الجمعة، 3 مايو 2013

التحالفات القادمة


أمير جبار الساعدي

مازالت النتائج النهائية لانتخابات مجالس المحافظات غير معلنة وفيما يبدو بأن الحراك السياسي بين الكتل الفائزة حسب ما طرحته المفوضية العليا للانتخابات المستقلة بدأت بحركتها لتشكيل بعضا من التحالفات لتشكيل الحكومات المحلية، فبعضا يؤطرها مفهوم الشراكة وأخرى يغلفها مبدأ الاغلبية السياسية... فما ظهر من حصاد الأصوات للأحزاب والكتل في هذه الانتخابات أظهرت تقدم ائتلاف دولة القانون بأكثر من محافظة ويليها ائتلاف المواطن ومن ثم كتلة الاحرار بقوائمه المختلفة والتي نافست على مواقع التقدم في بعض المحافظات على ائتلاف المواطن وفي محافظة ميسان تصدرت كافة القوائم... فما ظهر من تداعيات الأزمات المتلاحقة فيما بعد تشكيل حكومة الشراكة الوطنية أظهرت كثيرا من النقد من قبل ائتلاف المواطن وكتلة الاحرار لإدارة الحكومة لكثيرمن هذه الملفات التي تشاركها في جسد السلطة التنفيذية وغالبا ما كان هناك توافق في ما بين ائتلاف المواطن والاحرار في تشخيص طبيعة تلك الأزمات وطرق حلها، ولكن لم يكن هذا الامر دائما لاختلاف جدول تلك التوافقات وطبيعة العلاقات بين كل أطراف التحالف الوطني، وعودا على نتائج الانتخابات نرى بأن القانون الجديد (سانت ليغو) في حساب الاصوات قد أعطى الفرصة للكتل الصغيرة الصعود الى سلم الحكومات المحلية بحصولها على بعض المقاعد وإن كانت قليلة ولكنها تشكل جزءا مهما في صياغة طبيعة التحالفات في مجالس المحافظات الجديدة وأختيار المحافظ ومجلس المحافظة، وهكذا برز صعود ائتلاف كتلة المواطن بعد أن تراجع حضوره الانتخابي في انتخابات مجلس النواب في عام (2010) وأصبح رقما مهما يشكل ثقلا كبيرا في طبيعة تلك التحالفات التي عقدت والتي ستعقد مستقبلا والتي ظهر منها أولا وحتى قبل إنعقاد الانتخابات تحالف ديالى الوطني في ديالى والذي أجتمعت فيه كل كتل التحالف الوطني في ديالى لتتشارك معا في خوض تلك الانتخابات، وكان ذلك بسبب طبيعة التوجهات السياسية والاجتماعية في محافظة ديالى والذي دعاها للتجمع قبل الانتخابات، وقد أظهرت النتائج الى الان بأنهم حققوا المركز الثاني (وسط تنازع بينهم وعراقية ديالى التي تصدرت المشهد هناك على المركز الاول).

ونتيجة لهذا التقدم لائتلاف دولة لقانون والمواطن والأحرار بما تحصلوه من مقاعد في هذه الانتخابات يرى البعض بأن التحالف الأمثل لما أظهره كل من ائتلاف المواطن وكتلة الاحرار ممثلة للتيار الصدري من توافق اتجاه أزمات الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية بأنهما سيكونان التحالف القادم في كثير من المحافظات، ولكن الواقع يظهر أمرا مغايرا بعض الشيء وأولها ما ظهر من تشكيل تحالف سياسي جديد باسم (تحالف البصرة أولا)، يمثل الاغلبية في مجلس المحافظة بـ(19) مقعدا من أجل تحقيق الشراكة (وتبلغ عدد المقاعد المخصصة لمحافظة البصرة 35 مقعدا) وكانت الكتل السياسية المنضوية في هذا التحالف هي "ائتلاف المواطن وائتلاف البصرة المستقل وقائمة العدالة والوحدة وتحالف البصرة المدني وائتلاف العراقية الوطنية الموحد وقائمة متحدون وحزب الدعوة تنظيم الداخل وحركة البديل والمكون المسيحي وائتلاف البصرة المستقل"، وبنظرة سريعة نرى بأن ائتلاف المواطن قد تشارك مع باقي الكتل بعيدا عن كتلة الاحرار ودولة القانون وأصبح لدى ذلك التحالف الاغلبية المريحة لتشكيل الحكومة المحلية في البصرة، ونرى طبيعة أختلاف توجهات تلك الكتل المنضوية في هذا التحالف التي أشتركت في هدف الخدمة المدنية لمحافظة البصرة بعيدا عن الاغلبية السياسية ولكن هل سيبتعدون عن التحاصص الطائفي والسياسي؟؟؟ ... وفي نفس هذه التوجهات نرى بأن محافظة واسط سعت لتحالف سياسي جديد باسم تحالف واسط للمشاركة في تشكيل الحكومة المحلية الجديدة والذي يضم "دولة العدالة الاجتماعية وتجمع الأيادي المخلصة والتحالف المدني الديمقراطي وتيار الدولة العادلة وائتلاف العراقية الوطني الموحد وقائمة عراق الخير والعطاء، حيث بدأت مشاورات جادة لتشكيل تحالف يجمعها يحوز على ثمانية مقاعد. ونرى بأن غالية هذه الكتل هي ذي توجهات ليبرالية ومدنية تاركت ائتلاف المواطن ودولة القانون وكلاهما لديه (7) مقاعد وكتلة الاحرار ولديها (5) مخيرين للدخول في هذا الائتلاف أو التحالف فيما بينهم إذا ما تذكرنا بأن عدد مقاعد المحافظة هي (28) فأن التحالف القادم يحتاج الى (15) لتشكيل الحكومة المحلية في واسط ومن هنا يظهر بأن أي شكل من التحالفات لن يكون بصيغة الاغلبية السياسية او الشراكة بين ائتلاف المواطن ودولة القانون والاحرار ما لم يتفقون مع بعضهما البعض وهذا أمر مستبعد الان ولكنه قد يدفع بأحدهما بالتوجه نحو تحالف واسط لتشكيل الحكومة القادمة وبهذا فقدنا عدم توافقهما مرة أخرى لتشكيل ائتلاف حسب التوافقات السياسية التي سبقت إجراء الانتخابات والتي لعبت كثيرا من هذه الكتل لعبتها الاعلامية والسياسية حتى طائفيا وبشكل كبير لتحشيد أكبر ما يمكن من الاصوات لصالحها.
وما وضح من نتائج محافظة كربلاء بتصدر ائتلاف دولة القانون (7) مقاعد ويليه ائتلاف الأحرار (4) ومن ثم اللواء (3) مقاعد، ورابعا كتلة المواطن (3)، واستطاعت كتلة أمل الرافدين الحصول على (3) مقاعد وكذلك تيار الدولة العادلة (3) مقاعد و جبهة الاعتدال الوطني على مقعدين وغيرهم حصل على مقعد واحد والمجموع هو (27) مقعدا لعموم مجلس المحافظة. ويحتاج التحالف (14) مقعد لتشكيل الحكومة المحلية هناك وهذا ما يظهر بأن دولة القانون من تصدر ولكن قد ينافسه أي من كتلتي المواطن والاحرار واللواء في طبيعة ما يَقدم عليه من تحالفات وهذا سيضع دولة القانون أمام خيارات محدودة في أن يسارع بكسب باقي الاصوات المنفردة بعيدا عن الكتل المتقدمة وهذه نفس المعركة التي يمكن أن تخوضها باقي الائتلافات في كربلاء للفوز بمجلس الحكومة المحلية هناك.. والذي لا يظهر من قريب بأن هناك توافقا بين الأحرار والمواطن لكي يمضي في كسب باقي الكتل ليشكل هو الحكومة في كربلاء... وما شهدته محافظة ميسان ينبئ بأن تصدر كتلة الاحرار هو من سيشكل حكومتها المحلية... حيث حصل ائتلاف الاحرار (9) مقاعد وائتلاف دولة القانون (8) مقاعد ودولة المواطن (6) مقاعد... ولكن ما هو شكل التحالف الأقرب للاحرار والذي يبدو بأنه سيكون مع ائتلاف المواطن لأن عدد مقاعد مجلس المحافظة هي (27) مقعد وهو يحتاج الى (14) مقعد لكي يشكل الحكومة المحلية، ولكن قد يأتلف دولة القانون مع المواطن ويحقق الصدارة في تشكيل الحكومة...
وما يمكن استخلاصه من خلال ما طرحناه من أمثلة بأن التوافقات الحالية لا تصب في اتجاه توحيد اصوات كلاً من المواطن والاحرار حاليا وإن كانت هناك زيارة من قبل السيد عمار الحكيم لرئيس الهيئة السياسية لكتلة الاحرار كرار الخفاجي بحث فيها تطورات العملية السياسية ونتائج الانتخابات، لأن ذلك سوف لن يصب بمصلحة دولة القانون التي حققت الاولوية في تصدرها حجم الأصوات في سبع محافظات وإن كانت هي أقل من عدد الاصوات التي حصلت عليها في الانتخابات السابقة أولا بسبب آلية أحتساب الاصوات وثانيا بسبب الاقبال الضعيف على الانتخابات وهذا كله مدعاة لتحرك دولة القانون ورئيس ائتلافها رئيس مجلس الوزراء بتقديم بعض الامتيازات وإظهار بعض التنازلات لائتلاف المواطن لكسب وده لابعاد التيار الصدري من المنافسة في تحصيل إدارة مجالس تلك المحافظات، وهذا في ما أخذنا تأثير العامل الإقليمي على نوع هذه التحالفات التي قد تدعو لدعم تحالفات السيد المالكي. ويبقى التخوف الوحيد هو بأن طبيعة هذه التحالفات قد تفرض على دولة القانون فرضية أبعاد شخص السيد المالكي من الترشح مرة أخرى لرئاسة الوزراء نتيجة شكل هذه التحالفات مع طرف قوي ومنافس من قبل ائتلاف المواطن والذي غالبا ما رشح عدد من أعضائه لتولي مسؤولية رئاسة الوزراء، ولكن تحالف الصدريين مع ائتلاف المواطن قد يكون داعما لهم بحصولهم على منصب رئيس مجلس الوزراء ويمكن التوافق معهم على هذا الأمر لأن ما ظهر من قبل الطرفين أبدى بأنه يمكن تحقيق هذا التعاون فيما بينهم. وكل ما ظهر من نتائج لانتخابات مجالس المحافظات غير النهائية سوف يعينهم جميعا أولا على إيجاد الأرضية المناسبة من نفوذ وسلطة لخوض الانتخابات النيابية القادمة في عام (2014)، وثانيا على إظهار بأن من تحصل على هذا الكم الكبير من الأصوات يمكن له بأن ينافس بشكل واضح على ما يمكن حصوله من أصوات في انتخابات مجلس النواب وبهذا يعطي أنطباعا على من يمكن أن يحالفه في حالة الفوز ... وثالثا هناك أمرا يصب في صلب هذه الأزمة وهو الدعوة لانتخابات مبكرة على ضوء نتائج انتخابات مجالس المحافظات خوفا من فقدان هذا التأييد الذي تحصلت عليه تلك الأحزاب والائتلافات.
ويبقى الأمر الأهم والصورة الأشمل والرقم الأكبر هو فقدان ثقة الشعب العراقي بصندوق الأقتراع وعزوفه مرة أخرى في الانتخابات النيابية أو تحدث المفاجئة بالتصويت الى اسماء جديدة مثلما حصل في بعض القوائم لانتخابات مجالس المحافظات ليغير من معادلة تحالفات الكتل الكبيرة مثلما حصل في محافظة واسط بان تكون هناك كتلا معارضة لديها القدرة على التأثير في تشريع القوانين وإقرارها لتخدم مصلحة المواطن والوطن قبل خدمة الاحزاب والكتل....
ــــــــــــــــــــــــــــ
وهي منشورة في جريدة الزمان النسخة الدولية في العدد 4492 في يوم 1-5-2013...
بغداد 28-4-2013

ليست هناك تعليقات: