الخميس، 20 أغسطس 2009

تطور "التمرد" العراقي (26)

انتوني. كوردسمان
ترجمة الباحث:أمير جبار الساعدي

مشكلة إيران
ومن جهة أخرى يتناقض بشدة الدور الذي تلعبه إيران على ساحة " التمرد" في العراق. فمن المؤكد إن هناك وجود فاعل لايران في الاراضي العراقية وان لها علاقات وارتباطات مع العديد من الاحزاب السياسية الشيعية المهمة. وتشمل ذلك عناصر مهمة ضمن الائتلاف العراقي الموحد، ذو القاعدة الشيعية الذي تأسس باعتباره ائتلاف يضم معظم القوى السياسية المهمة وذلك في انتخابات كانون الثاني(2005)،حيث ضم كل من المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق وحزب الدعوة، وحزب الدعوة تنظيم العراق.حيث نشط كل من الحرس الثوري الايراني والمخابرات الايرانية في منطقة جنوب العراق ومنذ بداية الثمانيات بل نشطت في بقية المناطق الاخرى في البلاد. واصبح من المؤكد تقريبا امتلاك تلك الجهات لشبكات ناشطة من الجواسيس في العراق وفي الوقت الحاضر.
حيث اعرب رئيس الوزراء الاسبق(اياد علاوي) مرارا عن قلقه ازاء العمليات الايرانية خلال العام(2004) وبدايات(2005) وكما سبقه في ذلك مسؤولين كبار في الحكومة العراقية المؤقتة. وراح بعض المسؤولين الكبار في الحكومة العراقية المؤقتة الى اعتبار ايران تهديدا مباشرا وفوريا، حيث اعلنوا عن ذلك صراحة. كما ادعى وزير الدفاع العراقي المؤقت حازم الشعلان في تموز2004، بكون ايران تبقى"العدو الاول" لبلاده، وذلك بدعمها للارهاب وجلبها لاعداءالعراق واضاف قائلا "اني ارى تدخلا واضحا من ايران في القضايا العراقية...حيث تتدخل ايران لغرض قتل الديمقراطية في العراق".وبعد عدة اشهر اضاف الشعلان – وهو شيعي علماني وواحد من اكثر من يتكلمون وينتقدون ايران وبشكل صريح في العراق-"ان الايرانيين يقاتلوننا كوننا نريد بناء الحرية والديمقراطية في بلادنا، بينما يريدون بناء دكتاتورية اسلامية يديرها المعممون ليحكموا العراق". كما قدم الشعلان خلاصة هذا الموضوع ضمن النقاط التالية، وهو ما قاله في(22)ايلول عام (2004).

*يفرض التدخل الايراني ودعمهم للصدر سلسلة تهديدات رئيسية،كما حدثت حالات تسلل كثيرة وعبر الحدود السورية.

*ايران هي التي وراء الصدر، حيث يستخدم الزوار الايرانيون لتهريب السلاح والاموال والمخدرات عبر الحدود.

* على العراق امتلاك قوة دفاعية حدودية. "فلو ظلت الابواب والشبابيك مفتوحة فلن تفيد اية جهود لغرض التخلص من الغبار".

وفي اخر دراسة بخصوص الدور الايراني في العراق،التي اجرتها (منظمة الاغاثة العالمية)،اشارت الى تحذير احد رجال الدين الايرانيين ومن المقربين لاية الله علي السيستاني وذلك في تشرين الثاني(2004) قائلا "ان سياسة ايران في العراق هي سياسة خاطئة(100%).
في محاولة ابقاء الامريكان منشغلين فلقد دعموا وعززوا معاناة المواطنين العراقيين...ونحن لا نطلب منهم مساعدة الاميركان، ولكن ما يقومون به هو ليس في مصلحة الشعب العراقي بل من شأنه ان يزيد الامور سوء. نحن(الايرانيون) قد فقدنا الثقة بالشعب العراقي ". "مردوم- ارغازدست داديم" وهي احدى الصحف الايرانية.
اما الملك الاردني(عبد الله) فقد وجه سلسلة اتهامات تتعلق بالتدخل الايراني بالعراق وذهب الى حد اتهامه لها بالتدخل وخلال الفترة التي سبقت الانتخابات في العراق ومن اهم تلك الاتهامات هي محاولة ايران التلاعب في الانتخابات العراقية من خلال ادخالها لمليون ناخب غير شرعي الى العراق. وكما تحدث ومنذ ذلك الوقت عن الخطر من وراء الهلال الشيعي لكل من العراق ، سوريا، ولبنان.وفي لقاء غير عادي بثته قناة التلفزيون العراقي بتاريخ
(14) كانون الثاني (2005) الذي التقت فيه السيد مؤيد الناصري قائد"جيش محمد" التابع للرئيس السابق صدام حسين، الذي ادعى فيه حصول مجموعته وبصورة منتظمة على المال والسلاح من كل من سوريا وايران حيث قال "ان العديد من اطياف المقاومة يتلقون الدعم من دول الجوار" كما قال" نحن نتلقى الدعم الرئيسي من ايران".
ومن الجدير بالذكر قيام ايران ولمرات عديدة باستنكار ورفض مثل تلك التهم وكما بينت وجهات نظر اغلب المسؤولين الاميركيين والعراقيين بان ايران هي الممول الرئيسي لتمرد السنة في العراق ، او انها تلعب دورا معاديا في الوقت الراهن هناك حيث ثبت وجود شكوك لما تقوم به ايران من جهتها .ويبدو ان الخبراء الامريكيين اصبحوا على يقين اكثر من ذي قبل بالدور الذي تلعبه ايران في أي صراع اهلي في العراق ، او في اية مدة تتولى الغالبية الشيعية السياسية الحكم ، افضل من دعمها المباشر ( ايران ) بتمرد يقوم به الشيعة.
اما الجنرال جورج (كيسي) فقد اوضح رايه قائلا "انا لا ارى تاثيرا ايرانيا مهما على هذه الحكومة بالذات والتي تستجيب في شهر كانون الثاني الا اني ارى ايران قد تزيد من تهديدها للامن العراقي وعلى فترة طويلة ... تهديد طويل الامد لاستقرار العراق فلو نظرت الى الطرف الاخر ، انا اعتقد ان سوريا تشكل تهديدا قصير الامد لا ستقرار العراق ،وذلك لان الدعم المقدم من سوريا هو لادارة العمليات التي يقوم بها البعثين داخل وخارج العراق".
ومن المهم ايضا ملاحظة ان الكثير من مسؤولي الاحزاب والميليشات من الذين عاشوا في ايران قبل سقوط نظام صدام حسين لم يظهروا الامتنان والشكر بصورة خاصة لايران خلال فترة بقائهم في المنفى وانهم لا يعدون حاليا من الموالين لايران. ان اية الله السيد علي السیستاني وهو المرجع الاعلى للشيعة في العراق – حاله حال كل رجال الدين الذين لهم تأثير في العراق ،باستثناء السيد الصدر اهدأ من يعارض فكرة ان يكون الدور المباشر ذو صبغة دينية في السياسة. وإضافة الى ذلك ، فقد رفض السیستاني وعلى العلن المبدأ الديني المتعلق ( بولاية الفقيه ) ومثل ما هو موجود في ايران والمتمثلة بشخصية خامنئي . بينما صادق الأحزاب الشيعية الرئيسية في العراق التي تشكلت في إيران قبل سقوط نظام صدام ، على مبدأ (ولاية الفقيه) وذلك عندما كانت تلك الأحزاب مستقلة عن إيران الا أنهم ومنذ تغير الوضع في العراق قد تخلوا عن فكرة الدولة الدينية وبشكل اقل بكثير وبعيدا عن مبدأ ولاية الفقيه.
ان التحليل التابع " لمنظمة الإغاثة الدولية "وتلك التابعة للكثير من الخبراء الاميركان داخل وخارج العراق حيث أفادت تلك التقارير مجتمعة بعدم دعمها لوجود أي مساعي إيرانية تزعزع الامن في العراق او تسيطر عليه وذلك في شهر حزيران (2005) وعلى اية حال،فان الضبابية المحيطة بالدور الذي يلعبه العراق في الوقت الحاضر والمستقبل والذي من المحتمل عدم إمكانية تجاهله بسهولة . يبدو ان إيران أبدت تعاون مع "وجود القاعدة " في أراضيها ، او على الأقل تسمح بمرور عناصر هذا التنظيم ضمن أراضيها ، لغرض توجيه الضغط على الولايات المتحدة وعلى الرغم من بعد المسافة وعدم التوافق بين "القاعدة" والمذهب الشيعي.
حيث تبدي ايران دعمها لبعض المجاميع مثل مجموعة الانصار في السابق او غض النظر عنها ،على اقل تقدير ،وقد تسمح للمتسللين بعبور الحدود باتجاه مناطق الاكراد العراقية حاليا.
كما وارسلت ايران مسؤول في وزارة الخارجية (كمال خرازي ) الى العراق في 17 ايار (2005) بعد (48) ساعة فقط من مغادرة وزيرة الخارجية الامريكية (كونداليزارايس) ،العراق. حيث التقى (خرازي) كل من رئيس الوزراء (ابراهيم الجعفري) ووزير الخارجية (هوشيار زيباري) .كما التقى عدد اخر من كبار المسؤولين والاعضاء المهمين في الاحزاب الشيعية ،حيث كانت زيارته تظهراصغر صورة من مظاهر التأثير الايراني في عراق تحكمه الغالبية الشيعية ،ومع ذلك فلقد ابدت احزاب عراقية مهمة من الشيعة مثل حزب الدعوة ، دعما فاترا لايران كما ارسل خرازي رسالة مهمة خلال المؤتمر الصحفي حيث قال "...ان من سيترك العراق هي الولايات المتحدة لانها في اخر الامر ستنسحب من العراق ... ومن سيعيش مع العراقيين هي ايران لانها جارة العراق".
ومن الجدير بالذكر ان ايران تخشى وبوضوح الوجود الامريكي في العراق، وخطر ان "تحاصر بالوجود الامريكي في العراق ، وافغانستان ،والخليج . حيث هدد المسؤولون الايرانيون بزعزعة الاستقرار في العراق في حالة ممارسة الولايات المتحدة ضغوطا عسكرية ضد ايران ،بسبب نشاطاتها في مجال نشر السلاح النووي ومن ناحية اخرى فان الانقسام في الحكومة العراقية من شأنه ان يؤدي الى لجوء بعض الاطراف الشيعية الى ايران طلبا للدعم ، اما الانقسامات في الحكومة الايرانية من شأنها ان تولد مخاطر مستمرة تؤثر في بروز عناصر قد تتدخل في الشأن العراق حتى لو لم تدعمها الحكومة بشكل كامل.وهنا، وبمرور الوقت فان تلك الامور ستسبب مخاطر اكثر مما هي حقائق.
July 1, 2006 9:58:00 AM

ليست هناك تعليقات: