السبت، 7 فبراير 2009

لاروش يحذر من الانقلاب السياسي الراهن في الولايات المتحدة الأمريكية [1]

بقلم : جيفري سبتنبرغ
ترجمة الباحث:أمير جبار الساعدي

عاد ليندون لاروش إلى البرنامج الإذاعي الذي يقدمه جاك ستوكويل في مدينة سولت لايك في ولاية آوتاه في التاسع من تشرين الأول بعد أربعة أسابيع من هجمات الحادي عشر من أيلول2001 على مركز التجارة العالمي ومبنى البنتاغون، وذلك لتسليط الضوء على الأزمة الإستراتيجية الخطيرة التي تهدد البلد والعالم . ويذكر انه في الوقت الذي تلقى فيه الشعب الأمريكي الكلمات الأولى عن الهجمات في الحادي عشر من أيلول، كان لاروش يجري لقاءً على الهواء مع ستوكويل وقدم حينها التوقعات الأولى عن الهجوم وحذر من "التسرع في الحكم" بان هذه الهجمات الإستراتيجية السرية هي تدبير أسامة بن لادن.
وحذر لاروش انه من المستحيل القيام بردة فعل ناجحة تجاه العمليات الشنيعة في الحادي عشر من أيلول بدون إجراء تحقيق شامل لمعرفة "العدو الحقيقي" الذي يقف وراء هذا الهجوم. وفي حديث ستوكويل في 9 تشرين الأول 2001 قالت انه من الضروري نشر تحليل لاروش للتحذير المستمر بحدوث انقلاب سياسي عن طريق حرب غير منتظمة داخل الولايات المتحدة. بالإضافة إلى تحذيراته من تصاعد "صراع الحضارات" الدائرة في صراع الشرق الأوسط الذي يشعله الكيان الصهيوني.

فوضى عارمة
لقد تكهن لاروش بالعمليات العسكرية الدائرة حاليا ضد حركة طالبان وتنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن داخل أفغانستان . "حسنا، نحن الآن في فوضى ، نحن في حرب رسمية تخوضها فعليا كل من القوات البريطانية والأمريكية وستكون فوضى عارمة لأنك تتعامل مع منطقة من العالم لا تحقق أي نجاح في خوضك حربا.
ففي هذه المنطقة شبه الصحراوية، أفغانستان، وهو جزء من سطح العالم الذي لعبت فيه بريطانيا " اللعبة الكبرى" على مدى أكثر من قرن من الزمن ضد روسيا وقوى أخرى ، في تلك المنطقة المقفرة والتي ما هي إلا منطقة لأي قوة احتلال من اجل زرع المشاكل بين دول الجوار . لذا فهي ليست بالخطوة السهلة.

إما الأمر الثاني الذي أثار الانقسام في واشنطن بضمنها الإدارة الأمريكية فهو هل سيأخذون الإذن من الأشخاص في قيادة قوات دفاع الكيان الصهيوني وشارون بالإضافة إلى بعض الأشخاص في الولايات المتحدة من اجل ضرب كل البلدان المجاورة في الشرق الأوسط، فهذا ما سيكون جنونا مطبقا. وهنا يتمثل الخطر في أمرين: أولوهما، إن جزءا مهما من المشكلة يتمثل في حقيقة إن الولايات المتحدة مشتركة لما يزيد عن ربع قرن مع بريطانيا وبعض القوى في "إسرائيل" في بناء متعاون قل أو كثر ما أطلق عليه فيما بعد "الإرهاب الدولي"- وكانت تسمى فيما مضى عملية إيران- كونترا، وعمليات أخرى.
بدأت العملية مع تحرك برجنسكي الذي كان حينها مستشارا للأمن القومي في إدخال الولايات المتحدة إلى أفغانستان من خلال تجنيد أشخاص من الجهاد الإسلامي وما شاكلة من جماعات والدخول في حرب ضد النفوذ السوفيتي في محاولة لإضعاف الاتحاد السوفيتي(السابق) عن طريق إشعال وتأجيج هذه الحرب داخل أفغانستان.
وكجزء من تلك العملية بشكلها الواسع مثل عملية إيران- كونترا العامة وغواتيمالا وغيرها: اشتركت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا والى حد ما "إسرائيل" وآخرون أيضا في بناء ظاهرة يرغب البعض بتسميتها "الإرهاب الدولي" إنها بالفعل حرب غير منتظمة.غير إن ما بنيناه في الواقع هم الرعاع من قادة الجيش السابقين المتقاعدين أو الذين يعملون الآن كمرتزقة وأنواع مختلفة من المتطوعين، كأولئك الغوغاء حول أسامة بن لادن وحكومة طالبان في أفغانستان والتي هي أكثر من مجرد إزعاج للعالم.
إن إحدى أهم المشاكل هنا، هي هذه البيئة من الرعاع من القوات المرتزقة والإرهابية وسواها قد أصبحت أشبه بالمرض- مرض عالمي، يتغذى ماليا ولوجستيا في الغالب على تجارة الأسلحة غير القانونية وتجارة المخدرات. وعلى سبيل المثال فان تمويل حركة طالبان في أفغانستان يعتمد اعتمادا كبيرا على بيع الأفيون وإنتاجه وإغراق السوق العالمية به. وكذلك القوات اليسارية في كولومبيا والتي هي عبارة عن منظمة "إرهابية" كبيرة تعيش بنفس الأسلوب.وتوجد نفس المشكلة في دول البلقان. إذ تنتشر في منطقة كوسوفو مجموعة من الرعاع الإرهابيين (تحت حماية النفوذ البريطاني والأمريكي) الممولة غالبا من تجارة المخدرات وما يماثلها من عمليات.

** إذن فمن ناحية ، لديك ما تم تشخيصه بدقة في حالة أسامة بن لادن وحركة طالبان على انه مرض وهو عنصر إجرامي أو ما يجب اعتباره عنصرا إجراميا طليقا في العالم. وينبغي أن تكون هذه المشكلة تحت المراقبة، لقد كان علينا مراقبة هذه المشكلة منذ أمد بعيد. وفي الحقيقة ما كان يجب البدء بها أصلا لو وجه العالم اهتمامه على المواقع الصحيحة.

ما الذي حل بالحواجز الأمنية ؟
إن مناقشة لاروش بعد أحداث الحادي عشر من أيلول والتي امتازت بطابع خاص جدا حيث أردف قائلا فيها: لدينا هنا عملية أخرى مختلفة تماما ولكنها متقاربة. إذ قام احدهم بعملية مسلية ضد الولايات المتحدة. من الداخل إلى حد ما: أي، ذلك ما حدث في الولايات المتحدة في الحادي عشر من أيلول إذ أخذت في الاعتبار فقط التقنيات المعروفة.
"ما أود قوله ليس بالشيء المجهول، كما ليس هناك حاجة للقلق بشأن اغلب ما أقوله بالنسبة للأشخاص ذوو الصلة بالحكومة وبعضهم من المقربين للرئيس في هذا الوقت. قد يكون هناك بعض الاختلاف حول بعض التخمينات التي اعرضها عن هذا الموضوع غير إنني اعتقد انه في الغالب لا يوجد هناك الكثير من الاختلاف حول العناصر الرئيسة التي سأبدأ بها الآن.
"في الوقت الحاضر تركز الإدارة الأمريكية سياسيا ومعها وسائل الإعلام الكبرى على ذلك الشيء المسمى أسامة بن لادن والقادم من الشرق الأوسط. فقد أوردت معظم الصحافة البريطانية الرئيسة ما نصه: إنهم لا يصدقون أي منها، هكذا نحن موافقون جميعا، أنا اعتقد إن أسامة بن لادن مصدر إزعاج . لنفرض جدلا نحن نوافق على إن الشيء المسمى بحركة طالبان هي مشكلة. ونحن نوافق على إن مثل هذه الأشياء تمثل مشاكل كبيرة ولكن فيما عداها هناك وجهة نظر أخرى للموضوع نحن لا نعتقد إن هذه هي المشكلة. نعتقد إنها جزء من المشكلة وجزء مهما منها ولكن ليست هي المشكلة بحد ذاتها.
"وهكذا ففي الوقت الذي يتركز فيه الاهتمام على الشرق الأوسط ومناطق مشابهة له تحدث أشياء أخرى: أولها لنتفحص الوضع الأمني وبالنظر إلى ما حصل في 11 أيلول فمن الناحية الفنية هناك تفسيران محتملان لما حدث في الحادي عشر من أيلول2001:
الأول : هو وجود أناس ذوو مراكز عالية جدا داخل المؤسسة الأمنية الأمريكية يعملون في وظائفهم من جهة ويعملون في الخفاء من جهة أخرى. وهذه الزمرة بما تملكه من مقدرة ومعرفة مهارات وعلاقات هي التي أعدت لما حدث في الحادي عشر من أيلول. لأنه من المفترض انه كانت هناك حواجز أمنية وقد كانت هناك بالفعل وكان يجب عليها منع كل ما حصل أو معظمه. والظاهر إن هذه الحواجز قد غلبت على أمرها أو الاستنتاج الثاني إنهم لم يكونوا مستعدين لذلك.
والآن تبدو كلا هاتين المشكلتين خطيرتان : وبعبارة أخرى إذا كان هذا الشيء بأكلمه هو صنعة انقلاب على مستوى عالٍ فهذا يعني إننا بصدد مشكلة كبيرة داخل العمق الحساس لمؤسستنا الاستخبارية-الأمنية.
مع ذلك، فان لم تكن صيغة هذا النوع من التعقيد في القيام بانقلاب ، فهذا يعني إننا نعاني حالة من الضعف آخذة بالتغلغل في النظام الأمني، وهي بهذه الطريقة تمثل تهديدا كبيرا للولايات المتحدة لا يقل خطورة عن محاولة انقلابية كبيرة ذات مستوى عال، إذن فإننا نعاني فعلا من إحدى هاتين المشكلتين. وهذا يعني إننا نعاني من مشكلة أمنية كبيرة إذ يغلب عليها الطبيعة العسكرية أو الأمن الأستخباراتي أما الأشياء الأخرى فهي ذات طبيعة مختلفة.
نعاني مثلا من تردي الحالة في عدد من المستشفيات في الولايات المتحدة وبشكل متزايد منذ منتصف السبعينيات إي منذ إنشاء "بغ ماك" (BIGMAC ) في مدينة نيويورك والذي يعد بمثابة التردي الحقيقي للنظام الصحي لقد شاهدت ذلك أيضا في نظام مشفى المسنين في السبعينيات لقد اخذ نظام مشفى المسنين بالتدهور ليس دفعة واحدة ولكن انج بعد انج تباعا .
وهكذا ضعفت هيكلية كل أنواع الحماية التي كنا قد شيدناها على أساس دروس الماضي وبضمنها دروس الحرب العالمية الثانية وتلك التي شيدناها في فترة ما بعد الحرب بوصفه نظاما صحيا وأمينا، وبضمنها الجهود التي بذلت لتحضير أنفسنا لمواجهة الأمراض المكتشفة حديثا والخطرة وعودة تفشي أي نوع قديم من الوباء.
لقد دمرت كل أنواع الحماية الأمنية التي عليها أن تكون صفة أساسية لنظامنا وأحيانا يرجع سبب تدميرها إما على أساس " اقتصادي أو نتيجة لضغط الميزانية". والآن نرى إن سياسة إدارة بوش الابن آخذة في التغيير كمحصلة للانهيار النقدي والمالي المستمر وهذا لن يحل أبدا، إذ لا توجد بوادر أي نهوض تلقائي في المستقبل.

الحذر من استفزاز (شارون)
عقد الرئيس جورج بوش في 11 تشرين الأول مؤتمرا صحفيا حرص على مشاهدته اكبر عدد من الجمهور وفي رده على سؤال المديرة السابقة للمكتب الصحفي في البيت الأبيض "هيلين توماس" كرر بوش القول حول أمله بإقامة الدولة الفلسطينية كنتيجة لمقترحات لجنة متشل التفاوضية.
وأكد الرئيس بوش على التقارير التي أفادت عن إرجاء النظر في مبادرة السلام في الشرق الأوسط التي تقدمت بها الإدارة الأمريكية وذلك بعد أحداث 11 أيلول. غير إن وزير الخارجية كولن باول وآخرون يعملون جاهدين من اجل إحداث تقدم في هذا المسار.
وحذر لاروش إن حتى هذه الخطى المترددة نحو دولة فلسطينية قد تنتج ردة فعل عنيفة من داخل الدوائر الصهيونية المحافظة الجديدة في الولايات المتحدة ومن العناصر المتعصبة داخل قوات دفاع الكيان الصهيوني وحكومة "شارون".
ولابد من الأخذ بنظر الاعتبار الاحتمال الكبير لخطوة من جهاز شارون وقوات دفاع الكيان الصهيوني لإثارة صراع واسع في الشرق الأوسط من خلال تجديد عملية الاغتيالات لأبرز القادة الفلسطينيين وربما يشمل ذلك ياسر عرفات أو استفزاز جديد في الأماكن الإسلامية المقدسة داخل جبل المعبد (الحرم الشريف في القدس) ما لم يكن هناك ضغط أمريكي على الجانب الصهيوني.

--------------------------------------------------------------------------------
[1] ترجم من مجلة EIR العدد الصادر في 19/10/2001 تحت عنوان La Rouch Warns of Ongoing U.S. Coup d'Etat And War

ليست هناك تعليقات: