أمير جبار الساعدي
ولا سيما في العراق فقد دأبت منظمات المجتمع المدني على الوقوف بوجه التحديات الكثيرة التي تبرز في الساحة العراقية وقد تنجح في هذه، ويثبط عزمها في تلك، ولكنها مازالت تسير بخطىً دون مستوى ما خططت له عملية البناء الديمقراطي في العراق وما نتج عنها من تشويه لهذه العملية ... فالحضور الشعبي متضامنا مع تلك المنظمات المجتمعية هو الذي يطلق بين الحين والاخر شعار "من أجل" مسألة تمس مصلحة الشعب العراقي ومصالح الدولة العراقية على العموم فبالامس سمعنا صوتا ينادي (من أجل الوقوف سداً منيعاً بوجه مطامع تركيا.. وحلمهم لايقاف سد اليسو) واليوم نسمع صوتا أخر ينادي (من أجل الوند) ولكم أن تروا بأن الموقف المتحدي لأهالي خانقين من الناس المتضررين من قطع الماء عن نهر الوند وفي هذا الصيف اللاهب، الذي أحرق الزرع وجفف الضرع وترك البشر حائرين في أمرهم، والذي قد دفع الاهالي في تلك المناطق في محافظة ديالى للتحدي وقطع الطريق الدولي التجاري بين البلدين .. وكأنه لا يوجد هناك من يتصدر لمراعاة حقوقهم المشروعة ومصالحهم المفروضة واجبا على الدولة والحكومة العراقية للتصدي لهذا العمل الخبيث.. الذي يصدر من دولة جارة ومسلمة تتبادل تجاريا مع العراق، بمقدار بلغ حجم التبادل التجاري بين العراق وإيران في العام 2010 حوالي 8 مليارات دولار مع توقعات بوصول الرقم إلى 10 مليارات أو أكثر خلال هذا العام.
فهل هذا هو جزاء العراق الذي يخفف بعض عبئ العقوبات المفروضة على إيران ؟؟ وهل هذه هي الإنسانية وتعاليم الدين الحنيف التي تفرض قطع المياه عنا في شهر الرحمة والطاعة والغفران ؟؟ ومع الأسف أعلنت الجهات الرسمية الإيرانية أكثر من مرة بأنها فتحت المياه صوب النهر المجفف بفعل فاعل ولكنها لم تصدق بأيٍّ من هذه "المكرمات" وجاء التأكيد الإيراني اليوم عبر قطعهم نهر "هوشياري" الذي يمر بقصبة بنجوين.. وكأن العراق مبتلى دوما بمن يتركه ومن يحل به عطشانا والماء بالقرب منه كما فعلوا مع الأمام الحسين وأهل البيت (عليهم السلام)، فلم نسمع الى الآن عن أي لجنة برلمانية ولا لجنة حكومية متخصصة من وزارة الموارد المائية تحركت جديا للوقوف مع مصلحة المواطن العراقي، والتي أعلنت عن أنها طلبت من المجلس الوزاري العربي للمياه للضغط على تركيا وإيران من خلال توقيع اتفاقيات دولية لضمان حصة العراق اللازمة من المياه... ولا تعدو التحركات والتصريحات الخجولة من قبل وزارة الخارجية أو بعض سياسيينا وقادتهم حول ضرورة الحفاظ على علاقات حسن الجوار ومراعاة حقوقنا بالحصة المائية المخصصة للعراق، والتحرك دبلوماسيا دون أي أشارة لوجود رد فعل موازي لحجم الضرر الذي يرزح تحته العراقيين من قبل الجانب الرسمي الإيراني.
وعودا على ذي بدء.. فإن (كل قوم بما لديهم فرحون)، فالخطوات التي تقدِم عليها مؤسسات الحكومة العراقية لم ترتقِ الى حجم المشكلة، وكل مؤسسة رسمية تعتقد بأنها أفلحت وأدت ما عليها من واجبات والتزامات تجاه الشعب العراقي ...وبالنظر بعمق الى حقيقة الامر.. نجد بأن الموطن لا يحضى بأي من هذه الانجازات المباركة لدوائرنا الرسمية، فمازال الماء مفقود واللسان معقود والناس تلهث وراء الحل غير الموجود.. فمتى نعمل وأياكم من أجل العراق لتذليل الصعاب وتحقيق المآرب عبر توحيد الاهداف الشعبية التي لم تدخر جهدا إلا وسارعت بتقديمه لتحصيل حقوقها في الحياة.. عكس ما نراه من مجلس نوابنا الذي أقعدته حرارة الشمس وخزنته ليوم أمس لعلنا نرى منه ما يفرح النفس.. وحكومتنا العتيدة الناقصة التسجيل في دائرة الشعب لعدم أكتمال أوراقها الأمنية، والمشغولة بتحديات داخلية وصفحات محاصصية ومراتب إرضائية ولم يحن بعد موعد الشعب...فلا تدعونا نقطع الطرقات!!!.. وأنتم تسعون وراء المبادرات!!!...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق