الخميس، 20 أغسطس 2009

تطور "التمرد" العراقي (19)

انتوني. كوردسمان
ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي

وفي نفس الوقت الذي ادعت فيه الولايات المتحدة عن اهمية عمليات قتل واعتقال المساعدين الكبار للزرقاوي ، فهي كثيرا ما تبدو مبالغ فيها-حتى وصلت تلك الادعاءات بانهم اقتربوا من قتل أو اعتقال الزرقاوي نفسه-ولكن كانت هناك ولا زالت بعض الانجازات الناجمة للولايات المتحدة في العراق.حيث تم اعلان رئيس الوزراء اياد علاوي عن اعتقال عز الدين المجيد وهو من كبار مساعدي الزرقاوي الذي يقوم بالتمويل الرئيسي وذلك في العاشر من كانون الثاني
(2005) حيث اوضح الاعلان انه تم اعتقال عز الدين المجيد في مدينة الفلوجة في بداية شهر كانون الاول(2004). ويمتلك المجيد اكثر من (35) مليون دولار وذلك في حسابات مصرفية ويسيطر على مبلغ كبير من المال يتراوح ما بين
(2-7) مليار دولار هي جزء من موجودات النظام السابق التي تمت سرقتها من ارصدة الحكومة العراقية وبين هدفه (بالنسبة للمتسائلين)كان لتوحيد مجموعات "المتمردين" من انصار السنة،جيش محمد،جيش المقاومة الاسلامية.ومنذ ذلك الوقت اوضحت التقارير الملحقة بهذا التقرير بان القوات المتعددة الجنسية قامت بقتل واعتقال عدد اخر من هذه الكوادر العليا. كما اختلفت وجهات النظر بصورة حادة حول حجم حركة الزرقاوي،عمق اتصالاته مع بن لادن وتنظيم القاعدة وعن عدد"المقاتلين"الحاليين من العراقيين ومن غير العراقيين وعن عدد المتطرفين الاسلاميين من المجموعات الموجودة هناك وعن درجة استقلاليتهم عن الزرقاوي والقاعدة.وادعى عدد من المجاميع انضمامهم مع الزرقاوي ولكن بات من غير المعروف معرفة مدى قرب مثل هذه المجاميع للزرقاوي.فمن المحتمل أن يكون قسم منهم يدعون ذلك لغرض اشاعة روح الالهام لديهم،أو ليديرون عملياتهم كمجاميع مستقلة تماما ومثيلاتها من الخلايا العاملة.
ويبدو أن ذلك يتضمن عدد من العناصر المنظمة على طول الخطوط العشائرية.وفي نفس الوقت،فان للقوات المتصلة بالزرقاوي القدرة على القيام بعمليات قوية ومؤثرة، في اطار عملية "التمرد"،مثل عملية الهجوم على سجن ابو غريب في ربيع عام 2005،وعمليات "المتمردين"التي اجبرت قوات البحرية الامريكية،على القتال العنيف على طول نهر الفرات وقرب الحدود السورية في ايار 2005،فان لتلك الهجمات علاقة اما مع جماعة الزرقاوي،أو انها جزء من خليط يضم جماعة الزرقاوي و"متمردين" أخرين من العراقيين السنة.

الزرقاوي والهجمات الانتحارية والمتطوعين
في أية قضية مثل هذه القضايا،فان أهمية مثل تلك العناصر الاسلامية المتشددة،نادراً ما تعتمد على الارقام فهم يتعمدون القيام بهجمات وحشية،وبذل قصارى جهدهم لتقسيم العراق وفق حدود عرقية ومذهبية، وخلق سلسلة من الهجمات عالية التخطيط وبدرجة كبيرة من الوحشية لدرجة تاسر فيها وسائل الاعلام وتخلق توترا بن شرائح المجتمع داخل وخارج العراق.ومثال ذلك،فقد قتل (400)شخص في هجوم انتحاري في العراق في غضون اسبوعين من شهر ايار(2005) وان الكثير من الهجمات التي تشنها المجاميع المتطرفة من"المتمردين" السنة،استهدفت بوضوح الشيعة والاكراد والجدير بالذكر،تزامن هذه الافعال في فترة حرجة وانتقالية ضمن انتخابات الحكومة الجديدة في الثلاثين من كانون الأول.

يبدو أن غالبية الانتحاريين الذين يفجرون أنفسهم في العراق من الجهاديين الاجانب،قد تم تجنيدهم من قبل حركات اسلامية اصولية ومن اسلاميين متطرفين من دول أخرى،ومن ثم تم ارسالهم الى العراق بهدف البحث عن الشهادة(الاسلامية). حيث أصبحت المواقع التابعة للاسلاميين المتطرفين على شبكة الانترنيت مليئة بسير ذاتية متعلقة بما يسمى اولئك الشهداء،حيث يختلف الخبراء حول كيفية وجود اولئك الانتحاريين ومن اين اتوا.فلقد احصى الباحث(ريوفن باز) في شهر اذار 2005مجموع(200)انتحاري قد تم تسجيلهم وقتل(154) انتحاري في الاشهر الستة الماضية،حيث قدر عدد السعوديين بنسبة(61%) منهم، و(25%)منهم كانوا من العراقيين والكويتيين والسوريين.اما (نواف عبيد) فقد وجد ان
(47) من الانتحاريين السعوديين قد تم تسجيلهم ونشرهم في الصحافة السعودية في شهر ايار(2005)وقدر العدد الاجمالي من"المتمردين" المنتمين الى السعودية بحدود المئة.اما (ايفان كولمان) فلقد قدر العدد بـ(235)انتحاري تم تسجيل اسماؤهم في مواقع على الانترنيت منذ صيف عام(2005)،كما إنه قدر عدد السعوديين منهم باكثر من(50%).

ومهما كان عدد مثل اولئك المجندين فقد أبدى المسؤولين السعوديين وخبراء مكافحة الارهاب،اهتماما عميقا حول حقيقة ما يقوم به بعض رجال الدين والمنظمات الاسلامية بتجنيد الشباب السعودي لصالح منظمات اسلامية متطرفة،وتسهيل امر تسللهم الى العراق عبر بلدان معينة مثل سوريا.ولكن تشتت مثل تلك المساعي وانحسرت المبادرات شخصية بدلا من ربطها وتقويتها مع حركات مثل تنظيم القاعدة وبطرق مرئية،وأصبح بالامكان تجاوز هيئات مكافحة الارهاب السعودية التي تركز على الامن الداخلي.

وعلى أية حال فانهم يقومون باعداد الشباب السعودي واستخدامهم لتنفيذ العمليات الانتحارية بالاضافة الى تورطهم بعمليات التسلل عبر الحدود السعودية وهم بذلك يسببون مشاكل للجيل الجديد من الشباب السعودي بشكل عام الذين يتلقون التدريب على اساس كونهم متشددين إسلاميين وجهاديين ينفذون العمليات خارج بلادهم.كما تعد هذه المشكلة من النوع الفريد في المملكة العربية السعودية حيث تستحضر نفس المشكلة لبقية الدول الاسلامية السنية.ان الكثير من المتطوعين والذين هم من المستويات غير العالية لا يكونوا متدربين بشكل جيد وبذلك لا يعدون مقاتلين محترفين.فهم ينحدرون من عدد كبير من الدول،وكثيرا ما يكونوا غير متدربين اصلا او انهم قد تلقوا الجزء القليل من التدريب،بينما للغالبية الساحقة منهم فترة ماضية قليلة تسجل في انضمامهم مع اية مجموعة من مجاميع المتشددين الاسلاميين او المنظمات الاسلامية.
وعلى اية حال فان للحركات الفعلية نسبة عالية من المقاتلين العراقيين والاجانب والتي تكون ذات تنظيم افضل من سواها ، وتكون مسلحة بطريقة افضل ولديها القدرة لنصب الكمائن الفعالة وشن الهجمات ضد من يعاديهم.فلقد اظهروا قدرتهم على القتال القوي،ونيتهم وقدرتهم،احيانا،للمواجهة حتى الموت بطرق تجبر"القوات المتعددة الجنسيات" والقوات العراقية وادخالها في صراعات ومواجهات اطلاق نار كثيف.

الزرقاوي و"اسلحة الاعلام الشاملة"
تمتلك حركة الزرقاوي وبصورة مذهلة القدرة على اثارة المواجهات الفاعلة لضرب أهدافها التي تكون ذات طابع سياسي وإعلامي وبصورة جلية،وخصوصا عن طريق الهجمات الانتحارية وصور عمليات قطع الرؤوس.وبالرغم من ان البعض من"مندوبي" الزرقاوي وما قامت به سوريا بتسليم الاخ غير الشقيق لصدام حسين،فان الكثير من قيادات المجموعة ابقوا على هجماتهم ضد الولايات المتحدة وضد العراقيين.حيث يعتقد الخبراء الأمريكيين بان قيادة "المتمردين" هي قيادة مشكلة بطريقة متقنة جدا من حيث شبكة الاستخبارات العالية الاداء والتي باستطاعتها التقدم على القوات الامريكية والعراقية،وذلك بفرارهم من المدن قبل ان تصل اليهم"قوات التحالف"وتجنبهم التصادم مع"قوات التحالف"عن طريق المناورة داخل وخارج البلاد.
ومن السخرية أن تدرج مواقع الجهاديين في شبكة الانترنيت عددا من الشكاوي والتذمر التي تبين التقصير الذي تبديه الصحافة في تغطية بعض من هجماتهم التي ينفذونها في العراق.فلقد صنفت الجماعات المسلحة بانهم محترفون ناجحون كونهم يوفرون مادة خصبة ومقبولة لكل من أجهزة الإعلام العربية والغربية،والتي لها القدرة على صياغة وتعديل الهجمات التي يشنها "التمرد"وعلى أعلى مستوى من التغطية الإعلامية بل وحتى ما تفرزه من تأثيرات نفسية.فقد تكون عملية انتشار تلك الجماعات مؤشرا له الحق بتطوير آلية التنافس لتغطية الصحافة والاستهلاك الإعلامي،ومؤشرا لتقليل من قدرة "المتمردين"على شن هجماتهم والتي تأخذ شكل عناوين الأخبار.

بدأت جماعة الزرقاوي التابعة لتنظيم القاعدة،ببث مجلة على شبكة الانترنت المباشرة تحت عنوان"ذروة السنام" في سبيل بذل الجهود لشن حرب اعلامية ولاطلاق حملة لكسب المجندين،وانعكست هذه الجهود بظهور مجموعات من "المتمردين"على شبكة الانترنيت،واعتقد بعض المحللين ان ذلك هو مجرد تكتيك دفاعي لمواجهة الهجمة الواضحة الذي سببته انتخابات الـ(30) من كانون الأول،ولمواجهة عمليات القبض على رواد الإرهاب المهيمن في فترة الاشهر القليلة التي تلت ذلك.

ليست هناك تعليقات: