الخميس، 24 ديسمبر 2009

لا تعتمد على إيران للمّ الشتات في العراق

* كينيث بولاك
ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي


أوصت مجموعة دراسة العراق كما هو متوقّع، بأنّ على الولايات المتّحدة أن تبدأ المحادثات مع إيران لإلتماس مساعدتها في استقرار الأوضاع في العراق.هذه التوصية تبدو منطقية جدا بحيث من الصعب فهم تردّد إدارة بوش لإتّباعها في الماضي.ما زال، مسؤولو إدارة بوش صحيحون للاحتجاج بأن ذلك الكلام مع إيران ليس سياسة، ناهيك عن عده حلّ لمشاكلنا في العراق.
إنّ الأسئلة الحقيقية هي: ماذا نقول إلى الإيرانيين إذا أمكننا أن نجعلهم يحضرون إلى طاولة المناقشات؟ ماذا يمكنهم أن يعملوا في العراق؟ ماذا سيكونون راغبين بعمله في العراق؟ وماذا سيريدون بالمقابل؟
كان يجب علينا أن نُشرك إيران في العراق قبل سنوات. قبل ذلك وأثناء الحرب في أفغانستان، الإيرانيون كانوا يساعدون الولايات المتّحدة بشكل كبير.حيث اشتركوا في كراهيتنا للقاعدة وطالبان، وهم زوّدونا بالمساعدة الشاملة في الاستخبارات والتموين والدبلوماسية والسياسة الداخلية الأفغانية. بعد أن حولنا نظرنا على صدام حسين، أقترح الإيرانيين بأنّهم راغبون للتعاون على ذلك أيضا.لسوء الحظ، تجنّبت إدارة بوش العرض، وفضّلت جمع طهران مع بغداد وبيونج يانج في "محور الشرّ". ولا شيء من هذا يجب أن يقترح بأنّ إيران كانت تساعدنا لأسباب ما عدا المصلحة الشخصيّة فحسب، أو بأنّها تركت كراهيتها فجأة نحونا. لكنّها كانت تعرض عملية واقعية حقيقية وأن تكون مساعدة كثيرا في قضايا الاهتمام المتبادل، الذي كان يجب أن يكون جيد بما فيه الكفاية.
اخترقت أعداد كبيرة من وكلاء الاستخبارات الإيرانيين العراق اليوم، حيث يبدو بأنهم يزوّدون كلّ الجيوش الشعبية الشيعية(المليشيات) في العراق عمليا بالمال، الأسلحة وتجهيزات أخرى. وهناك تقارير تفيد بأن حزب الله يدرّب جنودا لمليشيا شيعية عراقية في لبنان تحت وصاية إيران. ويعرف كلّ أمراء الحرب الشيعة بأنّ في حالة حصول حرب أهلية شاملة،فإن إيران ستكون مساندهم الوحيد. وكلّ ذلك يعطي الإيرانيين تأثيرا على الجيوش الشعبية الشيعية(المليشيات)- التأثير الذي يمكن أن يكون مساعدا للولايات المتّحدة التي تحاول صياغة إستراتيجية جديدة نحو العراق. فعلينا أن نكون حذرين،على أية حال، علينا أن لا نبالغ بتأثير إيران. فالمشاكل في العراق لم يكن سببها الإيرانيين، ولا يمكن إيران أن تحلّها كلّها.
"يكره" أكثر العراقيين الإيرانيين.وفي الحقيقة، تعبير "كراهية" معتدل جدا. وحينما مازال يبدو في عام 2004 وبداية 2005، كما لو أنّ إعادة بناء العراق بقيادة الولايات المتحدة قد تنجح، حيث كان سياسيون شيعة يركزون على الماضي لتبيين بأنّهم كانوا مستقلون عن إيران لخوفهم من إن ناخبيهم لا يدعموهم فيما عدا ذلك. وعلاوة على ذلك، بينما دعمُ الإيرانيين لا شكّ أُستلم بامتنان، فالدليل يوحي بأنّه الآن أكثر إضافة من أن تكون ضرورة للجيوش الشعبية الرئيسية. في هذه النقطة،المجموعات الشيعية الرئيسية - المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، جيش المهدي، وحزب الفضيلة من بين الآخرين- لهم دعم كبير بين السكان ويُتّهم بالحصول على كميات كبيرة من المال من تهريب النفط والجريمة المنظّمة.زائداً، ليس هناك نقص بالأسلحة في العراق، مع التجهّيز الإضافي المتوفر بسهولة في السوق السوداء الإقليمية.
لذا طهران يمكن أن تؤثّر على سلوك المجموعات الشيعية، لكنّه من المحتمل أن تواجه صعوبة في إجبارهم ليعملون الأشياء التي هم لا يريدون أن يفعلونها- مثل حلّ جيوشهم الشعبية، قبول اتفاقية مصالحة وطنية، المشاركة في مشروع توزيع النفط بشكل عادل أو تقبل أيّ من التغييرات الرئيسية الأخرى التي تريدها إدارة بوش. إذا كانت إيران تهدّد بإنهاء دعمها لهذه المجموعات، فهم على الأغلب سيخبرون طهران أذهبي لتخسرِ. ما هو أكثر، يبدو إن الإيرانيين فهموا هذا، بعد أن أثبتت ترددها حتى الآن للمحاولة لإجبار أيّ من المجموعات الشيعية لتغيير طريقها بشكل جذري.
إنّ الحدود على التأثير الإيراني سيف ذو حدّين. وهذا يعني بأنّنا لا نستطيع الاعتماد على إيران لحلّ مشاكل العراق، لكنّهم يعنون أيضا بأنّنا لا يجب أن نعرض للإيرانيين العالم مقابل مساعدتهم. الآن، طهران ورئيسها المتحذلق ينطلق على مستوى عالي في الشرق الأوسط، وهم سيطلبون بلا شكّ شيء مقابل مساعدتنا في التعامل مع قضية العراق.على سبيل المثال،هم قد يطلبون من الأمريكيين بأنّ يسقطون اعتراضاتهم على برنامجهم النووي أو يستسلموا لطلبات حزب الله بأن يكون له القول الفصل في لبنان.
أعطاء الحدود المحتملة خصوصا على ما يمكن إيران أن تقدمه في العراق، هذه لن تكون أسعار تساوي الدفع. بدلا من ذلك،يجب على الولايات المتّحدة أن تؤكّد على المصالح المشتركة بمنع العراق من الانفجار الداخلي بصورة أكبر، ومثل هذه الفوضى يمكن أن تنشر بسهولة إلى إيران- ويقدر أغلب زعماء طهران في ما يبدو هذا الخطر.
وكبديل لمساعدة إيران،يجب أن تعرف واشنطن مصالح إيران الشرعية بالعراق، يبقيها(عموما) تخبر عن العمليات العسكرية، وتطوّر من المحتمل حتى علاقة الاتصال بالجيش ودوائر المخابرات الإيرانية الذي فيه الجانبان يمكن أن يتبادلوا معلومات محدودة، بذلك تتضائل المخاوف الإيرانية من النوايا الأمريكية المؤذية.
ويمكن أن تنجز معظم هذه الأمور بتشكيل مجموعة اتصال دائمية تتكوّن من جيران العراق - مشابهة لمجموعة الدعم الدولية التي اقترحت من قبل بيكر هاملتن. وتتَطلع الحكومة العراقية "وقوّات التحالف" على هذه المجموعة بانتظام ويبغيان نصيحتها، التي يجب أن تهمل لسبب معقول فحسب.بالمقابل، أعضاء مجموعة الاتصال يتعهّدون بتزويد أنواع معيّنة من الدعم الاقتصادي والدبلوماسي والسياسي وحتى العسكري. وهناك على الأقل ثلاثة أسباب جيدة لتجربة هذا المنهج.
أولا، لا دولة مجاورة من المحتمل أن تعدّل إستراتيجية بشكل ملحوظ ما لم يفعل ذلك الجميع.
ثانيا، جهودنا للعمل مع إيران في العراق لا يمكن أن تأتي على حساب حلفائنا التقليديين بين الدول السنيّة في المنطقة: الأردن والكويت والعربية السعودية وتركيا.
أخيرا، المشاكل في العراق أصبحت مرعبة ومتشابكة جدا بحيث نحتاج كلّ أونس من المساعدة يمكننا الحصول عليها من أي مصدر متوفر.
نحن لا نستطيع توقّع إيران أن تنقذ العراق لنا ببساطة. حتى لو عمل كلّ جيران العراق في انسجام لن تلعب إلا دور مساند.فالأمريكيون وحسب، الذين يعملون مع تلك القوات في العراق ما زالوا يخوضون معركة جيدة، ومن المحتمل يمكن أن يغيّر طريق العراق الكارثي.
نحن نحتاج الى خطة عملية جديدة من إعدادنا.عندها فحسب سنعرف ما هو أفضل طريق يمكن إيران أن تساعد به، وما نحن مستعدون لدفع ثمنه مقابل تلك المساعدة. والكلام مع إيران بدون مثل هذه الخطة ستكون غير مثمرة، إن لم تكن حماقة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* مدير الأبحاث، مركز سابان للسياسة الشرق الأوسطية- December 8, 2006
نشرت في January 4, 2007 4:15:17 AM

ليست هناك تعليقات: