أمير جبار الساعدي
تميزت ثقافتنا الشرقية والعربية على وجه الخصوص في بعض مراحلها التي انطوت على الكسل والقولبة في إطارات جامدة لقدمها المعنوي والتطبيقي وتشبثها بالعادات والتقاليد نتيجة الظروف التي عاشتها مجتمعاتنا في تلك الحقب وما تلتها من صراعات طبقية وثقافية صاحبها في كثير من الأحيان استخدام الإنسان مبدأ القوة ورفع السلاح في تأمين ما يحتاجه أو حماية موطئ قدمه والمنطقة التي يعيش فيها، فالإنسان ميال بطبعه الى الحفاظ على وجوده الذي إذا مسه أي تهديد قد يدفعه بالمقابل الى الرد بالمثل إن لم يكن بشكل أكبر وأعنف، وهذه الصفة التي تغلب على المطالبين للحصول على ما يخططون له من غير أي أتصاف بميزتنا الأولى في الخلق وهي إنسانيتنا قبل كل شيء، فلماذا تنقلب الحوارات السياسية، والمعارضة السلمية، والتنافس الانتخابي في العلن الى قلب الموائد وكشف المستور والتهديد والوعيد ومن ثم بدء حملات القتل والترهيب باستهداف مباشر للأشخاص والممتلكات واستخدام أدوات كاتم الصوت بدلا من تفعيل أدوات الحوار والاتفاق والتسوية السياسية، أليس العالم المتحضر بكل شواخصه الديمقراطية وحملاته الانتخابية الواضحة للقاصي والداني تتمثل بها المعارضة والمتنافسين معها أو ضدها على احترام الآراء المختلفة من خلال فسحة الحرية السياسية المضمونة بدستور وقوانين البلد عبر ساحات الصحافة والإعلام وكل ما أتيح لهم استخدامه من أجل إيصال أصواتهم بوضوح حتى يتسنى للآخرين فهمهم، لا بالصراخ عبر مكبرات الصوت، والتلويح برفع العصا ليعلم الغير بأنها لمن عصا.
علينا أن نتعض من أرثنا التاريخي الذي يحمل بين طياته صور الالتزام التسامحي والتعايش السلمي بين أبنائها ومن عاش معهم أو جاورهم، والأمثلة كثيرة على ذلك، ولدينا كثير من المشاهدات الانتخابية في أوربا وأمريكا ودول غيرها التي تستمر بها حمى التنافس الانتخابي لعدة شهور متواصلة قد تصل كل أطراف البلاد، ويُستخدم فيها الضرب تحت الحزام بصورة سلمية من خلال ابراز سلبيات ومساوئ وحتى نقاط الضعف في شخصية الخصم أو بطريقة اتخاذه القرار، فهل هناك من يقبل في عالمنا العربي وعراقنا أن يتهم بالضعف والخلل في شخصيته؟؟؟ ولا يستخدم سلوك العنف منهجا لمقابلة الخصوم وتسقيطهم بدل لغة الحوار، وقد شاهد الكثير ما حصل من قبل بعض الأطراف المحسوبة على العملية السياسية بتوجيه ضربات انتقامية لشخوص ومواقع خصومهم السياسيين أم هكذا يبدون لمتتبع الشأن العراقي، والتي لن تضرهم وحسب بل سيندفع الضرر على المواطن العراقي الذي قد يصاب بسهامهم الطائشة والذي لن يسامح به الشعب وهو يرى هذا التصارع قد يتحول الى لغة القوة والقتل الذي قد يصيبه أيضا وهو يُقبل على الإدلاء بصوته في يوم الانتخابات النيابية.
دعونا لا نجعل أخر علاجنا هو الكي والذي يتسم بالقسوة والترهيب من اللجوء اليه، لأنه أخر الحلول ولكنه ليس السبيل الوحيد ولا الطريق الصحيح لكي نسلكه في حل خلافنا السياسي ولا التسوية المنشودة لتعارض مناهج العمل لدينا، فإذا كان علاجنا بالكي فلكم أن تروا ماذا ينتظرنا !!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق