الاثنين، 26 أكتوبر 2009

العراق: الوجه الاخر من القصة

التسويات الخرقاء وتقاسم السلطة قد يعقد العملية*
أنتوني كوردسمان
ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي

أن حالات الغموض في قانون الادارة الانتقالية وخطط اتفاق وضع القوات وعملية الاختيار المضطربة للجمعية العراقية التي قد توزع السلطة توزيعاً متفاوتاً كل ذلك قد يعقد من عملية أنتقال العراق الى نظام ديمقراطي ذي سيادة ويشير التقرير أن أتفاق تشرين الثاني/نوفمبر 2003 الذي يضع القواعد الاساسية للانتخابات القادمة يضم تسويات خرقاء في تقاسم السلطة مما أثار مخاوف خطيرة للغاية عن طبيعة النظام الجديد وعدالته وجدوى أي أنتخابات تجرى طبقاً للخطة الحالية،"صراع السلطة حول الانتخابات في العراق: الوجه الاخر من القصة.
لقي التقرير نظرة على قانون الادارة الانتقالية وهو القانون الذي تمت مناقشته من قبل "سلطة الائتلاف المؤقتة" ومجلس الحكم في شباط/حزيران2004 وحدد هذا القانون دور الجمعية العراقية الانتقالية الجديدة حتى موعد الموافقة على الدستور الجديد للبلاد ومن المنتظر أن يحدث هذا نظرياً في 15 تشرين الاول، ويشير التقرير أنه بالنتيجة يتوجب على أعضاء الجمعية العراقية الانتقالية أن يقبلوا دستوراً مفروضاً يعكس التوترات داخل سلطة الاحتلال والحكومة ولا يعكس أي إرادة شعبية وينتاب العديد من العراقيين سواء كانوا شعية أم لا شكوك عميقة حول صياغة مثل هذا القانون دون وجود فقرات واضحة تفتح باب التعديل على يد الجمعية العراقية الانتقالية. وبالاخص هنالك شكوك خطيرة حول دور أعضاء مجلس الحكم في السعي لتقديم مصالحهم الشخصية.
كما يناقش كوردسيمان أتفاق"وضع القوات" بين "سلطة الائتلاف المؤقتة" والحكومة العراقية وهو قانون سيحدد دور القوات العسكرية الامريكية في العراق. يقول كوردسيمان أن من شأن هذا الاتفاق أن يحد من صلاحيات الحكومة الجديدة كثيراً خلال الفترة من 31 حزيران/مايو عندما إستلمت الجمعية العراقية الانتقالية زمام السلطة. وحتى تأريخ المصادقة على الدستور الجديد وأجراء الانتخابات لاختيار حكومة عراقية جديدة. وفي الواقع أن الولايات المتحدة تحدد شروط احتلالها المستمر دون الرجوع الى الجمعية العراقية الانتقالية.
كما يشير التقرير الى مسألة إختيار المندوبين لاختيار الجمعية العراقية الانتقالية، التي سيتم اختيار 15مشرفاً من جميع محافظات العراق الثمانية عشر بطريقة تقدم لسلطة الاحتلال والحكومة العراقية تأثيراً لا ضرورة فيه وجاء في التقرير"أن هذا النظام يلائم ما تمارسه "قوات الائتلاف المتعددة" والحكومة العراقية من تلاعب سياسي وتقسيم أنتخابي متميز. ومن المستحيل معرفة مدى تمثيل هذه الانتخابات أو عدالتها الى حين أجرائها، كما أنها تسمح لتيارات صغيرة نسبياً بفرض حلول خرقاء على الاغلبية.
ومن المقرر أن تجتمع الجمعية العراقية الانتقالية في 31 أيار/مايو لاختيار رئيس تنفيذي وتعين الوزراء. ويشير التقرير أن هذا الوضع سيمنح للجمعية العراقية الانتقالية مهلة سنة تتمكن خلالها من وضع الشروط لصياغة الدستور والموافقة عليه–إذا لم يؤجلوا الانتخابات أو يغيروا صياغتها. أما اذا تبين تعرض الجمعية العراقية الانتقالية للتلاعب وأنها غير تمثيلية، فهذا نذير بدخول الفساد للعملية وتعرضها لهيمنة جهة لم يتم أنتخابها.
ورغم أن كوردسمان يوجه إنتقادات لعملية الانتخابات الماضية، فأنه يحث النقاد على توخي الحذر من إدانة هذه العملية. فالولايات المتحدة لم تفرضها، وانما هي حل وسط لعب خلاله مجلس الحكم الدور الاكبر. ويشير كوردسيمان في نفس الوقت "انه انصافاً لموقف السيستاني والمنتقدين الاخرين لهذه العملية. فمن الجلي انها حل اخرق بين "سلطة الائتلاف" ومختلف اعضاء مجلس الحكم وليس نتيجة أي جهد لايجاد حل ذي ارضية واسعة بين العراقيين".

الانتخابات في العراق وصراع السلطة: الوجه الاخر للقصة
هناك سبب وجيه للسؤال عن دوافع "الشيعة" في المطالبة باجراء انتخابات مباشرة لاختيار حكومة انتقالية جديدة في العراق. اذ لا يتمتع الشيعة باغلبية واضحة فحسب بل بامكانهم ايضاً بكل تأكيد ان يسجلوا ويصوتوا بفعالية تفوق بكثير فعالية "السنة" الذين مزقتهم الحرب. فضلاً عن ذلك فهم يتمتعون بوحدة سياسية، كما تتمتع الحوزة الشيعية بنوع من القدرة العملية التي تتمتع بها الاحزاب السياسية في تحشيد الاصوات.
وفي نفس الوقت هنالك وجه اخر للقصة تجاهلته التقارير الاعلامية تجاهلاً كبيراً. يضم اتفاق 15تشرين الثاني/نوفمبر 2003الذي يضع القواعد الاساسية للانتخابات القادمة تسويات ومشاكل في تقاسم السلطة مما اثار مخاوف خطيرة للغاية عن طبيعة النظام الجديد وعدالته وجدوى أي انتخابات طبقاً للخطة الحالية. ويجدر بنا قبل التركيز كثيراً على اية الله العظمى السيستاني التساؤل هل يقبل أي سياسي أمريكي بالشروط المقترحة..

قانون الادارة الانتقالية
لم يطلع الشيعة شأن العراقيين جميعاً على التفاصيل الدقيقة لقانون الادارة الانتقالية الذي اعلنته "سلطة الائتلاف المؤقتة" ومجلس الحكم في 28 شباط/فبراير 2004. ويحدد هذا القانون دور الجمعية العراقية الانتقالية الجديدة حتى الاتفاق على دستور جديد. ونظرياً سيحدث هذا خلال خريف عام 2005 ولكن قد يتأخر هذا الموعد كثيراً.

اتفاق وضع القوات
كما طلب من العراقيين دعم اتفاق حول وضع القوات بين "سلطة الائتلاف" ومجلس الحكم يحدد دور القوات العسكرية الأمريكية والذي تم توقيعه في 31 اذار/مارس- أي قبل شهرين من اختيار الجمعية العراقية الانتقالية لوزرائها.
وقد حد هذا الاتفاق من صلاحيات الحكومة الجديدة كثيراً خلال الفترة من 31حزيران/مايو-عندما إستلمت الجمعية العراقية الانتقالية زمام السلطة، وحتى تاريخ المصادقة على الدستور الجديد واجراء الانتخابات لاختيار حكومة عراقية جديدة. وهذا التاريخ هو 31 كانون الاول/ديسمبر 2005أو متماً المصادقة على الدستور الجديد عن طريق استفتاء شعبي. وفي الواقع فان الولايات المتحدة تحدد شروط احتلالها المستمر دون الرجوع الى الجمعية العراقية الانتقالية.
فضلاً عن ذلك، ما زال على الولايات المتحدة ان تحدد الدور الذي تخطط للعبه بعد انتقال السلطة لاسيما الدور العسكري الذي تسعى للحصول عليه في العراق هل هو وجود عسكري ام مستشار ام محتل ام ماذا؟

ايسر العسر
يحتاج المرء ان يتخذ جانب الحذر حيال ادانة هذه العملية. فالولايات المتحدة لم تفرضها: وانما هي حل وسط لعب خلاله مجلس الحكم الدور الاكبر. فالانتخابات صعبة وخطرة.وفي حالة إجراء التسجيل على أساس البطاقة التموينية، فقد يكون ذلك مسبباً للشقاق وتشعل حرباً أهلية حتى ظهور نوع من التسوية(الفدرالية) حول تقاسم السلطة بين التيارات. وقد تهيؤ الانتخابات في بلد يفتقر للخبرة أو الأحزاب السياسية الوضع لحكم الغوغاء أو لحكم يسحق معارضيه بيد تيار ديني كالشيعة.
وفي نفس الوقت يثار تساؤل مفاده: هل سيثق أي أمريكي بنظام فرضه محتل عسكري ومجلس حكم يهيمن على أغلبه رجال كانوا في المنفى. وأنصافاً لموقف السيستاني والمنتقدين الاخرين لهذه العملية. فمن الجلي أنه حل أخرق بين "سلطة الائتلاف" ومختلف أعضاء مجلس الحكم، وليس نتيجة أي جهد لآيجاد حل ذي أرضية واسعة بين العراقيين.
ومن الجدير بالإشارة أن كل هذا يحدث في عراق تصل نسبة البطالة فيه الى 50– 60%وغالباً ما تحصل أزمة في وقود السيارات والتدفئة والطبخ، كما تستمر حوالي 250من المصانع المملوكة للدولة بالعمل طبقاً لمناهج يعرف الجميع أنها عبارة عن رفاهية مؤقتة، ولا يملك المزارعون أدنى فكرة فيما إذا كانوا سيعملون على أساس منحة حكومية أو على أساس شبه السوق مع مجيء الموسم المتنامي الجديد.
ولا يملك أي من القادة الحاليين أو المحتملين ذوي الشأن في الواقع خبرة سياسية- إذ تكفل صدام بذلك – ولم يمارس أي أحد منهم مطلقاً دور قيادة أو إدارة هيئة سياسية ضخمة. لا أحد يعرف أين سيكونون غداّ. ومن سيبرز كقائد، أو ما هي عقوبات الفشل السياسي. وليس هنالك أساس تأريخي لثقة عامة، وأكدت الشهور الماضية فقط غياب العنف المفتوح بين التيارات–رغم أن العنف المقاوم للاحتلال هو الى حد ما صراع بالوكالة بين النخبة السنية القديمة والأغلبية الشيعية البارزة.
إن فكرة الالقاء في حرب وحقيقة أن ما من خطوة من الخطوات السياسية المذكورة أنفاً قد وضعت تعريفاً محدوداً لدور الإسلام في الحكومة الجديدة، ولكن يمكن القول إن المظاهرات والاجتماعات كانت الآن سلمية ومحدودة بشكل مثير للدهشة. مع ذلك فمن الواضح أيضاً إن العراقي يواجه تحديات هائلة وإن السيستاني (وكل العراقيين) لديهم سبب وجيه جداّ للسؤال عن عدالة ومدى ملائمة الانتخابات وكل جوانب الخطة الحالية لنقل السلطة لحكم عراقي كامل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*)
واشنطن 26 كانون الثاني/يناير 2004 أوضح تقرير حديث بقلم انتوني كوردسمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.
اصدرت في October 8, 2005 6:19:00 AM

ليست هناك تعليقات: