الأربعاء، 5 سبتمبر 2012

إيران...وقمة عدم الأنحياز

أمير جبار الساعدي

تتمحور أهداف تأسيس دول عدم الأنحياز على تأييد حق تقرير المصير، والاستقلال الوطني، والسيادة، والسلامة الإقليمية للدول؛ ومعارضة الفصل العنصري، وعدم الانتماء للأحلاف العسكرية المتعددة الأطراف، وابتعاد دول حركة عدم الانحياز عن التكتلات والصراعات بين الدول الكبرى، والكفاح ضد الاستعمار بكافة أشكاله وصوره، والكفاح ضد الاحتلال، والاستعمار الجديد، والعنصرية، والاحتلال والسيطرة الأجنبية، ونزع السلاح، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والتعايش بين جميع الدول، ورفض استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في العلاقات الدولية، وتدعيم الأمم المتحدة، وإضفاء الطابع الديمقراطي على العلاقات الدولية، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإعادة هيكلة النظام الاقتصادي العالمي، فضلا عن التعاون الدولي على قدم المساواة.
وبنظرة سريعة لكل أعضاء هذا التجمع العالمي الذي ينافس الأمم المتحدة بعدد الدول المنضوية تحت لوائه (120 دولة) وتفحص الانظمة السياسية التي تعمل ضمن أطار عدم الأنحياز وكيفية تعاطيها مع التحديات الي تفرضها أوجه التغيير في منظومة القوى العالمية ، وأستبدال الهوية الوطنية بمفهوم العولمة الذي أجتاح كل دول العالم حتى الأشتراكية منها مثل الصين وكوبا ... وبعد زوال نظام القطبية وتحالف قوى المحاور والمعسكر الشرقي ونده الغربي... أصبح من اللازم تغيير معايير وأهداف وأسم هذا التجمع الدولي...فلقد فقدَ مفهوم عدم الانحياز فحواه وغادره منذ زمن بعيد ليس لاسباب جيوستراتيجية وجيوسياسية وحسب، ولكن لأختلاف ميزان مصالح القوى بين الدول في عموم بلدان العالم ، وتجربة الانقلاب الذي حصل في إسقاط عروش الدكتاتوريات في العالم العربي مثالا على ذلك... وفي الوقت الذي تطالب به قمة دول عدم الانحياز اصلاح دور الأمم المتحدة ومجلس الأمن وهيكليتهما وتنتقد حق الفيتو في كثير من القضايا، فأنها تقع في ذات الفخ، وأخر مثلٌ شهدناه هو ملف الأزمة السورية فلولا حق الفيتو الذي أستخدمته كل من روسيا والصين لتم إسقاط نظام الأسد منذ وقت طويل ولتدخلت الدول الغربية والعربية عسكريا بشكل مباشر في فض الحرب القائمة لصالح قوى المعارضة، وكما أن سياسة عدم التدخل بالشؤون الداخلية لدول عدم الانحياز هدف أساسي لها نرى بأن كثير من الدول الاعضاء تخرق هذا الحق والهدف الاساس والمثل الواضح في نهج المحاور الذي تتخذه دول عدة من بلدان عدم الانحياز في التعاطي مع أزمة سوريا، وعلى رأسها الجمهورية الإيرانية الإسلامية التي تترأس الدورة السادسة عشر لهذه القمة، وكذلك بعض دول مجلس التعاون الخليجي.
وبالرجوع الى أهداف عدم الأنحياز، فأن السيادة، والسلامة الإقليمية للدول، واحدة من أهم موادها.. فأين سيادة العراق وسلامته الإقليمية وهو يقصف بين الحين والأخر ناهيك عن خروقات التجاوز على الأبار المشتركة وكذلك قطع مياه الأنهر وتقليل حصص مناسيب المياه الواردة لنهري دجلة والفرات من قبل إيران وتركيا...
وقبيل أن تتسنم إيران رئاسة قمة دول عدم الانحياز يخرج علينا رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني بتصريح ادلى به عبر قناة المنار،ملوحا بقوله " اذا كانت الصهيونية الإمريكية تحاول أن تسقط الأسد فنقولها بكل صراحة إذا سقطت سوريا اليوم يعني سقوط الكويت غداً وافهموها كما شئتم"!! فأين هي سياسة عدم الانحياز؟....
وهذه دول الخليج العربي ملئ بالقواعد الغربية أمريكية وغيرها فأين هي من سياسة المحاور وأهداف عدم الانحياز؟... وتلك دول أورآسيا التي أنتشرت بها قواعد منظومات الدفاع الصاروخي فهل هذا يتلائم مع مقاييس دول عدم الانحياز؟...
أما الطامة الكبرى فهي القضية الفلسطينية التي لم يبقى أحد على وجه البسيطة إلا وتجار بها وهو ينادي بحقها على أرضها وفك حصارها ودعم مطاليبها في إنشاء دولتها...أوليس جميع أعضاء دول عدم الأنحياز هم أعضاء في الأمم المتحدة فلماذا لا يصوتون أقلها لصالح إقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس... أم أنها سياسة المصالح والقوى العظمى، الذي أنشئت حركة عدم الانحياز من أجل الابتعاد عن سياستهم وتقاطع مصالحهم وحروب النيابة التي كانت تخوضها في دولهم...
ومن الملاحظ بأن الرئيس محمود أحمدي نجاد وهو يذكر أسماء الدول المؤسِسة لعدم الأنحياز ويقف دقيقة صمت على أرواح رؤساء هذه الدول، وهو ينادي بالعدالة الاجتماعية والعدالة الالهية، كان عليه تذكر أرواح من تم التضحية بهم في ظل أنظمة بعضا من هؤلاء المؤسسين، ولا أعرف سببا لذلك، ولعل المانع يعود بالنفع على تاريخ العلاقات الدولية والقانون الدولي الإنساني !!...
وعودا على ذي بدء، فأن على العراق لا ينسى وهو يقدم المبادرات لرأب صدع وخطر الأزمة السورية كونه رئيسا لقمة دول الجامعة العربية بأن عليه الابتعاد بسياسته الخارجية وعلاقاته مع دول الجوار العربي والإقليمي عن سياسة المحاور والعلاقات المتبادلة المصالح الضيقة الآفق التي لا تعتمد على نظرة بعيدة المدى ضمن رؤى استراتجية تضمن أمن وأستقرار العراق أولا وتبعده عن أن يكون حطبا لنار لا ناقة لهو فيها ولا جمل... والذي مازال لحد هذه الساعة في حالة مخاض لبناء ديمقراطيته الناشئة، وما فتئ الشعب يطالب بمصالحه وحاجاته....
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
علما بأن المقال منشور بتاريخ 30-8-2012 في الصحف الالكترونية والورقية.

ليست هناك تعليقات: