ما يحدث من حراك
شعبي مبتدأً بالمظاهرات الأنبارية من الممكن أن يمتد الى مناطق أخرى وهذا ما شهدناه
في محافظة نينوى وصلاح الدين دليل على ذلك، كونها أصبحت تُحرك بأسم "المكونات"
ومظلوميتها وتهميشها وأقصائها وهذا ما لا يمكن أستبعاده من المشهد السياسي العراقي...
فهي لم تظهر أبتدأً من منطلق طائفي صرف وأنما كانت هناك بعض التعقيدات بتصاعد أزمة
أعتقال حماية وزير المالية رافع العيساوي فجرت الموقف وألقت بأنعكاسات وتوجهات أستغلت
بنفسٍ طائفي حتى يتم تحشيد الشارع أولاً لخوض الحرب الانتخابية،فأصبحنا نسمع كلمات
غامضة أستخدمها السياسيين وبعض النواب مثل (حق أمة) فمن هذه هي الامة التي تحشدون
لها الشارع، وثانيا لإظهار قيادات بديلة عن قيادة القائمة العراقية تتمكن من تصدر
المشهد السياسي القادم، وثالثا لتحريك أوراق ضغط أكثر تأثيرا وهي الشارع العراقي...
والذي قد يستغل بأتجاهين أحدهما ومثلما رأينا وبشكل واضح من إعلان التقسيم (فرض إقليم الانبار) وتطبيق خطة بايدن من جديد ومثلما أعلن ذلك رئيس مجلس النواب العراقي سابقا بعد زيارته للولايات المتحدة الأمريكية... والتوجه الآخر هو إقليمي يفتح الباب لأن يستغل مثلما يحصل غالبا بالتدخل بالشأن العراقي الداخلي من قبل تركيا وغيرها وهذا ما كان واضحا من خلال تصريحات أردوغان الاخيرة التي رفضها المجتمع العراقي، كما يمكن أن يسمح بدخول أولا الاشخاص الغير مرغوب بهم من خلايا النصرة العربية والقاعدة مرة أخرى تحت غطاء "نصرة السنة" في العراق وهذا ما رأينا البعض يشير له بشكل جلي من خلال رفع أعلام ما يسمى بالنية إشاعته الجيش العراقي الحر (وليس مثلما يردد البعض بأنه علم الجيش السوري الحر) وذلك بالتحضير في إبراز مفرداته والتي ليس لها الاساس الشعبي المساند لها، لأن أهل الانبار هم من قاتل القاعدة، وبهذا هم يحاولون إيجاد الارضية الخصبة لتوالده في المناطق المعتصمة.
فقد شهدنا بعض
التأييد للحقوق المدنية التي يطالب بها المتظاهرين من قبل بعض الأكراد بحضور جزئي وليس
متفاعلا ورسميا، والذي أختلف عن دعم التيار الصدري لمطاليب المتظاهرين كونها تمثل حاجة
جمهور كبير في العراق، وليس الأنبار وحدها ولكنه لم يشترك فعليا في هذه المظاهرات،
كما أنه أنكر على أبناء المحافظة رفعهم لشعارات طائفية وتوجه مذهبي يقود الناس نحو
التعصب المناطقي والديني بعيدا عن المشتركات الوطنية التي تجمع جميع العراقيين وهي
وحدة الأرض والدين والتاريخ والكثير الكثير من الانتماءات الحقيقية وليست السياسية
المتطرفة التي تحاول بشكل أو أخر أم التبرير لما يحصل أو أستثماره بما يعود على كتلها
وأحزابها بالنفع الضيق ... فالجميع يعترف بأن المظاهرات والاعتصامات هي حق طبيعي لكل
العراقيين وفق المادة (38- ثالثا) من الدستور ما دامت ضمن أفق القانون وأطره العامة
ولا تشمل خرقه أو تجاوزه وذلك عبر التهديد والوعيد بالمواجهة بين أبناء البلد الواحد،
وهذا ما يفقدها بريق الحق وبأنها تمثل جميع العراقيين، بل يحجم دورها على ضغوط قد تصعد
بسقف المطاليب وتستغل بشكل كبير لخلق الفوضى ونقل الحالة السورية الى العراق... فالتحاور
وجها لوجه بعيدا عن أطراف ثالثة أو خارجية هو من يقرب وجهات النظر ويسرع بالحلول، فجميع
الأطراف تصرح بقبولها بذلك، ولكن لا يوجد من يعجل بهذا الأمر، كون الاصوات مازالت عالية
ولا يسمع بعضهم البعض... فعليكم بدرء خطر المواجهة فأنها أحق الحقوق لانها تحقن
دماء العراقيين أولا وأخيرا... وهذا لا يشمل الساسة والمرجعيات وعقلاء القوم ورجال
الدين ومنظمات المجتمع المدني وحسب، بل على رأسها وأخطرها الإعلام بكل فضاءاته...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
علما بأن المقال سبق وإن نشر في الصحف المحلية وجزء منه كتصريح في صحيفة عربية وكذلك المواقع الالكترونية بتاريخ29-12-2012.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق