الثلاثاء، 31 يناير 2012

قمة بغداد العربية بين الربيع والخريف العراقي


أمير جبار الساعدي

إن من أولى أولويات الحكومة العراقية في هذه المرحلة هي أثبات وجودها الإقليمي القوي بالمنطقة وعرض قدرتها وأمكانية نجاح عمليتها السياسية بكسب ود الدول العربية وتعاطيها الايجابي مع مشاكل المنطقة ولاسيما الأزمة السورية التي راوحت بين تآلف المد الموافق للحكومة العراقية وبين تناغمها مع خطى الجامعة العربية وموقفها المتوافق مع زرع الديمقراطية الغربية في عالم الربيع العربي الذي لم نلمس ثماره الى الآن على مستوى الشارع العام وليس التخلص من الأنظمة الدكتاتورية والمتوحدة بالسلطة وكرسي الحكم جيل بعد جيل.. ففي الوقت الذي تتخطف عمليتنا السياسية ونظامها التوافقي التحاصصي التضاد بين مختلف رؤى الشركاء السياسيين بالعراق ..
استقوت بعض الأطراف الفاعلة من الكتل السياسية ببعض الدول العربية والإقليمية لمساندة موقفها بين الحين والآخر وللضغط على صانع القرار السياسي لتحصيل بعض منافعها أو كما تقول حقوق ناخبيها المهدورة والمهمشة .. وبين استعداء أطرافا أخرى نتيجة مواقف سياسية لكتلا فاعلة بالحكومة العراقية .. أدت الى إيجاد فريق مواجهة للحكومة بالضد من إقامة القمة العربية في بغداد العام الماضي وكان قد سبقها سحب الثقة من مدينتنا الرياضية بالبصرة من استضافة بطولة خليجي 21 .. والتي حرمت العراق حتى من اللعب على أرضه في المنافسات الدولية.
وتصاعد حدة صراع الشركاء الفرقاء في بناء حصن العملية السياسية وديمقراطيتها الوليدة أوجدت أرضية خصبة لكل من يريد باللعب بأوراق ضغطه على السياسة العراقية من دول الإقليم والجوار بإشهار هذه الورقة لصالحه، وبعد زيارات مكوكية بين العراق والجامعة العربية منذ نهاية العام الماضي مكنت الحكومة العراقية من دعم مطلبها بعقد القمة العربية في بغداد .. ولكن المواجهة مع موقف الجامعة العربية بشأن الأزمة السورية برأي بعض الأطراف العربية جعلها تلوح للعراق بورقة استضافة مؤتمر القمة في بغداد هذا العام.. وأمتنع نائب الأمين العام للجامعة العربية السفير أحمد بن حلي عن زيارة بغداد في موعد كان معد له مسبقا تحت ذريعة أسباب فنية .. والذي سرعان ما تداركته الحكومة العراقية بموقف معاضد لدور الجامعة العربية يدعم قراراتها بشأن الأزمة السورية على وجه التحديد .. والذي طمأن الجامعة العربية فأعادت بن حلي لزيارة العراق لمدة أربعة أيام لغرض الإعداد لإقامة مؤتمر القمة العربية والوقوف على الاستعدادات العراقية للاستضافة في بغداد. والأمر المهم هنا هل ستكون الأمور بهذه الايجابية على طول الخط حتى بداية شهر آذار القادم ؟ أم سيكون الربيع السياسي العراقي الهش بالتوافق الحالي بعد عودة نواب القائمة العراقية الى مجلس النواب محطة تحفيز لها، ووسط شكوك بعض السياسيين من صعوبة إقامة القمة العربية في بغداد تحت ظل الظروف الأمنية والسياسية المتقلبة في العراق .. أو سيستمر خريف التوافق السياسي العراقي بمقاطعة وزراء القائمة العراقية ويتحول الى خريف معارض للحكومة العراقية في البرلمان .. والذي بدت بوادره بتصريح أحد نواب العراقية بأن تنفيذ مطلبهم بإقرار مجلس السياسات الإستراتيجية سيساعد على توحيد الرؤى والخطاب السياسي ونجاح القمة العربية .. فهل هذا شرطا سيضاف للتوافق السياسي باستخدام ورقة القمة العربية والاستقواء ببعض دول الإقليم لدعم مطالب تلك الكتل .. والذي سيجعل الطرف المقابل يستعدي تلك الدول وخلق حالة من عدم وضوح الرؤية لدى الحكومة العراقية مما يزيد حدة التوتر والذي سينسحب بالتالي على عقد القمة العربية ..
 وبين المنظور المناخي لموعد انعقاد مؤتمر القمة في الربيع القادم بمدينة السلام وبين ربيع المنظور السياسي العراقي والخوف من تحوله الى خريف دائم بين الأطراف الفاعلة بالعملية السياسية في العراق تبقى الشكوك حاضرة في أذهاننا عن قدرة العراق من احتضان رؤساء وملوك وأمراء الدول العربية في بلدهم الثاني الذي يبدو بأنهم جعلوه هامشيا بحكم تقاطع مصالحهم مع كل دول الإقليم والجوار العراقي.....

ليست هناك تعليقات: