أنظمة التفتيش التابعة للأمم المتحدة ،واستخفا بذلك بمفتشي أسلحة الأمم المتحدة ،وقلل ذلك من فرض نزع السلاح سلميا وعزز من وجود واشنطن العسكري في الخليج . حتى إن المستشار الألماني جيرهارد شرودر استشهد، في معرض شرحه الاختلاف مع بوش في منتصف أيلول/سبتمبر 2002 بخطاب تشيني الذي كان قد ألقاه قبل بضعة أسابيع ، إذ قال شرودر " حتى انه ليس من الجيد أن نتعلم من الصحف الأمريكية عن خطاب يعلن صراحة " نحن سنقوم بذلك بغض النظر عما يفكر به حلفاؤنا والعالم". ولاحقاً أذعن بوش انه إذا انصاع صدام لمطالب الأمم المتحدة فلن يكون من الضروري تغير النظام (لان النظام يكون قد تغير فعلا).لكن التصريحات القديمة للإدارة . ولاسيما تحذيرات تشيني ورامسفيلد إن عملية الأمم المتحدة محكومة بالإخفاق - قد قللت من أهمية تعهد بوش ودفعت بالمراقبين الأجانب إلى التشكيك برضا واشنطن بغير الحرب.
From Foreign Affairs, September/October 2003*
(2) جيمس روبن هو أستاذ زائر في العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد وكان مساعد وزيرة الخارجية الامريكية للشؤون العامة في الفترة من 1997 إلى 2000.
ترجمة الباحث :أمير جبار الساعدي
لماذا تجاهل معظم العالم واشنطن عندما توجهت للإطاحة بصدام حسين؟ لم تكن الحرب على العراق صفقة سهلة على الإطلاق ولكنها لم تكن بتلك الصعوبة كذلك.لقد كانت مناورة إدارة بوش قبل الحرب عملا اخرق للغاية إذا قدمت دراسة منهجية عن استبعاد الحملة الدبلوماسية.
طبيعة التغيرات الدبلوماسية
كونت الولايات المتحدة بعد هجمات 11ايلول/سبتمبر 2001 تحالفا تاريخيا وعالميا للإطاحة بنظام طالبان وتدمير شبكة القاعدة.لقد أيد كل من الصين واليابان وباكستان وروسيا المشروع إضافة إلى أوربا. لقد شتت الحرب المستمرة على شبكة القاعدة خلاياه ولم تقض عليها. إذ ما يزال هناك الكثير
من الناشطين البارزين. لكن المهمة عكست انطباعا بالنجاح على نطاق واسع.وبعد ثمانية عشر شهرا دخلت إدارة بوش حربا جديدة وهذه المرة للإطاحة بصدام حسين.ولكن في هذا الصدد عارضت معظم الدول التي أيدت الولايات المتحدة سابقا في أفغانستان هذه الحملة كما فعل معظم العالم. لقد كان إخفاق واشنطن في تحشيد الدعم الدولي لخلع دكتاتور مقيت هزيمة دبلوماسية أشبه بالصاعقة ،هذا الإخفاق لم يجعل من الصعب جذب إسهامات قوات أجنبية للمساعدة في بسط الاستقرار في عراق ما بعد صدام،بل عموما دمر سياسة الولايات المتحدة الخارجية على مدى السنوات المقبلة.لم يكن صعبا الحصول على دعم لسياسة إدارة بوش بشان العراق. فبالرغم من كل ما حصل فقد كانت بغداد في وضع خرق واضح لسلسلة من قرارات مجلس الأمن وكان بيل كلينتون قد رأى في العراق تهديدا رئيسا نظرا لقدرته الواضحة في دخول مجال أسلحة الدمار الشامل ورغبته الأكيدة لاستخدامها.هذه الأسباب مع تاريخ صدام في الانتهاكات الفاضحة لحقوق الإنسان ورفضه الانصياع لدعوات المجتمع الدولي قد دفع كلينتون أيضا لدعم تغيير النظام في العراق.ومما لاشك فيه إن اجتياح هذا البلد لم يكن أبدا بالمهمة السهلة حتى بعد هجمات الحادي عشر من أيلول /سبتمبر2001.وتطلب الأمر وضع خطة شاملة لإضفاء الشرعية على استخدام القوة والحيلولة دون ظهور الولايات المتحدة كدولة معتدية. وفعلا بدت إدارة بوش مدركة هذه الحقيقة بادئ الأمر عندما نجحت في الخريف الماضي بتحشيد العالم بشان مطلبها إن العراق في النهاية سينزع أسلحته. ولكن برغم تتابع الجهد الدبلوماسي والنقاش الدولي، على مدى اشهر، لم تجمع واشنطن الدعم الكافي لسياستها قبل التوجه الفعلي نحو الحرب. وبقيت المملكة المتحدة واسبانيا حلفاء راسخين كما فعلت معظم دول وسط أوربا وشرقها.
لكن هذه الدول كاستراليا كانت إلى جانب الولايات المتحدة منذ البداية. ما الخطأ الذي حصل؟
ولماذا رفضت العديد من الدول اخذ الخط الأمريكي عندما توجه زعيم العالم الحر لشن حرب على دكتاتور ظالم مقيت؟
وكم حجم الأضرار المصاحبة التي حدثت أثناء الحرب؟ وما الدروس التي يمكن أخذها من هذه الكارثة؟
وبعد استخلاص موسع لمعلومات ابرز المشتركين في أوربا والأمم المتحدة إضافة إلى معلومات عدد من الدبلوماسيين الأمريكيين المطلعين،بدأت تظهر بعض الدروس المهمة من الأزمة الحالية.
أولا: حقيقة أن تسوغ واشنطن لشن الحرب بدا تحولا" بمقتضى الوقت دفع عددا من المراقبين في الخارج للتساؤل عن دوافع إدارة بوش والتشكك في قبولها نزع العراق أسلحته سلميا".
ثانيا: فشلت الولايات المتحدة في توقيت خطواتها العسكرية والدبلوماسية. لقد أكد نشر الولايات المتحدة قواتها في الشرق الأوسط إنها مصممة على سياستها لشن الحرب وليس السبيل الأخر كما سدت الطريق بوجه الجهود الدبلوماسية.
ثالثا": الإخفاق بالتكهن بقرار صدام بالإذعان جزيئا" لمطالب الأمم المتحدة مما اثبت نتائجه الكارثية على السياسة الأمريكية.
رابعا: كان يكمن إنجاح جهد أخير للتوصل إلى قرار ثان من مجلس الأمن لو إن الولايات المتحدة أبدت رغبتها في التوصل إلى حل بتمديد المهلة النهائية بضعة أسابيع .ولكن هذا الحل لم يكن مطروحاً وهذا يقود إلى الدرس الأخير.إن بلاغة إدارة بوش وأسلوبها شحنا من دون أن يقنعا المسؤولين البارزين وأنصاره في الخارج ولاسيما في ضوء استخفاف واشنطن على مدى سنتين بالمؤسسات والاتفاقيات الدولية.
الحصول على الموافقة
كان احد أسباب التشاؤم الأوربي الرئيسة بشان الحملة الأمريكية على العراق هو الإحساس إن واشنطن كانت مصممة على دخول الحرب بغض النظر عما فعله صدام. وقد يرجع هذا الشك إلى التسويغات المتحايلة لشن الحرب، وقد يرجع إلى إخفاقه في الاشتراك مع ابرز أصدقائه وحلفائه اشتراكاً شاملاً ومتيناً ومهما كان السبب، فقد اعتقد معظم العالم إن واشنطن كانت مصممة على الإطاحة بصدام لدرجة إنها لن تطلب الموافقة حتى في حالة إذعان الرئيس العراقي المخلوع للإنذارات الدولية. ومن جانب العدالة في الطرح فقد كانت الإدارة الأمريكية قد أخضعت الأسس المنطقية لسياستها بشن الحرب بعيدا عن خطر أسلحة الدمار الشامل العراقية. فقد ادعى مسؤولو إدارة بوش على سبيل المثال إن الإطاحة بصدام ستدعم قدسية قرارات الأمم المتحدة وسيقضي على حكومة دموية أرعبت مواطنيها وسيحرم أسامة بن لادن ابرز حلفائه كما سيدعم الديمقراطية في الشرق الأوسط. لكن كل من هذه الادعاءات، برغم إن بعضها قد يكون مقنعاً، قد سقطت من خلال تاريخ الإدارة وسمعتها. فبالنسبة إلى الادعاء إن واشنطن سعت إلى تعزيز سلطة الأمم المتحدة تصادم مع معارضتها السابقة لدعم المؤسسات الدولية والقانون الدولي.
إما الاعتقاد بـ(ولسونية) (wilsonianism) بوش في اللحظة الأخيرة فقد سقط كذلك باستخفافه السابق بالتدخل الإنساني وارتيابه من معاونيه من المحافظين الجدد (الذين يعدهم الكثيرون أعداءً للتعاون الدولي ولا يهتمون إلا (بتعزيز قوة إسرائيل) وأخيراً إدراك إن الولايات المتحدة لم ترع اهتماماً بتعزيز الديمقراطية في الأنظمة الصديقة في الشرق الأوسط كالمملكة العربية السعودية. إما مزاعم التعاون الوثيق بين صدام وبن لادن، في حال ثبوتها، فستكون حاسمة. لكن الارتباط لم يحصل أبداً بل مجرد ادعاءات ولم يقبله أي بلد أخر ، وفي الواقع فقد عملت الاستخبارات الخارجية من وكالة الاستخبارات المركزية إن الوكالة نفسها تشكك في هذه الادعاءات. فضلا على ذلك فان العديد من أهداف الولايات المتحدة المعلنة كانت مغرية بشكل خاص، واضر تنوعها قضية الإدارة بدلاً من مساعدتها.وانهار التماسك الدبلوماسي عندما أكدت مختلف زوايا البيروقراطية الأمريكية على أسباب مختلفة لشن الحرب: إذ ركزت وزارة الخارجية،على سبيل المثال ،على خرق العراق قرارات الأمم المتحدة بينما دفع البنتاغون بقضية الارتباط بالقاعدة. ونظراً لفقدان الإدارة الانضباط للتحدث بصوت واحد،لم تظهر رسالة متماسكة أبداً. لقد ركز مراقبو أوربا المتشككين بدرجة كبيرة على التصريحات غير المفيدة التي أدلي بها كل من نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد. إذ أكدا في تصريحاتهما العلنية العيوب العميقة في أي نظام من أنظمة التفتيش التابعة للأمم المتحدة ،واستخفا بذلك بمفتشي أسلحة الأمم المتحدة ،وقلل ذلك من فرض نزع السلاح سلميا وعزز من وجود واشنطن العسكري في الخليج . حتى إن المستشار الألماني جيرهارد شرودر استشهد، في معرض شرحه الاختلاف مع بوش في منتصف أيلول/سبتمبر 2002 بخطاب تشيني الذي كان قد ألقاه قبل بضعة أسابيع ، إذ قال شرودر " حتى انه ليس من الجيد أن نتعلم من الصحف الأمريكية عن خطاب يعلن صراحة " نحن سنقوم بذلك بغض النظر عما يفكر به حلفاؤنا والعالم". ولاحقاً أذعن بوش انه إذا انصاع صدام لمطالب الأمم المتحدة فلن يكون من الضروري تغير النظام (لان النظام يكون قد تغير فعلا).لكن التصريحات القديمة للإدارة . ولاسيما تحذيرات تشيني ورامسفيلد إن عملية الأمم المتحدة محكومة بالإخفاق - قد قللت من أهمية تعهد بوش ودفعت بالمراقبين الأجانب إلى التشكيك برضا واشنطن بغير الحرب.
From Foreign Affairs, September/October 2003*
(2) جيمس روبن هو أستاذ زائر في العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد وكان مساعد وزيرة الخارجية الامريكية للشؤون العامة في الفترة من 1997 إلى 2000.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق