الخميس، 20 أغسطس 2009

تطور "التمرد" العراقي (17)

انتوني. كوردسمان*
ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي

عملية الضم مقابل عملية الإستبعاد
إن الكثير من جماعات "المتمردين السنة نظريا،يتمتعون بقدرة إيقاف وشل عملية التقدم،والاستمرار بالقتال من خلال حرب طويلة أو ما يسمى بحرب الاستنزاف بدلا من إلحاق الهزيمة بالحكومة العراقية التي يسيطر عليها غالبية شيعية متماسكة،والتي تحافظ على علاقات جيدة مع الأكراد.وبغض النظر عمن يقوم بعملية احصاء معتمدة فان كل "المتمردين" السنة من العراقيين سواء كانوا عناصر فاعلة(من"المتمردين")أو ممن يؤيدوهم، فهم يبقون بمثابة اقلية صغيرة من تعداد السكان العراقيين.

وما عدا تلك الانقسامات في الحكومة العراقية،فليس باستطاعتهم استرجاع دور الاقلية العربية السنية أو استرجاع نظام البعث،كما لا يستطيعون الاستيلاء مجددا على السلطة والثروة والتأثير الذي كان بيدهم ذات مرة.ولا يستطيعون كذلك إعادة بناء نمط الدور العلماني الواسع والذي كان موجودا أبان نظام صدام،ولإعادة بناء العراق كدولة يبدو فيها جميع العرب هم من"السنة".
علق ريتشارد ارميتج،نائب وزير الخارجية الأمريكي الأسبق،على قضية "التمرد"وافتقاره للاهداف السياسية والواقعية وكما يلي:"في الجزائر،فما يسمى بـ"المتمردين" أو اولئك في فيتنام والذين يسمون ايضا بـ"المتمردين"،كان لديهم برنامجا ورؤية ايجابية.اما في العراق فانهم يفتقدون الى ذلك-فليس لديهم ما يقدمونه سوى الخوف.ليس هناك ما يقدمونه سوى الارهاب ولـذلك فهم يبدون وحشية كبيرة في عمليات ترويعهم".

وبنفس الوقت باستطاعة عناصر "التمرد"السني ابداء تنظيم جيد لصفوفهم ولهم القدرة على ذلك بل وباستطاعتهم اعادة تكوين انفسهم كقوى سياسية وعسكرية مهيمنة ضمن المجتمع السني. فانهم يستطيعون ابداء محاولة لتقديم انفسهم كبديل شرعي ووحيد للاحتلال،وحتى لو فشلوا في اعطاء وتقديم أجندة شعبية تبين نواياهم.وهذا يبين ان باستطاعتهم البقاء والتحمل ما دامت الحكومة ضعيفة والى حد بعيد لكي تسيطر على المناطق التي يهيمن عليها "المتمردون"،وما دامت الغالبية العظمى من السنة من تلك المناطق ليس لديهم الحافز الكافي للانضمام الى الحكومة والى العملية السياسية في العراق.

إن ادراك هذه الحقائق السياسية والعسكرية قد يقود،في نهاية المطاف،الكثير من"المتمردين" السنة للانضمام الى العملية السياسية والسلمية في العراق في حالة تقبل العناصر الشيعية والكردية التي تسيطر على الحكومة العراقية وعلى العملية السياسية،لادخال اولئك "المتمردين" السنة واعطائهم مجموعة من المحفزات المعقولة.
فمن المحتمل أن تكون مثل هذه التحولات بطيئة ومحدودة المنظور.ومن الناحية التاريخية فغالبية مجموعات"المتمردين" كان لديهم رؤى افضل بكثير مما كانوا يعارضوه بدلا مما كانوا يقاتلون من اجله كما ان لديهم اهتمامات محدودة تتجسد في سياسة براكماتية حقيقية فلا زالت غالبية جماعات السنة يعتزمون القيام بكل شيء-واحيانا أي شيء- وباستطاعتهم ان يشغلوا "قوات التحالف" وافشال العملية السياسية السلمية،بغض النظر عن الاضرار التي ستلحق بالعراق وتلك التي في مناطق السنة.

وكما يعتمد الكثير منهم على الكيفية التي سينسى فيها الشيعة والاكراد ما حدث لهم في الماضي فحسب، وليس التحول وبردة فعل على الاسلاميين من السنة وعلى تلك الهجمات التي من شانها تقسيم وتمزيق البلاد والاستمرار باعطاء السنة العراقيين حصة عادلة من السلطة ومن الثروة.وكما فعل ذلك كل من الرئيس العراقي ورئيس الوزراء. ان البحث عمن يشغل منصب وزير الدفاع من السنة،فقد تطلب ذلك ترشيح عشرة اسماء وتم اختيار سعدون الدليمي في اوائل ايار 2005، وتعد تلك العملية العامل الرئيسي الذي ادى الى تأخير عملية تشكيل الحكومة الجديدة. وبنفس الوقت فلقد دعا الشيعة والاكراد من ناحية اخرى الى عمليات تطهير منظمة لجميع العناصر السنية التي ترتبط بصورة مباشرة بحزب البعث وفيهم الكثير ممن هم ضمن تشكيلات القوات العراقية،بالإضافة الى ما حدث من هجمات غير مبررة على الجماعات السياسية السنية المشاركة في محاولات التفاوض مع الحكومة.

وفي الوقت ذاته،لا توجد هناك حدود واضحة تحد من نتيجة عناصر "التمرد"السني العربي(على الاقل)لتصعيد عملياتهم حتى لو يعني ذلك المحاولة لجر البلاد الى الحرب الأهلية فان الغلبة لن تكون لصالحهم. ومن المحتمل ان يقوم البعض بعمليات تصعيد الى درجة ان يهدد ذلك مراكزهم التي نالوها مسبقا،كما يبدو جليا ان من المؤكد عدم إمكانية اقناع كوادر وقادة بل وحتى خلايا تلك المجموعات،إنما يجب بالأحرى دحرهم والتخلص منهم. كما ستبقى بعض مجاميع المتشددين غير الاسلاميين بعيدا والى حد ما غير مبالين بما تقوم به الحكومة او ما يقوم به بقية السنة والاستمرار بالتحرك للانضمام الى اكثر الحركات الاسلامية تشدداً.

الجماعات الإسلامية والمتطوعون القادمون من الخارج
تشتمل عناصر "المتمردين" الاخرى والمهمة على مجموعات عربية واسلامية والتي تضم بدورها اعداداً مهمة من المتطوعين الأجانب كما هو حال الإسلاميين المتشددين من العراقيين مثل تلك الجماعة التي يقودها أبو مصعب الزرقاوي. فمن غير المحتمل ان تشكل مثل هذه الجماعات أكثر من(10%)من قوة "المتمردين"أو ان تشكل تلك المجموعة ما يقارب (5%)، ولكن وبطريقة ما فهم من العناصر الأكثر خطورة ضمن حالة "التمرد"الحاصلة،وذلك منذ ان بدؤا يحاولون بصورة متعمدة التحريض نحو إشعال الحرب الأهلية بين العرب السنة والعرب الشيعة والأكراد وبقية الأقليات من العراقيين.

تقييم وزارة الخارجية الأمريكية للزرقاوي
لقد وصف "التقرير الإقليمي للإرهاب" الذي أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية،وصف كل مستويات النشاطات الإرهابية في العراق،في نهاية العام 2004ودور الجماعات الإسلامية ، كالتالي:
لقد ظل العراق يشكل الارضية المركزية للحرب العالمية على الإرهاب حيث يستمر إعطاء النظام السابق والمقاتلين الأجانب،والمتشددين الاسلاميين ، بقيادة هجمات ارهابية ضد المدنيين والعزل من الشعب العراقي،وكما قادت هذه العناصر عدد من هجمات "المتمردين" ضد التحالف وقوات الامن العراقية،التي كثيرا ما كان لها وقعا مدمرا لدى المدنيين العراقيين،والتي الحقت اضرارا واضحة في البنية التحتية الاقتصادية للبلاد.

وقد برزت جماعة أبو مصعب الزرقاوي،الاردني المولد،في عام 2004،لتلعب دورا لريادة العمليات الإرهابية في العراق،فلقد أدرجت الحكومة الأمريكية في شهر تشرين الأول من العام نفسه،جماعة الزرقاوي،جماعة التوحيد والجهاد، تحت لائحة المنظمات الارهابية في الخارج.
وفي شهر كانون الاول 2004تم تعديل تلك التسمية لتشمل اسم التنظيم الجديد،تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين ، حيث اشتمل على بعض الموالين الذين يتبعون"الاندماج" بين الزرقاوي ومنظمة القاعدة التابعة لاسامة بن لادن.فلقد اعلن الزرقاوي هذا الاتحاد في شهر تشرين الاول،وكما أكد بن لادن في شهر كانون الاول على كون الزرقاوي ممثلا رسمياً له في العراق.

فقد تبنت جماعة الزرقاوي عدداً من الهجمات استهدفت"قوات التحالف"والقوات العراقية،وفي نفس الوقت الذي استهدفت فيه المدنيين،وبما في ذلك المجزرة التي راح ضحيتها (49) اعزل من الحرس الوطني العراقي. ومن بين الهجمات التي راح ضحيتها المدنيين ، تفجير فندق جبل لبنان في اذار2004،حيث قتل(7) أشخاص وجرح اكثر من(30) والهجوم الانتحاري ، الذي استخدم فيه صهريجا للوقود في حي المنصور في بغداد الذي راح ضحيته (9) أشخاص وجرح (19) آخر ين في(24)كانون الأول، حيث دعى الزرقاوي في شباط 2004الى "الحرب الطائفية" في العراق فلقد ارتأى هو ومنظمته الى خلق صدع بين الشيعة والسنة من خلال شن العديد من الهجمات الإرهابية المروعة ضد الشيعة العراقيين ففي اذار 2004،تبنى الزرقاوي هجومين متزامنين في بغداد وكربلاء والذي راح ضحيته اكثر من(180)من الزوار الشيعة عند إحياءهم لذكرى عاشوراء،وهي مناسبة سنوية يحييها الشيعة كل عام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* مركز الدراسات الاستراتيجة والدولية واشنطن(CSIS).علما بأن كل التقارير منشورة في مركز الدراسات الدولية جامعة بغداد.

ليست هناك تعليقات: