الخميس، 19 نوفمبر 2009

خمسة خيارات سيئة للعراق (3-6)

دانيال بيمان
ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي


انتهجت الولايات المتحدة مناهج عدة من أجل الاستمرار في إرسال القوات الى العراق: مثل استدعاء الاحتياطي الفردي، والطلب من القوات أن تبقى منتشرة حتى بعد انتهاء خدمتهم والإبقاء على إعادة التعيين الفردي خارج العراق حتى تستعد كامل الوحدة للمغادرة.إن مثل تلك الاجراءات والانتشار الموسع يضع تحديات أمام التجنيد والإبقاء كذلك على الحرس الوطني وقوت الاحتياط.
إن معدل القوة أكبر مما هو مقترح بأعداد بسيطة.يتطلب الاحتلال اندماجاً لمختلف القطاعات أكثر مما يتطلب في العمليات العسكرية التقليدية.إن الفصائل المسلحة وسرايا الجيش الأمريكي ينقصهم الكثير من أجل امتلاك القدرة على الانتصار على "المتمردين" الذين يمتزجون بين السكان أو ينتصرون على السكان المحليين،وإنهم يقومون بهذا في الوقت الحالي.إن القوى العملياتية الخاصة،المشاة الخفيف والشرطة العسكرية وضباط الشؤون المدنية هم غالباً أهم قوى موجودة على أرض الواقع،والتي هي مطلوبة في أغلبيتها في أفغانستان،أو في جبهات أخرى في الحرب ضد القاعدة،وهم في الحقيقة ينقصهم الكثير من التموين.
إن تكلفة جميع ذلك قد تجاوز قدرات العراق.إن الراي العام في الولايات المتحدة هو في ادنى مستوياته.لقد عمل احتلال العراق على اظهار صورة الولايات المتحدة بأنها قوة عدائية لقتل المسلمين،إن الاستطلاعات التي تمت في اذار2004 تشير الى أن الرأي العام عن الولايات المتحدة يتذبب بين متدني في العديد من الأقطار الغربية الى ادنى مستوى في اغلب أقطار العالم الإسلامي. تعرض المحطات الفضائية العربية بشكل منتظم الأمريكان وهم يقاتلون المتمردين في مدن مثل الفلوجة ترافقه عرض لصور الجنود الاسرائيليين وهم يهاجمون الفلسطينيين في الضفة الغربية وفي قطاع غزة.إن الدعم لرسالة القاعدة بان الولايات المتحدة هي أصل مشكلة العالم الإسلامي قد ازداد .قام احد ضباط المخابرات الكبار بإعلان،وهو مستاء من اثار تلك الكارثة على الحرب على الإرهاب، وأشار "تبقى أمريكا الحليف الذي لامناص منه والوحيد لأبن لادن".

التصعيد - اللاخيار
نظريا،يسبب التوسع الدراماتيكي للوجود الأميركي بالعديد من المشاكل للمعالجة الحالية، كما علق السيناتور جون ماكين، "ان البساطة الحقيقية هي انه ليس لدينا قوات كافية في العراق من أجل تلبية اهدافنا العسكرية.إن تحسين الأمن سوف يكون أكثر فائدة من زيادة القوات الأميركية. حيث أن ذلك سيكبح "التمرد" بشكل قوي ويدعم القوى العراقية المكلفة في نشر الأمن في المعارك المستقبلية.كان ممكن للولايات المتحدة في شهر تشرين الثاني 2004، في عمليات الفلوجة أن تحتل المدينة بشكل فعال أكثر وتقوم بعمل هجمات متزامنة في مكان آخر،مصعبة الامور على المتمردين بالقيام بالهرب.
ان تلك القوة الأوسع من الممكن لها القيام بعمل أفضل في لعب دور الشرطة في العراق،وتساعد العراقيين على مواجهة الجريمة.إن الأمن الإضافي بالمقابل، سوف يعمل نشاط سياسي سلمي أكثر منطقياً وان ذلك سوف يقوم أيضاً بتخويف الدول الأجنبية من التدخل مثل إيران. ان قوة أكبر من المكن لها أن تظهر للجهاديين الأجانب،والعراقيين وللعالم بان الولايات المتحدة ملتزمة على إنهاء ما بدأت به.
لكن من الناحية الأخرى،توسيع القوات الأمريكية سوف يزيد حدة الجهاديين الأجانب إزاء الوجود الأميركي في العراق وسوف يقلل من شرعية النظام الجديد.وللتأكيد، فان ذلك سوف يثير غضبهم الى اعلى مستوى، وأن ذلك سوف يقلل أيضا من شرعية النظام من حالة متدنية الى حالة أدنى بكثير.إن ما يثير القلق هو الارتباط بين الوجود الأمريكي وأسباب التمرد.إن زيادة حجم القوات سوف يدعم ادعاءات المتمردين بان ليس للولايات المتحدة النية في مغادرة العراق،وهذا ما يصب الزيت على النار.ان الحديث عن زيادة القوات له شيء من عدم الواقعية، على أية حال. إن التوسع الدراماتيكي غير مطروح في الخطط الحالية.وإن هزيمة المتمردين في إرجاء البلاد، والقيام بلعب دور الشرطة على الحدود،والسيطرة على الجريمة من الممكن ان يتطلب أعداد كبيرة لقوات اضافية-ربما 250.000 أو اكثر وإن هذا العدد بكل بساطة غير موجود.
وكما ذكر انفاً،فانه ليس واضح إن كانت للولايات المتحدة القدرة من أجل دعم المستويات الحالية،وهذا وحده يمثل عائقا في إرسال عشرات الألوف من القطعات الإضافية الى العراق. وحتى وان استطاعت تلك القوى تلبية الطلبات العسكرية،فأن الشعب الأمريكي من الممكن ان يقلق من العنف المتزايد،ومن التكاليف الباهظة للحرب التي من الممكن أن تكون صعبة السيطرة عليها مثل ارتفاع العجز في الميزانية لتصل الى أعلى المستويات.إن نشر قوات اوسع من الممكن أن يكون ذا تكلفة باهظة للغاية،مثالا على ذلك التكاليف البعيدة المدى في تواجد الإفراد في الواجب الفعال وكذلك تكاليف التدريب.إن إنفاق البلايين الإضافية كان ممكنا عندما كان عجز الميزانية منخفض.إن مضاعفة تكاليف احتلال العراق من الممكن أن يتطلب قطع مؤثر في الإنفاق او ضرائب إضافية،وكل هذا لا يحظى بالدعم السياسي،بالإضافة الى ذلك، فان أعداد كبيرة من القوات الجديدة تحتاج الى وقت من أجل تجنيدها وتدربيها- سنين طويلة والتي من الممكن أن لا تمثل خياراً للولايات المتحدة في العراق.إن "عدم واقعية" التصعيد الدراماتيكي، والصعوبة السياسية في زيادة القوات حسب مقتضيات صد هجوم المتمردين،هو بالطبع ذو طابع بنية سياسية.
إن سكان الولايات المتحدة هم أكثر اليوم مما كانوا عليه في فترة حرب فيتنام.والأكثرمن ذلك،إن اقتصاد الولايات المتحدة هو أكبر قوة ومن الممكن أن يدعم مثل هذا الإنفاق على الحرب. وبشكل خاص إن كان الأمريكيون مستعدون للتخلي عن التقليص اللاحق للضرائب أو عن تقليص نفقات أخرى.
والأكثرمن ذلك ولأي سبب لم يطلب رئيس الولايات المتحدة من الأمريكيين مثل تلك التضحيات ولا توجد مؤشرات انه سيقوم بفعل ذلك.لم يظهر حلفاء الولايات المتحدة استعدادهم لزيادة مساهماتهم .لقد قامت دول مثل اسبانيا،هنغاريا وهولندا وبولندا واخرين بالتخلي عن مهمة العراق أو قد أعلنوا بأنهم سوف يغادرون قريبا.حتى نظريا،فان لدى تلك الدول القليل ليقدموه دون اعتبار المنفعة السياسية في اضافة اسم آخر الى مجموعة التحالف.أما المساهمين الآخرين من الاوربيين المحتملين فقد ضاقوا ذرعاً من التزاماتهم.فرنسا على سبيل المثل تواجه صعوبة في البقاء على مستوياتها الحالية في أفريقيا،والمانيا يرهقها انتشارها في البلقان وفي أفغانستان.إن كلا هذين البلدين بإمكانهما تقديم تضحيات من اجل توسيع حجم القوات أو قطع التزامات أخرى ولكن عدائية السكان والحكومة ازاء التورط في العراق يجعل من ذلك بعيد الاحتمال لدرجة كبيرة.

تصحيح في مسيرة محاربة الإرهاب
إن كان عمل تحالف ضخم غير ممكن، فليس هناك مايمكن فعله أكثر من الابقاء على المستوى الحالي للقوات.هنالك متغير واحد ممكن وهو زيادة حجم قوة التحالف ربما الى 30.000فرد لهذه القطعات ولكن يتم تغيير طريقة الانتشار.بدل المحاولة للعب دور الشرطة في جميع إرجاء العراق بالقليل من القوات،فإن الولايات المتحدة من الممكن لها أن تركز على مناطق رئيسية.ينادي فريديريك بارلتون كروكر وباث شيب على سبيل المثال بعزل المناطق السنية التي يحدث بها العنف بدلاً من عمل دوريات بشكل متقطع.وعلاوة على ذلك، ينادون بجعل بغداد آمنة باية تكلفة.ومن أجل نشر الشرطة في بغداد وفي مناطق اخرى،على الولايات المتحدة الانسحاب من الفلوجة ومناطق ساخنة اخرى.ومن الممكن استخدام تقنيات المراقبة لدى الولايات المتحدة، في القوة الجوية،والهجمات الارضية من اجل منع تلك المناطق من أن تصبح ملاذا آمناً رئيسياً، حيث أن ذلك سوف يكون غاية في الصعوبة.في المناطق المستقرة،سوف تختلط قوات الولايات المتحدة مع الناس من اجل تزويد الأمن على المستوى المحلي، مدعومة بقوى متحركة سريعة والتي يمكنها نشر قوات نارية إن هوجمت القوات المحلية.وان كان ذلك ممكنا، فسوف تعمل قوات الولايات المتحدة مع قوات الأمن العراقية.وعندما يتم إحلال الاستقرار،وتقف قوات الأمن العراقية على قدمها،يمكن للولايات المتحدة أن توسع من مناطق الاستقرار خارجيا وتطوق الأجزاء التي يحدث فيها العنف.وعندما يتم تدريب القوات العراقية بأعداد كبيرة ويتم أثبات قدرتها،حينها سوف تبدأ الولايات المتحدة في المغادرة.
ان مثل هذا التغير ممكن أن يقدم عدة فوائد:
أولاً: ممكن أن يوقف حدة العنف والذي يهدد حاليا بالانتشار الى الأجزاء الآمنة من العراق وأن حصل ذلك، فان ذلك سوف يستغرق وقت،من اجل أن تكون الولايات المتحدة قادرة على جعل العراقيين يقودون أنفسهم بأنفسهم.
ثانيا: من خلال زيادة سلطة القانون،والنظام في المناطق المحلية،فأن ذلك سوف يزيد شرعية النظام العراقي الجديد المنتخب،وسوف يسمح بإعادة الأعمار لكي يبدأ في أجزاء من العراق،إن رؤية قوانين أمنية أكثر من الممكن أن يقنع العراقيين ان التعاون مع السلطات سوف لن يقودهم الى أن يكونوا الضحية القادمة للمجرمين والمتمردين.إن النظام العراقي سوف يبقى قريبا للولايات المتحدة وان التكاليف المادية رغم ارتفاعها سوف لن تكون دراماتيكية في مستويات القوة الحالية.
إن التوجه الى مقارعة التمرد يزيد من احتمالية انجاز أهداف الولايات المتحدة.وإن مقارعة التمرد هو اختيار صعب للغاية ضد افراد متمرسين،خصوصاً عندما يتم من خلال قوة خارجية. ليس هناك تكنولوجيا عسكرية أو تكتيكات بسيطة من الممكن لها أن تسمح للولايات المتحدة بأن تدحر20.000 مقاتل يزرعون القنابل على الطريق أو يقتنصون الجنود من الظلال قبل أن يذوبوا في وسط الناس.مازال على الولايات المتحدة تدريب القوات العسكرية العراقية،و دعم حكومة ديمقراطية ضعيفة،وتأمين النظام في أجزاء آمنة حالياً وذات كثافة سكانية،وخلاف ذلك.وبشكل استثنائي،القيام بأداء المهام الصعبة.إن لجأت الولايات المتحدة للمضي بهذا الطريق فإنها ستقوم بتقديم العديد من التضحيات،وفي النهاية ،ستحصل على مكافئة بسيطة أزاء كل تلك التضحيات. هنالك الكثير من العمل للقيام به من اجل إحلال الاستقرار.وجوهرياً فأن النظام الجديد سوف يتمتع بالشرعية في المناطق المستقرة ولكن ليس في المناطق الغير مستقرة.إن الحدود العراقية سوف تبقى مفتوحة بشكل كبير حتى أكثر من الحال التي هي عليه اليوم.إن الجدول الزمني هو أيضا طويل.وإن تطبيق تلك الإستراتيجية بنجاح من الممكن أن يستغرق اعوام وعلى المدى القصير،فان العديد من الاحتمالات واردة.وهكذا،فان على الولايات المتحدة أن تخطط لعملية التزام طويل المدى في العراق من أجل نجاح هذا الخيار.
والأكثر أهمية،فان هذه المعالجة تسمح للمتمردين بعمل ملاذاً في اجزاء من العراق.عملياً، يكون المتمردين أقوى عندما يكون لديهم ملاذا آمن،والذي من خلاله يعملون.إن انسحاب جيش الولايات المتحدة من المناطق السنية حيث التوتر في أعلى مستوى ممكن أن يخلق مشاكل تمت مواجهتها في الفلوجة في الماضي،حيث أن ذلك يسمح ببناء العديد من الملاذات الآمنة حيث يستطيع المقاتلين تنظيم أنفسهم والقيام بالتدريب والتجنيد والبقاء.وبالمقابل سوف يحاول المتمردون في توسيع هجماتهم في المناطق المستقرة من العراق.والأكثر من ذلك فأن الجهاديين الأجانب سيكونون أقوياء بشكل متزايد في المناطق السنية،وقادرين على عمل تأثير كبير على أجزاء من العراق.
بالإضافة الى تلك التقهقرات،فان تصحيح وسطي مثل هذا سوف يتطلب أيضاً اربعة تغيرات كبيرة،وان جميعها ممكنة و لكن ولا واحد من تلك الخيارات يبدو سياسياً منطقياً.
الأول هو زيادة في القوات رغم ان الولايات المتحدة سوف لن تقوم بتأمين العراق كاملاً، ألا انه حتى معالجة محدودة للتمرد تتطلب تركيز في القوات.إن المملكة المتحدة تقوم بنشر20 فرد من إفراد الأمن لكل 1.000 نسمة في ايرلندا الشمالية، انه معدل من الممكن أن يصنع أرقاما للقوة الكاملة في العراق بمعدل 500.000 بالإضافة الى ذلك،فأن حجم التمرد في العراق هو أكبر الان.مثلاً في(ايرلندا الشمالية،فان العسكريين المتمردين للبروتستان والجيش الجهوري الايرلندي يصل عدده ربما الى1.500 كعدد كلي)، وهي مهمة أكثر صعوبة من محاولة لعب دور الشرطة من اجل منع العنف من الاندلاع.إن قوات الولايات المتحدة من جهة اخرى لا تتحدث اللغة وليس لديها المعرفة الثقافية التي لدى البريطانيين وكذلك شمال ايرلندا.كل ذلك يؤدي الى الاعتقاد بأن المستوى الحقيقى لمقارعة التمرد الفعلي في العراق ممكن ان يكون أعلى من 500.000.إن هذا الاختيار يقر الفراغ الموجود وينادي على التركيز على بغداد وعلى أجزاء أمنة أخرى من العراق.ونتيجةً لذلك،من الممكن للقوات ان تكون اقل بشكل اكبر.إن سكان بغداد يتجاوز الخمسة ملايين نسمة،وطبعاً إن الشيعة والأكراد يمثلون أكثر من بقية السكان.رغم ذلك،فأن الانسحاب من المناطق الخطرة سوف يقود الى الحاجة الى نصف تلك القوات.

ليست هناك تعليقات: