الخميس، 2 أغسطس 2012

ذخيرة حية...ونتيجة ميتة !!


أمير جبار الساعدي

وسط تعزيزات التعاون الدفاعى المشترك بين بغداد وواشنطن أجرى الجيش العراقي تدريبات "بالذخيرة الحية" وذلك في إطار الجهود المتواصلة لتحسين المهارات العسكرية الستراتيجية. وكجزء من التزاماتها المدرجة ضمن اتفاقية الإطار الستراتيجي، قامت السفارة الأمريكية في بغداد من خلال مكتب التعاون الأمني مع العراق (OSC-I) بتقديم الدعم اللازم لهذه التدريبات التي قادها العراقيون.
وهنا يطرح السؤال نفسه ألا وهو الدفاع المشترك ضد من ولصالح من؟ هل المقصود هو الحصار الأمنى والاستراتيجى لإيران باعتبارها أحدى دول محور الشر فى المنطقة حسب الوصف الأمريكي؟ أم السعي من أجل تبعية بغداد لواشنطن بعد الإنسحاب التام من العراق أو لبناء قوة قادرة على المشاركة بالحرب العالمية ضد الإرهاب؟؟؟ والاسئلة فى هذا الصدد متعددة التوجهات والقلق أيضا؟؟
فأن الاحتمالان الأولين قائمين ... أولا هو الاحتواء لمنظومة التوسع الإيراني التي فتحت أمريكا لها الباب واسعا، والأن تريد الحد منه، وهي التي توافقت مع إيران على هذا الامتداد والذي يبدو مشروطا .. كما أن الولايات المتحدة ليس من السهل أن تفرط بأوزتها التي تبيض ذهبا عبر ضغوط ومنفعة منظومة الكارتل الصناعي النفطي العسكري الأمريكي .. وكذلك مصالحها الجيو اسراتيجية بالمنطقة.. ولكن قبل كل هذا العراق مازال ضعيفا عسكريا وأمنيا، وعليه أن يستثمر هذه العلاقة لبناء منظومته الأمنية دفاعيا تقنيا، وتسليحا لوجستيا متوازن مع باقي دول المنطقة بالقدر الذي يمكنه من حماية مصالحه تجاه التحديات الداخلية إرهاب وغيره .. وخارجية علها تستطيع أيقاف مجموعة الخروقات على سيادة أجوائه وأراضيه بعيدا عن التعدي على مصالح الغير... في الوقت الذي نشهد به أزمة عسكرية بين حكومة الإقليم والحكومة الأتحادية حول دستورية تحريك قوات الجيش العراقي لحماية الحدود العراقية من جهة المناطق في إقليم كردستان العراق في سنجار وزمار وصولا لمعبر فيشخابور الحدودي، فهي بعيدة كل البعد على أن تكون أزمة جماهيرية، وهذا ما تحاول بعض الاطراف من الايحاء به والتكسب من ورائه مرة بعد مرة ... ولكنها أكيد أزمة لعبة سياسية متعثرة بين الفرقاء الشركاء في بناء صرح الديمقراطية .. ولكن الأهم هو مازال الشعب معطل عن أن يُكوّن رأي عام ضاغط يؤثر في مجرى الأحداث أو يتحمل مسؤولية قراره...
وهذا بيت الداء في أغلبيتنا الصامتة فهي لا تريد المغادرة من صمتها لآنها متأثرة بقناعتها السابقة والمتداخلة بظروفها الحالية مما ألجمها ووضع الأكمام حول قدرتها بأن تقوم بفعل حقيقي للمناداة بجدية وليس عبر الآخرين بحقها لتتمكن أن تترجمه الى عالم الواقع بعيدا عن الكلمات والتصورات...
أن ما نطرحه حقيقة واقعة وسط تخبط الجميع ولكنها أصبحت جذور تغذي الخلاف على السطح.. ونحتاج مثلما تسعى الحكومة اليوم عن إعلان مصالحة شاملة ممن عارض التغيير ولاسيما والمنطقة تتسارع أحداثها توترا مؤثرا على الوضع العراقي، وبعيدا عن المسميات المختلف عليها والتعاطي بها ومنها احتلال العراق عمن سماه ليس العراقيون وحسب، بل حتى قرار الأمم المتحدة والأمريكان في تنظيرهم لتواجد قواتهم العسكرية في العراق ..فالمشكلة بيننا أكبر من الاسماء ونعوتها.. وما يهمنا حقا هو هل هناك حل؟؟ فأن قانون المسائلة والعدالة مازال ورقة ضغط سياسي أكثر منها حقوق مدنية لمظالم الشعب العراقي، ووسط هذا يمكن أن تكون هناك حلول إذا ما تعاملنا مع الجميع وفق القانون والدستور الذي يُجرم المذنب ويسامح البريء .. فالتخوف من أستمالة المجتثين خوفا من استخدامهم كورقة تخوين بين الأطراف السياسية الشيعية والتي هي تحاول التصالح معهم بنفس الوقت، وتستخدمهم في كثير من مرافق الحكومة العراقية... كما أن قانون العفو العام معطل نتيجة الخلاف السياسي والذي هو من بنود الاصلاح والمصالحة بين الجميع.. وإن الاعتماد على الولايات المتحدة قي هذا الموضوع ودعم بناء الديمقراطية في العراق، ورقة لم تسقط نهائيا فمازال بالامكان أستعادتها إذا أردوا، ومادورها بالتوسط في القضايا الخلافية في الأزمة السياسية وكذلك بين الإقليم والمركز إلا دليل على ذلك، ولكن كم هي ستصب بمصلحة العراق وتساعده على النهوض؟ وقد رأينا سنوات بناء الولايات المتحدة للعراق وما شابها من سوء إدارة وفساد كبير، فلم يتم خلالها الكثير ودعنا لا نتكلم عن كافة المستويات ولكن لنأخذ مجالي الكهرباء والجيش.. هل كانت هناك إعادة تأهيل وإعمار حقيقية لهذين المستويين؟؟ الجواب كلا... إذا ماذا فعل من بعدهم العراقيون أصبحوا أكثر حرجا ومواجهة مع الشعب مما سيدفعهم وأن كان بشكل بطيء نحو المضي بالاصلاح... والذي طالبت به كل الاوساط الشعبية والدينية وكل المراجع الدينية بمختلف مشاربها ومنها الحوزة العلمية، فقد شكت أكثر من مرة مؤخرا بأن السياسيين لا يسمعون لنصحهم ولهذا لم تستقبل منهم أحدا منذ مدة طويلة ... ولكن هل سيكون هناك تعاطي إيجابي وسلمي بعدم استخدام الاوراق الطائفية لدى كل الاطراف؟؟ فهذا الامر مستبعد وهذا ما شاهدناه جليا في حادثة التفجير الأخيرة في الوقف الشيعي وأستهداف الوقف السني والذي سعت له القاعدة وتتوعد به لأنه يصب في مصلحة تواجدها على الارض العراقية إذا ما أخذنا بالحسبان تهديدات القاعدة الطائفية الأخيرة، وكذلك الموقف في الشقيقة سوريا ودرجة تأثيرها في هذا الملف الغير مكتمل بعد...
وفي هذا الامر نرى بأن الاحتمال الثالث لم يكتمل أيضا وأن الولايات المتحدة قد فشلت به كثيرا في الوقت الذي يصرح به جورج ليتل السكرتير الصحفي لوزارة الدفاع الامريكية ادانته لاعمال العنف التي شهدها العراق وقوله إن" المسؤولين في البنتاغون يعملون بشكل وثيق مع نظرائهم في بغداد لمنع المجموعة من العودة". حيث أضاف ليتل "لا تخطئوا في ذلك، نحن نعمل عن كثب مع العراقيين ومع حكومات أخرى لتعطيل وهزيمة وتفكيك تنظيم القاعدة، بما فيها القاعدة في العراق". وبالمقارنة مع ما يصرحون به وبين ما يحدث على أرض الواقع شيئان مختلفان، وما حدث من خرق أمني نوعي بأستهداف مبنى مديرية مكافحة الإرهاب وسط العاصمة بغداد أشارة سيئة ..وإن كانت العملية قد فشلت ولكن الاختراق قد حصل للاسف، وسقط عددا من الضحايا الأبرياء في العمل الإرهابي... والحصيلة من وراء هذا بأن القدرات الأمنية العراقية مازالت ليست بمستوى التحدي القادم ... هذا إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار حدة الأزمة السياسية، فلقد حذرت مجموعة الأزمات الدولية، الأطراف السياسية في البلاد من تدهور واقع النظام السياسي، وفي الوقت الذي طالبت فيه المنظمة بالاتفاق على تسويات سريعة، دعت خصوم رئيس الوزراء الى توحيد جهودهم نحو بناء مؤسسات الدولة بدلا من السعي لإسقاط المالكي. التقرير الذي جاء تحت عنوان "هل رأينا كل هذا من قبل؟، الأزمة السياسية المتصاعدة في العراق"، أشار الى أنه "من أجل التغلب على الأزمة السياسية الحالية في العراق ومنع انهيار نظام ما بعد عام 2003 بمجمله، ينبغي على رئيس الوزراء نوري المالكي وخصومه الاتفاق على تسويات مؤلمة".
أن من يخلق البيئة الصحية للمواطنة الحقة التي نحتاجها في عملية البناءهو النظام السياسي الحاكم بالبلد وهو من يساعد على نمو روح التواصل الصادق فيما بين أوصاله فلم يكن الشعب في أي يوم من الايام معبأ ضد بعضه البعض ولكن السياسية عبر تفعيل الخلافات والأزمات المتوارثة والمستجدة ... لديها الأدوات التي تفرضها على أبناء الوطن الواحد ليعيشوا بغربة وحتى وهم في وطنهم... ولمنع الاستدامة بالطائفية المذهبية والسياسية لقطع الطريق على القاعدة ومن يحركها من خلف الستار نحتاج الى فعل جمعي تتضامن به منظمات المجتمع المدني المستقلة حقا وليست تبع الأحزاب أو التي تعمل وفق منبع الدعم المالي لها، وكذلك الإعلام وأدواته مع الرأي العام الشعبي لكي يضغط بشكل أكبر ... فنحن نمر بظرف سياسي صعب وعليهم إطفاء النيران لا أشعالها .. وأما قسَم السياسيين ونوابنا الكرام الذي لم يبروا به فحسابه في الانتخابات القادمة، وأما التوترات الحالية فضحيتها دمائنا، التي هي أضاحي الخصام السياسي الذي لم يعرف التوقف يوما...


***ملاحظة:  جميع المقالات في المدونة منشورة في مختلف الصحف البغدادية...

ليست هناك تعليقات: