الاثنين، 9 فبراير 2009

المياه جدول أعمال لإحداث تغيرات (1-2)*


ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي

تتطلب الحاجة المتزايدة للماء تغييرا جذريا في مفهوم الديمقراطية كتطبيق لاستخدام الموارد الطبيعية والحفاظ عليها.
(راجيوارلرانيا)

لا يمكننا أن نحل المشاكل الطبيعية التي خلقناها بالفكر ذاته الذي خلقها . (فردريك هايك).


احذروا ألان يانوس[1] , اله ذو الوجهين ، يريد مياه صالحة للشرب في مقتبل الألفية الجديدة. فهل سيأخذ قدح ماء من السنة المنصرمة أو انه سيغطس قدمه في المستقبل ليروي عطشه؟ فهل ثم معضلة ما؟ إنها ليست معضلة حقيقية لأنه يعلم انه بالرغم من كل الجهود المبذولة مؤخرا، لتوفير إمدادات كافية ومتساوية من مياه الشرب ومحاولة الحفاظ على أنظمة مياه غير ملوثة، إلا انه لم يتغير الشيء الكثير. ويعرف القرن العشرين إلى انه أكثر القرون عدائية وأكثرها مادية معا من بين قرون الألفية المنصرمة فقد تميز باندماج المؤسسات الرأسمالية العالمية التي تحطم مصادر المعرفة ومصادر الأرض الطبيعية المادية كلها.
العالم الذي تؤمن فيه إمدادات الماء مضمونة يتطلب عالما تتوفر فيه الحياة تغيرا أساسيا في المؤسسات وللأسف فنحن نحتاج إلى فحص واختبار هذه المؤسسات ...أي نحتاج إلى قواعد اللعبة التي أدت إلى انحطاط الموارد المائية والإفراط في استغلالها أو التقصير في الاستفادة منها ونحتاج إلى أن نعرف كيف شجعت المؤسسات هذه الأزمة التي تتعلق بنوعية وكمية متطلباتها المائية ومستقبلنا، كما نحتاج إلى أن نتبصر في المؤسسات التي قادتنا إلى بداية الألفية الجديدة، تغطينا الثمالة ومخلفات احتفالات قاسية تودع اعنف ألفية في تاريخ البشرية على وجه الأرض.وأصبح الماء أيضا، الذي يمتلك التاريخ الأقدم والأكثر اضطرابا من تاريخ الإنسان القصير على الأرض ضحية هو الأخر لهذا العنف.
يعتمد مستقبل المياه الطبيعية والبشرية بأسرها على توازن حاسم ودقيق في قراراتنا ، لاحظ إن هذا التوازن يضم عوالم وعلوم مرتبطة ارتباطا مباشرا أو غير مباشر بقطاع المياه. لحسن الحظ ، شهد العقدان المنصرمان عمل مكثف يمكن اعتباره بداية إعادة تخطيط المؤسسات وإعادة تنظيمها من اجل الحفاظ على الموارد المائية واستثمارها.
وبالرغم من إن الكثير من هذا قد بدأ على مستوى دولي فان إجراءات كثيرة تتخذ على المستوى المحلي في أرجاء مختلفة من العالم، فقد كان الماء في التسعينات شاهدا على عولمة بارزة للوعي وعلى إجراءات محلية متباينة وواسعة النطاق وان كانت محدودة نوعا ما. ويدرك الاقتصاد العالمي الآن إن النمو البيرميثاني الموعود، الذي يركز على التقنية ، هو شيء مستحيل دون الأضرار المحددة غير المعكوسة بالموارد الطبيعية. مع ذلك فان موارد الأرض والمياه تحديدا بعيدة عن الصورة الكئيبة التي يرسمها المؤمنين بالبقاء.


وقد حظي الماء بعد مؤتمر دبلن البارز وقمة ريو (حول الماء والبيئة) ، بموقع دائم في جدول الأعمال الدولي وقد أوضح الاجتماع الدولي الأول للمياه والذي عقد (في مراكش، المغرب) عام 1997 إن جعل الإنسان خلفية على الأرض لم يعد مثل فيل أعمى في حديقة زهور، قد دمرنا الكثير ونحن نعاني من عواقب سياستنا غير الإستراتيجية (أي لا نرى فيها ابعد من أنوفنا) . وقد تميز الاجتماع الدولي الثاني للمياه الذي عقد في لاهاي الطلب على رؤية مائية عالمية، التي أبديت في مراكش، ولم تقتصر هذه الرؤية على الأفكار المتعالية التي تفصح عنها البيروقراطيات بما أنها لا تملك النية في تلبية أي من الأهداف المؤلمة. وقد أكدت على شؤون السياسة المتلهفة بها على أهداف معينة، إقليمية ووطنية لتجهيز الماء وإدارته والمحافظة عليه ووفرت استنتاجات وتوصيات يتخذها القادة السياسيين لتحويل هذه الرؤية إلى واقع. كانت هذه الرؤية بالتأكيد إنجاز مهم في عالم تمزقه الاختلافات المذهلة والنضال وضعف الثقة. وتعتبر عبارة (الماء هو الحياة) عبارة موحدة وهي قوة وسلطة يمكن المتاجرة بها بشكل بارز فالماء هو مورد طبيعي وبيئة ونظام عالمي. وقد أثبتت الأحداث التي جرت مؤخرا في غابات الهند الجنوبية إن "الماء فدية" أيضا! إن هذه النظرية محيرة، لان أي منهما هو الماء؟ وما هي شؤونه وكيف تحدد السياسات والاولويات؟ تختلف المؤسسات التي تعامل الماء على انه سلعة يمكن المتاجرة بها اختلافا واضحا عن تلك التي تعتبر الماء موردا طبيعيا مهم بحد ذاته (ولا يقتصر على اعتماد حياة الإنسان عليه). لقد غطت جلسات الاجتماع الدولي الثاني للمياه مجالات شتى على وجه الأرض وكانت هذه الجلسات منفصلة ومحورها الماء والصحة والغذاء والتنمية الريفية والأنهار والسدود والجنس والشباب والمنظمات غير الحكومية والتخطيط في المدن المتحضرة والكبيرة الطاقة والتقييم والاستثمار والتنمية الثابتة والشراكة ورجال السياسة والحكومات المحلية والشخصية الاجتماعية والأخلاق والعلم وعلم الاقتصاد والمعدات والموارد وتمويل البنى التحتية والسياحة والطبيعة. أما من الناحية الدولية فكان ثمة طلب مكثف على إجراء تغيير في قطاع المياه. نركز في هذه المقالة على ثلاثة تصانيف أساسية للإصلاح في المؤسسات وكالاتي:
في صياغة مفهوم الماء وفي سياسات المياه والالتزام السياسي في مشاركة العامة في وضع أنظمة مياه. وهي محاولة للإشارة إلى العقبات الأساسية في المؤسسات التي تحف رؤيتنا للمياه بالغموض ولكشف تجاوز هذه العقبات قبل المؤتمر العلمي الثالث للمياه الذي سيعقد في اليابان عام 2003.

إعادة تقييم الماء: حاجة إلى تغيير نظري مفاهيمي
نحن نتفق مع الشراكة العالمية في المياه عندما نؤمن بان أزمة المياه هي عادة أزمة عن طريقة الحكم ، فإضافة إلى الشح الحقيقي في المياه ، أسهم سوء ضعف الإدارة في زيادة هذه الشحة . وهي أزمة تمخضت عن قرارات اتخذت في القرن الماضي سواء تلك التي اتخذتها الأنظمة الرأسمالية أو الأنظمة الاشتراكية وقد ركزنا منقادين بفلسفة الإنتاج (الاعتماد بفكرة زيادة إنتاج السلع واستهلاكها) على إنتاج السلع باعتبارها الهدف الوحيد والشامل لحياتنا على الأرض ولكن لم نلحظ اثر هذا الإنتاج المفروض على الموارد الطبيعية كالمياه سوى باهتمام بسيط من لدن هذه الأنظمة، وقد اكتسبت الحركة البيئية، التي واجهت موارد مائية متدهورة ومرافق بيئية ضعيفة قوى دافعة من دول متقدمة اقتصاديا وأخرى اقل تقدما. وكسب الماء أولوية في الحركة البيئية لتتبعه بضعة قضايا تتعلق بالإنتاج الزراعي والصناعي.
ارتفع في السبعينات مستوى القضايا المتعلقة به ارتفاعا مهما، وبحلول الثمانينات اتضح بان الحركة البيئية والاهتمام بنوعية وضمان الحصول عليها كانت قد تشعبت إلى منهجين متباينين ومتناقضين ركز الأول على أزمات الموارد الطبيعية كمخرجات لأنظمة الإنتاج القائمة، وقد كشفت جماعة الوضع الراهن عن طرق ووسائل "التكامل" اهتماماتهم بشأن نوعية هذه الموارد وفي إطار العمل القائم للمؤمنين بالإنتاج. أما المجموعة الثانية فقد حاولت التحليل والتفسير والبحث عن حلول لازمات الموارد الطبيعية في ضوء إطار عمل ثوري للتنمية الثابتة. لم يكن الماء مدخلا معزولا أو مخرجا في عملية الإنتاج أو خطة المحافظة بل كان نظاما ينمو جنبا إلى جنب مع أنظمة البيئة والاقتصاد والمجتمع ونظام الحكم الذي ورثها. واعتبرت الأسباب الجذرية مهمة وكان تقييم القرارات معتمدا على الأثر المحتمل للنظام وبخلاف إطار العمل الأول فان إطار عمل التنمية الثابتة كان قائما على حقيقة إن المؤسسات الموجودة يمكن بل ويجب أن تتغير إن كنا نسعى إلى تحقيق تنمية ثابتة على الأرض.
يتخذ هذان المنهجان من الإنسان مركزا لهما وهذا المفهوم الذي يركز على الإنسان في معالجة مشكلة المياه، يميز الأوساط الدولية كافة والتي تناقش هذه القضية ولكن هذه المحافل الدولية في تصديقها على إطار العمل القائم للمؤمنين بالإنتاجية وفي تخصيصهم لبعض الجوانب الملائمة للمحافظة والتي لا تضر بالوضع الراهن، عجزت عن تحقيق حل القضية الأكبر المتعلقة باستخدام ثابت لموارد المائية والمحافظة عليها.

وتقر المحافل المائية بالفعل بأهمية توفر بيئة صحية ودورا حاسما للزراعة الدائمة في هذه البيئة بيد إن بعض القضايا الحاسمة التي ركزت عليها حركة البيئة الدائمة، قد دمرت في هذه المحافل لتناسب إطار عمل المؤمنين بمذهب الإنتاجية وذلك لان إطار العمل الخاص بالمفاهيم لا يقر ولا يؤكد إن الموارد المائية المحدودة والبيئة برمتها تتعرض لتهديد النموذج الصناعي للإنتاج والتوزيع الزراعي الذي نتبعه من خلال المائة سنة الماضية، فلماذا إذن نناقش سعر الكلفة الكلية للماء في القطاع الزراعي دون القيام بمقارنة دولية لما تدفعه كل دولة لقطاعها الحقلي من حيث الإعانات المالية الحكومية ودعم الأسعار وسياسات المؤمنين بمبدأ الحماية؟ فبدون أنظمة للمفاهيم لا نكسب سوى القليل من السياسة الفعالة. وفي إطار عمل المؤمنين بالإنتاجية يترجم الاستخدام الحذر لموارد الري والإدارة الكفوءة للمياه في إنتاج المحاصيل والماشية إلى شعارات ساذجة مثل "محصول أكثر مع كل قطرة" ولكن هذه السياسة مثبطة وتناولت العديد من البحوث منذ السبعينات بآثار الحد من الفقر باستخدام الري. وقد نفذت نتائج بعض هذه البحوث على تحسين حالة الفقر في الأرياف. غير إن هذه النتائج الملحوظة لا تتصل اتصالا مباشرا بزيادة إنتاج المحاصيل أو إنتاجيتها. ويعني الري منطقة مزروعة أوسع وأيام عمل أكثر وزراعة محاصيل تتطلب عمل مكثف أو إدارة أفضل للمزارعين الصغار من حيث الإدخال والإنتاج اللذين يعوضان عن قيود الأرض ذات الري المناسب. وربما كان أهم اثر للري في جنوب آسيا هو الإحساس بالمساواة من حيث إن المياه تصل إلى المزارعين الصغار والثانويين. يجب إن نقول بالرغم من كل الانتقادات التي توجه إلى الثورة الخضراء والري المكثف إن الري في عدة أماكن من العالم قد ولّد منافع في التنمية الريفية التي تم التخلي عنها في الحرب الخاسرة من اجل استصلاح الأراضي الفعالة. أما من ناحية المفهوم فتعتبر مناقشات المياه الدولية مجردة من أي من أثار الحياة التي تتسم بالمساواة.


تتميز صياغة مفهوم المياه في إطار عمل المنتجين بهفوات تتعلق بروابط الأنظمة المتضررة والمكونات المتجاهلة، فمثلا يجب أن يعتمد تقدير متطلبات المياه أو تدهور المورد الطبيعي في مستقبلنا على طرق أكثر واقعية وأخلاقية وديمقراطية تفوق التحليل التقليدي الذي يعتمد على الكلفة- المنفعة. ويعتقد إن القطاع الزراعي والماشية يستهلك 70% تقريبا من موارد المياه الطبيعية في الأرض ولكن هل يعني هذا الطلب على هذا القطاع سيزداد بنسبة 17% في العقدين القادمين من اجل توفير المأكل والملبس لعدد السكان المتزايد؟ إن قمنا بتحليل إجمالي قطاعي لدراسة روابط الأنظمة والآثار عبر القطاعات ذات المخططات المتباينة بتخصيص المياه فتكون النتائج متباينة. من المعروف انه يمكن تحقيق التقلص الملحوظ في معدلات الخصوبة خلال عقد واحد إن استثمرت الدولة في برامج الصحة والتعليم (من السهولة تقييم امارتياسن، ولكن السياسات المقترحة في بحثه تحتاج إلى إعادة صياغة مفاهيم التنمية والالتزام السياسي) وكما نعلم فان تخصيص مياه أكثر من موارد المياه المتطورة هو التحدي الرئيس للسياسة، وإذا فرضنا إن الحكومة قررت أن تخصص حصة كبيرة من موارد المياه الوطنية لمياه الشرب والصحة العامة ثم للزراعة فالصناعة فان اثر هذا الاستثمار الذي يغض النظر عن النمو السكاني سيضمن انه لن يحصل هناك طلب متزايد على استخدام المياه في قطاع الزراعة.


ولا يبدو إن تخمينات منظمة المياه الدولية، مؤخرا ، مهتمة بتغيير أساليب الاستهلاك لأنه منسجم مع البيئة كتكوين حيوي من مكونات استراتيجية التنمية الثابتة والأنظمة البيئية الثابتة. ويقول علماء الاقتصاد المعنيين بالبيئة ،الآن، إن الإنتاج الزراعي الثابت والاستخدام الثابت لموارد المياه كلاهما لا يحتاجان إلى أن يكمل بعضهما البعض الأخر أو حتى يتعارض مع بعضهما الأخر إلا في حالة تغير أساليب استهلاك الجنس البشري. ويدور الجدل المركزي في مجال البيئة والديمقراطية حول الكيفية التي يمكن من خلالها أن تقود المشاركة الديمقراطية والمعلومات إلى أساليب استهلاك ثابتة من الناحية البيئية لا سيما في مناطق الحضر ذات الاستهلاك عالي الطاقة (أي استهلاك الغذاء والبضائع الاستهلاكية الأخرى ) ويمكن أن نجني الكثير من إعادة صياغة مفهوم المياه خارج إطار عمل المنتجين. وقد توقع الاجتماع الدولي الذي عقد مؤخرا انه فعلا في عام 2025 ستكون ثمة حاجة إلى استثمار سنوي بـ(180) مليار دولار أمريكي في قطاع المياه (مقابل 70-80 مليار دولار في عام 2000 ) وعندما تركز المشاورات الدولية على اتخاذ إجراءات لضمان أن تكون هذه الاستثمارات أكثر إنتاجية فان اقل ما يمكن أن نسأل عنه هو فيما إذا ستكون إنتاجية هذه الاستثمارات مختلفة في إطار عمل المنتجين مقارنة مع إطار عمل التنمية الثابتة ولكن لسوء الحظ لا تهتم المحافل الدولية بالنظريات البديلة أو بمنظور عبر القطاعات أو بتحليل متعدد المجالات. وهناك أداتين من الأدوات التي غالبا ما يشار إليها المفهوم الإنتاجي للمياه وهما التجارة والتكنولوجيا، ويدور نقاش حول إن التجارة مفيدة للبيئة ولتخصيص أفضل للمياه وإدارتها. ويعتقد علماء الاقتصاد الكلاسيكيين المحدثين بان التجارة ترفع من النمو الاقتصادي وسيزداد خلال المراحل الأولية من النمو الاقتصادي استهلاك الموارد الطبيعية وانبعاث المخلفات طرديا مع الزيادة في الدخل. وهم مقتنعون بعد حدوث زيادة في الدخل تنعكس إذا تأتي الزيادة في الدخل من الاستخدام لموارد اقل وإنتاج للمخلفات بنسبة اقل. بالإضافة إلى هذا، فان معدلات الدخل المتزايدة تمكن الناس من أن توفر بيئة أفضل. إن الأساس الاقتصادي لأسطورة التجارة والبيئة هو أساس كامل ومن ذلك توحي الرأسمالية العالمية بان التجارة الحرة يجب أن تعزز كوسيلة للوصول إلى الاستخدام الأفضل للمياه عالميا.
ولا تشك محافل المياه الدولية بعقائد الرأسمالية العالمية ولا تتوقع انه يمكن للمزارعين التايلنديين (يقصد بيئتهم عموما واستخدامهم المياه خصوصا) أن يكونوا منتجين مستهلكين أفضل محليا للمنيهوت بدلا من تصديره لإطعام الخنازير في هولندا والذين يحصلون هناك على إعانة حكومية عالية حيث يتم بعد ذلك نقله عبر جبال الألب (مما يسبب الكثير من التلوث) لتتم معالجته وتحويله إلى لحم خنزير(بارما). فهل تحسن التجارة والليبرالية الرخاء والاستخدام الأفضل للموارد الطبيعية؟ توصي الإيديولوجية السائدة على الاقتصاد المتعلق بالتجارة الحرة (وهي عبارة تلطيفية) انه يمكن لدول العالم الثالث أن تركز على إنتاج محاصيل للتصدير ذات قيمة عالية ولا تحتاج إلى مياه غزيرة وهي تلك المحاصيل التي لا يمكن أن تنتج إلا في الأراضي الاستوائية وستنتج الدول المتقدمة بدورها كميات متزايدة من المحاصيل التي تحتاج لمياه غزيرة والتي لا تستطيع الدول الأقل تطورا ذات الكثافة السكانية العالية استيرادها. نعلم انه على أنظمة التجارة اليوم أن تحل حروب العوز والحظر على لحم البقر وتسمية الذرة المحسنة جينيا والربيان المتآلف مع السلاحف وغيرها من القضايا. وهناك أمثلة على الهفوات التي تميز فلسفة المؤمن بالإنتاجية حيث لا نطبقها تطبيقا أعمى على الموارد البشرية والطبيعة العالمية.
ان علم الاقتصاد الكلاسيكي المحدث والتقييم النقدي للموارد الطبيعية يغري فلسفة المؤمن بالإنتاج إلى إضافة بعد أخر للمشكلة فقد آن الأوان لتغيير نظرية إدارة الموارد الطبيعية من إطار عمل المنتج إلى إطار عمل مقدس وتغيير التوازن الثابت إلى عمليات ثورية حركية والإجراءات الفردية المعزولة إلى مفاهيم وإجراءات نظامية،وتحويل التقييمات النقدية الأحادية إلى تقييمات كمية ونوعية جماعية. مما لاشك فيه إننا حققنا بداية ممتازة مع الجهود المبذولة مؤخرا في الساحة الدولية وأمامنا الكثير لنقوم به لوضع الرؤية بكل أسسها المؤمنة بالإنتاج وانحيازها، فنحن في ألفية جديدة لنتحول إلى إعادة صياغة مفهوم المياه ضمن أنظمة بيئية ثابتة.

[1] اله الأبواب والبدايات عند الرومان ويكون رأسه على شكل وجهين واحد باتجاه الأمام والأخر باتجاه الخلف.

* مجلة الشؤون الخارجية

علما بأن جيع الدراسات منشورة في مركز الدراسات الدولية جامعة بغداد

ليست هناك تعليقات: