الخميس، 19 نوفمبر 2009

خمسة خيارات سيئة للعراق (2-6)

دانيال بيمان
ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي

إن العديد من الفصائل السنية لديها قضية واحدة مشتركة مع المجاهدين الاجانب والتي،ومن دون ذلك،فأنها تزدريهم.إن مساعي الولايات المتحدة في تطمين العراقين بشكل مناسب تبدو إنها غير ايجابية.كما يقول جيمس سيتنبرغ ومايكينيل اوهانو:"كلما تحدثنا أكثر عن البقاء والوقت الذي نستغرقه، كلما بدينا أننا نفرض رؤيتنا على العراق- ومستقبله ونسعى لتحييد الرأي العام".
بالاضافة الى الحجم الواسع للمشكلة،فقد اخطأت الولايات المتحدة في تحديد اتجاهات معالجتها، تركز الولايات المتحدة في سياستها غالباً على الالتزامات المحددة اكثر مما تركز على الأمن في الحياة اليومية العراقية.إذ يهرب المتمردون من المعارك الثابتة ويمتزجون مع الناس ويعودون في الظهور مرة أخرى فقط عندما يجدون إن حجم القوة التي يواجهونها قد زالت.في الفلوجة،أول من غادرها كان الجهاديين الاجانب الرئيسين و قادة التمرد قبل بدأ عمليات الولات المتحدة. إنه من الممكن أن يتطلب تزويد الأمن للحياة اليومية العراقية نشر قوات الولايات المتحدة في مناطق حيث يستطيعون العمل كشرطة وأن يمنعون المتمردين من تخويف المحليين.لقد تحاشت الولايات المتحدة عمل ذلك،وأن الوجود الأمريكي لا يمثل اتصال مباشر مع العراقيين العاديين.
إن من الضروري التأكيد على حماية القوة: يهتم القادة السياسيين والعسكريين طبعاً بحياة جنود الولايات المتحدة وأن ارتفاع معدل الخسائر بين صفوف الولايات المتحدة من الممكن أن يضعف من الدعم الداخلي لعمليات الولايات المتحدة.لسوء الحظ ،إن لتلك الحسابات القصيرة الأمد تكاليف بعيدة الأمد.فقلما يقوم المتمردون بالاشتباك مباشرة مع قوات الولايات المتحدة. وبدلا من ذلك،يبحثون عن مناطق حيث انتشار جيش الولايات المتحدة يكون ضعيفاً.إذ انه لا يوجد تواجد أمريكي مستمر في أكثر المناطق،وان السكان المحليين عليهم التفاوض مع المتمردين أو أنهم يتعرضون الى هجوم وحشي عند عودة المتمردين. وعندما تتقدم الدبابة الأمريكية بطابورها المدرع والأسلحة الموجهة من الفتحات لا يبعث على الشعور بالأمن،ومن الناحية الثانية، فان القليل من العراقيين يريدون الفوز للمتمردين.

من الممكن للمتمردين إخافة من ينوي التعاون مع الولايات المتحدة والحكومة العراقية. بالإضافة الى ذلك،فإن تلك المخاوف تعيق اتصال الولايات المتحدة مع المجتمع العراقي.
إن من اولويات الحكومة العراقية،هي الجريمة،والتي ارتفعت معدلاتها في الآونة الأخيرة.ان استفتاءات حكومة الولايات المتحدة من الشارع العراقي تظهر إن الجريمة أصبحت تمثل قلق متزاديا أكثر من العنف الذي يمثله التمرد أو الإرهابيين.يخشى الكثير من العراقيين مغادرة بيوتهم والذهاب الى العمل وإرسال أطفالهم "وخصوصا بناتهم" الى المدارس. إن إيقاف الجريمة يتطلب حكومة من الممكن الوثوق بها وقوة شرطة كبيرة وقوة ونظام قضائي يتصدى للجريمة بشكل واسع وأن يتم تطبيقه في المحاكم وفي السجون.إن الثلاث عوامل تلك هي غير موجودة في العراق.ان القادة القبليين المحليين، والمليشيات،وآخرين يدعون بأنهم يقدمون الأمن، ولكن ادعائهم ليس له أساسا من الصحة.إن العديد من المليشيات المتمردة،والعصابات الإجرامية أو القوى العشائرية هي أصلا صغيرة جدا، حتى ان أعدادهم تصل احيانا الى العشرات او أقل من المئات.إن القوات العسكرية المنظمة والشرطة من الممكن لها قهر مثل تلك القوى،ولكنها تكون قاتلة في غيابهم.أبان الحرب الأهلية في يوغسلافيا السابقة،على سبيل المثال،أشاعت قوة تقدر باقل من 30 رجل الدمار والخوف في مدن واسعة مثل صربينيسيا، تيسليك وفيزغارد، مجبرين عشرات الألوف من الناس على الهروب كلاجئين.

إن ثقة العراقيين في قواتهم البوليسية تتزايد وإنها ربما في مكانها الخطأ.إن برامج تدريب الولايات المتحدة تبدو كارثية فما زالت تفتقر الى المصادر الكافية.إن تدريب العديد من القوات سيء، وقادتهم سيئين كذلك على مستوى الوحدة العسكرية وان الجميع يفتقرون الى الشعور في الانتماء الى حكومة العراق الحالية او عراق المستقبل ربما اشار بيتر خليل، والذي كان مدير سياسية الأمن الوطنية "لسلطة الائتلاف المؤقت": "بأنه حتى صيف 2004، ورغم مضاعفة أعداد تلك القوات،إلا انها من الممكن أن تبقى غير فاعلة بشكل كبير.ان الوحدات العراقية التي تواجه المتمردين غالباً ما تهرب،وفي بعض الأحيان غالباً ما تنضم الى الطرف الاخر.لقد كانت القوات العراقية،خلال الأشهر الأولى بعد نهاية الحرب، تفتقر بشكل كبير الى المعدات والى التجهيزات،وكذلك الى التدريب.فمنذ انهيار قوى الأمن العراقية خلال ربيع 2004،أصبح التدريب من الاولويات.وحتى إن تحسنت برامج التدريب بشكل كبير فأن تغيير شرطة صدام التي ينتشر بين صفوفها الفساد الإداري وكذلك جيشه وتحويلها الى قوات فاعلة من الممكن أن يستغرق اعوام. في شهر كانون الأول عام 2004، تم تجنيد 118.000 فقط من العدد المطلوب وهو 272.000 وقد تم تدريبهم بمستويات متدنية عن المتوقع من قبل الولايات المتحدة. لقد عرف المتمردون هذا الضعف وقد ركزوا في هجماتهم على الشرطة العراقية ومترجمي الجيش والعمال الآخرين والضروريين للحكومة الجديدة من أجل تأسيس نفسها أو من أجل دعم قوى التحالف في قتالها.هنالك حقيقة انه ليس لدى العراقيين دافع قوي في تطوير قواته العسكرية وجعلها كفوءة طالما تقوم الولايات المتحدة بتولي زمام القيادة.إن الحكومة العراقية تفتقر الى الشرعية في عيون العديد من العراقيين،نظراً الى تواجد العدد الكبير من قوات الولايات المتحدة في البلاد.إن أي قائد سيواجه موقفاً صعباً في التخلص من الانطباع بإنه لعبة بيد الولايات المتحدة.ان تقارير وسائل الإعلام تشير الى أن اياد علاوي،رئيس وزراء الحكومة المؤقتة، قد تم تنصيبه من قبل الولايات المتحدة كقائد في الحكومة المؤقتة. لاري دايموند،خبيرة بالشؤون الديمقراطية، قامت بتوجيه سلطة الائتلاف المؤقتة،وأشارت الى ان الحكومة العراقية واجهت مشكلة واحدة مستمرة وهي أن الولايات المتحدة تقوض شرعيتها في بحثها الحثيث عن السيطرة. اإن مشكلة الشرعية تزداد حدتها في المناطق السنية المسلمة، والتي كانت مفضلة لدى النظام السابق.إن السنة العرب الذي يمثلون الأقلية بحدود خمس السكان، من الواضح انهم يعتبرون أنفسهم الخاسرين في عملية دمقرطة العراق. العديد من السنة قد فقد النفوذ وان العنف المتزايد في المناطق السنية قد أدى الى صعوبة سياسية و(خطورة شخصية) للقادة المتعاونين مع الحكومة الجديدة.ويبدو أن المتمردين يتمتعون بالدعم،وعلى الأقل التسامح من الكثير من سكان العراق السنة.

ومن الناحية الأخرى لم تقم لا الولايات المتحدة ولا الحكومة المؤقتة في دعم الاقتصاد وان ذلك ساهم في تقويض شرعيتهما. إذ تترواح البطالة بين 20-30 % وان معدلات سوء التغذية قد تضاعفت منذ بداية الحرب.إن العواصم الأجنبية غير متشجعة في الاستثمار في بلد تسوده الاضطرابات والتمزق السياسي.إن قيام الجهاديين باستهداف أفراد منظمات الإغاثة،من خلال الاختطاف وفي أحيان أخرى من خلال قطع الرأس قد جعل من العراق بلدا خطيرا جداً حتى على عمال الإغاثة الذين لديهم خبرة واسعة في مناطق الحروب والكوارث.ان فشل الولايات المتحدة وكذلك الحكومة المؤقتة في تحسين الاقتصاد قد جعل توقعات في الازدهار، توقعات غير منطقية لأغلب العراقيين الذين يأملون بان زوال صدام حسين سوف يأتي بالازدهار الاقتصادي على الرغم من المشاكل الهكيلية الكبيرة للاقتصاد العراقي.رغم إن الانتخابات تمثل تغير حقيقي في الماضي الدكتاتوري العراقي لكن المستقبل الديمقراطي يبقى غير واضحاً.
إن العديد من الفصائل تختلف على جدوى المشاركة في السلطة،وعلى دور المرآة، وعلى القوة المناسبة للحكومة الاتحادية على الانتخابات وعلى العديد من القضايا الأخرى.إن عدم الاستقرار الأمني في البلاد قد عمل على تحجيم الجهود في بناء نظام سياسي. ان القيادة التي اعتلت السلطة بعد الانتخابات لا تتمتع بقدر كبير من الشرعية،أي أن شرعيتها ليست معترف بها بين جميع العراقيين. أحتج السنة قبل الانتخابات بقولهم ان النظام غير منصف بالنسبة لهم لان الشيعة سوف يستخدمون غالبيتهم في إدراة البلاد.وإن العديد من أهل السنة في العراق، وعلى خلاف العراقيين الآخرين، لم يقوموا بالتصويت بسبب التخويف وربما لرفضهم للنظام الحالي. إن القيادة الجديدة عليها معالجة المسألة المتعلقة بحقوق الأقليات وبنسبة المشاركة في السلطة بين المجاميع العراقية الرئيسية.إن تلك الأمور من الممكن أن تؤدي الى تمزق البلاد.إن المسألة المهمة،هي انه طالما سوف يعتمد النظام الجديد على الولايات المتحدة فان ذلك سوف يضعف من موقفه إزاء العراقيين الوطنيين.

سوف تواجه الحكومة الجديدة ضغطاً داخلياً كبيراً من أجل أن تنأى بنفسها عن واشنطن.كما يذكر ميكايل ايستادت،إن عراق مؤيد لأمريكا هو في الحقيقة ليس موجود في المخططات:إن أفضل ما يمكن تأمله في الوقت الحالي هو مشاركة غير سهلة مبنية على أساس التقييم الغير عاطفي للمصالح المشتركة.انه من الممكن جداً أن تطلب الحكومة العراقية الجديدة من الولايات المتحدة المغادرة، وبشكل خاص ان حدثت فضائح أخرى مشابهة الى تلك التي حدثت في معاملة سجناء ابوغريب على يد جنود الولايات المتحدة.من أجل تحسين الأمن، فان الولايات المتحدة والحكومة العراقية عليهما العمل مع العشائر المحلية وقادة الميليشيات للتوصل الى توجه متفق عليه لاستتباب الأمن، ولكن تحيط بالديمقراطية كارثة محتملة فيما يخص الأمان على الأمد البعيد.

إن العديد من هذه الميليشيات لديها جذور في حركات عديدة معارضة لصدام حسين قبل الحرب ومن ناحية أخرى،هنالك آخرين متورطين في حلقات التهريب، وفي مجاميع عشائرية وفي منظمات اجتماعية.ويحذر ديموند انه بسبب تلك الميليشيات فأن تداول السلطة المستقبلي سيكون بعيد في مداه ودامي جداً.
ويبقى السؤال المطروح،هل سيبقى هذا المسلك يحظى بالدعم الداخلي في المصطلحات السياسية الداخلية للولايات المتحدة؟ إن النقطة الساخنة ليست واضحة المعالم حتى الآن. إن دعم الولايات المتحدة الداخلي للحرب لم يأخذ مساحة كبيرة. تظهر العديد من الاستفتاءات إن العديد من الأمريكيين يسألون عن المعالجة التي تقوم بها الإدارة البريطانية،إذ انها تتم على عكس ما قام به الجيش في فيتنام، إذ انه ليس هنالك مظاهرات كبيرة مناوئة للحرب أو علامات رفض كبيرة. إن كلا الحزبين السياسيين الرئيسين يدعمان الجهود الامريكية. إن انتصار بوش المقنع في تشرين الثاني يفترض أن الأمريكيين يوافقون على التكاليف التي يتم دفعها في العراق.
رغم ذلك،فأن التكاليف تبقى باهضة إذ إن أكثر من 2000 أمريكي قد لقي حتفه حتى الان وان أرقام الخسائر العراقية هي (معلومات غالباً ما تكون محدودة ومتضاربة) وهي على الأقل أعلى من الرقم الحقيقي بعدة مرات. حتى إذا استثنينا هؤلاء الذين قتلوا في شوارع الجريمة. أما من الناحية المادية، فان الولايات المتحدة قد انقفت ما يقارب الـ 120 بليون دولار على الحرب والاحتلال حتى الآن، مع تكاليف صيانة القطعات في العراق وهي على الأقل 5 بليون في السنة على المستويات الحالية.في الحقيقة،في تشرين الأول عام 2004تم تقديم "طلب تمويل عاجل" بـ 80 بليون دولار إضافي للحرب في أفغانستان والعراق.

بالنسبة الى الجيش الأمريكي، بشكل خاص،فان المعدل كبير ويصعب تزويده بالدعم من دون تغيرات كبيرة. قامت الولايات المتحدة بنشر أكثر من 100.000جندي من قطعاتها في العراق منذ نهاية المعارك التقليدية في آذار2003 وفي الإعداد للانتخابات في كانون الثاني 2005(الانتخابات)،فقد زادت من تواجدها من 138.000الى150.000 من اجل دعم الأمن وتقويته. غالبا ما تتضارب الأحاديث حول الانتشار الموسع في العراق فهو يثقل كاهل القوات الأمريكية.إن رفع الاستعداد لتأدية مهام أكثر بدأ يواجه مصاعب،كون إن القوات النظامية تقضي أكثر وقتها في الانتشار في العراق أكثر من الوقت الذي تقضيه في التدريب على معارك ذات شراسة كبرى.

ليست هناك تعليقات: