أمير جبار الساعدي
إن الأسلوب المنظم
للدعاية السياسية أو ترويج الأفكار في وسط مهيء نفسياً لاستقبال هذه الأراء
والأفكار التي ترسلها المصادر هو ما يعرف علميا بالاعلام.
فإذا أخذنا بعين الاعتبار
البحث عن الوسط النفسي المهيء لاستقبال الافكار والرؤى التي يطرحها السياسيين
المتخاصمين فيما بينهم والمتصارعين على حصصهم من السلطة قبل أن تكون تأدية لقسمهم
وهو خدمة الشعب والوطن الذي يمر بعدة تحديات ومنها التحدي الأمني الذي غالبا ما
كانت خلايا القاعدة والإرهاب تتصيد به لضرب الشعب ومنظومته السياسية والأمنية
بمقتل لخلق حالة من عدم التوازن وعدم الاستقرار وجعل البلد يعيش في دوامة وخوف من
القادم وأظهار ضعف الحكومة وأجهزتها الأمنية والدفاعية على تأمين حمايته، مضافا
لذلك الادوات المسلحة لبعض الاطراف التي تستغل الصراع السياسي لتنفيذ بعض أجندتها بالتصفيات
الجسدية من خلال عمليات الاغتيال بكواتم الصوت وهذا ما شهدناه أخيرا في المشهد
السياسي العراقي وما أقره بعض النواب من صدق هذه الأحداث وأسباب حصولها.
ووسط هذه الأزمة السياسية
المتصاعدة أستغل الارهاب فرصة الخصام السياسي وأراد التصيد بالماء العكر بزرع الشتات
الاجتماعي بين أطياف المجتمع العراقي باللعب كما عودنا في خططه الخبيثة على الوتر
الطائفي مرة جديدة والتي لم تكن الأولى حتما ولا الورقة الأخيرة التي يستخدمها
لتعكير صفو الوئام العراقي وتعايش نسيجه المجتمعي الذي وعى الدرس، ولكن تواصل بعض
أعضاء مجلس النواب العراقي من مختلف الكتل المتصارعة حول الأزمة التي يشهدها البلد
يوفر أرضية خصبة ينصب به هولاء المجرمين كمائن أصديادهم الفرص لضرب وحدة الصف
الوطني وأبعاد العراقيين عن لحمتهم وتجانسهم المذهبي والطائفي وحتى العرقي
والآثني، وأقرب مثل حي رأيناه هذه الأيام ما حصل من عملية أستهداف للوقف الشيعي
وضرب الوقف السني بمدة وجيزة بعدها، ومن ثم تفجير جامع الهاشمي وضرب منطقة
الكاظمية التي كانت تتهيأ لاستقبال زوار الامام موسى بن جعفر (ع) بقذائف الهاون، وما لحقها من أربعاء دامي زاد أمال العراقيين سوداوية بما ينتظرهم في قادم الأيام.
فتصعيد حدة التنابز
والتشهير المستمر من قبل الساسة وأعضاء مجلس النواب ينعكس سلبا على المواطن في
الشارع العراقي حيث يزرع حالة من عدم الثقة بالاجواء السياسية الملبدة بالتأزم
وتوقف حركته الاقتصادية وتقلل حجم التبادل التجاري بين مختلف مستويات السوق
العراقي تخوفا مما سوف يحصل عندما تشتد أزمة الصراع بين الأطراف الفاعلة بالعملية
السياسية ويترك هولاء في مهب ريح الشكوك والحذر المترقب الفرص لإعادة جدول أعمالهم
التجارية بصورة طبيعية ليتمكنوا من مزوالة حياتهم مرة أخرى بأمان نسبي... في الوقت
الذي نصرف فيه ملايين الدولارت لاستقدام الاستثمار العراقي والعربي والاجنبي فأن
السياسيين يجعلونهم يفرون بكلمات من غير ثمن وهم يصعدون لهجة التهديد فيما بينهم....
ومثلها صرفت مليارات الدولارات لبناء الاجهزة الأمنية لحماية أرواح العراقيين،
ولكنكم تضحون بهم ببضعة تصريحات ساخنة فأيهم أهم حياة الشعب وبناء الدولة أم تأزيم
الخلاف بين الشركاء الفرقاء السياسيين؟!.
وعودا على ذي بدء راقبت
تقريرا على أحدى الفضائيات العراقية وهو يعرض أستطلاعا شعبيا وسياسيا في محافظة
كركوك يطالب فيه المواطنون والسياسيون وسط هذه الأزمة السياسية بالتأكيد على ضرورة
توقيع السادة أعضاء مجلس النواب العراقي "وثيقة عهد" تقضي بأيقاف
التصريحات المتشنجة والاتهامات المتبادلة فيما بينهم مشددين على تغليب مصلحة
المواطن على المصالح الحزبية والفئوية الضيقة... واليوم نحن في أمس الحاجة لصمت
إعلامي من قبل السادة النواب الذين ألقوا بظلالهم المعتمة على الشارع وخلقوا حالة
من عدم الثقة في جميع الاوساط وبمختلف المستويات في المجتمع العراقي .. نطالبهم
وبأعلى صوت أن يكفوا شرورهم بهذه التصريحات الضارة على وحدة الصف العراقي والتي
تخلق بيئة خصبة لنيل الإرهاب والقاعدة والعناصر المسلحة من حالة الاستقرار العراقي
وتوجهه نحو عملية البناء.
ونتمنى على المؤسسات
الإعلامية ولو بأقل الحدود من عدم التعاطي مع تلك التصريحات الموترة، وتحشيد الجهد
الإعلامي لرص الصفوف والتواصل مع الوسط الشعبي في جميع المحافظات لخلق رأي عام
ضاغط على كل من يشنج الاجواء ويدفعنا الى المجهول، وذلك عبر التأكيد على توقيع هذه
الوثيقة الملزمة أخلاقيا قبل أن تكون دستوريا وقانونيا من قبل السادة أعضاء مجلس
نوابنا الموقر...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق