الاثنين، 5 أكتوبر 2009

معاداة أمريكا في العراق: هل هي عقبة في طريق الديمقراطية؟(3- 4)

بقلم: بين روسويل وباتشيباوكر
ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي


1- الأمن: إذ سيتوجب على الحكومة الانتقالية حال فرض سيطرتها الكاملة على البلاد أن تثبت إمكانيتها في بسط القانون والنظام وفي حالة استمرار العنف بعد عودة السيادة للعراقيين سيتوجب على الحكومة إظهار قدرتها على حفظ الأمن. وتمثل الجريمة هاجسا للعراقيين اكبر من هاجس العنف السياسي. فقد كانت الجريمة المنظمة مستشرية خلال فترة الحصار. مع ذلك فقد ارتفع الخوف العام من الجريمة منذ سيطرة التحالف إلى معدلات اكبر بكثير عما كانت عليه في زمن صدام( انظر جدول رقم 4) وإذا لم يعالج هذا الخوف فسوف يتطلع العراقيون إلى قادة يمكنهم فرض القانون والنظام بالقوة أو أية طريقة ممكنة سواء كانت ديمقراطية أم لا. وستحتاج الحكومة الانتقالية إلى قوات مسلحة كفء وقوات شرطة فعالة وثقة عامة بكلا هذين الجهازين. وقد واجه "التحالف" في تدريب الجيش العراقي الجديد وقوات الدفاع المدني العراقي الجديد العديد من المعوقات وستوجب على قوات التحالف أن تضمن استقرار الحكومة الانتقالية وتقوم بتدريب قوات الأمن حديثة العهد والإشراف عليها. لقد أعيد تشكيل قوات الشرطة العراقية، لكن التدريب كان متعجلا من اجل إعادة الشرطة إلى مراكزهم. وفي بلد كانت قوات الشرطة توظف في ظل نظام صدام لإرهاب السكان بدلا من حمايتهم وحيث يتفشى الفساد، يتطلب تدريبا كبيرا قبل أن تقوم الشرطة العراقية بدور الكافل الفعال للأمن والنظام.

2- الوحدة الوطنية: إن الفكرة المتعارف عليها في الغرب إن المجتمع العراقي منقسم بقوة بين السنة والشيعة والأكراد هي فكرة مفرطة في التبسيط. فقد كشف اختبار لمجموعة منتخبة اجري لصالح المعهد الوطني الديمقراطي عن شعور قوي بالهوية الوطنية العراقية في المجاميع الثلاث يضاف إلى ذلك درجة عالية من المصاهرة بينهم
([1]). مع ذلك فقد خلف نظام البعث بعض الشروخ الخطيرة للغاية في المجتمع العراقي عندما دفع بمجموعة ضد مجموعة أخرى ليحظى هو بسلطنته الخاصة. كما خلفت الحملات ضد الأكراد والشيعة ذكريات مريرة.
وهناك عدد من القضايا التي تهدد الوحدة الوطنية. فقد ينفر سيطرة الشيعة على الحكومة المركزية المجاميع الأخرى ويدفعهم لرفع السلاح في وجه الدولة. وقد يسعى الزعماء الأكراد للحكم الذاتي في المناطق الشمالية التي بسطوا سيطرتهم عليها عام 1991 ويضعفون بذلك وحدة الأراضي العراقية. وقد تؤدي جهودهم لمد سلطتهم نحو مناطق كانت خارج سيطرتهم إلى دفع الأقلية التركمانية التي تتمركز في مدن مثل كركوك إلى العنف. وربما تقرر مجاميع مختلفة خوض معاركها السياسية من خلال تفويض الميليشيات المسلحة التي بقيت تزاول أنشطتها برغم جهود "التحالف" لنزع أسلحتها. إما في الوقت الحاضر فيبدو إن التحدي الأكبر لإمكانية إرساء الديمقراطية في العراق ينبع من النفور السني المتنامي. لقد كان السنة اقل عرضة لقمع صدام من الأكراد والشيعة ولذلك ابدوا بطئا في تنظيم أنفسهم كقوة سياسية واضحة. ومع أنهم لم يكونوا ممثلين تمثيلا متجانسا في حزب البعث، فقد تحملوا القسم الأعظم من عمليات التطهير اجتثاث البعث وقدموا معظم قوات المقاومة ضد "التحالف". وقد ضم رجال الدين السنة مؤخرا قواهم للإخوان المسلمين الذين تسيطر عليها الأغلبية السنية ويشكلون مجلسا استشاريا يعرف بمجلس الشورى
([2]). وفي الوقت الذي يؤدي فيه مجلس الشورى كمركز المعارضة للتأثير الأمريكي، فهو يقدم محاور يشترك مع "التحالف" والجماعات السياسية العراقية الأخرى لتأكيد إن السنة يشعرون إن لهم حصة في الحكومة الانتقالية. وبرغم إن محاكمة صدام وغيرهم من قادة النظام السابق قد تفتح مجددا جروحا عميقة في المجتمع العراقي، لكنها قد تساعد على عملية المصالحة الوطنية. فبرغم كل شيء يمكن لجميع الأطراف في المجتمع العراقي أن يدعوا تعرضهم للقمع على يد الدكتاتور السابق. ويمكن لهذه المحاكم إذا ما أجريت بشفافية وعدالة وبطريقة خاصة تحترم متطلبات العملية القانونية أن تقدم فرصة للضحايا بإلقاء اللوم في معاناتهم على النظام السابق وليس على الجماعات المتنافسة في المجتمع العراقي.
بعد غزو القوات الأمريكية والبريطانية العراق. أي مما يلي حدث لك شخصيا أو حدث لأحد أفراد عائلتك؟ (وإذا كان الجواب نعم) فهل حدث ذلك خلال الأسابيع الأربعة الماضية؟ ما يلي حدث لك شخصيا أو حدث لأحد أفراد عائلتك فبل الغزو وبعبارة أخرى في أخر شهر أو شهرين قبل الغزو؟

جدول رقم(4) (الأمن قبل غزو العراق وبعده)
ت- الأسابيع الأربعة الماضية - مطلقا منذ الغزو- في أخر شهر أو شهرين قبل الغزو
1-هل كنت خائفا من الخروج - 60% - 70% - 3%
من بيتك أثناء النهار لأسباب أمنية
2- هل كنت خائفا من الخروج - 66% - 88% - 6%
من بيتك أثناء الليل لأسباب أمنية
3- هل تعرض بيتك للسرقة - 2% - 3% - 2%
4- هل تعرضت للهجوم الجسدي - 1% - 2% - 1%

3- دور الدين الإسلامي: وستتمثل الأولوية المجتمعية الملحة الثالثة للحكومة الانتقالية في تحديد دور مناسب للدين الإسلامي في الحياة العامة. ويشيد كراهام فولر في تقرير صدر مؤخر عن معهد السلام الأمريكي قائلا "من المحتوم أن يؤدي الفكر الإسلامي دوراً بارزاً في مستقبل السياسة العراقية" ([3]) هذا لا يعني أن يصبح العراق بالضرورة بلدا ذا قيادة دينية. وطبقا لاستطلاع مركز زغبي الدولي فأن3% فقط من العراقيين من بينهم 13% فحسب من الشيعة يعتقدون إن الحكومة الجديدة ينبغي أن تكون على الطراز الإيراني. وكشف استطلاع مركز غالوب ان 86% يؤيدون حرية المعتقد
([4]). وعندما سال القائمون على الاستطلاع العراقيين للاختيار بين الحرية أو الدين والحكم الإسلامي، فضل أكثر من النصف الخيار الأول(انظر الجدول رقم5) مع ذلك فسوف يبرز الدين بروزا كبيرا في الحياة السياسية العراقية. ويتطلع عدد كبير من العراقيين للإسلام ليقدم نوع من القيادة لحياتهم السياسية إلى جانب حياتهم الشخصية. وفي جو كهذا لن ترى الديمقراطية النور إلا إذا كانت متوافقة مع الإسلام، أي يصبح من الضروري أن يجد العراقيون طريقة للحفاظ على قدسية الإسلام في حياتهم السياسية مع المحافظة في الوقت نفسه على الحقوق الضرورية والحريات المصاحبة الديمقراطية
([5]) وسيتوجب على العراقيين إضافة إلى تكريس مكانة للإسلام، إيجاد سبيل لتكريس مكانة لمفسري الإسلام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يستشهد تقرير المعهد الوطني الديمقراطي بمواطن شيعي من مدينة الديوانية يقول "كلنا مسلمون ولنا نفس الأهداف والتوجه ولن يكون هناك أي انقسام أو انفصال" إضافة إلى رجل كردي من كركوك قال" سيكون من الأفضل لو انتمينا إلى الديمقراطية العراقية" كحالات المصاهرة بين الخطوط الاجتماعية. وكتب ثوماس ميليا وبراين ام. كاتوليس مقالة بعنوان "العراقيون يناقشون مستقبل بلدهم: أفاق ما بعد الحرب من الشارع العراقي "تقرير المعهد الوطني الديمقراطي للشؤون الدولية في 28/تموز/يوليو2003. تم الدخول للموقع في 15/كنون الثاني/يناير 2004.
([2]) الان سيبز "حصار المشاعر، سنة العراق يتحدون" "واشنطن بوست في 6/كنون الثاني/ يناير 2004ص11A.
(1) كراهام فولر، "السياسة الإسلامية في العراق بعد صدام حسين" تقرير خاص108. معهد الولايات المتحدة لتقارير السلام في شهر أب/ أغسطس، ص1.
(2) "اولويات البغداديين في الدستور الجديد" حرية الكلام والدين والمجتمع " تيوز داتي غلوب برنغتغ في11تشرين الثاني/ نوفمبر2003(استنادا على استطلاع اجري في شهري آب وايلول2003.
(3) لقد مرت أفغانستان بنقاشات مشابهة في عملية صياغة دستورها الجديد. وتعرف الوثيقة التي صادق عليها المجلس الوطني الأعلى او اللويا جيرغا، أفغانستان بأنها دولة إسلامية ولا يشرح الدستور معنى هذا سوى تصريح انه لا يمكن تحديد القوانين المخالفة للدين الإسلامي."وسيتوجب تحديد العلاقة بين المصادر العلمانية والدينية للقانون من خلال العملية التشريعية". "انظر تصفيق لكابول" الايكونومست في10/ كانون الثاني/ يناير2004.

ليست هناك تعليقات: