الأربعاء، 30 ديسمبر 2009

خيار البوسنة للعراق (1-3)

الخارجية الأمريكية أقلّ خيارات العراق السيئة
مذكّرة عمل
*مايكل أوهانلون وإدوارد يوسف
ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي


إعادة- خيار البوسنة لتحديد الحرب الأهلية في العراق
في ضوء الحالة الصعبة والمتدهورة في العراق، نحتاج للنظر في الخيارات الجديدة في حالة ما إذا كانت الجهود الحالية لا تستطيع إدارة وضع الأمن الحالي قريبا،والتيارات السياسية والإقتصادية هناك. إن خيار البوسنة لبؤر العراق على إعادة الإصطفاف المسيطرة عليها لمجموعات السكان لكي تقلّل العنف العمومي وتحدد المرحلة لتسوية سياسية مستقرّة- الذي قد تعيّن "تقسيم ناعم" للبلاد (لكن بإحتفاظ تركيب كونفدرالي، يسوي بالتوزيع المتكافئ للإيراد النفطي على قاعدة لكل فرد بين كلّ المجموعات). تراجع هذه المذكرة الظروف الحالية سريعا وبعد ذلك تلخّص خيار البوسنة للعراق.

الوضع الحالي
إنّ المهمّة في العراق تفشل. خطة أمن بغداد في الصيف الماضي، التي نظرنا اليها في ذلك الوقت كنفس أخير لإنقاذ الوضع،لم تُخفّض العنف. إنّ العملية السياسية راكدة عمليا مع حكومة المالكي التي تجذب القليل من الدعم العربي السني، زعماء شيعة عاجزين أو غير راغبين في السيطرة على جيوشهم الشعبية (المليشيات)، وليس هناك تقدّم حول الخلافات الدستورية الرئيسية على مصادر النفط والأمور الحاسمة الأخرى والتي يفترض بأنهم كانوا فد حلوها حتى الآن. يظهر الإقتصاد العراقي بعض البقع اللامعة لكن، إجمالا، كفاءة البنى التحتية ليست أفضل من عهد صدام، يبقى مستوى البطالة عالي والإستثمار في القطاع خاصّ واطئ، وإستنزاف عقول الطبقة الراقية المتوسّطة يعجّل بالعراقيون بوسائل الهروب من الذي يرونه من فشل الدولة.
إذا الوضع لم يستقرّ قريبا، فالزخم السياسي للإستسلام يمكن أن يصبح لا يقاوم. على أية حال، أولئك الذين يحثّون على الإنسحاب المندفع يقلّل أخطار حرباً أهلية مدمّرة التي يمكن أن تعكّر المنطقة بشكل أوسع، ويسمح للقاعدة لتحقيق الإنتصار والتبشير بعرض عالمي عن الفشل الأمريكي. مهما كانت أخطائنا، فنحن كنّا بوضع أفضل على الهدف الرئيسي: نحن يجب أن نعمل مع حلفائنا العراقيين لخلق الإستقرار، دولة متماسكة لا تهاجم جيرانها، تذبح أقلّياتها، "يتآمر مع القاعدة أو يطوّر أسلحة الدمار الشامل". لكن في الوقت الحاضر نحن ليس لنا خطة موثوقة للإنجاز حتى هذه الأهداف البسيطة نسبيا (ناهيك عن الهدف النهائي لإيجاد ديمقراطية متعددة الأعراق). العمل بعدّة وسائل جديدة، تتضمن برنامج شامل لإيجاد فرص العمل وخطة إعادة تأهيل البعثيين السابقين ذوي المستوى الواطئ والمتوسط، يمكن أن تساعد في إستقرار الوضع. على أية حال، الوسائل الجديدة من المحتمل لن تكون كافية.

خيار البوسنة
للمفارقة،إنفجار العنف الطائفي وبداية التطهير العرقي كنمط دول البلقان في معظم العراق قد يقترح وسيلة نحو الإستقرار. إذا الحكومة العراقية، مع المساعدة الأمريكية، تساعد العراقيين بالأنتقال إلى أجزاء البلاد حيث يشعرون بأنهم أكثر أمانا، فالعنف يمكن أن يُخمد والأساس يكمن بوضع حلّ سياسي. والنموذج الذي يمكن أن يعمل في العراق يأتي من البوسنة وجيرانها.
الحرب في البوسنة أنتهت بعد أن مات بحدود 200,000 مدني فحسب ونصف سكان البلاد كان أمّا طردوا أو هربوا من بيوتهم، وترك البلاد خليط من القطع المتجانسة عرقيا. السلاح الجوي لمنظمة حلف الشمال الأطلسي، عزّز فريق الأمم المتّحدة والنجاحات العسكرية للجيوش الإسلامية والكرواتية الذين كانوا عناصر حاسمة تؤدّي إلى إتفاقية دايتون 1995. لكن دايتون لم تكن قد تفاوضت حول ما كان حدث من إنتقال عرقي، إيجاد أراضي معرّفة ويمكن الدفاع عنها في الغالب. كما إن الأمم المتّحدة صرّحت في "تقرير سريبرينيكا" المؤثر،"ليس هناك شكّ بأنّ السيطرة على سريبرينيكا وزيبا من قبل الصرب جعلا الأمر أكثر سهولة على البوسنيين والصرب للموافقة على القاعدة الإقليمية لتسوية السلام". فقط بعد التعزيز العرقي الكبير، هل كان من المحتمل التفاوض وبعد ذلك تطبيق مقايضات الأرض بين الصرب والكروات والمسلمين، لإيجاد الخريطة التي بعد عشر سنين ما زالت بنفس المكان بينما البلاد تبقى، على أية حال بحزن، وبسلام.
إن في تفكيك العراق، يجب أن يبقى هدفنا بنفس الطريقة لإيجاد مناطق ثانوية ممكن الدفاع عنها عسكريا. والذي سيوقف العنف، وبمرور الوقت،دولة موحدة يمكن أن تبقي- لتتقاسم الإيراد النفطي، إدارة السياسة الخارجية، المحافظة على المؤسسات الوطنية، ويعطي الأمل لعراق أكثر تماسكا في المستقبل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*مايكل أوهانلون زميل متقدّم في مؤسسة بروكنجز، مؤلف مشارك قوّة صعبة: السياسة الجديدة للأمن القومي والمؤلف الكبير لدليل عراق بروكنجز. إدوارد يوسف خدم لأكثر من عقد في دول البلقان بالجيش الأمريكي/ منظمة حلف شمال الأطلسي، الأمم المتّحدة ومجموعة الأزمة الدولية. هو الآن باحث زائر وأستاذ محاضر في مدرسة جونس هوبكنز للدراسات الدولية المتقدّمة.
نشرت في February 17, 2007 5:44:36 AM

خيار البوسنة للعراق (2-3)

الخارجية الأمريكية أقلّ خيارات العراق السيئة

مايكل أوهانلون وإدوارد يوسف
ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي


الإنتقال العرقي مقيت جدا وبالكاد خالي من الخطر، لكن إذا نفّذت كسياسة حكومية التي هي يمكن أن تحدث مع صدمة أقل من دول البلقان.في الحقيقة، فرق الموت السنيّة والمليشيات الشيعيّة التي تهاجم حتى المستشفيات الآن، ربما لا يكون هناك بديل.كما أثبت في دول البلقان، فإن حملات تنافسية من التطهير العرقي يمكن أن تطلق عنان ديناميكية الدعم الذاتي خارج السّيطرة. إن أكثر من 500,000 عراقي طردوا منذ أن سقط صدام، وإن هذا العدد يزداد سريعا. مواطنو بغداد، نقطة الصفر لعنف البلاد، يهربون من بيوتهم على نحو متزايد. لإستئصال لولب الانتقام الطائفي، نحن يجب أن نساعد في عملية إنتقال أكثر إنسانية، نزوّدهم بالسكن والوظائف البديلة لأولئك الذين يتركون بيوتهم.
إن هذا المنهج كان عاملاً في البوسنة التي مزّقتها الحرب. كان جندي حفظ السّلام التّابع للأمم المتحدة هناك، مثل (E. جوزيف) منسّق مختلط لحركة عدّة ألاف من النساء والأطفال المسلمون من جيب زيبا في يوليو/تموز 1995. فالإخلاء حدث بعد أن إستولى الجنرال راتكو مالاديج وقواته الصربية على "المنطقة الآمنة"، متزامن مع الذبح في مكان قريب من سريبرينيكا الذي ترك أكثر من 7000 مسلم موتى. إن قرار الأمم المتّحدة للمشاركة في إنتقال المسلمين خارج زيبا كان جدلي، إلى حدّ أنّ مندوب الأمم المتّحدة السامي للاجئين رفض المساعدة. لكن مسؤولين تلك الوكالة لم تشهد صرخات الرعب من النساء المسلمات المكوّمات في سيارات الجيب الصربية التي تدور هناك - الصوت الذي محى أيّ هواجس كانت عندنا حول صلاحية مهمّتنا.
نحتاج نفس المنهج الآن في العراق.إذا القوات الأمريكية والعراقية لا تستطيع حماية المدنيين، هناك معضلة أخلاقية صغيرة حول تسهيل حركتهم إلى المناطق الأكثر أمانا. في الحقيقة، عمل ذلك يمكن أن يساعد على هزيمة الجهاديين والبعثيين السابقين والذين مصمّمون على التسبّب بإنهيار عامّ للحكومة العراقية.هذه الخطة يمكن أن تساعد على إبقاء تلك الحكومة، وهي يمكن أن تنقذ الأرواح.

الإعتبارات العملياتية
إن تسهيل الإنتقال الطوعي صعب التوقيت بشكل صحيح. إذا عُمل به قريبا أيضا، والإنتقال بمساعدة الحكومة يمكن أن تصنّف على إنها عملية تفرقة عرقية وذلك ما لا يرغبه أكثر العراقيين أصلا. والذي يمكن أن يشجّع بعض(المليشيات) الجيوش الشعبية حتى لتعجيل العنف ضدّ الأقلّيات ضمن أحيائهم ظناً بأنّه يكون من السهل نسبيا لنقل الناس من بيوتهم إذا عرفوا بأنّ الوظائف والبيوت الجديدة في إنتظارهم في مكان آخر. وإذا عُمل به متأخر جدا،على أية حال، فأنّ معظم القتل الذي نتمنّى منعه يحدث (كما في البوسنة). لهذا خيار البوسنة من الضّروري أن يناقش الآن، حتى إذا كان لا يطبّق لعدة شهور أكثر كما نحاول إنقاذ النجاح في الإستراتيجية الحالية.
إنّ المفتاح- والجزء الأكثر صعوبة لسياسة الإنتقال العرقية- أن تحصل على قبول الأطراف بشكل غير رسمي. فالتفاهم الغير رسمي بين المحاربين، والإنتقال العرقي يمكن أن يكون مؤلم ومربك بشكل أقل.على سبيل المثال، الأغلبية الواسعة لصرب كرواتيا طردت أثناء عمليتين عسكريتين (في مايو/ مايس وأغسطس/آب عام 1995) والتي كان عندهما رضوخ ضمني على الأقل من بلغراد. ومن دون تقليل الصدمة للصرب (في الحقيقة، القائد الكرواتي سيحاكم في لاهاي لجرائم الحرب المزعومة)، إن حقيقة بأنّهم لم يعانوا من شيء مثل كوارث المسلمين حيث إجتثّت أجزاء بالقوّة من تحت السيطرة الصربية من البوسنة. على نفس النمط، ترك آلاف الصرب غرب البوسنة بعد الحرب، بأمان، كجزء من مقايضات الأرض التي أتفق عليها الكرواتيين والصرب في دايتون.
الحصول على الإتفاقية في العراق سيتطلّب ليس وفاق بين بعض زعماء السنّة والشيعة الرئيسين فحسب، لكن دور بنّاء من قبل الأكراد، الذي يحتجبون في الأمن النسبي في مناطقهم الخاصة. يرى الأكراد كركوك المدينة المتعددة الأعراق والغنية بالنفط على إنها عاصمة دولتهم المنتظرة ورمز ظلمهم على يدي صدام حسين (الذي هندسة الهجرة السنيّة *الجماعية إلى كركوك بينما طرد الأكراد). وإن عودت آلاف الأكراد إلى كركوك ، يصعّد التوتّرات.
شجّعت الزيادة السريعة في الحرب الطائفية الأكراد ومسانديهم لتقدّم تقسيم/ جدول أعمال إستقلال. إن الضغط الأمريكي على الأكراد (والذي إستعملت أرضهم كقاعدة للإنفصاليين الأكراد في تركيا) يمكن أن يشجّعهم لقطع صفقة على نفط كركوك بينما تكسب التعاون السني الأعظم على مقايضات الملكية في المدينة. إن التقدّم في الحركات العرقية في بغداد وكركوك يمكن أن يؤسّس القاعدة لمقايضة الأرض أكثر طموحا مشابهة لتلك في سرايفو وغرب البوسنة والذي كان شرط حاسم للتوصّل إلى السلام في البوسنة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*(ليس العرب السنة وحسب بل الشيعة أيضا)
نشرت في February 17, 2007 5:50:57 AM

خيار البوسنة للعراق (3-3)

الخارجية الأمريكية أقلّ خيارات العراق السيئة

* مايكل أوهانلون وإدوارد يوسف
ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي


إنّ خيار البوسنة الذي لُخّص هنا أكثر واقعية من الخطط المختلفة لتقسيم العراق رسميا والذي قد تقدّمت سابقا. أيّ محاولة تقسيم رسمية تثير النزاع على النفط، بغداد وكركوك من دون المطلب الأساسي القليل من الأمن الطائفي. وذلك يجعل الظهور النهائي لدولة عراقية موحدة مستحيل أيضا.إن خيار البوسنة، من الناحية الأخرى، يساعد على تأسيس الشروط المسبقة لدولة فيدرالية عراقية فعّالة.
كيف يمكن للسياسة أن تتقدّم؟ بعد تأمين الإتفاقية الشكلية، يمكن أن يميّز المسؤولون العراقيون تلك المناطق ذات الأقلية العالية وقابلية تعرضها للهجوم.وبمساعدة الشركاء في"التحالف والأعضاء الآخرين" من المجتمع الدولي، يمكن للحكومة العراقية أن تعرض البيوت والوظائف الجديدة إلى أولئك الذين تمنّوا الإنتقال طوعا، بالإضافة إلى تأمين الحماية لهم حينما يتركون بيوتهم لمناطق مختلفة. فالبيوت التي تركت خلفهم تعود إلى ملكية الحكومة، لكي تعرض إلى أفراد المجموعات الأخرى في ما سيصبح بشكل كبير برنامج تبدّيل. هناك أمثلة للعراقيين الذين يبدّلون البيوت لوحدهم. مع وقاية الأمن، يمكن للحكومة العراقية أن تشكّل لجان المُلكية- كما شكّل في كركوك - لتسهيل وضع القضايا المتشابهة وتجنّب الخدع. ولإنجاز معظم المهمّة نخمّن بأنّ نستغرق أقل من سنة واحدة، والتي بعدها تكون فرص تقدم الإستقرار والانسحاب النهائي للقوات الأمريكية كبيرة.
نحن قد لا نريد القوات الأمريكية أن تشارك مباشرة في ما البعض قد يرونه كإقرار لشكل من أشكال التفرقة، بالرغم من أنّه سيكون وصفه بدقّة أكثر كأنه حماية الناس حين يبدأون حياة جديدة. رغم ذلك، هناك حجّة لمنظمة حلف الشمال الأطلسي التي تنفّذ هذه المهمّة تحت رايتها الخاصة، مع وحدات المتعددة الجنسيات حيث تساعد في الجهد الوقائي. (القوات العراقية يمكن أن تكون غير ملائمة إلى المهمّة، لكون البعض يمكن أن يصفّوا بالتحيّز في أيّ من المعارك التي حدثت).وهذا لا يتطلّب أعداد إضافية كبيرة من "قوّات الإئتلاف"، لكنّه يغيّر النظرة من مهمّة الإنتقال نحو الأحسن.
إذا كانت قيادة منظمة حلف الشمال الأطلسي لا يمكنها أن تكسب، فعليها ضم وحدات أمريكية وبريطانية يمكن أن تميّز وحدات عراقية منتقاة للمساعدة في بعض العمليات المتحركة. تركيب هذه الوحدات من الجيش العراقي تعكس المزيج العرقي للمناطق أين ما تحدث الحركات. بما إن أكثر العمليات ستكون ذات نطاق ضيق، يمكن أن تكون الوحدات من الحجم الصغير نسبيا. ويمكن أن يستغل الضبّاط الأمريكان والبريطانيون تلك الوحدات التي أثبتت ولائها في المعركة فحسب.على سبيل المثال، في إنتقال السنّة من حيّ شيعي, يتم إختيار وحدة من الجيش ذات غالبية شيعيّة مسيطرة توفّر أمن محيط المنطقة، بينما الوحدة السنيّة تؤمن الحماية القريبة لأولئك الذين يغادرون. والعكس سيكون في حالة الإنتقال من حي سني إلى الأحياء الشيعيّة.
ينظوي تحت هذه الخطة أيضا، قوّات الشرطة في العراق الذي يصبح أكثر فعّالية بمرور الوقت كتجانسهم العرقي، مع مشاركة(المليشيات)الجيوش الشعبية ومستويات القدرة المحدودة ستصبح المشاكل أقل حدّة. إنهم ما زالوا يؤدّون وظائفهم في منع الجريمة على نحو متوسّط، لكنّهم سيكونون أقل عرضة لوقود العنف الطائفي بما إنهم سيعملون قبل كل شيء بين ناسهم الذين يعرفونهم.
* * * نحن لا يجب أن ننتظر الذبح في العراق للوصول الى نقطة الإعياء قبل مواجهة حقيقة الحركات الجماعية العرقية في النهاية.إن تسهيل الحركات العرقية ليست خطرا يحرّر، وهو ليس دواء حاسم. لكنّه قد يصبح خيارنا الوحيد بإدانة العراق قريبا إلى سنوات تشبه البوسنة من العنف والإنقسامات قاتلة الأخوة والتي كلاهما كارثي ودائم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*مايكل أوهانلون زميل متقدّم في مؤسسة بروكنجز، مؤلف مشارك قوّة صعبة: السياسة الجديدة للأمن القومي والمؤلف الكبير لدليل عراق بروكنجز. إدوارد يوسف خدم لأكثر من عقد في دول البلقان بالجيش الأمريكي/ منظمة حلف شمال الأطلسي، الأمم المتّحدة ومجموعة الأزمة الدولية. هو الآن باحث زائر وأستاذ محاضر في مدرسة جونس هوبكنز للدراسات الدولية المتقدّمة.
نشرت في March 6, 2007 7:28:12 AM

الاثنين، 28 ديسمبر 2009

تقرير مجموعة دراسة بيكر هاملتن: الفيل يلد فأر

أنتوني كوردسمان
ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي

سيستغرق وقت لعمل تقييم كامل لكلّ الملاحق ومحتوى التقرير الكامل، لكن مبدأ توصيات لجنة بيكر هاملتن من غير المحتمل جدا أن ينتج عنه نجاح.ويقدر التقرير بأنّ الوضع في العراق يتدهور وإن الإستراتيجية الحالية فاشلة - ولكن هكذا يفعل الآخرون عمليا كذلك.
إنّ المشكلة الرئيسية بأنّ الأحداث قد تتصاعد خارجة عن السيطرة، والمفتاح إلى النجاح ليس بواسطة الفعل الخارجي ولكن عن طريق العمل العراقي. وكنتيجة،الجملة الوحيدة الأكثر أهمية في خلاصة المجموعة الدراسية التنفيذية هي تحذير تمهيدي، "إذا تقدّمت الحكومة العراقية للأمام بالمصالحة الوطنية".
إنّ المشكلة بهذا التحذير بأنّ أيّ مزيج معقول من التوصيات يعمل تقريبا إذا المجتمع العراقي ككل تقدّم للأمام بالمصالحة الوطنية. إنّ المشكلة بأنّ التقرير لا يعمل إقتراحات عملية لإيجاد أو تحفيز مثل هذا العمل. إنه يدعو ببساطة إلى حكومة عراقية ضعيفة ومنقسمة للتصرّف بوجه كلّ القوات التي تمزّق العراق إربا إربا وهي ضعيفة تقريبا: إنه "نصر الأمل على التجربة". فجهود حثّ العراقيين نحو المصالحة جديدة بالكاد؛ وهذا كان جهد سياسي رئيسي من إدارة بوش من قبل الإنتخابات، وتأريخها يعود على الأقل إلى صيف عام 2005.
إنّ التطور المفاجئ الجديد والوحيد أن تدعو الولايات المتّحدة لإستعمال التهديدات والعقبات للضغط على الحكومة العراقية للتصرّف بشكل حاسم. والقول بأنّ، "الولايات المتّحدة يجب أن تجعل الأمر واضحا إلى الحكومة العراقية بأن الولايات المتّحدة يمكن أن تنفّذ خططها، بضمن ذلك التخطّيط لإعادة الإنتشار، حتى إذا الحكومة العراقية لم تطبّق تغييراتها المخطّطة" بحدود على أن تكون غير مسؤولة. ويأتي إلى حد كبير جدا من أخذ تهديد الولايات المتّحدة بأخذ كرتها وتذهب إلى البيت إذا الأطفال العراقيين لا يلعبون على طريقتنا.
وتهمل مثل هذه السياسة قلة قادة وهيكل السلطة السنية الواضحة، والطموحات المتنوّعة للأكراد، وقبل كل شيء الإنقسامات بين الشيعة. المالكي ليس ضعيف لأنه شخصيا ضعيف،هو ضعيف لأنه زعيم مساومة مع طرفين قويين - الصدر والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق- اللذين يريدان سلطة شيعيّة ويتابعان طموحاتهم الخاصة.
والأكثر أهميّة،تهمل حقيقة بأنّ الحكومة العراقية ضعيفة بنفس القدر بسبب العمل الأمريكي مثل المشاكل المتأصّلة في العراق. حيث حطّمت الولايات المتّحدة المركز العلماني للبلاد بحلّ البعث،وأوجدت عملية دستورية قبل أن يكون العراق جاهزا بفترة طويلة لذلك، وصنعت وثيقة خلافية جدا بأكثر من 50 موضع رئيسي تحتاج "التوضيح" بضمن ذلك الإتحاد(الفيدرالية)، السيطرة على مصادر وعوائد النفط ، السيطرة على الأمن، دور الدين، طبيعة النظام القانوني، الخ. كما أوجدت الولايات المتّحدة نظام إنتخابي أجبر العراقيين تقريبا على التصويت لكي يكون هناك سنّة، شيعة، وأكراد وقسّمت الأمة حسب الخطوط الطائفية والعرقية.وعمليا أرسلت الولايات المتّحدة ثورا ليحرر دكان خزف، والمجموعة الدراسية تدعو الآن الولايات المتّحدة للتهديد بإزالة الثور إذا الدكان لا يثبّت الخزفيات.
ودعوة القوى الخارجية لمساعدة الولايات المتّحدة وعلى الولايات المتّحدة أن"تطلق فورا هجوما دبلوماسيا جديدا لبناء إجماع دولي للإستقرار في العراق والمنطقة "قد تكون تستحق المحاولة. فالإعتماد على "جيران العراق والدول الرئيسية داخل وخارج المنطقة لتشكيل مجموعة دعم لتعزيز الأمن والمصالحة ضمن العراق" هل يعمل، على أية حال، مثل الإقترب من أمل ديني. فالجيران الذين سيحاولون سبق وأن حاولوا. والمؤتمر داخل أو خارج العراق ما زال فكرة جيدة، لكن التمحور حول إستراتيجية نجاحها المحتمل حماقة حقّا.
وهناك سبب أقل درجة للإعتماد على إيران وسوريا لتغيير سلوكهم بشكل حاسم وتصوّراتهم الحالية من مصلحتهم الوطنية. لماذا يجب أن يفعلوا ؟ من المحتمل،بأنهم يشعرون إن إستراتيجيتهم الحالية وأعمالهم صحيحة، ولماذا يجب أن يتفاعلوا مع الضعف الأمريكي في الطرق التي تساعد الحوار الأمريكي بكلا الدولتين بكل الوسائل، لكن المستقبل الباهر ليس سياسة ذات مغزى.
لا تعالج الخلاصة التنفيذية خيارات محفّزة. إنه من المحتمل بأن نوع من ائتلاف الولايات المتّحدة أو الإتحاد الدولي الذي عرضا برنامج مساعدات رئيسي مربوط بالمصالحة يمكن أن تحدث تأثيرا. فهناك العديد من المناطق التي تحتاج الى المساعدة على المستوى المحليّ، وهي قد تكون مفيدة جدا في المناطق "المتمرّدة" في المدن الغربية والمختلطة. وبرنامج مساعدات رئيسي لإنعاش وتوسيع صادرات العراق النفطية، يربط مع التوزيع العادل للثروة قد يساعد أيضا. إنه من المحتمل حتى خطة الإنتقال قد تخفّف بعض التسويات الطائفية والعرقية.

يتعرض التقرير الرئيسي سريعا على هذه القضايا ويوصي حتى بإنفاق معتدل للمساعدة الأمريكية بقيمة 5 بليون دولار في السّنة. إنّ الخلاصة التنفيذية، على أية حال، إن كلّ التهديدات الضمنية ولا الحوافز وليس هناك شيء يقترب من خطة المساعدة أو نظرة عملية لإستعمال المساعدة لجلب الإستقرار بسرعة أو إعطاء الحوافز لعملية المصالحة. والأسوأ، تجعل ذلك التهديد، "إذا الحكومة العراقية لم تعمل تقدم جوهري نحو إنجاز معالم المصالحة الوطنية،الأمن،والحكم، فإن الولايات المتّحدة يجب أن تخفّض سياسيتها، الجيش، أو الدعم الإقتصادي للحكومة العراقية".
إنّ المجموعة الدراسية تهدّد بإضعاف حكومة ضعيفة؛وهذا جيد لمعارضيها، لكن سيء للولايات المتّحدة والعراق.
إن التقرير لا يوفّر خيارات سياسة أمنية موثوقة أيضا. فتخفيض القوّات الأمريكية الغير معرّفة تكون مقبولة بحلول عام 2008،أو من المحتمل في وقت سابق أو بعده. إنّ على الولايات المتّحدة أن تسرع بتأهيل المدربين بصورة أكبر وأثبتت بأنّه ليس عندها ذلك، وخصّصت قوات قتالية حالية أكثر غير مؤهّلة للمهمّة. إنّ الخطة للتعامل مع الجيوش الشعبية (المليشيات) هي أن تشكّل بيروقراطية أمريكية جديدة من دون توجيه الحاجة للأمن اليومي الفوري في أمة بدون محاكم وشرطة فعّالة في أكثر المناطق المهدّدة.
فليس هناك خطة ذات مغزى لإيجاد مزيج من القوات العسكرية العراقية الفعّالة، قوّات الشرطة، الحكم، ونظام عدالة جنائي في أي مسألة في المستقبل القريب، وأقل بكثير بحلول عام 2008.إن الجهد الفعّال حقا قد يكون محتمل بالمصالحة السياسية وتوزيع المصادر والتخطيط الصحيح.
لكن، (أ) التقرير الكامل لا يقّدم تفسير موثوق كيف يمكن هذا أن يحدث،
(ب) تطوير القوات العراقية الفعّالة بالتأكيد ليس ممكنا من دون مصالحة.
ويهمل التقرير الرئيسي مشاكل التدريب اليومية وبرامج تطوير القوات بدقّة حيث العديد من توصياته لا تزيد عن هراء تحريضي. كما إن التقرير عديم الجدوى لإثارة سلسلة طويلة من التوصيات الثانوية المفصّلة للتغيير في قوّات الأمن العراقية في التقرير الرئيسي بدون تبرير مفصّل وبدون تقييم مفصّل ذو مغزى عن قابليات القوات الحالية وجهود التدريب.
أخيرا،ليس هناك "الخطة ب". التقرير لا يحاكي ما يحدث إذا الأحداث تصاعديا خرجت عن السيطرة، أو كيف الولايات المتّحدة يجب أن تردّ على حالات الطوارئ المستقبلية المحتملة. إنّ الفرضية الضمنية بأنّهم يلعبون على طريقتنا أو نغادر نحن سريعا. ليس هناك خطة واضحة لما يجب عمله إذا حدثت الحرب الأهلية الواسعة النطاق؛ كيف نتعامل مع القوى الإقليمية الفاعلة إذا إشتركت في النزاع أو أخذوا مواقع المعارضين للولايات المتّحدة. تبدو الرسالة بأن مخاوف السياسة الأمريكية المحلية تستدعى إهتمام أكثر من طبيعة وسرعة الأحداث في العراق أو مصالح أمريكا الأمنية البعيدة الأمد في العراق، المنطقة، والعالم.
وهذا لا يعني بأنّ ليس هناك العديد من الأفكار الجيدة والكثير من المادّة المفيدة والمدروسة ضمّنت في الهيكل الرئيسي للتقرير. لكن، هذه ليست خطة جيدة أو عملية للمستقبل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية – واشنطن(CSIS)
نشرت في January 31, 2007 5:17:20 AM

السبت، 26 ديسمبر 2009

يوجد هناك أكثر بكثير مهدّد بالضياع لأمريكا من العراق

زبيجنيو برزيزينسكي
ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي

تأتي هذا الأسبوع الذي فيه حقيقة مؤلمة دعوة القوّة أخيرا في المكتب البيضوي للبيت الأبيض. مع ذلك، ما زال الرئيس يكرر من دون وضوح شعاراته الذاتية المطمئنة إلى الجمهور، حيث يوجد على منضدته وثيقتين، كلّ واحدة منها تخبره في الواقع "تلك المهمّة أنجزت" قد تحوّلت إلى مهمّة إخفاق تام. وبشكل سطحي ، الوثيقتان لا يمكن أن تكونا أكثر إختلافا. لقد قدّم دونالد رامسفيلد مذكرة عن إدارة العمليات العسكرية في العراق قبل إنصرافه المفاجئ وحسب، خلاصة قصيرة جدا وشخصية جدا بمختلف التعديلات التكتيكية التي قد تعتبر على ضوء النكسات في قتال "التمرّد" العراقي. والتي تحمل قلقا لكن لن تعرض أي بديل إستراتيجي.
تقرير دراسة مجموعة بيكر هاملتن المنتظر طويلا الذي يقيّم خيارات السياسة الأمريكية الأوسع في العراق عبارة عن بيان مساومة طويل يعكس نموذجية،منتصف إجماع الطريق بين "مجموعة إهتمام" نخبة واشنطن، المتكوّنة من الأفراد المُقدرين وليسوا المعاقين بالألمام التأريخي أو الجغرافية السياسية المليئة بمشاكل المنطقة. فالجدال عن إعادة الإنتشار العسكري المشروط في العراق، يعرض نصيحة مفيدة على رغبة المبادرات الدبلوماسية الأوسع لشغل جيران العراق في بحث جماعي للإستقرار في المنطقة، بضمن ذلك الحاجة المتأخّرة لمعالجة النزاع الإسرائيلي الفلسطيني الطويل الأمد بجدية.
إنّ الأهمية الحقيقية لكلتا الوثيقتين في ما لا يقولوناه بشكل واضح لكن يحملونه ضمنيا: بأن الحرب كانت كارثة؛ وأن الولايات المتّحدة يجب أن تجد طريق للأنسحاب بتسليم الفوضى التي أوجدتها إلى الزعماء العراقيين الذين رفعتهم الولايات المتّحدة بنفسها للسلطة؛ والذي يجب على الولايات المتّحدة في النهاية أن ترحل بينما تلوم أولئك الزعماء أنفسهم على الفشل الأمريكي ليتحمّلوا الوزر. تلك الفكرة ضمنية حتى في البعض من خيارات السّيد رامسفيلد وهي متأصّلة في الموعد النهائي 16 شهور والذي وضع من قبل مجموعة بيكر هاملتن للتحرر العسكري الأمريكي النهائي.
ليست هناك وثيقة تواجه مباشرة حقيقتين أساسية ومزعجة: إنه ما دام في العراق (ماعدا كردستان) قوّة حقيقية ليست في أيدي سياسيي العراق القاطنين في المنطقة الخضراء المحمية الأمريكية في بغداد، فإن أيّ حلّ سياسي يجب أن يجذب حكومة الشيعة الدينية، بجيوشه الشعبية (المليشيات)؛ وإذا ما استمرّ الإحتلال الأمريكي فترة أطول، فالتأثير الأمريكي المنهار في الشرق الأوسط سيفسح المجال للتطرّف وعدم الإستقرار الإقليمي، خصوصا إذا إستمر التردد في الإختيارات الإستراتيجية الأساسية في العراق والتي تستمرّ إلى أن تكون متناظرة بالإحجام الأمريكي لمخاطبة النتائج الإقليمية السلبية لإحتلال إسرائيل المطوّل والقمعي جدا للفلسطينيين.
رفع المزيج بين الإثنان قوّة إيران الجغرافية السياسية في المنطقة. لذلك ليست الحاجة اليوم للتصليح التكتيكي أو تقارير الإجماع الطويلة. هلّ بالإمكان أن احداً يتخيّل بأن شارل ديغول في أواخر الخمسينات ينتظر الأسابيع لدراسة طويلة من قبل الشخصيات الفرنسية العامّة حول كيف يُنهي الحرب الجزائرية التي كانت تضر بوحدة فرنسا الوطنية وسمعتها الدولية؟القيادة إشتقّت من إحساس بالتأريخ الذي يتطلّب أحيانا قطع العقد المستعصية، ولا يربط نفسه في العقد.
الرئيس،وقيادة أمريكا السياسية، يجب أن يعرفوا بأنّ الدور الأمريكي في العالم يقوّض بشكل خطير بالسياسات التي إنطلقت قبل أكثر من ثلاثة سنوات.الحرب التدميرية في العراق، اللامبالاة النفاقية في الأبعاد الإنسانية للمأزق في العلاقات الإسرائيلية- الفلسطينيّة، نقص المبادرة الدبلوماسية في التعامل مع إيران والإستعمال المتكرّر لخطابات التخوف من الإسلام يحددان قوات الحركة اللتين تهدّدان بإخراج أمريكا من الشرق الأوسط، بالنتائج المريعة لها وأصدقائها في مصر وإسرائيل والأردن والعربية السعودية.
تحتاج أمريكا الى تغيير إستراتيجي بالطريق، وهي يجب أن تشتغل على جبهة واسعة. ويجب أن تقبل الحقيقة بأنّ القيادة الحقيقية في العراق يجب أن تكون مستندة على تحالف رجال الدين الشيعة الذين يحكمون ولاء جيوش الشيعة الشعبية(المليشيات) والأكراد المستقلين ذاتياً والذي كلّما تسرّع تأريخ إستعدّاد أمريكا للمغادرة، كلّما سيكون الزعماء العراقيون الحقيقيون قادرين بشكل أسرع على إشراك جيران العراق في جهد إقليمي أوسع للترويج لعراق أكثر استقرارا. ويجب أيضا أن تشرك حلفائها في تعريف مشترك للمؤشرات الأساسية لمستوطنة إسرائيلية -فلسطينيّة، وللطرفين فإن النزاع سوف لن يعمل قريبا ما يريدونه. أخيرا وليس آخرا، يجب على الولايات المتحدة أن تكون جاهزة لمتابعة المحادثات المتعددة الأطراف والثنائية مع إيران، بضمن ذلك القضايا الأمنية الإقليمية.
بإختصار، المعضلة الفورية هي العراق ولكن الحصة الأكبر مستقبل الشرق الأوسط.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* الكاتب، مستشار أمن قومي سابق إلى الرّئيس جيمي كارتر، مؤلف "الإختيار". December 5 2006
نشرت في January 6, 2007 4:52:14 AM

الخميس، 24 ديسمبر 2009

لا تعتمد على إيران للمّ الشتات في العراق

* كينيث بولاك
ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي


أوصت مجموعة دراسة العراق كما هو متوقّع، بأنّ على الولايات المتّحدة أن تبدأ المحادثات مع إيران لإلتماس مساعدتها في استقرار الأوضاع في العراق.هذه التوصية تبدو منطقية جدا بحيث من الصعب فهم تردّد إدارة بوش لإتّباعها في الماضي.ما زال، مسؤولو إدارة بوش صحيحون للاحتجاج بأن ذلك الكلام مع إيران ليس سياسة، ناهيك عن عده حلّ لمشاكلنا في العراق.
إنّ الأسئلة الحقيقية هي: ماذا نقول إلى الإيرانيين إذا أمكننا أن نجعلهم يحضرون إلى طاولة المناقشات؟ ماذا يمكنهم أن يعملوا في العراق؟ ماذا سيكونون راغبين بعمله في العراق؟ وماذا سيريدون بالمقابل؟
كان يجب علينا أن نُشرك إيران في العراق قبل سنوات. قبل ذلك وأثناء الحرب في أفغانستان، الإيرانيون كانوا يساعدون الولايات المتّحدة بشكل كبير.حيث اشتركوا في كراهيتنا للقاعدة وطالبان، وهم زوّدونا بالمساعدة الشاملة في الاستخبارات والتموين والدبلوماسية والسياسة الداخلية الأفغانية. بعد أن حولنا نظرنا على صدام حسين، أقترح الإيرانيين بأنّهم راغبون للتعاون على ذلك أيضا.لسوء الحظ، تجنّبت إدارة بوش العرض، وفضّلت جمع طهران مع بغداد وبيونج يانج في "محور الشرّ". ولا شيء من هذا يجب أن يقترح بأنّ إيران كانت تساعدنا لأسباب ما عدا المصلحة الشخصيّة فحسب، أو بأنّها تركت كراهيتها فجأة نحونا. لكنّها كانت تعرض عملية واقعية حقيقية وأن تكون مساعدة كثيرا في قضايا الاهتمام المتبادل، الذي كان يجب أن يكون جيد بما فيه الكفاية.
اخترقت أعداد كبيرة من وكلاء الاستخبارات الإيرانيين العراق اليوم، حيث يبدو بأنهم يزوّدون كلّ الجيوش الشعبية الشيعية(المليشيات) في العراق عمليا بالمال، الأسلحة وتجهيزات أخرى. وهناك تقارير تفيد بأن حزب الله يدرّب جنودا لمليشيا شيعية عراقية في لبنان تحت وصاية إيران. ويعرف كلّ أمراء الحرب الشيعة بأنّ في حالة حصول حرب أهلية شاملة،فإن إيران ستكون مساندهم الوحيد. وكلّ ذلك يعطي الإيرانيين تأثيرا على الجيوش الشعبية الشيعية(المليشيات)- التأثير الذي يمكن أن يكون مساعدا للولايات المتّحدة التي تحاول صياغة إستراتيجية جديدة نحو العراق. فعلينا أن نكون حذرين،على أية حال، علينا أن لا نبالغ بتأثير إيران. فالمشاكل في العراق لم يكن سببها الإيرانيين، ولا يمكن إيران أن تحلّها كلّها.
"يكره" أكثر العراقيين الإيرانيين.وفي الحقيقة، تعبير "كراهية" معتدل جدا. وحينما مازال يبدو في عام 2004 وبداية 2005، كما لو أنّ إعادة بناء العراق بقيادة الولايات المتحدة قد تنجح، حيث كان سياسيون شيعة يركزون على الماضي لتبيين بأنّهم كانوا مستقلون عن إيران لخوفهم من إن ناخبيهم لا يدعموهم فيما عدا ذلك. وعلاوة على ذلك، بينما دعمُ الإيرانيين لا شكّ أُستلم بامتنان، فالدليل يوحي بأنّه الآن أكثر إضافة من أن تكون ضرورة للجيوش الشعبية الرئيسية. في هذه النقطة،المجموعات الشيعية الرئيسية - المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، جيش المهدي، وحزب الفضيلة من بين الآخرين- لهم دعم كبير بين السكان ويُتّهم بالحصول على كميات كبيرة من المال من تهريب النفط والجريمة المنظّمة.زائداً، ليس هناك نقص بالأسلحة في العراق، مع التجهّيز الإضافي المتوفر بسهولة في السوق السوداء الإقليمية.
لذا طهران يمكن أن تؤثّر على سلوك المجموعات الشيعية، لكنّه من المحتمل أن تواجه صعوبة في إجبارهم ليعملون الأشياء التي هم لا يريدون أن يفعلونها- مثل حلّ جيوشهم الشعبية، قبول اتفاقية مصالحة وطنية، المشاركة في مشروع توزيع النفط بشكل عادل أو تقبل أيّ من التغييرات الرئيسية الأخرى التي تريدها إدارة بوش. إذا كانت إيران تهدّد بإنهاء دعمها لهذه المجموعات، فهم على الأغلب سيخبرون طهران أذهبي لتخسرِ. ما هو أكثر، يبدو إن الإيرانيين فهموا هذا، بعد أن أثبتت ترددها حتى الآن للمحاولة لإجبار أيّ من المجموعات الشيعية لتغيير طريقها بشكل جذري.
إنّ الحدود على التأثير الإيراني سيف ذو حدّين. وهذا يعني بأنّنا لا نستطيع الاعتماد على إيران لحلّ مشاكل العراق، لكنّهم يعنون أيضا بأنّنا لا يجب أن نعرض للإيرانيين العالم مقابل مساعدتهم. الآن، طهران ورئيسها المتحذلق ينطلق على مستوى عالي في الشرق الأوسط، وهم سيطلبون بلا شكّ شيء مقابل مساعدتنا في التعامل مع قضية العراق.على سبيل المثال،هم قد يطلبون من الأمريكيين بأنّ يسقطون اعتراضاتهم على برنامجهم النووي أو يستسلموا لطلبات حزب الله بأن يكون له القول الفصل في لبنان.
أعطاء الحدود المحتملة خصوصا على ما يمكن إيران أن تقدمه في العراق، هذه لن تكون أسعار تساوي الدفع. بدلا من ذلك،يجب على الولايات المتّحدة أن تؤكّد على المصالح المشتركة بمنع العراق من الانفجار الداخلي بصورة أكبر، ومثل هذه الفوضى يمكن أن تنشر بسهولة إلى إيران- ويقدر أغلب زعماء طهران في ما يبدو هذا الخطر.
وكبديل لمساعدة إيران،يجب أن تعرف واشنطن مصالح إيران الشرعية بالعراق، يبقيها(عموما) تخبر عن العمليات العسكرية، وتطوّر من المحتمل حتى علاقة الاتصال بالجيش ودوائر المخابرات الإيرانية الذي فيه الجانبان يمكن أن يتبادلوا معلومات محدودة، بذلك تتضائل المخاوف الإيرانية من النوايا الأمريكية المؤذية.
ويمكن أن تنجز معظم هذه الأمور بتشكيل مجموعة اتصال دائمية تتكوّن من جيران العراق - مشابهة لمجموعة الدعم الدولية التي اقترحت من قبل بيكر هاملتن. وتتَطلع الحكومة العراقية "وقوّات التحالف" على هذه المجموعة بانتظام ويبغيان نصيحتها، التي يجب أن تهمل لسبب معقول فحسب.بالمقابل، أعضاء مجموعة الاتصال يتعهّدون بتزويد أنواع معيّنة من الدعم الاقتصادي والدبلوماسي والسياسي وحتى العسكري. وهناك على الأقل ثلاثة أسباب جيدة لتجربة هذا المنهج.
أولا، لا دولة مجاورة من المحتمل أن تعدّل إستراتيجية بشكل ملحوظ ما لم يفعل ذلك الجميع.
ثانيا، جهودنا للعمل مع إيران في العراق لا يمكن أن تأتي على حساب حلفائنا التقليديين بين الدول السنيّة في المنطقة: الأردن والكويت والعربية السعودية وتركيا.
أخيرا، المشاكل في العراق أصبحت مرعبة ومتشابكة جدا بحيث نحتاج كلّ أونس من المساعدة يمكننا الحصول عليها من أي مصدر متوفر.
نحن لا نستطيع توقّع إيران أن تنقذ العراق لنا ببساطة. حتى لو عمل كلّ جيران العراق في انسجام لن تلعب إلا دور مساند.فالأمريكيون وحسب، الذين يعملون مع تلك القوات في العراق ما زالوا يخوضون معركة جيدة، ومن المحتمل يمكن أن يغيّر طريق العراق الكارثي.
نحن نحتاج الى خطة عملية جديدة من إعدادنا.عندها فحسب سنعرف ما هو أفضل طريق يمكن إيران أن تساعد به، وما نحن مستعدون لدفع ثمنه مقابل تلك المساعدة. والكلام مع إيران بدون مثل هذه الخطة ستكون غير مثمرة، إن لم تكن حماقة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* مدير الأبحاث، مركز سابان للسياسة الشرق الأوسطية- December 8, 2006
نشرت في January 4, 2007 4:15:17 AM

السبت، 19 ديسمبر 2009

خيارات للعراق: الجيد على الأغلب، السيء، والقبيح(1-6)

أنتوني.كوردسمان
ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي

الخلاصة
المُسوّدة مُرَاجَعة في11 تشرين الأول 2006
العراق في حالة جدّية مِن الحرب الأهليةُ، والجُهود الحالية في التسويةِ السياسيةِ وتحسن الوضع الأمني في أحسن الأحوال تُكسب الوقتَ.هناك خطر حرج بأن العراق سَيَنجرفُ نحو نزاع مدني كبير خلال الشهورِ القادمةِ، ويُرى فشلَ الحكومة الحاليَة، و/أَو تقسيم أَو إنفصال في بَعض الاوجه.
لا تَستطيعُ الولايات المتّحدة ببساطة "البقاء على الطريق"، وتعتمدُ على أعمالِه وإستراتيجيتِه الحالية.إنها تَحتاجُ الى خياراتَ جديدةَ لعَكس الإنجرافِ نحو الحرب الأهلية وفشل سياسي كبير.
ليس هناك خيارات جيدة حقاً والتي يُمكِنُ أَن تَضمنَ النجاحَ ولكن هناك العديد مِن الخيارات السيئة. تَقترحُ هذه الورقةِ بأنّ الولايات المتّحدةَ يَجِبُ أَن تَتفادى خياراتَ أحادية الجانبَ وتسعى لأَن تَتفاوضَ بحوافز جديدة مع الحكومةِ العراقيةِ وحلفائِها.يَبدو بَعض الاختلاف في الخياراتِ التاليةِ خصوصاً من المحتمل إنها تَشجع التقدّمِ والنجاح العراقي:
* صفقة المعونة الإقتصادية المشروطة
التفاوضْ حول صفقةَ مساعدةِ محفزِة بقيمة 10 إلى 20 بليون دولار مع الحكومةِ العراقيةِ والفئاتِ العراقيةِ والتي بشكل واضح تكون مشروطة بالمساومةِ والمصالحةِ السياسيةِ العراقيةِ.
السعي للحصول على دعماً دولياً بالتعاون مع الحلفاء الرئيسيين مثل بريطانيا، والتَركيز على دول الخليجِ وجامعة الدول العربية.وينظر في إمتِلاك البنك الدولي إدارة الجُهدَ أَو إيجادَ شكلَ آخرَ مِن السلطةِ الدوليةِ مثل الأُمم المتّحدةِ، ولكن يُطلبُ حكومة عراقية قوية وتدقيق الوظائف، وتوضّيحُ إجراءاتَ الأداءِ والتأثيرِ التي تكَون شفّافة وفق القواعد الدولية.
* صفقة المساعدة العسكرية المشروطة
التفاوض حول برنامج مساعدات مماثل للجيشِ العراقيِ والشرطة مشروط بالنجاحِ العراقيِ في المصالحةِ والتسويةِ، الخضوع لنفس إجراءاتِ الأداءَ والتدقيقَ، ولَيسَ منح أجهزةً ووسائل المساعدة كاملةَ فحسب، ولكن المساعدةَ الطويلة الامد في إيجاد قواتِ قادرة على الدفاع ضدّ الأعداء الخارجيين. مرةً أخرى، الحصول على دعم دولي بالتعاون مع الحلفاء الرئيسين مثل بريطانيا، والتَركيز على الدول الخليجيةِ وجامعة الدول العربية. والنظر في إعادة هيكلة القوات المتعددة الجنسيات في العراق كقيادة مساعدة متعددة الجوانبِ أوسعِ تحت الحكومة والقوات العراقية.

نقل كُل عمليات الأمنِ إلى القيادةِ العراقيةِ
العمل مَع العراقيين، وحلفائه، وقوى خارجية لإكمال نقل كامل السلطةِ في ما يخص العمليات العسكرية إلى الحكومةِ العراقيةِ وبأمرة القيادةِ العراقيةِ،وهذا خاضع للشروطِ المناسبة. أَخذت الولايات المتّحدة والقوات المتعددة الجنسيات العديد مِن الخطواتِ لتَحويل سلطةِ العملياتِ العسكريةِ وبناء القوات العراقيةِ إلى أيدي العراقيين. وقد أعلنَ ذلك بشكل علني كثيرا في العراق وفي أجهزةِ الإعلام العراقيةِ، وهذا بعض الشّيء يحدد ما تستطيع الولايات المتّحدةِ أَن تفعله من ناحية الإجراءاتِ الإضافيةِ من نقلِ السيطرة إلى العراق.
نقل كامل السلطةِ مِن قِبل رئيس الولايات المتحدة الأمريكيةِ، ورئيس وزراء بريطانيا، وآخرين من رؤساء القوات المتعددة الجنسيات في الدولة، والأرَتباط بالأُمم المتّحدةِ وبرنامج مساعدات رئيسي، وكَانت هذه مشروطة بتقدم المساومةِ السياسيةِ العراقيةِ المستمرة، لَن يَكُونا إبتعاد جذري مِن الجُهودِ المستمرةِ، لكن سَيكونُ عِندَهُ تأثير شديد كثيرا ولَرُبَما يُساعدُ على تشجيع إشتراكَ سنيَ ودعمَ شيعيَ أكبرَ.
فالحذر الذي يجب أن يُقدّمَ في هذا الخيار يُصوّرُ الحاجةَ للحذرِ إجمالاً في الخياراتِ المتوفرةِ. والتقدّم الجوهري السريع لَيسَ محتملَ في أيّ منطقة وهو يَأْخذَ وقتاً وجُهدَ لجَعل الأشياءِ تَعملُ. والوعود الخاطئة بالتقدّمِ والإنسحابِ الأمريكيِ يُمكِنُ أَن يَغطّيان المغادرة لكن لا يُؤدّيان إلى النجاحِ. هذا كله واضح جداً مِن حالة التقرير الفصلي لشهر آب المكتوب بشكل مخفي عميقاً في وزارة الدفاعِ، فالوزير الجديد للدفاعِ، عبد القادر محمد جاسم، يُجابهُ التحديات التي تُواجههُ، وهذا يَجعلُ علامتَه… عِلاقات قَريبة وفعّالة تُصاغُ مِن قِبل أعضاء الفريقِ مَع كُلّ مسؤولو قيادة وزارةِ الدفاع الكبار، والثقة، وكذلك القدرة،هو تنشيط لهؤلاء المسؤولين. إنّ الوزاراتَ والقيادة المشتركَة يتوقع أن تكون في المقدّمة بدعمِ الإئتلاف بنهاية عام 2007.على أية حال, شراكة هذه المؤسساتِ سَتَكُونُ مطلوبة خلال على الأقل النقلِ السلميِ الأولِ للسلطة في 2010.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية – واشنطنCSIS
نشرت في October 25, 2006 3:53:39 PM

خيارات للعراق: الجيد على الأغلب، السيء، والقبيح(2-6)

أنتوني.كوردسمان
ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي

* خطة إمتصاصَ دعمَ ومساعدة المليشات الشعبيةِ
من السّهلِ التَحَدُّث عن حَلّ الجيوش الشعبية (المليشيات). إنّ الحقيقةَ،على أية حال، ليس هناك خطة أمنَ عراقيَة وشيكَة يُمكِنُ أَن تَحلَّ محلهم بسهولة، ويَرمونَ 10,000 شخص مِن الشبابِ العراقي إلى الشارعِ ستكون كارثة قبل الآن، بعد إنهيارِ الجيشِ العراقيِ. فالتفاوض حول برنامجَ المساعدات بشكل مُحدّد مرَبوطَ بالمعونة الإقتصاديةِ والوظائفِ لأفراد المليشيات،والتي إنتقلت لكي تَجِدُ الجيوش الشعبية وقوّاتَ الأمن تُوفّرانِ بعناية وظائفَ الأمنِ المحليّة، وإستيعاب البعض في القواتِ العراقيةِ سَيكُون صعبا، لكن كُل البدائلَ تَبدو أسوأ.
والتَفاوضَ ثنائياً أَو برنامجَ مساعدة متعددة الجوانبِ طريق واحد لتسهيل ما سيكون في أحسن الأحوال مشكلة مستمرة رئيسية من سنة الى سنتان على الأقل.

* خارج مساعدةِ الإئتلاف؛ الإنسحاب المُخفف
إختلاف في واحد أَو كُلّ الخططِ أعلاهِ هو أَن تَربطَ المساعدةَ وإنسحاب الولايات المتّحدةَ/ القوات المتعددة الجنسيات سوية الى خطّط مشروطة بالتسوية العراقية. إدخالَ خطةَ تعزيز بناءِ العراق ويؤسس عليها كُلّ التدخّل الخارجي سَيَكُونُ صعبَ، لكن حتى إتفاقيةَ على المبدأِ لَرُبَّمَا يَكُون لَها بَعض القيمة السياسيِة.

* إئتلاف النفطِ الدوليِ

تعطّيل أحد أكثر نظرياتَ المؤامرةِ ضرراً، ومُعالجة مشكلة التمويل والإقتصاد الوحيد الأكثر حراجة، ويَعرضُ على كُلّ فئة حافزاً يَدُومُ بإيجاد الإتحاد الإحتكاري الدولي الرئيسي لمُسَاعَدَة العراق لا يُنعشَ كامل صناعته النفطيةِ فقط، لكن يُوسّعُ قدرتهُ ويُطوّرُ الإحتياطيات في الوسائل التي تَعرضُ على كُلّ فئة طائفية وعرقية حافز رئيسي لَيسَ للمساومةِ فحسب لكن لضمان العملياتِ في منطقتِه الخاصةِ. فمثل هذا الجُهدِ سَيَكُونُ مُكلف من ناحية الإستثمار- من المحتمل 15-25 بليون دولار على مدى العقد التالي- لكن ليس أكثر كُلفةً من الإستثمار الذي يحتاجَه لإعادة العراق كمجهّز طاقةِ رئيسيِ.
إذا كان الجُهدِ دوليُ، والمنافع لكُلّ الممثلين الرئيسيينِ في العراق، والمُفاوَضونُ بشروط كانوا عراقيون يُمكنُ أَن يَرو منافعَ حقيقيةَ من دون أيّ خطر للإستغلالِ أَو "الإمبريالية"،هو ربما الخيار المحفّز الوحيد الأفضل المتوفر.
لا تَستطيعُ الولايات المتّحدة،على أية حال، إهمالُ الخطرَ بأن أيّ مزيج من الخياراتِ "الجيدةِ تقريباً" سَتَبقى تَفشلُ. إنها يَجِبُ أَن تُعالج بأمانة إمكانيةَ إنسحاب واسع النطاق أَو كليِّ مَع العراقيين، وحلفائها من القوات المتعددة الجنسيات، وأصدقائها في المنطقة. إن كُلّ الخيارات للإنسحابِ "سيئة" بمعنى أنهم سَيَرونَ وكأنها هزيمة أمريكية كبيرة ويُسبّبونَ مشاكلَ جديدةَ للإستقرار في المنطقةِ والحرب على الإرهاب. فبعض الخيارات،على أية حال،"قبيحة" بشكل فعال بمعنى أن يسيئُ إدارة الإنسحاب أَو الإسراع خارج العراق يَجعلُ الأشياءَ سيئة جداً.

مقدمة تحذيرية: حقيقة الحرب الأهليةِ
العراق في حرب" أهلية جدّية الآن"، يُقادَ بأرتفاع العنفِ الطائفيِ والعرقيِ بين العرب الشيعة والعرب السنة، والعرب والكُرد. وإن الحكومة العراقية لا تَتحرّكُ نحو المصالحةِ والتسويةِ السياسيةِ في المقدار الضروريِ لإبقاء هذه الحرب الأهلية مِن الوصول الى الأسوء، ويُكذّبُ الحكومةَ المركزيةَ، ويُقسّمُ البلادَ فعلاً. فجُهود الأمنِ الحاليةِ لا تَستطيعُ النَجاح بدون المصالحة والمساومة سياسياً بصورة كبيرة جداً والتي أخذت مكانها حتى الآن.فهم في أحسن الأحوال يَشترونَ الوقت، وحتى الآن من دون إيقاف تصعيدِ النزاعِ المدنيِ.
لا تَستطيعُ الولايات المتّحدة ببساطة الإنتِظار لرُؤية إذا كانت إستراتيجيتِها الحاليةِ وأفعالِها ستَجدي نفعاً. إنهم سوف لَن ينتظرون ذلك. إنّ الحالةَ تَتصاعدُ خارجة عن السيطرة، والولايات المتّحدة يَجِبُ أَن، أمّا تُعزّزُ بقوة الإستراتيجية الحالية أَو تُغيّرُها. إنها تَحتاجُ لخططَ مُفصّلةَ أيضاً وخياراتَ لـ"خطة إحتياط B"، الإحتمال بإِنَّهُ يَجِبُ أَن تَسحبَ قوَّاتَها ومن المحتمل أغلب أَو كُلّ المدنيين الموجودين مِن العراق.
تَمسحُ هذه الورقةِ مدى الخيارات الأمريكية للتَعَامُل مع هذه القضايا. أغلب أَو كُلّ المدنيين وهي تَتراوح مِن الخياراتِ التي صمّمت لجَعل إستراتيجيةِ التَحَالُفِ الحاليِ والحكومة العراقيِة تعملِ على خيارات للإنسحابِ الأمريكيِ. ووَضعَ البعضُ أهدافاً لَيست من المحتمل فاشلة فحسب، ولكن يَفرضُ الطلباتَ على السياسة الأمريكيةِ والأداء العراقيِ في الطرقِ التي يُمكِنُ أَن تَجعلَ الأشياءَ بشكل أسوأ ويُضعفُ أكثر فرصَ النجاحِ. ورُبَما يَزِيد الآخرون من إحتمالاتَ النجاحِ.
ليس هناك مزيجَ من الخياراتِ للعملِ الأمريكيِ يُمكنُ أَن يُزوّدَ خطةً مُقنعة لـ"النصرِ" في العراق. فالمبادرة عَبرت الى الأيدي العراقية.ويُمكنُ للولايات المتّحدة وأداءها الخارجي أَن يُشجّعَ التقدّمَ نحو المصالحة والتسويةِ السياسيةِ، وتحسَّن الأمن، لكن لا تَستطيعُ فرضه على زعماءِ العراق أَو الشعب العراقي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت في October 29, 2006 7:42:15 AM

خيارات للعراق:الجيد على الأغلب، السيء، والقبيح(3-6)

أنتوني.كوردسمان
ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي

في العالم الحقيقي، فرص ظُهُور أيّ شئِ من الأزمةِ الحاليةِ يَقتربُ مِن الإستقرار العراقيِ، الأمن، التعدّدية، والوحدة على أيّ شروط في أحسن الأحوال متساوية.
إذا جردنا كل من الدورة المتفائلة والتشاؤم المُريع، فإن الحقائق في العراق قَد تُلخّصُ كالتّالي:
1. المصالحة السياسية: زعماء العراق ما زالوا يُريدونَ وحدةَ ومساومةَ وطنيةَ، لكن الكلامَ لم يتبعه شيء جوهري. وإن خطة مصالحةِ رئيسِ الوزراء المالكي لم تسيطر على الوضع، والحكومة الجديدة لم تُظهر بأنّها يُمكِنُ أَن تُطبّقَ مثل هذه الخططِ أَو تُعيدُ السُنّة العرب الى داخل هيكل سياسي فعّالِ.
2. الحكم: لا تَستطيعُ الحكومة الوطنية حتى صَرْف ميزانيتُها؛ أقل بكثير يُثبتُ بأنّ لَها الآن هيكل وزاريُ فعّالُ أَو القدرةُ الحقيقية للحُكم في العديد مِن المناطقِ.الحكم الفعلي يُواصلُ تَخَلُّفه في الإدارات المحليَّةِ وتوجهاتها.
3. النظام القانوني وحكم القانون: ليس هناك إجماع حقيقي على أي نظامِ قانونيِ يُسْتِعمل، لا تَجِدُ محاكم في العديد مِن المناطقِ وفاسدة وغير مؤثّرة في العديد مِن المناطق الآخرى.السلطة القانونية، مثل الحكمِ، يَنقلُ الى الأسفل نحو المستوى المحليِّ.
4. السياسة: قسمت الإنتخابات في أواخر عام 2005 العراقيين عملياً مجموعات حسب الطائفةِ والعرق، وأقلية صغيرة وحسب، تلك التي صوّتت لصالح أطرافَ وطنيةَ حقاً. فليس هناك تركيبَ لحزبِ وطنيِ واضحِ ظَهرَ منذ ذلك الوقت. تَعرضُ الأحزاب الشيعيّةُ التنافسُ على نحو متزايد بين الأطرافِ الشيعيّةِ الرئيسيةِ الثلاثة. إنّ الأكراد يتوحّدونَ لكن التَوَتّراتَ تَوجِدُ على "الإستقلالِ"، يَتعاملُون مع حزب العمال الكردستاني، والتَوَتّرات الماضية بين حزب الأتحاد الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني.وإن السُنّة بدأوا بإكتِساب صدق الهوية السياسية الآن والطرفان السنيان الرئيسيان منقسمان وخلافيان.
5. دور الدستورِ: إيجاد دستورُ جديد لم يغعل شيء لتَأسيس الإجماع، وَقسم البلد بصورة أكثر. إنه يَتركُ أكثر مِن 50 مجال تحتاج التُوضّيحَ، وجميعها يَتضمّنَّ نِقاشَ خلافيَ فعلاً بين المجموعات الطائفيةِ والعرقية، والذي أغلبه يُمكِنُ أَن يُؤدّي الى تَوَتّرات إضافية على دورِ الدينِ في الدولة.
6. التنمية الإقتصادية: زيادات في أرقامِ الإقتصاد الكليَّةِ مثل الناتج المحلي الإجمالي يخفي مشاكل هائلةِ بالفساد، توزيع الدخل، والتوظيف، خصوصاً في المناطقِ السنيّةِ الواقعة في مشاكلِ والأجزاءِ الأفقر في بلدات ومُدنِ العراق الرئيسية. الشباب يُجبرونَ في أغلب الأحيان لإختياَر بين قوات الأمن العراقية، التمرّد، والمليشيات الشعبية للأسبابِ الإقتصاديةِ تماماً. إنّ إقتصادَ العالم الحقيقي في المناطقِ السنيّةِ يُواصلُ التَدَهوُر، والإستثمار حتى في المناطقِ الشيعيّةِ الآمنةِ تتحدّدُ بالخوفِ من الجريمةِ والتمرّدِ. وإن المنطقة الكردية تَصنع تقدم حقيقي نحو التطور وحسب.
7. المساعدة: صَرفَ العراق ما يفيض من الولايات المتّحدةِ بشكل كبير والمساعدات الأخرى التي أعطيت له بعد سقوطِ صدام بالإضافة الى أموالِ النفطِ مقابل الغذاءِ.أجزاء كبيرة من هذه المساعدات صُرِفت على الفسادِ والمقاولين الخارجيين والإستيراداتِ، الأمن، والمشاريع ذات التخطيط والتنفيذِ السيّئِ الذي لا يمكن دعمه الآن. العراق سَيَحتاجُ، على أية حال، مساعدة مستقبلية رئيسية ملحة للبِناء والتطوير إذا أُمكِنهُ أَن يُحققَ المصالحةَ السياسيَة والأمنَ. وإلتزمت الولايات المتّحدة بمساعدةِ تُموّيلُ تبلغ 20,6 بليون دولار من 20,9 بليون دولار إبتداءً مِن20 أيلولِ 2006.وقد ألزمَت بـ( 20,1$) بليون، وتم صَرفَ( 15,8$) بليون.
8. الطاقة والنفط: واصلَ العراق إنتاج أقل مِن 2,5 مليون برميلِ مِن النفطِ بِاليوم (2,3 مليون في أيلول)، وصدّر بشكل جيد أقل من 2 مليون برميل في اليوم.وكَانَ يعتمد على الوقودِ والغازولين المستورد لأكثر مِن 50% من حاجاتِه الكليّة. ليس هناك إعادةَ تأهيل رئيسيَة في حقولِ النفط في العراق ولم تأخذ التسيهلات مكانها. إستمرار تدفق الماءِ وتمويل النفطِ الثقيل إلى أَن تَكُونَ مشاكلَ رئيسيةَ، والقدرة لإستِعاَدة النفطِ مِن الحقولِ المنتجةِ تَتوسّطُ أقل مِن ثلثي المعدلِ العالميِ. فإذا أراد العراق أَن يَتفادى حرباً أهلية رئيسة، إنهيار حكومتِه، و/أَو إنفصال أَو تقسيم بشكلٍ من الأشكالِ، فإن لديهِ أقل مِن سَنَة في أي أن يُحرزُ تقدّمَ رئيسيَ ولَرُبَّمَا لَديه شهور فقط.

شكلِ الوقت الأكثر إالحاحا للتقدّمِ هو الحاجةُ لمساومة سياسية دائمة بين فئاتِه الرئيسيةِ: الشيعي ـ العربي، السني ـ العربي، والكردي، بينما يَحمي الأقلّياتَ الأخرى.فالمصالحة السياسية يَجِبُ أَن تُخاطبَ أيضاً مثل هذه القضايا الحاسمةِ، الفدرالية (الإتحاديةَ) والسلطاتَ النسبيةَ الممنوحة للحكومات المركزية والإقليمية، ودور الدينِ في السياسة والقانونِ، والسيطرة على عائداتِ التصدير والموارد النفطية، تعريف حقوقِ الإنسان،ومجموعة كبيرة من القضايا الأخرى.
والأمن لَهُ أولويةُ مساويةُ تقريباً، لكن الأمنَ لا يمكن أن يأتي ببساطة من خلال المساومةِ السياسيةِ واستخدامِ القوة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت في October 31, 2006 11:35:49 AM

خيارات للعراق: الجيد على الأغلب، السيء، والقبيح(4-6)

أنتوني.كوردسمان
ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي


يَجِبُ أَن تكونَ جُهود الأمنِ لديَها عملياتُ مراقبة وموازنة وذلك يُمكِنُ أَن يَجيءُ متى ما كانت الحكوماتَ والمحاكمَ فاعلة في الساحة فحسب.يجِبُ أَن يُؤسّسَ العراق كلا من الحكم الفعّال وحكم القانون؛ وببساطة ليس نشرَ جيشَ فعّال، الأمن، وقوّات الشرطة.لا تَشملُ الشرعية كَيف أُختيرت الحكومات، لكن كيف يمكن أن يَخدمونَ بشكل جيد الحاجاتَ اليوميةَ لشعبهم.وبمرور الوقت، يَجِبُ أَن يُواجه العراق تحدياته الإقتصاديةَ والسكّانيةَ أيضاً. أي أمة لا تَستطيعُ التَحول مِن فساد، القيادةِ الحكوميةِ "حكومة لصوص" في منتصفِ الحربِ. إنها لا تستطيعُ النَجاة ما لم يَجعلُ مثل هذا التحويلِ بمرور الوقت ويَنهي توزيع الدخل بشكل منحرف وغير عادل وميؤس منه، وينهي مستويات البطالةِ الكاملةِ والجزئية 30-60%، ويُصبحُ تنافسي على مستوى إقليمي وعالمي. إنّ الحقيقةَ الحاليةَ بأنّ التقدّمِ بطيء أَو متعثّر في كُلّ مِن المناطقِ الضروريِة لجَعل القوة العراقيِة تتطور بناجحِ.

النظرة الصحيحة إلى الخياراتِ الأمريكية
ليس هناك "رصاص فضّي" الذي يُمكِنُ أَن يُنقذَ الحالةَ بسرعة، والعديد مِن الجُهودِ لتَغيير الإستراتيجيةِ الأمريكيةِ الحاليةِ في العراق يُمكِنُ أَن يُزعزعَ جداً الوضع.فالأفكار الجذرية اللامعة سهلة الصياغَة. ولكن ليس الإقتراحات العملية المفيدة.الحقيقة بأنّ لا خيار أَو مزيجَ من الخياراتِ يُمكِنُ أَن يُوقفا العراق مِن أن يَكُون حالة ذي مستوى عالي من الخطرِ، لا يوجد، على أية حال،هذا يَعني بأنّ الولايات المتّحدةَ ليس عِندَها مدى الخياراتِ التي يُمكِنُ أَن أمّا تحسّينُ الحالةَ أَو يُخفّفُ الكلفةَ وصدمةَ الفشلِ.فالولايات المتّحدة لَها مثل هذه الخياراتِ، ولقد حان الوقت لإسْتِكشافها بأمانة وبدون تحيّز.
َيجِبُ أَن تَقتربَ الولايات المتّحدة مِن كُلّ الخيارات للنجاح، مثل هذه الخيارات ضمن المعايير تُضع عبر فَنَّ الممكنِ، ولَيسَ ضمن المعايير التي تُضع من خلال العقيدةً أَو عبر نصر الأملِ على التجربةِ. وهذا يَتضمّنُ تركيز جديد على الرغباتِ العراقيةِ والقيّمُ حتى إذا تضاربت مع تلك التسوياتِ الأمريكيةِ المتوسطةِ في الجُهودِ بتَقديم الديمقراطيةِ، حقوق الإنسان، حكم القانون، وخَلق الأنظمةِ العلمانيةِ.
فكرة بأنَّ يُصبحُ العراق بطريقةٍ ما ديمقراطياً والمثال الذي يُحوّل المنطقةَ، كَانَ خيال المحافظين الجدد المثير للشفقة منذ البداية،وإحتمال أولي يَقتربُ من الصفر سوف لَن يَتغيّرَ في المستقبلِ. وهذا لا يَعني بأنّ الأشياءِ لا يُمكنُ أَن تَكُونَ أفضل بكثيرَ في العراق، لكن المساومةَ السياسيةَ، المصالحة، والأمن اليومي يَجِبُ أَن يكونَ لهُ الأولويةُ ويَجِبُ أَن يأتي الإصلاحُ بالسرعةَ التي يُريدها العراقيين، ولَيسَ الولايات المتّحدةَ.
يَجِبُ أَن تَكُونَ أيّ إستراتيجية عملية مستندة على "التشجّيعَ" ولا "تُفرضُ". ومن المُهمِ على حد سواء فَهم بِأَنَّ هذا المسحِ مُصمّم لتَقديم الأفكار، ولَيسَ الخططَ. فقائمة الخياراتِ التي تبعتها ومُناقشتها يُزوّدانِ الخلاصاتَ الفظة فحسب مِن الخياراتِ المُقدمة.والنسخ العملية لأيّ خيار مُعطى يَتطلّبُ خطط تطبيقِ مُفصّلة وتحليلات التكاليف والأرباح. فكُلّ خيار أدرجَ لَهُ صور سلبية مُهمة ويُمكِنُ أَن يُسبّبَ تأثيراتَ قصيرةَ وطويلةَ الأمد غير متوقّعةَ. فالعراقي الآن غير مستقرُ جداً، ومنقسم جداً حسب الطائفة، والإنتماء العرقي، والمدينة، والمنطقة، والقبيلة التي تُترجمُ الأفكارَ الواسعةَ الى الخططِ المُفصّلةِ خطوة أولى حيوية قبل إقتِراح الخياراتِ الجديدةِ في المستوى الرسميِ.

الخيارات الأمريكية الأحادية الجانب
لَدى الولايات المتّحدة تشكيلة من الخياراتِ الأحادية الجانبِ، بالرغم من أن لكُلّ الخيارات فرصة كبيرة جداً في النجاحِ تقريباً إذا تَفاوَضِوا عليها مَع العراقيين وبالتعاون مع أصدقاء وحلفاء أمريكا:

* قوات أمريكية أكثر
كما الحالةُ في أفغانستان، الولايات المتّحدة ببساطة ليس عِندَها قواتُ كافيةُ لكلاهما لتُوفّرُ أمناً إضافياً وتُنفّذُ المهمّة التدريبيةَ. بخصوص هذه النقطة في الوقت الحالي، حتى الأن إرتفعْ العدد قربيا من 140,000-147,000 فرد، وهي قوات غير كافيةُ لتَوفير أمنِ المنطقةِ، والتعاملُ مع المُدنِ الرئيسيةِ، ومُعالجة عبءَ التدريب. فليس هناك عدد سحري، لكن من المحتمل إنه يَحتَاجُ على الأقل فرقة عسكرية آخرَى. هذا الخيار، على أية حال، يُقدّمُ عِدّة مشاكل حرجة. وليس عِند الولايات المتّحدة وحدة قوَّاتِ فائضةِ بمستويات المهارةَ والخبرةَ بالمنطقةِ التي تحتاجها. فوَضع القوَّاتِ في الميدان يَتطلّبُ دعماً ووسائل،والتي في أغلب الأحيان مفقودة. إن قوات الولايات المتّحدةِ الأرضِية تتناوب الآن أكثر من وتَتوجّهُ إلى سَنَة واحدة أَو أقل لتَدُورُ الى الوطن بخلاف مدة بقائهم وهي 18 شهرِ.
سَتَكُونُ المشاكل السياسية المحلية جدّيةَ.وهناك إمكانية واحدة هي أَن تُقدم برنامج علاوةِ خاصِّة لقسم موظفي الخدمةِ الطويلة الذي يشمل الجنود بصورة رئيسة والذين كان لَهم إتصالُ واسع مَع العراقيين أَو التجربةِ في المنطقةِ، يُضافُ على ذلك كلا من عدد "الجنود" إثارة للاهتمام و"العقول الصحيحة التي تقودهم".إنّ الحقيقةَ، على أية حال، بأن الولايات المتّحدة لَيست في نزاع إقليمي جدّي والذي تَحتاجُ فيه الى قواتَ أكثرَ، ويُواجهُ كلا من هيكلية القوات الحرجة والتقييداتِ السياسيةِ في إثبات ما تَحتاجُه القوَّات.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت في November 11, 2006 2:46:09 AM

خيارات للعراق:الجيد على الأغلب، السيء، والقبيح (5-6)

أنتوني.كوردسمان
ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي


* برنامج المساعدات المدني الأكبر
سَتَحتاجُ الولايات المتّحدة بالتأكيد برنامج مساعدات جديد رئيسي أثناء السَنَة التالية تقريباً. هذا الجُهدِ يُمكنُ أَن يَكُونَ تفاعليَ، ويَكُونُ مُنبثق خارجي بالزياداتِ ويَأتي متأخر جداً لأَن يَكُونَ عِندَهُ تأثير سياسي رئيسي. بدلاً عن ذلك، يُمكنُ للولايات المتّحدة أَن تَتصرّفَ بشكل حاسم وتَستعملُها في المُحَاوَلَة لرِبح المساومةِ والإستقرارِ السياسي. إن تكلفة العملية الحالية 10 بليون دولار في الشهر تقريباً للحفاظ على عمل القوات, وبرنامج المساعدات الرئيسي يكلف (10-20 بليون دولار) والذي يُمكِنُ أَن يُعجّلَ بتخفيض القوّاتِ الأمريكيةِ خلال حتى بضعة شهور،وسَتَكُونُ عند ذاك التكلفة رخيصةَ جداً، خصوصاً إذا أدخل الى الصرف أكثر من سنتين ماليتين.
يَتوقّعُ مثل هذا الخيار بشكل من الأشكال، أمر حتمي ببساطة أيضاً إذا الولايات المتّحدةِ تُطابق معايير العالم الحقيقي للنجاحِ في العراق. يَجِبُ أَن تُقدم الولايات المتّحدة المساعدةَ والدعمَ للعراق حتى عام 2010، ومن المحتمل الى ما بعد ذلك.والتخطيط لهذه الحقيقةِ تَسمحُ للولايات المتّحدةِ الآن بأيجاد الحوافزِ الجديدةِ، ولا تتصرفَ بردود الأفعال على الأحداثِ ببساطة. إنّ المشكلةَ الرئيسيةَ بمثل هذه النسخةِ الأحادية الجانبِ من هذا الخيارِ بأنّه حتى إذا ُقدَّمِ بالشروطِ القويةِ كحافز للعملِ العراقيِ، فإنه سَيَرى كفَرض، ولا يَتم دعمه. إن البرنامج الذي يطوّرَ مَع العراقيين، سَتكُونُ مصداقية الحافز فيه كبيرة جداً.ومثل هذا الجُهدِ يُمكِنُ أَن يَجذبَ دعمُ بريطانيا والقوات المتعددة الجنسيات الآخرى بشكل كبير أيضاً ومن المحتمل دعم مِن الدول العربية المتحالفِة والأممِ الإسلاميةِ.
علاوة على ذلك، الفوز بدعم الكونجرس والمساندة الداخلية للحصول على صكّ فارغ سَيَكُونُ أصعب حتى مِن أكثر جُهودِ المساعدةِ، وليس لدى الحكومة الأمريكية ومجتمع العقودِ، أَنَّهُ يَجِبُ، ويُمكِنُ أَن يُخطّطَ، يُديرُ، أَو يَضمنُ جُهدَ مساعدةِ هائلِ وفعّالِ أَو يُخصّصُ طريق من الطرقِ التي تُقابلُ الرغباتَ والتوقّعاتَ العراقيةَ.
وعلى النقيض من ذلك, جُهد سفارة الولايات المتحدة المشتركة/ الحكومة الأمريكية لبرنامج التَفَاوُض بأن يُخطّط العراقيين ويُديرونَ، ويُوزّعونَ بالسيطرةِ الماليةِ الأمريكيةِ المناسبةِ يُمكِنُ أَن تَعمَلُ الكثير لضبط وَضع الفئات العراقيةِ التي سَتَقبلُ وتَكُونُ راغبةً للتَصَرُّف بناء على ذلك.إنها ستُوفّرُ قاعدة دوليةِ، تَحالفَ، ومساهمة عربية/ إسلامية أَو دعماً للعملية بعد ذلك.

* برنامج مساعدات تُغيّرُ الجيش/ الشرطة
إنّ جُهدَ المساعدة الأمريكيةِ الحاليِ يَستنفذُ المالَ، ولا يُزوّدُ مستوى الأسلحةِ والحمايةِ الضروريِ حتى لمهماتِ مكافحةِ التمرّد ، ويَخلقُ جيشاً عراقياً أقل بكثير من الذي يُمكِنُ أَن ينتقلَ إلى الدفاعِ النهائيِ عن الأمةِ. إن برنامج رئيسي يخرج على عِدّة سَنَوات، مَع إنتقالَ واضح إلى السيطرةِ والإدارةِ العراقيةِ سيُخرجا الولايات المتّحدةِ ومُستشارو القوات المتعددة الجنسيات يُمكنُ أَن يُكُونَوا حافزاً للوحدةِ والمصالحةِ العراقية. مرةً أخرى، يَعني النجاحَ الإلتزامَ الأمريكيَ إلى عام2010 وما بعد ذلك في أيّ حالٍ منَ الأحوالِ.
المشكلة العملية مَع نسخة أحادية الجانب لهذا الخيار،على أية حال، تماماً مثل المعونة الإقتصادية. بأنّه حتى إذا ُقدَّمِ بالشروطِ القويةِ كحافز للعملِ العراقيِ، فإنه سَيَرى كفَرض، ولا يَتم دعمه. إن البرنامج الذي يطوّرَ مَع العراقيين، سَتكُونُ مصداقية الحافز فيه كبيرة جداً، والذي يُخفّضُ الخطرَ بأنَّ الأسلحة والأجهزة الأفضل ستَُنهي تَسليح الفئاتِ إذا تَتفكّكُ العراق إلى الحرب الأهليةِ. مثل هذا الجُهدِ يَجِبُ أَن يَتضمّنَ دعمُ بريطانيا والقوات المتعددة الجنسيات الآخرى لأن قوَّاتِهم في الخطرِ، وكسب الدعم مِن العرب المتحالفِين والأممِ الإسلاميةِ سَيَكُون حاسم. علاوة على ذلك، إنه يَجعلُ الأمر أكثر سهولة ثانيةً للحُصُول على دعمِ الكونجرسِ والمساندة المحليِة، ويَسمحُ لفريق الجيشِ الأمريكيِ والقوات المتعددة الجنسيات في العراق للتَفَاوُض بخطة مُفصّلة وعملية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت في November 16, 2006 10:42:16 AM

خيارات للعراق: الجيد على الأغلب،السيء، والقبيح (6-6)

أنتوني.كوردسمان
ترجمة الباحث:أمير جبار الساعدي


* مواعيد نهائية/ شروط/أهداف للعملِ العراقيِ والإنسحابِ الأمريكيِ
لا تَستطيعُ الولايات المتّحدة التَصَرُّف وكأنه ببساطة يُمكنُ أَن "تَبقى بنفس الطريق" من خلال إلتزامِ ذو نهاية مفتوحِة. وهذا شكل خطر مِن الإطمئنانِ لأن وضع السياسيَ المحليَ الأمريكيَ من المحتمل لا يَستطيعُ دَعمه.
يوجد، على أية حال، إختلاف مهم بين تقويم مواعيد الوضع النهائية والأهدافَ والشروطَ الأمريكيةَ المعلنة لإستمرِار الدعمِ. فالمواعيد النهائية الضمنية أكثر مرونة مِن المواعيد النهائية المثبتةِ أيضاً. وأرسلت الولايات المتّحدةُ هذه الرسائلِ إلى حدّ ما،لكن يُمكِنُ أَن تَؤدي عمَلهاُ بشكل أفضل بكثير مِن إيصال التحديدِات إلى حد إلتزاماتِها. يُبلغُ إمتِلاك أعضاء الكونجرسِ الرئيسيينِ هذه الرسالةِ سوف يُساعدُ على جَعل الأمر واضحاً بصورة أكبر إلى العراقيين بأن الوقتِ قَد يَنتهي إذا لم يَحدثُ التقدّمِ المطلوب.إنه يَجِبُ أَن يُشدّدَ بأن مجرّد وضعُ المواعيد النهائية للإنسحابِ، أَو المساومة /المصالحة، سوف لَن تُجبر العراقيين على العملَ الإيجابيَ. وجَعلَت السَنَة الأخيرة القسوة واضحة بأنّها سَتُشجّعُ ببساطة أولئك الذين يُريدُون خروج الولايات المتّحدةَ بأي ثمن كان، ويَخلقُ الضغوطَ على الحكومةَ العراقيةَ التي لا تَستطيعُ التَحَمُّل مالم تقدم لَها حوافزُ جديدةُ للعَمَل بها،وهذا يُقدمُ هدف للمتمرّدين والمجموعاتِ العدائية.

* جعلت وضوّحُ الإلتزامَ الرئاسي بأن ليس هناك قواعدَ أمريكيةَ، ومن ثم لا يوجد حضورَ أمريكيَ وراء ما تَطلُبه الحكومةِ العراقيةِ؛ ومن ثم الإنسحاب الفوري إذا لم تَسألُ الحكومةِ العراقيةِ الولايات المتّحدةِ/ والقوات المتعددة الجنسيات بالإنسحاب.
الولايات المتّحدة لَها كُلّ الأسباب لجَعل الأمر واضحاً إلى العراقيين بإِنَّهُ لَيسَ لها طموحاتُ لبقاء دائم في العراق، وبأنّها تُتعهّدُ بِحزم لتقليل كُلّ سمة من سمات بقاءها بأسرع ما يمكن، ولَيسَ لَها طموحاتُ تَتعلّقُ بالنفطِ العراقيِ، وبأنّها ملتزمة بِحزم بالسيادةِ العراقيةِ وسَتَنسحبُ فوراً إذا طُلب منها ذلك. تَحتاجُ الولايات المتّحدةُ لتَعطيل نظرياتِ المؤامرةَ والمخاوفَ، وتُشعر العراقيين بإِنَّها سوف لَن تَتحيّزَ عند نشوب الحرب الأهلية أَو يَتدخّلونَ أَو يَتفاوضونَ إذا طَلبت الحكومة منهم المغادرة، ونقل المسؤولية لترتيب، طول وحجم الجُهدِ الأمريكيِ في العراق إلى الأيدي العراقيةِ. فالبعض في إدارة بوشِ والفريقِ الأمريكيِ في العراق يَشعرانِ بأن هذه الرسالةِ كَانت قد وصلت بشكل كبير.وهذا صحيح لمدى معين. على أية حال، الرئيس وحده يُمكِنُ أَن يُرسلَ هذه الرسالةِ حقاً وهو يَجِبُ أَن يَكُونَ واضحَ ولَيسَ مدفونَ في رسائل أخرى.
وأي إختلاف على هذا الموضوعِ سَيَكُونُ عَرض لتَحويل مهمّةِ الأمنَ إلى الأُمم المتّحدةِ أَو الأيدي الدوليةِ حالما يَطلب العراق ذلك، وإيَجاد حافزاً غير محدودَ لهذا النقل وثانيةً تَعطيل المخاوفِ ونظرياتِ المؤامرةِ.

* تشجّيع "الإتحاد"(الفيدرالية) أَو تقسيمَ البلادِ
الولايات المتّحدة رُبَّمَا تَوفر مساعدةِ إقتصاديةِ أَو أمنِية في النهاية لتطوير مفهومِ عراقيِ عِن الإتحادِ(الفيدرالية)أَو الإنفصال. الفكرة بأن الولايات المتّحدة لَها القدرةُ لإقتِراح الإتحادِ (الفيدرالية) أَو نوع من الإنفصال، يُمكِنُ أَن يَعملَ ذلك من دون أَن يُرى فورا كعدو لِبَعض أَو كُلّ الفئات، ويُمكِنُ أَن يَتفادى ردَّ فعل هائلَ في العالمِ العربيِ، ويُستَعدُّ "للتَطهير" العَنيفِ والإنتقال وهمٌ خطير.وتُحذّير من أن يحصل مثلما حصل في لبنان والصومال،أن يُصبحُ صانعَوا السلام عدوا في اللحظةَ التي تَرى أيّ فئة مُتواجدة بأن تصرف أمريكا عدائياً أَو مُسَاعَدَة الجانبِ الآخر. الحيادية أمر صعبُ حتى في إسناد خطةَ ومساومةَ عراقيةَ؛ وفرض خطة يعد وصفة للكارثةِ.
خيارات الجُهودِ الثنائيةِ أَو المتعددة الأطرافِ لتشجّيع المصالحةُ السياسيةُ بشكل أكبر.

وجَعلت الولايات المتّحدةُ المصالحةَ السياسيةَ العراقيةَ والمساومُة على قمة أولويتَها على مستوى السفارةَ وخلال الزياراتِ العاليةِ المستوى.هناك عدد مِن الخياراتِ التي قَد تَقوّي القدرةَ الأمريكيةَ لنَيل هذه الأهدافِ بالإضافة إلى الأبعادِ الإقتصاديةِ والأمنِية للإستراتيجيةِ الأمريكيةِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية – واشنطنCSIS
نشرت في November 27, 2006 9:44:26 AM

الأربعاء، 16 ديسمبر 2009

عصا مجلس النواب السحرية

الباحث:أمير جبار الساعدي

طالعتنا بعض الفضائيات بتصريحات ممثلينا الغير ممتثلين لحقوق أبناء هذا الشعب المستباح دمه ، فلا محكمة تنظر في قضيته ولا محامي يدافع عنه ولا إدعاء عام يطالب بعرض قضيته ، والملفت لسمع وعين المشاهد لسيدات وسادة نوابنا هو قولهم بأنهم قد توصلوا لوضع يدهم على الجرح الذي يسبب النزيف العراقي وذلك بالوقوف على أسباب الانهيار الأمني وتداعياته في بغداد والأمن بشكل عام وسيقومون بإعلان ذلك على الملأ غدا أو بعد غد، فتصوروا عمق المشكلة لدى السادة النواب وكأنهم يملكون العصا السحرية التي ستحل مشاكل الأمن واختراقاته بمجرد مناقشتهم وكتابتهم ومطالبتهم بتنفيذ ما وجدوا بأنه الخلل ، ذلك شيء جيد بأن يشخصوا الأسباب وراء هذه الخروقات الأمنية التي ندفع ثمنها غاليا ولكن أين الحل للمشكلة وأنتم تضعون الحلول وتفرزون الأسباب مازال هناك خرقا واضحا على الساحة، وكأننا نعيش في حالة حرب مستمرة ففي يوم الثلاثاء وفي نفس المربع الدموي والأسود لهدر دم الأبرياء حصلت ثلاث تفجيرات وانهالت ثلاث ضربات بالقذائف في هذه المنطقة المهمة والمشؤمة لدى البعض نتيجة سقوط الضحايا، وأنتم تصرحون بأنكم قد قصرتم في أداء الواجب الرقابي على الأجهزة الأمنية وأن استضافة المسؤولين الأمنيين جاءت متأخرة، فماذا وضعتم سادتي لاتقاء ضربات "الهاون" وهي ظاهرة قديمة على ساحة المنطقة الخضراء والبيضاء وكيف تأخرت الاستضافة وكانت قبلها تساؤلات واستضافات لم تسفر عن شيء ملحوظ على أرض الواقع، وأين هي غرف العمليات المشتركة والتكنولوجيا المتطورة والمناطيد الطائرة التي من المفروض أن تؤمن المسح والكشف لكل قطاعات بغداد فمن أين تحركت هذه العجلات المحملة بالدمار وكيف اخترقت الأبصار ونقاط التفتيش فهل العيب في غرف العمليات المشتركة أو أنها متورطة بالمثل مع مرتكبي هذه الجرائم أو أنهم يضحكون على الذقون بهذه الكاميرات والأجهزة لمتطورة أم مازلنا حقل تجارب لمختبرات المسح والكشف الاستخباراتي والمعلوماتي ، وإذا كان القول بأنهم أبلغوا الجهات الأمنية العراقية بأن خرقا أمنيا سيحصل، فلماذا تأخر منهم التحرك والرد السريع أولاً يا غرف العمليات المشتركة فلو كان مسؤول أمني، حكومي، سفارتي قد رغب بالتجول والانتقال من مكان الى أخر ألم تكن عجلات الشركات الأمنية والمرتزقة ، وطائرات الهليكوبتر التي تستبيح سماء بغداد وأمن أبنائها حسب النظام الدولي للطيران والذي يمنع الطيران فوق المناطق الأهلة بالسكان تهرع بالتسابق على التفرد بالشارع وإزعاج العراقيين حفاظا على أمنهم، فهل ترى أيها النواب، آيتها الحكومة بأن دماء وأرواح العراقيين بهذا الرخص بما يمنع هؤلاء من الإسراع للانطلاق وتأمين تلك المناطق المهددة، ألم يكونوا يطلقون عمليات الإنزال والمداهمة بالطائرات لو جاءتهم معلومة عن أحد المطلوبين من القاعدة أو مجرما مطلوب لديهم، فما الذي تغير عندما يتهدد الأمر المئات من العراقيين ولا يوجد من يحرك ساكن منهم، فهل كانت الحكومة العراقية ستغضب أو تقطع العلاقات والتعاون مع قوات الاحتلال لو تحركت وأنجدت بنفسها المغدورين وأفشلت مخطط الإرهابيين من أين ما كانوا أم هو مخطط لإفشال جهات سياسية معينة بعينها واثبات فشل القوات العراقية بالرغم من المساعدة الأمريكية المشكوك بها لتلك الأجهزة ومدها بالمعلومات الاستخباراتية.
وعودا على ذي بدء، مازال هناك عدد من النواب يبدي عدم قناعته بكفاءة وقدرة الأجهزة الأمنية بما لديها من معدات تمكنها من الوقوف بوجه الإرهاب، وأن كل الذين حضروا جلسات الاستماع من المالكي وحتى أبسط مسؤول أكدوا أنهم لا يستطيعون وقف التفجيرات. فكيف سيتسنى لكم أيها السادة المشرعون بما توصلتم اليه من نتائج ومقررات أن تتصدوا لخبث هذه العمليات المجرمة التي توغل بنا قتلا وتدميرا.
على جميع المشتركين في العملية السياسية والذين لاحظنا بكل وضوح عملية احتدام المنافسة الانتخابية بينهم تحضيرا للانتخابات النيابية المقبلة من قبل أن تبدأ الحملة الدعائية لتلك الانتخابات أن لا يضحوا بالعراقيين على مذبح الحرية والديمقراطية من اجل توسيع قاعدة المؤيدين لهم لكسب الأصوات فأن الشعب العراقي أصبح أكثر وعيا وأكثر إدراكا لخيوط هذه اللعبة السياسية المراد بها صالحه بالدرجة الأولى وليس قتله وتعويقه.

الأحد، 13 ديسمبر 2009

قياس الإستقرارِ والأمنِ في العراق

* أنتوني. كوردسمان
ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي

مقدمة تقرير فصلي: هناك تقدّم ولكنه بعيداً عن الحقائقِ، والأمة تَحتاجُ وتَستحقُّ ذلك.
الحاجة للحقيقةِ والموضوعيةِ
إذا أرادت الولايات المتّحدةِ أَن تَخُوضَ "حروب طويلة" ضدّ المعارضين اللا مُتَناظِرين، خصوصاً عندما تكون حروب تصوّرات سياسية وأيديولوجية مهمة كالحقائقِ على الأرضِ، إنه أمرٌ حيويُ أَن يَكُونَ هناك تقييمٌ صادقُ عن مقدار جودة إستراتيجيتها ووسائلها وادائها، والمشاكلِ والمخاطرالتي يواجهَها.لأن التلفيق والمبالغة يُمكِنُ أَن تُحفّزالوضع لفترات قصيرة ولكن لَيست للنزاعاتِ المستمرةِ.إن البيانات المتمركزة حول العرق كونه الغاية الأسمى أَو الخوف من الأجانب يُمكِنُ أَن يُضلّلانِ وحسب.
إدِّعاء النجاحِ قبل أن يُنجَز عبارة عن وصفة لفقدان المصداقيةِ والدعمِ في كُلّ مستوى. ونفس الشيء يصحّ على التقليل من المشاكلِ والأخطارِ. كان يَجِبُ على الولايات المتّحدة أن تَتعلّمَ هذه الدروسِ في فيتنام، وإلى درجة أقل مِن تجربتِها في لبنان، هايتي، والصومال. كان يَجِبُ عليها أن تتعلّمَه مِن حالاتِ فشل إستخباراتِها في تَقييم أسلحة الدمار الشامل العراقية.لقد صمّمت التقاريرُ لتَأييد السياساتِ المُقدمة، وهي خطرة بما فيه الكفاية عندما يُضلّلونَ تشكيلَ السياسة الداخليةِ فحسب، إنهم يَقتلونَ الناسَ في الحربِ.
وهذا لا يَعني أن هناك حقيقة وحيدة واحدة أَو إن تلك الجُهودِ التي سَتَكُون موضوعيةَ سَتَنجح. فليس هناك كميةَ من التحليلِ يُمكِنُ أَن تُزيلَ كلا من إضطراب أَو ضبابية الحربِ. فالخبرة والبحث لا يُمكِنُهما أبَداً إزالة المناطقِ الحرجةِ المُهملة، وهناك العديد مِن المناطقِ حيث أنَّ الخلاف ليس الشرعية فحسب، ولكن يجب أن تُناقشَ بشكل مفتوح إذا ارادت الولايات المتّحدةِ أَن تَتكيّفَ مع تدفقِ الأحداثِ في النزاعاتِ المستمرةِ.
في قضية مثل الحربِ على العراق، على أية حال، تَحتاجُ السلطة التنفيذيةَ لمُقَابَلَة أعلى معيارِ محتملِ في تقديم التقرير عن فصلِ الحربِ.إن الشعب الأمريكي والكونجرس، قَد لا تُوافقا بالكامل على ما تتبعهُ السياسة، لَكنَّهم مِن الضروري أَن يَكُونا قادرين على وَضع الثقةِ الدائمةِ في ما تعمله الإدارةِ من إتصالات وفي نوعيةِ جُهودِها. ويُمكِنُ أَن يُبنَى الدعم الدائمي على ذلك النوعِ مِن الثقةِ والتقارير فحسب، ونفس الشيء يصحّ على أيّ شكل من التعاون بين الحزبينِ.
الأكثر أهمية، على أية حال، مقاتلو الحربِ والمسؤولين الذي يُسرّعونَ، يَكذبونَ، ويُبالغونَ دائماً إنهم أكثر مِن يُضلّلونَ الآخرين. ويُظهر كل تأريخِ الحربِ بأنّهم يَنتهونَ في الكذب على أنفسهم.إن مثل هذه الجُهودِ للحُصُول على لونِ الدعمِ لكل العملية السياسيةِ والإستخباراتِ والعديد مِن مظاهر العملياتِ الاخرى أيضاً.وإن الضبّاط والمسؤولون الذين يَجِبُ أَن يَكُونوا قاسين في النقّدَ الذاتيَ يُصبحونَ رؤساءَ المشجعين والمؤمنين الحقيقيينَ بذلك. لقد تجاهلوا التحذيرات والنقد الصحيح. وإن الأعمال تَقُادُ بالإتّجاهاتِ والأحداثِ المرفوضة سابقاً بدلاً مِن تَشكيل مثل هذه التيارات والأحداثِ.وإنها تَغمرُ العقيدةُ والولاءُ السياسيُ الواقع والحاجةُ للتَكيّف والتَعَلّم.
إن التقارير الثلاثة الأولى إلى الكونجرسِ عن قياس الإستقرارِ والأمنِ في العراق أخفقا في الإلتقاء عملياً مع كُلّ معيار محتمل للمصداقيةِ ووحدة أراضيه.إنهم كَانوا خِزيٌ على الخدمة الحكوميةِ وعلى كُلّ شخصِ شاركَ في الصيَاغَة وصدقهم. كَا ن تقييمهم خيريا بإعطائهم درجة "F". إن وميض البصيرةِ التي زوّدوا بها، حيث غَمروا بشكل إجمالي بإدّعاءاتِ التقدم السياسية والإقتصادية تلك الأحداثِ أثبتت خطأها قبل فترة طويلة، إنهم جَعِلوا؛ الإنجراف نحو النزاع الطائفيِ والعرقي حيث قُلّلا من قيمته بينما تَحرّكت الأمة باتجاه خطر جدّي نحو الحرب الأهليةِ، والتقدّم الصحيح في البُعدِ الأمنَي قد بولغَ فيه وأخطأوا في تقاريرهم.
يَجعلُ التقريرُ الحاليُ بَعض التقدّم الهامِ في عِدّة مناطق، والأكثر ِأهمية في هذا التقرير هو خطرِ الحرب الأهليةِ. إنه بعض الشّيء أكثرُ واقعية في تَقييم الخطرِ السياسيِ، وتحليل تأثيراتِ المساعدةَ والإتجاهات الإقتصادية في النَصِّ المُفصّلِ للتقريرِ المُوَسَّعُ في الطرقِ التي تَتجاوزُ الإحصائيةَ الخامَّ الغير دقيقة على الأقل لعَكس وجهة النظر الصحيحة بصورة أكبر لما يَحدثُ هناك. إنّ المشكلةَ تَبقى،على أية حال، إذا أرادت الولايات المتّحدةِ أَن تُشكّلَ سياسةً تدُومُ نحو العراق، وتُطبّقُها على الذي يَبدو على نحو متزايد يُحتملُ أَن يَكُونَ فترة آخرِى على الأقل لنِصْف عقدِ قادم، إنها تَحتاجُ لمعرِفة الحقيقةِ. إنها تَحتاجُ لقُبُول الخطرِ بأنّه قَد تصاب بخسائر ولَها خططُ عمليةُ بديلِة.كما تَحتاجُ لمعرِفة مستوى المصادرِ التي يَجِبُ أَن تَتعهّدَ بها لإمتِلاك فرصة حقيقية مِن النجاحِ. وتَحتاجُ الى صورةَ صادقةَ عن "التمرد" ومصادرِ العنفِ الطائفيِ والعرقيِ. ببساطة، لتُحاربُ حروبَ طويلةَ يَتطلّبُ ذلك ثقةً، والثقةَ تَتطلّب إلتزاماً دائماً الى المصداقية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* المُسوّدة مُرَاجَعة: 5 أيلول 2006- مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية – واشنطنCSIS
نشرت في October 15, 2006 3:53:24 PM

السبت، 12 ديسمبر 2009

النجاح في العراق يعود إلى العراقيين

* مايكل.أوهانلون
ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي


كَانَ الرّئيس بوش توكيديَ في قوله بأنّ القوَّاتِ الأمريكيةِ سَتَتركُ العراق وحسب عندما تَسمحُ الظروف لها هناك. وإن نظرته "البقاء على الطريق"، تُؤكّدُ تواصل حاجات العراق بأَن يَعمل في الأمنِ والمواضيع الأخرى قبل أَن نتمكِنُ من المُغادرة بشكل متعقل، أرسلَ إشارة قويَّة إلى أصدقائِنا العراقيينِ الذين إلتزامِنا معهم متين -وإلى العراقيين و"الأعداء الجهاديين" بأننا لَن نُخافُ فنهرع إلى مغادرةٍ مستعجلة.
جَعلت هذه "الظروف الأساسية" للسَنَوات القليلة الأولى للتدخّلِ الأمريكيِ في العراق إستراتيجيةَ الخروجِ فيها بَعض المعنى.لكن نظراً لحالةِ الأمنِ المتدهورةِ في بغداد وظهور نزاعِ طائفيِ متزايدِ بين السُنّةِ والشيعة، قَد آن الأوان للذي ُيدعَى بإستراتيجية الإلتزامِ بالشروط الاساسية.
تَجعلُ هذه الإستراتيجيةِ الجديدةِ تواجدنا العسكري المستمرَ في المناطقِ غير الكرديةِ للعراق متوقفة على بَدء خطواتِ الحكومةِ العراقيةِ المُتأخرة طويلاً والتي تكون حاسمة لأيّ أمل بالنجاحِ.
سيكون أمراً مماثلاً للذي طالب به الكونجرس مِن السلفادور في الثمانيناتِ، عندما وضع شروطا لاستمرار المساعدة الأمريكية وهي استمرارالتقدم الجوهري نحو إزالةِ فرقِ الموت المدعومة من قبلِ الحكومةَ والإحترامَ الكبير لحقوقِ الإنسان عُموماً.مثل هذا الموقف في العراق يُمكِنُ أَن يُثيرَ الإصلاحاتَ المطلوبةَ بينما ما زالَت تَسمحُ للرئيسَ بالمرونةِ الكافيةَ.
تُوضح هذه النظرةِ بأنّ قراراتَ السياسة الأكثر أهميةً التي يحتاجها الآن العراق يُمكِنُ أَن تُتخذ بواسطة العراقيين فحسب. كما إنها تدرك السياسةَ المُتَغَيّرةَ للعراق في الولايات المتّحدةِ أيضاً. يَعتقد أكثر الأمريكان بأنّهم أمّا يَفقدونَ أَو يَظْلّونَ دون تقدم -وتقييمهم لَيسَ بعيدَ. إذا بقت مهمّةِ العراق مستمرة سياسياً في الوطن، فإننا نَحتاجُ لإيضاح بأنّ إلتزامِنا لَيسَ غير محدودَ وإننا بدون الإصلاحاتِ الضروريةِ سوف لَن نُواصلَ صَرْف الدمِّ الأمريكيِ وخزينتنا على عملية فاشلة.
يُواجهُ العراق الآن "تمرّدا" أساسه سني والذي يَنقلُ إلى حرب أهلية سنيّة شيعية. تحتاجُ إدارة رئيسَ الوزراء نوري المالكي لتَأسيس شرعيتِها في نظر المجتمع السنيّ ليَكُونَ عِندها أيّ أمل بهَزيمة التمرّد، وأعطاء السُنّةَ حصة في نجاحِ الحكومة التي هم لَن يُعودوا يسيطروا عليها ويَحرموا المقاومةَ من الدعمِ التي تتمتّعُ به مِن ما يقدر بـ(20) بالمائة مِن السكانِ.ويَجِبُ على الحكومة أَن تُزيلَ فرقَ الموت الشيعيةَ التي أثارت الحلزون الهابطَ نحو نزاعِ طائفيِ شاملِ، ليَكُونَ عِندَ الحكومة أيّ أمل في مَنع الحرب الأهليةِ.
لضمان النَجاح، يَجِبُ على الحكومة العراقية أَن تَعملَ تقدم جوهري على مدى الشهور القليلة القادمة في:
* تَبنّي سلسلة من التعديلات الدستورية والتشريعِة ذات العلاقةِ الذي يُخاطبانِ مخاوفَ المجتمع السنيّ، بينما تَكُونَ مقبولة لدى الأكراد والشيعة أيضاً، على القضايا الرئيسيةِ مثل الإتحاديةِ (الفيدرالية) والتوزيعِ العادلِ لإيرادات العراق النفطية المستقبليِة.
* كَبح جماح المليشيات الشعبية الشيعيةِ. وهذا التحدي الأصعبُ للكُلّ، كون حكومةِ المالكي تعتمدُ على دعمِ زعماءِ الأحزاب التي مليشياتهم الشعبية تَحتاجُ للخُضُوع الى السيطرةِ.
* إيجاد وتَطبيق خطة لتَأهيل البعثيين من المستوى الأدنى لكي يكون الذين أُجبروا أساساً للإنتِماء إلى الحزبَ تحت حكم صدام حسين ولكنهم لم يكونوا متواطئَين أبداً بصورة مباشرة في جرائمِه يُمكِنُهم أَن يعودا بالكامل الى حياةَ الأمةَ السياسيةَ الإقتصاديةَ.
* تَأسيس وزارات حكوميةَ مهنية قادرة على تَقديم الخدماتِ الضروريةِ. هذه كُلّ الخطوات التي صادّقَ عليها كلا من إدارة بوش والمالكي. لكن هذه النظرةِ تَجعلُ تواجدنا العسكري المستمر في المناطقِ غيرِ الكرديةِ للعراق متوقفة على تطبيقِهم لذلك ضمن فترة معقولة.
* لِكي يَكُونَ متأكّدَ بأن، كلفة الفشلِ في العراق سَتَكُونُ هائلةَ. يَكسبُ الجهاديين معقل جديد في المنطقةِ ويَكُونُ مؤكَّداً في رأيهم بأن الولايات المتّحدة عبارة عن نمر من ورق. بالإضافة الى,كونه منتج نفط رئيسي سَيدانُ بالنزاع الطائفي والذي من المحتمل سَيَكُونُ أسوأ بكثيرَ مِن الحرب الأهلية اللبنانيةِ في السبعينات (الذي فَقدَ فيه (150000) لبناني حياتِهم). إدّعاءاتنا للإِهتِمام بالأمة الإسلامية رئيسيا سَيستُهزَأُ بها، وجزء من العالم بشكل إستراتيجي حاسم يُخاطرُ بالإنزِلاق إلى نزاع إقليمي أوسع.ولكن مثل هذا الفشلِ إذا يُمكِنُ أَن يُتفادى فأنه يَعتمدُ بشكل كبير جدا على العراقيين من الاعتماد على الولايات المتّحدةِ.
إن استقطابَ النِقاش على العراق في الولايات المتّحدةِ أَصبَحَ بشكل غير عادي. أعطت نتائجُ الفشلِ الأمريكيِ، أكثر الجمهوريين الجدال بأنّنا يَجِبُ أَن نَبْقى على نفس الطريق بغض النظر عن الكلفةَ في الحياةِ والمالِ وحتى فرصِنا في النجاحِ. يَعتقد أكثر الديمقراطيين بعد أعطاء السعرُ الذي دُفع، بأنّنا يَجِبُ أَن نَبدأَ بعمليةَ الإنسِحاب الآن، بغض النظر عن النتائجِ.
إن الإنشقاق الوطني بمرور وقت الحربِ وصفة للفشلِ.بمعرِفة أولويةِ النجاحِ في العراق، بينما يَعترفُ بأنّ النجاحِ أيضاً لَيسَ محتملَ في غيابِ تلك الإجراءاتِ التي يُمكِنُ أَن تأْخذَها الحكومةِ العراقيةِ وحسب, وإستراتيجية الإلتزامِ التي أساسهاِ الشروطَ لَها الإمكانيةُ لَيست بأَن تُقنعَ الحكومةَ العراقيةَ لتَعمَلُ ما يَجِبُ عليها أَن تعمله فحسب، ولكن لتَوحيد الشعب الأمريكي حول السياسة المتجذّرة بِحزم أكثر بالحقائقِ العراقيةِ والأمريكيةِ أيضاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*مايكل.أوهانلون، زميل متقدّم، دِراسات سياسة خارجيةِ. ستيفن. سولارز، نائب رئيس، مجموعة الأزمةِ الدوليةِ- الواشنطن بوست، آب 13, 2006.
نشرت في October 9, 2006 11:59:56 AM

الاثنين، 7 ديسمبر 2009

أهمية بناء القابلياتِ المحليّة: الدروس مِن مكافحةِ التمرّد في العراق

أنتوني. كوردسمان
ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي


أظهرت التجارب الأمريكية في العراق وأفغانستان بأنّ متطلباتَ المهمّةِ الرئيسةِ لـ"قوات التحالفِ" سَتَكُونُ بناء قابليات القوات الحليفة المحليّةِ في الحروبِ والتدخل الأمريكي مُستقبلاً. فوَضع الإعتمادِ الأعظمِ على القواتِ المحليّةِ يُقدم آلية لتَخفيض المطالب التي وَضعت على عاتق القوات الأمريكيةِ؛ إنها تُساعدُ الولايات المتّحدةَ على تُعوّيضُ الإختلافاتِ الثقافيةِ والأيديولوجيةِ والدينيةِ التي تواجهها القوات الأمريكية في خوضها الحربِ على الإرهابِ، وهو يُمكنُ أَن يُساعدَ على تَعويض النقص في المدنيينِ الأمريكيينِ من نظرائهم في الجيشِ الأمريكيِ الذي يُمكِنُ أَن يُوافقَ على تحمل العديد مِن الأعباءِ المحتملة في عملياتِ الإستقرارِ وبناء الأمة.

يُقدم التأريخُ تحذيراتَ ثابتةَ حول الحاجةِ للولايات المتّحدةِ إلى بناء القواتِ المحليّةِ وتحسين قابلياته. هذه نقطة رئيسية أيضاً في مسودة دليلِ ميدان الجيشِ الأمريكي الجديدة (أف أم 3-24) على مكافحة التمرّد والتي أصدرت في يونيو/حزيرانِ 2006، وهي تتعلق جزئياً في تعليمات وزارة الدفاعِ الجديدِة على عملياتِ الإستقرار، وأسست تعلميات وزارة الدفاع الـ(3000.05.1) الأمنِ في مناطقِ بعد النزاعات تَطلّبَ دائماً جُهد واسع في المستويات الإقليميةِ والمحليّةِ لإيجاد مزيج من القوات العسكريةِ التي تَتعَامُل مع التهديداتِ الرئيسيةِ. ولَكنَّه يتَطلّبَ تطوير الشرطةَ أيضاً أَو القواتَ شبه العسكريةَ، وتأسّيسُ نوع من الحضور الحكومي المحليّ وتقديم الخدمات لإعطائهم المصداقية، وإيجاد المحاكمَ والمؤسساتَ القانونيةَ لتَأسيس لحكم القانون الذي أبقىَ الفساد، العنف الرسمي الاعتباطي، واستغلال الأقلّياتِ وحقوقِ الإنسان ضمن الحدود العملية.
إحدى أخطر حالاتِ الفشل الإستراتيجي الأمريكي في العراق كَانت قلةَ التخطيط الفعّالِ لضمان إستمراريةِ الحكومةِ، الشرطة،والعمليات القانونية.أدركت الولايات المتّحدةُ متأخراً في لعبةِ بناء الأمةَ بأن الإستراتيجيةَ الوحيدةَ التي يُمكنُ أَن تَسمحَ لها بتحريك أكثر أَو كُلّ قواتِها مِن العراق خلال بِضع سَنَوات، إحداث نوعٍ من النصر، سيَحلُّ مشكلةَ أمريكا الفورية "الانتشار الكبير" على أساس الوقت، كَانَ لإيجاد مزيج من القواتِ العراقيةِ والحكمِ العراقيِ الذي يُمكنُ أَن يُخفّفا العبءَ على الولايات المتّحدةِ، ويَدعمانِ هذا الجُهدِ بالمعونة الاقتصادية الإضافيةِ.
بينما من المُبَكر جداً التَوصُّل إلى مجموعة مُفصّلة وكاملة مِن الإستنتاجاتِ حول التدخّلِ الأمريكيِ في العراق، يُمكنُ أَن تُتعلّمَ عِدّة دروس مِن المراحلِ الأوليةِ للعمليةِ. البعض مِنها تتضمن:
تُقيّمُ الأخطارُ بالكامل في دُخُول الحرب بِموضوعية بقدر الإمكان؛ النَظر بعناية في الإحتواء، الدبلوماسية، وإستخدامات بديلة من المصادر، لا تلتزم القوات الأمريكيةَ بدون المستويات المطابقة للمصادر، تَأكيد دورِ الحكوماتِ والقواتِ المحليّةِ؛ تَوَقُّع خطوطِ الفشل العرقيةِ والطائفية، ولا تَفرضُ القِيَمَ الأمريكيةَ بشكل ضيق على بلاد أجنبية. لا تَستطيعُ الولايات المتّحدة تَحَمُّل الإِستِعداد لعصر الحربِ اللامُتَناظِرة، و"الحرب لمدة طويلة" ضدّ التطرّف الإسلاميِ والإرهاب، من دون التَصَرُّف وفق هذه الدروسِ بِأسرع ما يمكن. ويُظهر العراق وأفغانستان أيضاً بأن عملياتِ الإستقرار ونشاطاتَ بناء الأمةِ لَيست فقط يَجِبُ أَن تَبدأَ قبل الأعمال العدائية أَو أيّ شكل آخر مِن التدخل العسكري،بل يَجِبُ عليهم أَن يَكُونوا عنصر مكمّل حتى في الحربِ التقليديةِ الأكثر حدّة. فإمتِلاك الفرقِ المدنيةِ العسكريةِ للعَمَل فوراً مَع الشرطةِ المحليّةِ والحكوماتِ المحليّة، والوحدات العسكرية للعَمَل مع الوحداتِ العسكريةِ العراقيةِ لإبقائهم في المكان الذي يحمي الملاكات المحتملةِ للقواتِ العراقيةِ المستقبليةِ والذيَ يمكنُ أَن تَكُونَ حرجةَ. وأن فرق المساعدةِ المحليّةِ لَرُبَّمَا عَملت الكثير لنزع فتيل العداوةِ، وخصوصاً إذا عَملوا من خلال السلطات المحليَّةِ، المساجد، والمؤسسات. تكامل الحربِ الأيديولوجيةِ والسياسيةِ، وإن دمجُ شن الحربَ التقليديةَ بعملياتِ الإستقرارِ الفعّالةِ حاسمة لتحقيق النجاحِ.
سَيُسبّبُ العمل العسكري في أكثر البلدانِ المنقسمةِ والولاياتِ الفاشلةِ، هو رؤية جزء هامّ من السكان القوات الأمريكيةَ كتهديد أَو عدو منذ البداية، وأجزاء كبيرة من عامة الناس سَتَلُومُ أمريكا على كُلّ فشل أَو مشكلة تجيء بعد تدخل القوات الأمريكيةَ. كالعراق وأفغانستان كلاهما تَتظاهرُ، وقَد تَكُون هناك نافذة صغيرة لايجاد فرصة سانحةَ في أن تَُوجد حكومةَ محليّةَ وقابلياتَ أمنِية من خارج عناصرِ القواتِ المحليّةِ الموجودة،قد يُقلل صورةَ القوات الأمريكيةِ كـ"غزاة" أَو "مُحتلون، "ويَتفادى التَوَتّراتَ المحليّةَ والمنافساتَ العرقيةَ والطائفيةَ مِن الإنفِجار إلى الإرهابِ أَو التمرّدِ.
أبرزت التجربة الأمريكية في العراق بَعض الدروسِ الأيديولوجيةِ أيضاً. فيَجِبُ على الولايات المتّحدة أن لا تَدخلَ الحرب على إفتراض أنّ أعمالها وقِيَمها شعبية أَو تَتجاوز القِيَمَ المحليّةَ. ويَجِبُ أَن تعرفَ بأنّ الخطاباتِ حول الدعمِ العالميِ للديمقراطيةِ، ووجهات النظر العلمانية مِن القانونِ وحقوقِ الإنسان، و/ أَو الرأسمالية ببساطة لَيست واقعيةَ، والتي هي غشاءَ خفيف يكسو المنفيين والمواطنين المتعلّمينِ في الغرب والذين قَد يَدّعونَ أَن يَشتركوا في مثل هذه الآراء وهم لا يعطون صورة حاجة الناسِ في بلادِهم أَو ما يُمكنُ أَن يقْبلوا به. ويَجِبُ على الولايات المتّحدة في الجانبِ السياسيِ للعملياتِ أَن تَعتمدَ قَدرَ المستطاع على الحكومةِ المحليّةِ وتُوسّعُ دورَها وقابليتَها بأسرع ما يمكن، للعَمَل ضمن الحدودِ التي فَرضَتها الأوضاع المحليّةِ، ولوَضع إستراتيجيةً واضحة تشجع نوعِ التسوياتِ والإجماعِ اللذين يَسمحانِ للعمليةِ السياسيةِ بالإشتِغال والحكمِ لإدارة العملية.
وبخصوص المساعدة الخارجية، العراق بالكاد مثال فريد مِن المشاكلِ في إستعمال المساعدة الخارجيةِ لمُسَاعَدَة دولة نامية.أظهرت جُهود المساعدةِ منذ الحرب العالمية الثانيةَ بأنّهم يُمكنُ أَن يَكُونوا ذا قيمة عظيمة في مُسَاعَدَة البلاد على أن يَنظّمونَ أمورهم ويُصبحونَ قادرين على مُسَاعَدَة أنفسهم. لكن هذا الفصلِ مِن جُهودِ المساعدةِ أيضاً يُظهر بأن الجُهودِ الخارجية لإستِعمال المساعدةِ لإعادة تَشكيل إقتصادياتِ الدول الفاشلةِ نادراً ما يَعطي نَتائِجَ ذات مغزى، وأن الولايات المتّحدة لَها قدرةُ صَغيرةُ في التخطيط لمثل هذه الجُهودِ حتى في ظروف وقتِ السلام.
فالعديد مِن دروسِ أفغانستان والعراق تَنطبقُ بشكل واسع أكثر على "الحرب العالمية على الإرهابِ". مرةً أخرى، تَحتاجُ الولايات المتّحدةَ حلفاءَ وقواتَ محليّةَ ذات قدرة وإرادة في أَن يَتصرّفا إلى مقاتلة التهديدَ الإرهابيَ الذي مُثلَ بالتطرف الإسلامي،وبشكل مُحدّد من المتطرفين الإسلاميين السنة السلفيين الجدد. المعارك العسكرية والمعارك ضدّ الإرهاب مَن الضَّرُوري أَن تُربَحَ بقوات محليّة وإسلامية، ولَيسَ مِن قِبل "مُحتلون"،"صليبيون، "و"إمبرياليون جدد".
يَحتاجُ الغربُ لقُبُول الحقيقة نظرة أكثر تطوّراً لتَغيير الوسائلِ التي تَعملُ مَع العديد مِن الزعماءِ المحليّينِ الذين لَيسوا ديمقراطيينَ، ويُخفقونَ في الوصول إلى النماذجِ الغربية، أَو ذوي شخصية تقليدية. فالنداءات لـ"تغيير النظامِ" والجُهود الأخرى التي تُقدّمُ عدمَ الإستقرار السياسي، وأنتاج مقاومةًَ أكثرَ للإصلاح، وهذا سيَحدث أذى أكثر بكثيرَ مِن الجيدِ. يَجِبُ على الغرب أَن يَعرفَ بأنّ الناسِ في العالمِ الإسلاميِ لا يَضعون سياسةَ أَو وجهات نظر الغرب إلى حقوقِ الإنسان من أولويتِهم الرئيسةِ. إنهم يَبحثونَ عن الأمنِ الشخصيِ، والوظائفِ، والتعليمِ لأطفالِهم، والخدمات الصحيةِ، والخدمات العامةِ الأخرى. إن المفتاح إلى هَزيمة التطرف الإسلامي، والقاعدة الشعبية الواسعة التي تَتعاطفُ مع هذه التطرّفيةِ، يَأتي بالمرتبة الأولى مِن تقديم الأمن الشعبي بدون ظلمِ وبعد ذلك مِن تَقديم الفرص الإقتصاديةِ لكل من العُمّال ذوي الأجر اليومِي وأطفالِهم.
في نفس الوقت،إن هذا النقدِ للولايات المتّحدةِ والنظرةِ الغربيةِ لرِبح الحربِ الطويلةِ من المستحيل أن تُبرّئُ الزعماءَ الثقافيينَ والدينيينَ والسياسيينَ في الأممِ الإسلاميةِ مِن أن يعملوا تغيّر مُميّز بدرجة أكبر في سلوكِ وجُهودِ القواتِ المحليّةِ التي هي المفاتيحَ الجوهرية إلى النجاح. يُمكنُ أَن تُربَحَ "الحرب الحقيقية على الإرهابِ" وحسب، إذا واجه الزعماءِ الثقافيينِ والسياسيينِ والدينيينِ في البلدانِ والجالياتِ الإسلاميةِِ بشكل نشيط وحاربواِ التطرّف الإسلامي السلفي السني الجديد في المستويات الدينيةِ والأيديولوجيةِ. إن "الحرب الطويلة" سَتَكُونُ ضائعة إذا تنحّى مثل هؤلاء الزعماءِ جانباً، واتّخذُوا نِصف الإجراءات، أَو تساومُوا مع الأعداء الذين يُريدُون تَحطيمهم وتدمير الذي يُؤمنونَ به. إنها سَتكُونُ خسارة إذا أُنكروا بأنّ القضيةَ الحقيقيةَ هي مستقبلُ الإسلام، إذا أجازوا العنف والإرهابَ الإسلامي عند ضرب أهدافاً مكروهةَ مثل إسرائيل، أَو إذا واصلوا مُحَاوَلَة تَصدير اللائمةِ على حالاتِ فشلهم الخاصةِ إلى الأممِ، والأديان، والثقافات الأخرى.
إن تَطبيق إستراتيجية "فائِزة" في هذا الكفاحِ يَتطلّبُ تعاونَ متبادلَ، لكن الحل يَكمنُ في قدرةِ أولئك الذين هم جزءَ من العالمِ الإسلاميِ لإِستِغلال تحديداتِ العالم الحقيقي وقابلياتَ العدو وهزمُهم عن طريق قلبِ حججِهم الأيديولوجيةِ في المساجدِ، وقاعاتِ الدرس، وعلى شاشاتِ التلفزيون، وعلى كل مستويات المجتمع المدني. وإن هذا لَيسَ واجب الأممِ أَو المثقّفين الغربيينِ، ولكنه عمل الدين، والحكومة، ورجالِ الأعمال، والزعماء الثقافيين المسلمين. وهذا يَتركُ الولايات المتّحدةَ مع بَعض الإختياراتِ الصعبةِ.
إنها يَجِبُ أَن تُدركَ بأنّه ليس مهماً تَحسين قابلياتِها في مكافحة الإرهابَ، وقابلياتها في مكافحةِ التمرّد، وخبرتها عن المنطقةِ، إنها سَتخُوضُ معركة صعبةَ إذا ما حاربُت لوحدها أَو من دون دعمٍ كبير. فالدعم المحليّ والإقليمي الفائِز، على أية حال، يعني هذا تَقبلُ الحلفاءَ الذين غالبا ما يكونُ عِندَهُم قِيَماً مختلفةً.
لا تَستطيعُ الولايات المتّحدة أن تفَرض بشكل آني رؤيتِها الخاصةِ لـ"الديمقراطيةِ" أَو الإصلاحِ، ولا تَستطيعُ الإعتِماد على السرعة في التقدّمِ السريعِ. ولا تَستطيعُ الإفتِراض بأنّ قِيَمُها الغربيةُ سَتَكُونُ صحيحةَ أَو منتصرةَ دائماً، وإنها يَجِبُ أَن تكُونَ واقعية أكثر بكثيرَ حول الخطى المحتملةِ للإصلاحِ في مُعظم دول العالمِ، فالحاجة للعَمَل مع البلدانِ بصورة فردية ومجموعاتِ في خطاهم الخاصةِ، ويَذعنون إلى الزعماءِ والمصلحين المحليّين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* Center for Strategic and International Studies-August 1, 2006
أصدرت في August 24, 2006 12:03:00 PM

الجمعة، 4 ديسمبر 2009

الولايات المتّحدة في العراق: جُزء من المشكلةِ

توم إنجيلهاردت*
ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي

تَقعُ المغالطةِ الأساسيةِ الأكبر تحت الكارثةِ الأمريكيةِ الحاليةِ في العراق بالإعتقادُ بأن الولايات المتّحدةُ يُمكنُ بطريقةٍ ما أَن تَحلَّ مشاكل البلاد، على أية حال، فإن المتطرّفين والممتنعين قَد يَبدونَ؛ بأنه، وباختصار، إننا(أمريكا) جزءَ من الحَلِّ في العراق، ولَيسَ جزءَ من المشكلة.عندما تُفكّرُ بهذه الطريقة، فإنها دائماً مسألة إعداد آخر الوسائل الخاطئة أَو غير الكفؤة بصورة صحيحة، أَو تَغيير السياسة التي وُضِعَت بعجز في العمليةِ مِن قِبل رجال الإدارة الغير مستعدينِ ليَديروا بِضعَة مصادرِ فقيرةِ جداً أيضاً.
لكن الإعتقادَ في قوَّةِ الولايات المتّحدةِ لحَلّ المشاكلِ للآخرين "بِالقوة" يَعكسُ عقلية إمبراطورية ثابتة بعمق والتي لا توجد في إدارة بوشِ فحسب، لكن بين تيار نُقّادِه السائدِ أيضاً.يُمكِنُك أَن تَراه في كل مكان، إذا كنت تَهتمُّ بالنَظر. يُمكنُ أَن تُلاحظَه في المنهج، بينما هناك أمور تُواصلُ تحولها في العراق، وإن الجيش ومنتقّديه الداخليين المُختَلِفين كَانا يَهزّانِ ويَنسجانِ مِن مجموعةِ واحدة مِن وسائلِ مكافحةِ التمرّد ذات النتيجة العكسيةِ إلى أخرى (يَدّعون في كُلّ وقت بأنّ المجموعةَ السابقةَ أغفلت مذهبِ "التمرّد" الأساسيِ بطريقةٍ ما أَو دروسِ فيتنام). وإن آخر هذه النسخ قد عدّلَ من النسخةَ القديمة (الفشل) في فيتنام هي "بقعة الحبرِ" وهي الإستراتيجية التي نحن فيها نَسحبُ القوَّات إلى بغداد, وهي المدينة التي من الواضح تعيش الفوضى العَنيفةِ المطلقةِ، لتَعمل على الأقل في استقرار بعض مِن أحياءِ العاصمة (بينما قوّاتِ التَجريد(الأمريكية) تقوى في مناطقِ العراق السنية حيث "التمرّد" يَشتد).أَو قد يَعتبرُ تأخيرا في تَفكير إدارة بوش.
عنوان ملفت للنظر على الصفحة الأولى من النيويورك تايمز في الأسبوع الماضي، الإستهداف بالقنابل المزروعة في العراق يزداد، حيث عرضَ المراسلون مايكل جوردن، مارك مازيتي وتوم شانكير دليل مؤثر بأنه، منذ قتل أبو مصعب الزرقاوي، فإن "التمرّد" السني ضدّ الأمريكان والقواتِ العراقيةِ المتحالفةِ تزايد وحسب. ربما أكثر شيء مميز كَان الفَقَراتَ النهائيةَ للمقالة، وهذا يعَنى لحشّاشي الأخبار ِوالذين دَفنَوا عُميقاً داخل الأوراق (يُعزّزُ إحساسَي بأن الصحافةَ الإمبراطوريةَ يُمكِنُ أَن تكون أحياناً مربحة جداً عندما تُقَرأ مِن الخلف الى الأمام):
"رغم ذلك فإن بعض الخبراءِ الخارجيين الذين زاروا البيت الأبيضَ مؤخراً قالوا إن مسؤولي إدارة بوشَ كَانوا بدأوا بالتَخطيط لإحتمال بأنّ حكومةَ العراق المنتخبة ديموقراطياً قَد لا تَستطيع النجاة".
"'إعترف كبار المسؤولين في إدارة(بوش) لي بأنّهم يَدرسون بدائلَ أخرى غير الديمقراطيةَ"، حيث قال خبير في الشؤون العسكرية والذي إستلمَ إطلاع البيت الأبيضِ عن الأوضاع في العراق في الشهر الماضي ووافقَ على الكَلام بشرط السرية فحسب.
قالَ الخبير "كُلّ شخص في الإدارةِ حذرٌ جداً، لَكنَّك يُمكنُ أَن تَحسَّ بأنّ قلقَهم الخاص هو انحراف عِن الديمقراطية".
ولَكنَّه يَعطيك إحساسَ كاملَ بأن الناطق بإسم البيت الأبيض توني ثلج أُجبرَ لإنكار ذلك في الإيجاز الصحفي في اليوم التالي.مع ذلك، كَانَ هذا،الحَلّ الذي إعتنى به الشيخَ بوش أكبر مسؤول بعد حرب الخليجِ الأولى. إنهم تَمنّوا حربا تضعف صدام وتُسقَطُه مِن قِبل رجل بعثي قوي مِن ضمن جيشِه الخاصِ، شخصٌ ما والذي يُمكنُنا أَن نَتعاملَ معه - كما كَانَ عِندَنا تعامل مَع صدام في الثمانيناتِ. (يُخمّنُ جوان كول بِأَنَّ هذا الوضع وما حوله سَيَكُونُ "ضابط سابق، بعثي، شيعي من الجيشِ العراقيِ القديمِ الذي عَرفَ كَيفَ يُقدّمُ للناس عرضاً لا يَستطيعونَ أَن يَرفضوه"). حتى في مثل هذا التصور الغير محتمل، سيكون من المحتمل وَضع مثل هذه الخطةِ في حيز التنفيذِ، وقدم تصورا بأنّه، أيضاً، سيَفشل. وإن إدارة بوش تَبحثُ عن الحلولِ الجديدةِ إلى اللغزِ العراقيِ، على أية حال، يَجِبُ أَن يَكُونَ الحل غير مفاجئ.
العديد من الحالاتِ في عالمنا تجعل كُلّ المحاولات في التنبؤِ مهزلة؛ ورغم ذلك فالعراق، منذ مارس/آذار 2003، بَدا بطريقة أخرى.هناك منطق فظيع على الحالةِ في ذلك البلدِ، التي سَاءت بشكل متزايد فحسب على ما يزيد من ثلاثة أعوام تحت الإحتلال الأمريكي (والبريطاني). فمهما كانت الوعود، ومهما كانت "نقاط التَحوّل، ومهما عَرضت الأخبار الجيدة المؤقّتة في أيَّةِ لَحظَةٍ، فالحالة في العراق (والمنطقة) تَسُوءُ وحسب.
يَجِبُ أَن يَكُونَ التأريخ دليلَنا في هذه الحالةِ. طالما يَعتقدُ الأمريكان بأنّ العراق إمبراطورية من نوع مكعّب الروبيك، حيث أنَّ ما مهدّد بالضياع يَصيبُ المجموعة الصحيحة من الوسائلِ، الخطط، والمزيج السياسي داخل المنطقة الخضراء في بغداد فحسب، طالما نعتقد بأننا في الحقيقة جزء من الحَلِّ، ولَيسَ جزءَ من المشكلةِ، فإن الأمور سَتُواصلُ تحولها نحو الأسوأ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*محرّر نشر، مؤسس مشارك في مشروعِ الإمبراطوريةِ الأمريكيِة ومُؤلفِ نهايةِ ثقافةِ النصرِ, تأريخ الانتصار الأمريكيِ في الحرب الباردةِ، ورواية، الأيام الأخيرة للنشر.
أصدرت في August 21, 2006

الثلاثاء، 1 ديسمبر 2009

لماذا لا تَستطيعُ (بَيع) حرباً عالميةً رّابعة ؟(1-3)

جون براون*
ترجمة الباحث:أمير جبار الساعدي


علّقَ توم (إنجيلهاردت) في المقالة الأخيرة (هَل نحن في الحرب العالميةِ الرّابعة؟) تماماً بشكل صحيح "بأنّ الحرب العالميةِ الرّابعة أصبحت مجازياً شيء مألوف ومِن الحقِّ الإمبراطوري". لَكنَّه لَم يَذكر مسألة بسيطةَ واحدة - بقيّة بلادِنا، أَن لا يَتكلّمَ عن العالم الخارجي، لمَ يشتري المحافظون الجدد جُهود تَبرير مغامراتِ الرّئيس العسكرية في الخارج مع دعاية فظة لحرب عالميةِ رّابعة القَصد من ورائها تَعبِئة الأمريكان لمساندةً حماقات سياسة الإدارةَ الخارجيةِ. لِهذا،فإن جورج دبليو بوش في فترته الرئاسية الثانية، قلق أولاً وقبل كل شيء سياسيا بشأن إبْقاء الدعمِ المحليِ - فهو يَتكلّمُ دائما حول شَنّ حرب عالمية ويصرح دائما حول دَمَقرطة العالمِ.

حرب المحافظون الجدد العالمية
أَيّد المحافظون الجدد كلامياً ولمدة طويلة الحاجةِ للديمقراطيةِ في الشرق الأوسطِ، لكن تأكيدَهم الأساسي قد كان على تحويلهم بالحربِ، ولَيسَ بالسياسة. إنك سَتَتذكّرُ بأنّ، طبقاً لمحاربينا العالميين اليمينيين، نحن متورطون بشكل معقّد في كفاح عالمي ضدّ الأصوليين المُتعصّبينِ من المسلمين.
سيطمأنوننا، وعندها تَكُونُ نكساتَ مؤقتةَ في هذا النزاعِ الجيلي الشامل، كما كَانت الحالةَ أثناء الحرب العالمية الثانيةِ والحرب الباردةِ (معتبرا الحرب العالمية الثالثةَ مِن قِبل المحافظين الجدد)، لَكنَّنا يُمكِنُ أَن نَربحَ في النهاية، إذاً، نحن "نَبْقى على الطريق" بالثباتِ الوطنيِ. نحن وقبل كل شيء لا يَجِبُ أن نُعاق بالتفاصيلِ الدمويةِ للحربِ الحقيقية السيئةِ في العراق والتي نحن متورطون بها الآن، على الرغم مِما تطلب من فقدانِ الدمِّ والثروة. مثل العديد من المواطنون السوفيت الجيدون الذين يَتوقّعونَ شيوعيةَ مثاليةَ في المستقبلِ الغامض، كُل ما علينا فعله هو أَن نَنتظرُ القرنَ الأمريكيَ الجديد الذي في النهاية سَيُجلَبُ لأن يَكُونَ بانتصارات الأسلحةِ الأمريكيةِ (والهتاف الذي يَقُودهُ المحافظين الجدد).
استطرد المحافظين الجدد على الأقل منذ 11/9، باستمرار... حول "حرب عالمية رّابعة". لكن ليس مهماً كيف كانوا في أغلب الأحيان يحاولون إقحام هذه العبارةِ إلى رؤوسِنا، وهو ما لم يَصبَح جزء من الفكرِ الأمريكي. السلام والعمل الصادق، لَيسَ حرباً دائمةً ونزاعَ بلا شعور، ما زالَت تبقى هناك نماذجَنا المعتدلةَ- حتى مَع وجود (بسبب ؟) مأساة البرجِين التوأمين. فالصدق، مباشرةً قبل الانتخابات الرئاسية، ظهرت الحرب العالمية الرابعة على السطح مراراً وتكراراً في أجهزةِ الإعلام، حيث غَذّى دعائياً من قبل المحافظين الجدد، وحتى يومنا هذا يَظهرُ هنا وهناك، مثلما غالباً يظهر في النقدِ، كعملية التشجيع. استعمل بات بيوكانان وجوستن ريموندو العبارة مؤخراً لانتقاد هستيريا المحافظين الجدد في أعمدتِهم؛ وفي قضيتها الشتويةَ عام 2005، نشرت مجلة ويلسون الفصلية "الحرب العالمية الرّابعة، "مقالة مهمة مِن قِبل أندرو جي. باسيفيتش، التي تَردُ حجّةَ المحافظين الجدد على رأسها بالاقتراح بأن الولايات المتّحدةَ هي التي بَدأت حرباً عالمية جديدة - وكفاح كارثي للسيطرةِ على الاحتياطيات النفطية الشرق الأوسطيةِ - أثناء إدارة كارتر. أَما باسيفيتش، يُظهرُ، أيقونة الكلام المتعلقة بالمحافظين الجدد يَجِبُ أَن لا تَكُونَ نداء إلى الأسلحةِ، لكن رسالة تذكير حزينة تتخطى كبرياء الجيش.

جربها لمدة طويلة
سَألَ سيد الطابع العصري العقلي والأخلاقي والثقافي، فرانك ريتش للنيويورك تايمز، في وقت مبكّر من يناير/كانون الثّاني. إن المحافظين الجدد، بكُلّ سخافة حججِهم في عدّة أشكال، هم رجال الأفكارِ. لَكنَّهم لا يَعيشونَ على كوكب أخر.إنهم يَعرفونَ "بأنّ الحرب العالميةِ الرّابعة" أَو حتى"حرب عالمية أكثر اعتدالا على الإرهابِ"، إنها لن تكون الأشياءِ الأولى في أفكارِ الأمريكان العاديينِ عندما يَنهضونَ في الصباحِ "هل هناك احد ما زال يَتذكّر الحربَ على الإرهابِ؟". هذا الإحجامِ بيننا يضعنا مجرّد هالكون لرُؤية العالمِ بصورة كفاح الموت العالمي، لاري هاس متعاطف من المحافظين الجدد، وعضو لجنة الخطر الحالي، يعتقد إن سبب ذلك هو "إيمانِنا في العقلانية" يُزعجُ البعض مِن المتلألأين مثل المحافظين الجدد، وبشكل ملحوظ جداً عميدهم الشرس، نورمان بودوريز.
عرضَ بودوريز في فبراير/شباطِ في تعليقه (في مجلة كان محرّرا فيها ذات مرّة)، بأن العالم في الحربَ ضدّ الحرب العالميةِ الرّابعة, متابعة إلى المبشر وتاريخيا تَزييف عمل سبتمبر/ أيلول2004، الحرب العالمية الرّابعة: كيف ستبَدأَ، ماذا تعني، ولِماذا نحن يَجِب أَن نَربح. يُوبّخُ نورمان في عمله الأخير"العصف" الأمريكان من اليمين واليسار "بضمن ذلك معتزلة اليمين من المحافظين القدامى" مايكل مور وكُل اليساريون المتشددين الآخرون اختفوا في هوليود، الجامعات، وفي مجتمع المثقفين بشكل عام"، و"اللبراليون المؤمنون بالدّولية"- لأَن نكون "في حالة الحرب" يُعاملُ باهتمام كبير إكليل الورد "حربٌ عالمية رّابعة". بشكل دفاعي بعض الشّيء (لمُشعل حرب متطرّف)، يُطمأنُنا بأنّنا، أي الشعب الأمريكي، سَنواصلُ، على الرغم مِن أفضل جُهودِ النقّاد، نَدعمُ السّيدَ بوش، الذي بالمقابل سوف لَن يُخفقَ في تَأييد "مذهب بوش"، الذي يَعكسُ، بأن بودوريز لَن يَتركَ أي شَكِّ، حول أفكاره الخاصة بحربه العالمية الرّابعة "الرائعة" (كما عبّر عن الإعجاب زميله المثقّفِ الجديدِ وليام سافير وَصفَهم في عمود النيويورك تايمزِ أغسطس/آب الماضي).
فالسّيد بودوريز غاضب مِن أولئك الذين ببساطة لا يَستطيعونَ قُبُول وجهةُ نظره الهوبزيةُ الخامُّ للإنسانيةِ، لذا يَستمرُّ بالصَياح فينا، لكن أقل قسوة من المحافظين الجدد وحلفائهم، يُدركُ بأن "الحرب العالمية الرابعة" لم يمسك بها بعد، لهذا يَبتدعُ شروطَ جديدةَ لخَدع المحافظين الأمريكان إلى جدولِ أعمال المحافظين الجدد للحربِ الشاملة.
أوّل مابين هذه الحروب "الحرب الطويلة"، يَثير... في رأيي على الأقل... الحرب العالمية الأولى،"الحرب الكبرى" كما كانت معُرِوفَة سابقا، التي عَملَت الكثير لتقود إلى ارتقاء الفاشيةِ في أوروبا. (لكن كم عدد الأمريكان الذين يَهتمّونُ بالحرب العالمية الأولى في الحقيقة؟) ففي بحث جووجل (Google) يَكشفُ بأنه في حدود مايو/مايس عام 2002، في تحليل سياسةِ كاتو، "بناء القوة في الحربِ الطويلةِ:ضمان إبداعِ مجتمع المخابرات في المعركةِ ضدّ الإرهابِ"، جيمس.هاريس كَتبَ عن "الحرب الطويلة" في وَصف التَوَتّرات العالمية بعد أحداث 11-9. أعلَن جون. وهلستيتير، وهو زميل أقدّم في معهدِ الاكتشاف ومقرّه فيِ سياتل في يونيو/حزيرانِ السَنَة الماضية: "الآن جورج دبليو بوش يَجِبُ أَن يُحشدَ الأمةَ في آخر معركة إلى النهايةِ بين الحضارةِ الناقصةِ والهمجيةِ المثالية، الذي تكون فيه البلدانِ الحرة مقابل إرهابِ الموتِ الهائلِ مِن كلا "دول أسلحة الدمار الشاملِ والمجموعاتِ مثل القاعدة. إنّ هديةَ جيبير الوصائية إلينا ماذا يجب أن يكُونُ هدفَنا في الحرب لمدة طويلة، هذه إستراتيجية إليوت كوهين التي يَدعوها الحرب العالميةَ الرّابعة".
َذكرَ بودوريز نفسه "الحرب الطويلة" في مقالته التعليقية في سبتمبر/أيلولَ."لقد لاحظَ "[نحن] فقط،"في المراحلِ المبكّرةِ جداً لما يُعدُ أَن تَكُونَ حرباً لمدة طويلة جداً". لكن النجمَ الحقيقيَ لمقترحي الحربِ الطويلة قائدُ المنطقة الوسطى الجنرال جون أبي زيد، هذا ما كَتبَهُ الصحفي ديفيد إجناتيوس بصورةً متملقة حول من وراء غزو العراق في الواشنطن بوستِ في أواخر ديسمبر/كانون الأول. وقد أعلنَ إجناتيوس"إذا كان هناك إمبريالية أمريكية حديثة"،"فأن الجنرال أبي زيد القائد الأعلى لها". لعب دورِ الصحفي الباسلِ بـ"العملِ" في مقدمة خطوطِ المعارك العالميةِ في "مركز عمليات قيادة المنطقة الوسطى المضطرب، "ويُخبر إجناتيوس قرّائه بذلك بشكل يحبس الأنفاس.
"سافرتُ هذا الشهرِ مَع الجنرال أبي زيد عندما زارَ العراق ومناطق أخرى مِن قيادتِه. سَمعتُه خلال عِدّة أيام، يُناقشُ إستراتيجيتَه التي يَدعوها "الحرب الطويلة" لاحتواء التطرف الإسلامي... يَعتقدُ أبي زيد بأنّ الحربَ الطويلةَ في مراحلِها المبكّرةِ فحسب. وإن النصر سَيَكُونُ من الصعوبة أَن يَقاسَ، يَقُولُ أبي زيد، لأن العدو لَن يُلوّحَ بعَلَم أبيضِ ويُسلّمُ في يومَ واحد... وهو يُجادلُ، إن أعداء أمريكا في هذه الحربِ الطويلة، من الذين يَدعون "الجهاديين السلفيين". وذلك تعبير أبي زيد عن المسلمينِ الأصوليين الذين يَستعملونَ الوسائلَ العَنيفةَ لمحَاوَلَة إعادة إنشاء الذي يَتخيّلونَ بأنه كَانَ الحكومةَ الإسلاميةَ الصافيةَ والمثاليةَ لعصرِ النبي محمد (ص)، التي تُدعَى أحياناً "السلف".
لذا نَفهمُ الآن، لِماذا نحن نخوض حربا طويلة: لتَحرير أنفسنا من السلفيين الغريبي الأطوار (salacious).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* جون براون ، موظف سابقِ في الخارجية والذي إستقالَ إحتجاجاً على إحتلالِ العراق، انضم إلى جامعةِ جورج تاون. براون يَؤلف في عرض الدبلوماسيةِ الصحفية العامة اليومية (PDPR) وبعيدا عن الدبلوماسية العامّة، يَغطّي عرض دبلوماسيةِ الصحفي العامّة المواد مثل معاداة أمريكا، دبلوماسية ثقافية، دعاية، الرأي العام الخارجي، والثقافة الشعبية الأمريكية في الخارج.
اصدرت في August 16, 2006 10:55:00 AM

لماذا لا تَستطيعُ (بَيع) حرباً عالميةً رّابعة ؟(2-3)

جون براون
ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي

إذا كنت تَعتقدُ بأنّها لَيسَت طويلَة بما فيه الكفاية، ماذا عَن الألفيةَ؟
تَحُول مدير وكالة المخابرات المركزيةِ السابقِ جيمس ولزي، وهو نصير مبكّر للحرب العالمية الرابعة، الآن إلى فكرةِ الحربِ الطويلةِ أيضاً.حيث قالَ في الملاحظاتِ التي عَنونَها "الحربَ للديمقراطيةِ" في ديسمبر/كانون الأولِ: "حَسناً، دعني أَتشاركُك معك ببضعة أفكار هذا الصباح على الذي أعتدتُ دَعوته الحربِ الطويلةِ للقرنِ الحادي والعشرونِ. أنا كُنتُ أَدعوها الحرب العالميةَ الرّابعة، أتبع صديقِي إليوت كوهين، الذي دَعاها بذلك في اليمين المعارض مباشرةً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر في صحيفة الوول ستريتِ. فكرة إليوت بأنّ الحرب الباردةِ كَانت حرب عالمية ثالثةَ. وهذه الحربِ سَتكونُ أكثرُ اتساعا وشيوعا مما حصل في الحرب الباردة وكذلك مِن الحرب العالمية الأولى أَو الثّانية.
"لكن الناسَ يَسمعونَ عبارةَ الحرب العالميةَ وهم يُفكّرونَ "بنورماندي" و "آوجيما" وفترات حادّة قصيرة مِن المعركةِ العسكريةِ أساساً. أعتقد إن فكرة إليوت صحيحةُ، وهي أن الحربِ سَتكونُ فيها عنصر أيديولوجي قوي وسَتدُومُ بَعض الوقت.لذا، لكي تتفادى الارتباط مع الحرب العالميةِ الأولى والثّانية، بَدأتُ بدَعوتها الحربِ الطويلةِ للقرنِ الحادي والعشرونِ. الآن، لماذا أعتقد بأنها سَتصبَحُ طويلَة الأمد؟
أولاً، إنها تَخرجُ بثلاث حركاتِ استبدادية مِن الشرق الأوسط". يَستمرُّ ولزي بالقَول، الحركات الاستبدادية الثلاث، "فاشيو الشرق الأوسطِ"؛ "آيات الفقه (Vilayat Faqih)، قانون رجالِ الدين في طهران- خامنئي، رافسنجاني وزملائه"؛ "وخط إسلاميو القاعدةِ، والمُسنَد، في عدّة أشكالِ، مِن قِبل الوهابيين في المملكة السعودية".
بكُلّ هذا الكلامِ عن الحربِ مِن قبل المحافظين الجدد، إنه من المطمئنُ دائماً أن نسَمع أصوات أولئك الذين، إذا كَانَ محاربينا العالميينَ عِندَهُم طريقُهم، ليَتخلّوا عن حياتَهم بحماس "للحرب الطويلة". كَتبَ القارئ روبرت.ستيلزير في 31 ديسمبر/كانون الأول، رسالة إلى بريد دينفير التي قالَ فيها للمتابعة بخصوص إجناتيوس إلى أبي زيد: "أُفسر المقالةَ على إنها قطعة دعايةِ لكسب السكانِ الأمريكيين ليعوّدَون على فكرةَ الحرب الطويلة، وبعد ذلك فهي مُسوّدة عسكرية. لَرُبمَا نَحتاجُ إلى الإمبراطوريةً للإبقاء على مستوىِ معيشتنا، لكن إذا كُنا نملك ديمقراطية فأننا نَحتاجُ ناخبين مطّلعينَ".
على الرغم مِن أصواتِ المعارضةِ النادرة مثل ستيلزير، فإن ردّ فعل أكثر الأمريكان على أغنية الحربِ الطويلة (بالنسبة إلى "الحرب العالمية الرّابعة") كَانت جوهرياً تلك الأغلبية الصامتة: لا شيء،اعتمد على معقل المحافظين الجددِ في المعيارِ الأسبوعي (في يناير/كانون الثّاني) في مُحَاوَلَة لإثارة أولئك الأمريكان الصامتينِ مَع رَفع نداء المعركة في الهجوم على العدو الهالكَ تحت عنوان "حرب الألفيةَ" مِن قِبل مثقّفِ خليج أوستن، وهو العقيد، الذي أظهر "بأنّ الحربِ العالميةِ على الإرهابِ هو اسمُ غبي لحربٍ وسخِة. فمن المحتمل أن يُعلنُ أحد ما الحرب في التمرينِ كما يُعلنُ حرباً على الإرهابِ، فالإرهابِ هو الوسيلة التي استعملت من قبل العدو. . . في سبتمبر/أيلولِ عام 2001 فحسب، اقترحتُ بأنّنا نَدعو هذا البشع نزاعِ حربِ الألفيةَ, الاسم المنتحل الذي يَأْسرُ كلا من العصر الزمني والأبعاد الأيديولوجية للنزاع".
لكن أوستن صاحب ألبي أم دبليو BMW (اعتذر إلى شركة صنع السياراتِ الألمانيةِ) لأنها غير مباعةُ أيضا، فأَن تكرّار ذلك بدرجة أقل في التعليقاتِ الإعلاميةِ مِن الحربِ الطويلةِ نفسها- التي تَجْلبُنا إلى موقفِ إدارة بوشَ الحاليَ نحو تصنيف المحافظين الجدد، الحرب العالمية الرابعة.

أسقط تلك الحربِ! فإن المُنتَج لَن يُباع!
إذا كان هناك شيء واحد أثبتَه التأريخ الحزين في السَنَوات الأخيرة وبإسهاب، هو بأنّ بيت بوش الأبيضِ غير مهتمُ بشكل كبير في الأفكارِ (وحتى السطحية منها التي أعلنت مِن قِبل المحافظين الجدد). الذي يَهمُ دوبيا وحاشيته ليست الأفكّار، لكن القوَّةَ. يَرفعونَ ويُسقطونَ "الأفكار" في رأسِ القبعة، يَتخلون عنها متى ما لا تتناسب ومصالحَهم الضيّقةَ في تلك اللحظة. ("التبريرات" المُتَغَيّرة باستمرار للحربِ على العراق توضح بشكل كامل هذا الموقفِ). إن فريق بوش خبراءَ تكتيك قصير الأمدَ وبارعين من الدرجة الأولى، مَع خطّة واحدة طويلة الأجلِ جوهرياً ،وهي بدائية ولكنها مركّزة: بينما يُترجم الجمهوريين عمل حزبَ لنكولن- في الهيمنة على الولايات المتّحدةِ لسَنَوات قادمة. مرّرَ كارل روف بطلاً، مع ذلك، وليام مكينلي، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الخامس والعشرون، والذي يُجادل البعض فيه، كَانَ مسئولا عن إيجاد سيطرةِ الحزب الجمهوري على السياسات الأمريكية لعقود.
تُوضح ملاحظةَ جورج كينان إنّ الإدارةَ الحاليةَ، ربما أكثر من أي إدارة في التأريخِ، "بأنّ أعمالنا في حقلِ الشؤون الخارجية هي ردودَ أفعال تشنّجيةَ للسياسيين وانعكاسا للحياةِ السياسية الداخلية، التي سيطرت عليها بالأقلّياتِ العلنية". في الحقيقة، هناك قضية قوية والّتي سَتجعَلُ الحربَ في العراق ابتداع جوهري للاستهلاك المحليِ (كبير موظفي البيت الأبيض أندرو كارد، الابن. لمحَ إلى النيويورك تايمز في سبتمبر/أيلول عام 2002، عندما قالَ كلامه المشهور عن التخطيط لحربِ العراق، "مِن وجهة نظر تسويقية، أنك لا تُقدّمُ منتجات جديدةَ في أغسطس/آب"). بينما كُلّ الأسباب وراء هذه الحربِ الغبيّةِ المأساوية- والتي ظَهرَت أسوأ بكثير جدا ًمما كان البيت الأبيض يتوقعه بأن "المهمّة أنجزت"، وقَد لا يعرَفُ بالكامل، ما يُمكِنُ أَن يُقالَ مَع درجة قوية مِن التأمينِ والذي سُوقَ إلى الجمهور الأمريكيِ، على الأقل جزئياً، لكي تَنقلَ الرئيس بوش الثّاني، الذي لم يُنتخب بالأصواتِ الشعبيِة والمستوى الواطئِ في الاستطلاعات مبكراً في رئاستِه، إلى "القائد الأعلى" الحاسم لكي يَفُوز حزبه بانتخابات الكونجرسِ القادمِ- وبعد ذلك الانتخابات الرئاسية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اصدرت في August 17, 2006 11:35:00 AM