الاثنين، 2 أغسطس 2010

لماذا قتلتم جمال وأخوانه

أمير جبار الساعدي

تسارع
الأحداث الأمنية في بغداد ومدن العراق خلال هذه الفترة العصيبة التي يشوبها كثرة الصراع على الكراسي وتقاسم المغانم بين الكتل والأحزاب الفاعلة في الساحة السياسية، والذي يعوق تشكيل الحكومة العراقية ومنع الفراغ الدستوري والأمني الذي يلف كل البلد، حيث ضرب الإرهاب في عدة مناطق ومنها مدينة الأعظمية مستهدفا عدد من السيطرات للشرطة والجيش، فلكل عمل مهما كان نوعه هناك سبب وهدف يرام الوصول له، فما هو السبب وراء اغتيال جمال طاهر العزاوي وهو شرطي في عقده الثالث وأب لطفل عمره لم يتجاوز الثماني أشهر، كان يؤدي هو وأخوانه من الشرطة التابعين لمركز شرطة الأعظمية دورية اعتيادية في شارع عمر بن عبد العزيز في الأعظمية تستلزم منهم إدامة

حفظ الأمن من المجرمين وتلبية نداء الطوارئ في حال وجود أي عمل يعكر صفو الأمن وخرق للقانون، فمن الواضح إن السبب الرئيس للاستهداف هو خلق البلبلة وعدم الاستقرار وإيجاد حالة من الفوضى بين رجال الأمن والجيش، وزعزعة ثقة المواطن بمؤسسته العسكرية والأمنية، ونزع ثقة عناصر الجيش وأفراد الشرطة بأهل الأعظمية وتحميلهم مسؤولية هذا الخرق إن لم يكن المجرمون من المدينة، فسوف يبدو أنهم هم من ساعد على إيواءهم وتأمين ملاذا لهم، وهذه واحدة من العقد والحواجز التي يعمل الإرهاب على زرعها بين عموم منتسبي القوى الأمنية والشعب العراقي، عبر ضرب مناطق تضم بين طياتها بُعد طائفي أو أماكن تلم شمل العراقيين من طوائف ومذاهب مختلطة ومن ثم الانتقال الى مخابئهم بعيدا عن المناطق المستهدفة لتقع تلك المناطق تحت طائلة القانون بشكل يوحي بأنها هي الملامة على ما يجري، ويجب الانتباه لهذه اللعبة، التي طالما فعلتها القاعدة وأذنابها في العراق عدة مرات من خلال الضرب في الفلوجة والموصل وديالى وبغداد وسامراء وصلاح الدين ومن ثم التنقل بين هذه المدن، ليخفوا حقيقة ما يقومون به، وكذلك فأن استهدافهم لهذه المنطقة بالتحديد وبهذه الهجمة الموجهة والعنيفة والهمجية التي بانت ملامحها من خلال عملية الاغتيال البشعة، والتي ازدادت همجيتها بحرق أجساد رجال الشرطة، بتفجير عجلاتهم وهم بها جرحى أو مغدورين.
إن الأهداف من وراء سلسلة الهجمات من ضرب مكتب قناة العربية وما تبعها من تفجيرات في عدد من المناطق والمناسبات الدينية كان أولا في أن استغل الإرهاب الطرق والتقنيات المتعلقة بحرب المعلومات النفسية والسياسية لتحقيق أثبات الوجود وبأنه مازال قويا في الساحة، وثانيا استغلالهم حقيقة أن وسائل الأعلام تميل إلى التركيز على الحوادث الدراماتيكية المثيرة التي تخلف الخسائر الكبيرة، والتي تعطي أهمية إعلانية كبيرة، مهاجمة شرعية الحكومة وعملية البناء. اغتيال رجال الدين والوجهاء والقادة، تخويف وتدمير القوات الأمنية والعسكرية.تخويف ومهاجمة مسؤولي الحكومة والمؤسسات الرسمية، والتسبب في زيادة التوتر والصراع المذهبي.

وعودا على ذي بدء فأن على الأجهزة الأمنية أن تعالج خلل حصولها على المعلومات الأستخبارية بالشكل الذي يؤهلها للقيام بمهامها بصورة تزرع الاطمئنان بنفوس العراقيين وليس العكس، العمل على نيل ثقة المواطن وبالطريقة التي تساعد أجهزة الشرطة والجيش والأمن على الحصول على المعلومة الأمنية بشكل طوعي وهو من يسارع للمساعدة في التخلص من المجرمين، بذل جهودا أكبر للحصول على التقنيات التكنولوجية اللازمة لجمع المعلومات وتصنيفها بدلا عن وضع الحواجز الكونكريتية، زيادة تدريب أفراد الأجهزة الأمنية والتي من الواضح بأنها كانت ضربة مفاجأة لم يكن رد الفعل بالحجم المناسب لها، ولم يكن بالصورة التي توحي بأن منتسبي الجيش والشرطة على درجة عالية من التدريب، الاستفادة من غرف العمليات المشتركة وزيادة خبرة العراقيين العاملين فيها وإن لم نرى الكثير منها. أتباع السياقات القانونية والالتزام بالأوامر العسكرية في تنفيذ الاعتقال والضبط والمداهمات حفظ على أرواح العراقيين، وكسب تعاطفهم وانسجامهم مع تطبيق القانون وليس التذمر منه.
والنتيجة النهائية هي أن التجاذبات السياسية بين الكتل والائتلافات الفائزة قد ألقى بظلال قاتمة على المشهد العراقي الذي يتذمر كل يوم من طول انتظار رؤية حكومة عتيدة تساعده ولا تتاجر به.

ليست هناك تعليقات: