السبت، 18 يونيو 2011

أموال العراق...في مهب الريح



أمير جبار الساعدي

إن كنا شاهدنا الكثير من أفلام هوليود التي تجسد لصوصية أعتى مجرمي الولايات المتحدة الأمريكية وهم يسرقون المصارف والمؤسسات البنكية أو التي تتعامل مع الخزينة المركزية أو المحلات الكبيرة التي تبيع الذهب أو الماس وكل ما هو ثمين في تلك الأسواق الكبيرة هناك، فنحن نعيش اليوم شواهد أكبر سرقة في تاريخ الولايات المتحدة والتاريخ اللصوصي العالمي حين نسمع من مراقبي حسابات صرف الأموال في وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" وهي تراجع المبالغ التي صرفت في عملية إعادة إعمار العراق التي تولته بعد احتلال العراق وحين تولى الحاكم بريمر دفة القرار بالبلد الى حين تسلم العراق إدارة هذا الملف، حيث فضح مسؤولو وزارة الدفاع الأمريكية
عن واحدة من أكبر أفلام اللصوصية عندما أعلنوا بأنهم مازالوا غير قادرين على التعرف عما حدث لنحو 6,6 مليار دولار والتي هي جزءً من الأموال التي تقدر بنحو 12 مليار دولار تم إرسالها نقداً على متن طائرة إلى العراق ضمن برنامج إعادة إعماره عقب الاحتلال الأمريكي، وهذا ما لم يحدث في كل تاريخ تعامل المصارف المركزية أو التعاملات التجارية في العالم بأن يرسل هكذا مبالغ ضخمة نقداً عبر الطائرات الى بلدا أخر. ومن المؤسف بأنها لم تودع في البنك المركزي العراقي في حينها بل وضعت في أقبية القصور الرئاسية وتحت تصرف بعض مؤسسات الجيش الأمريكي في العراق.
فمازال البحث جاري عن ماهية الطريقة التي صرفت بها هذه الأموال والتي كان من المرجح بأنها ذهبت على عمليات إعادة إعمار البنى التحتية المهدمة في العراق ولكن ما رشح عن مسؤولي المحاسبات وبشكل مفاجئ وغير متوقع بالمرة بأن هذه المبالغ قد تكون سرقت ولم تصرف على مشاريع أو مقاولات وهمية أو في عمليات فساد مبطن بين مؤسسات البنتاغون ومقاوليهم العاملين في العراق، وتصوري بأنها لم تغادر الولايات المتحدة، بل بقدرة وأمكانية لصوصهم تم الاستحواذ على تلك الاموال.
ناهيك عن الأمول والمبالغ الضخمة التي أخرجت من بعض مخابئ قصور صدام في عام 2003 والتي نقلت علناً ومن على شاشات التلفاز على متن الطائرات الأمريكية والتي لا نعرف مصيرها وأين وضعت وفي أي مجال صرفت.
وإذا لم نكن من الغافلين عن حجم الفساد الحاصل في أغلب المؤسسات الحكومية وهدر المال العام بشكل دوري مع كل عملية إعادة إعمار البلد أو التعاملات التجارية التي تجري لصالح الشعب العراقي الذي جزء كبير منها يذهب الى جيوب وحسابات السادة المفسدين، فقد أعلنت هيئة النزاهة العراقية بأن الفساد ينخر مجمل الهيكل الإداري في مؤسسات الدولة، وأن حجم الفساد في الدعاوى التي حققت فيها الهيئة في العام الحالي بلغت حوالى مئة وأربعة وتسعين مليار دولار. وهنا نتذكر تصريح رئيس البرلمان العراقي الى أن اختفاء 40 مليار دولار من صندوق تنمية العراق سببه عدم وجود حسابات ختامية، ولهذا فإن البرلمان لا يعرف مصير هذه الأموال المفقودة.
وعودا على ذي بدء، فأن المفتش العام الأمريكي المختص بإعادة إعمار العراق ستيوارت بوين كشف العام الماضي عن ضياع 8.7 مليار دولار من أصل 9.1 مليار دولار من أموال البرنامج مما يعني أن نحو 96% من المبلغ الإجمالي المودع في الصندوق قد أخذت طريق المجهول وعمل لجان التحقيق التي لن تصل الى نتيجة تحقق عودة حقوق وأموال الشعب العراقي التي كانت مجمدة لدى البنك الفيدرالي الأمريكي، والتي تم إضاعتها وسرقتها من غير وجع قلب، لأنها أموال شعب يرزح تحت الاحتلال وأن سلطته التشريعية والتنفيذية والقضائية مازالت مشغولة بهموم أولوياتها وليس أولويات حقوق الشعب العراقي وممتلكاته وأمواله التي سرقتها مؤسسات البنتاغون والمقاولين والشركات الأمريكية.
وأختم مقالتي بكلمات الشاعر ملا عبود الكرخي الذي قال:
يا حكومتنه الرشيدة أم الوقار
الفساد المالي عنوان إلچ صار
ندري جابوكم أبدبابة وقطار
ليش ظليتوا سمچ ياكل سمچ
قيم الرگاع من ديرة عفچ... فما أشبه اليوم بالبارحة ولكن كلنا أمل بأن ينتبه السياسيون لحجم مسؤوليتهم التي وعدوا بأن يكونوا أمناء عليها، وأن يسارعوا بتقديم حقوق الشعب على حقوقهم.

ليست هناك تعليقات: