أمير جبار الساعدي
أصبح من المعلوم بأن في
السياسة لا يوجد مع أو ضد، هذا إذا ما تناسينا مقولة أو "مبدأ بوش
الأبن" .. وما يوجد هو مصالح دائمة هي التي تجعل العلاقات الدولية فيما بينهم
مع أو ضد... ولهذا يُسئل العراقيين ولاسيما جزء كبير من المجتمع العراقي هل أنت مع
أو ضد؟؟؟ وفي ما يخص "الشيعة" نعم هناك ممن لايرغب بالتدخل أيًّ كان،
إذا كان من إيران أو تركيا أو السعودية، فالبعض يفسرها كراهية لهذه الدول وهي ليست
كذلك .. بل هي حالة عدم رضى عن سياساتها وما تفعله هذه الدول بالتدخل المعلن
بالشأن الداخلي العراقي.. فهناك فرق بين الكراهية وعدم الرضى وهو الذي نراه ينتشر
بين الأوساط المثقفة والمتوسطة العراقية "الشيعية"، ولكنها بشكل كبير في
أوساط مجتمعية أخرى.. والذين يعتبروه غزوا إيرانيا للعراق.. فلماذا يحق لإيران أن
تحافظ على مصالحها داخل العراق؟ ولا يحق لنا بأن نحافظ على مصالح بلدنا في العراق
أو في تلك البلدان!!!..
فاليوم كان هناك أتهام من
قبل كتلة الحوار الوطني للسيد (أسامة النجيفي) رئيس مجلس النواب العراقي بانه جافى
الحق عندما زار (قاسم سليماني) وعدته انتهاكا لسيادة العراق واستخفافا بدماء
العراقيين لانه متهم في
التدخل بالشأن
العراقي .. ومن باب العلم بالشيء فلا يوجد في المفهوم السياسي أي من هذه الدعوات
التي أطلقتها الكتلة .. وإلا كيف يمكن أن أحاور عدوي، لو أردت الانتقال الى مستوى
صناعة السلام والتوافق السياسي، أفلم تكن الولايات المتحدة الأمريكية متهمة بغزو واحتلال
العراق؟، ألم تدمر هيكلية الدولة العراقية ووضعتها في خارطة العدم! ..ألم تكن هي
من خرق حقوق الإنسان وعذب العراقيين وأنتهك حقوقهم؟! ألم تستجلب الإرهابيين وتجعل
الساحة العراقية ميدان لحربها العالمية على الإرهاب؟! ومع ذاك لم تحسب بأي حال من
الاحوال مقدار وحجم الضحايا العراقيين الذين سيسقطون في هذه الحرب، والتي مازالت
تشن على العراقيين، فلماذا لم نسمع عن استنكارهم للعلاقات مع أمريكا وتدخل سفارتها
بكل صغيرة وكبيرة في الحياة السياسية العراقية والتي تسميه هي مشورة ونصح؟!!..
فلماذا لم نسمع عن استنكارهم برفض التدخل التركي؟ ومنع النجيفي من زيارة أردوغان
الذي صرح علانية أكثر من مرة على تدخله بشكل سافر بالشأن الداخلي العراقي، فمازالت
القاعدة التركية في شمال كردستان العراق لحد هذه الساعة، فلماذا لا يستنكرون عملية
تدخل وتصريحات (بندر بن سلطان) بالشأن الداخلي العراقي ؟ وعلى السيد أسامة النجيفي
أن لا يزور السعودية أيضا، ولا أي من الأجهزة التي يشرف عليها بندر بن سلطان، فهل
تدخله غير معلوم ؟ أم إنه خافي عليهم ؟، فلماذا هذا الاسلوب غير الواضح
الرؤية لبعض ساسة العراق في التعاطي مع اللعبة السياسية، أم أنها الاستعدادت
المسبقة للمعركة الانتخابية القادمة في عام (2014) ...؟
أنا مع إيران مادامت تخدم مصلحة العراق .. وضدها عندما تسقط فرضياتها المصلحية
وتستخدم العراق كورقة تفاوض ومناورة سياسية مع الولايات المتحدة الأمريكية أو
الغرب، إيران تدعم العراق بصور متعددة ولكن هذا الدعم مشروط في كثير من الأحيان،
وما أقصده بمشروط لأنه يحقق مصالحها بشكل أكبر كونها تعيش تحت ضغوطات متزايدة من
الغرب ... وكما نعرف بأن العمق التاريخي والديني والمذهبي لإيران مع العراق كبير
... ولكن .. واجب بناء دولة عراقية معافى وقوية ينبغي أن يكون أكبر... ودعوني أضرب
مثلا في حزب الله أو سوريا مع كل الدعم الذي تقدمه إيران لحزب الله أو سوريا، فلو
تعرضا لحملة إجهاض من قبل أمريكا والغرب، كم ستصمد إيران بتقديم الدعم لهما ؟ والى
أي مدى ستبقى معهما؟ فإذا ما تغير النظام ؟... سنجد بان الأمر سيتوقف عند حد
المنازلة الحقيقية، وعندما تهدد إيران بحرب معلنة!... نعم إن حزب الله قوي الان ..
ولكن دخوله الصراع سيجعله يواجه الكثير من التحديات وسيدفع لبنان نحو حرب طائفية
أهلية مرة أخرى، مثلما يريدون إحداثاه الأن في العراق ... لا يمكن أن تكون ضربة سوريا هي خوفا من المخزون
الكيمياوي الكبير الذي تمتلكه وحسب، بل هو فخ لجر إيران وحزب الله لمعركة استنزاف
ومن ثم ضربة قاصمة...
إن موضوع الأزمة
السورية خرج من يد الحكومة والجيش السوري وأصبح ملفا دوليا بامتياز، ولهذا نرى
بأنه متى ما أتفق القطبين الشرقي والغربي يمكن تهدئة الأوضاع في سوريا وحلها مثلما
حل الملف اللبناني بعد حرب أهلية استمرت أعواما طوال من الموت والدمار!!
ولكنهم لن يفعلوا ذلك ولن
يسمحوا لها بأن تُحل ..لأن هدفهم الأول هو جبهة الممانعة في إيران ولبنان إكمالا
لمشروع الشرق الأوسط الكبير (الجديد)...
يجب أن نكون أكثر واقعية ..
فهل نحن مع أو ضد سوريا؟؟ لقد أوغلت سوريا بدعم الإرهاب المتدفق من حدودها صوب
العراق وهذا بأعتراف بعض ساستهم وساستنا أيضا وما شاهد (السيد المالكي) برفعه دعوة
قضائية في المحكمة الدولية ضد (بشار الأسد) إلا أحد الادلة على ذلك.. ولكن ساحة
التوزانات الإقليمية والدولية التي تدفع العراق الى أن يكون في محاورها جعلته يقدم
مبادرته الى الجامعة العربية والمجتمع الدولي وهو يعرف بأنه من غير الاحتضان الجدي
من قبل الفواعل الدولية لن يكون لمبادرته أي تأثير فهي رسائل متبادلة بين بعض دول
الجوار الإقليمي والفاعل الغربي مثلما حصل مع الملف الكيمياوي السوري، فمثلما علمت
أمريكا بشأن ضربة صدام الكيمياوية وسكتت عن الأمر ..فأنها تعرف وكانت تعرف بأن
الضربات الكيمياوية قد تبادلت بين طرفي النزاع من المسلحين والنظام السوري وكانت
هناك تصريحات لإحدى مراقبات الاتحاد الأوروبي بهذا الأمر ولكنها أُسكتت ..فما هو
دور الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها ؟ لو كانت المعارضة أو الارهاب القاعدي
هو من استخدم الكيمياوي نتيجة خطأ فني أو في الاطلاق فقصف به المدنيين عن قصد أو
بدونه... هل ستفعل أمريكا نفس الشيء؟ والجواب سيُظهر الازدواجية الأمريكية والغربية
بشكل واضح... وكان من الممكن أن يسلم بشار الأسد أسلحته بالضغط مثلما فعلوا مع
القذافي لو أردوا عندما سلمهم مفاعلاته... ولكن سيناريو سوريا ليس لها وحدها بل
لعموم المنطقة ...
وعودا على ذي بدء ينبغي أن
نكون مع مصلحة الشعب العراقي أولاً وأخيراً وليس مع ضغوطات المرحلة التي تفرض
علينا كثير من التحديات لتجرفنا بتيار المحاور الهزيلة والزائلة لإنها لا تصب في
مصلحة بناء العراق ودولته الموعودة....
ــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــ
وهو منشور في جريدة الزمان- http://www.azzaman.com/?p=44564
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق