الثلاثاء، 27 أكتوبر 2009

العراق والحرب غير المتكافئة (2-3)

أنتوني كوردسمان
ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي

التكتيكات والتقنية والتدريب

يسهل القول إنه من المبكر التنبؤ كيف سينتهي هذا النزاع في الاستراتيجية والاستراتيجية الاجمالية فقد تصاعدت الحرب حتى الأن رغم أن هذا التصعيد ليس له شكل أو طريقة ما فقد تغيرت الاهداف والاشتباكات بمرور الوقت نظراً لمحاولة كل طرف استغلال نقاط ضعف الطرف الأخر وتقليص نقاط ضعفه وفي محاولة لوضع مستوى القتال في نصابه الصحيح، فقد نفذت قوات التحالف حوالي 12 ألف دورية وأكثر من 230غارة هجومية في الاسبوع الذي أعقب 23 تشرين الثاني/نوفمبر وقد ألقوا القبض في هذه المدة الوجيزة على 1200من قوات العدو وقتلت 40-50 من مقاتلي العدو وأصابت حوالي 25-30منهم.
ليس هناك يوم نموذجي في الحرب غير المتكافئة، لكن الإحصائيات التالية تعطي صورة جيدة عن مستوى النشاط العسكري في أرجاء العراق. ففي الاول/ديسمبر 2003نفذت قوات أنصار النظام السابق بمتوسط اشتباكات في اليوم ضد "قوات التحالف"، وهجوميين على قوات الأمن العراقية، وهجوميين على مدنيين عراقيين ومحايدين ونفذت قوات التحالف في ذلك اليوم 1658دورية و22 غارة وقبضت على 115من المشتبه بانتمائهم للمقاومة.
نفذت قوات الفرقة المتعددة الجنسيات في الجنوب الشرقي من العراق 240دورية وغارتان وأحتجزت 25فرداً.
* القي القبض على أربعة أشخاص يحملون مستمسكات إيرانية ثبت إن أحدهم مواطن إيراني عندما أكتشف جنود التحالف عدد كبير من الاسلحة والذخائر في حافلة صغيرة أوقفت في نقطة تفتيش في البصرة. وضمت الاسلحة المصادرة عدداً من أجهزت إطلاق القذائف ذات الدفع الصاروخي والبنادق كما نفذت قوات الفرقة المتعددة الجنسيات 143دورية واحتجزت 36فرداً وقد رحل جميع هؤلاء الى إيران. وقد عثر فريق من التحالف متخصص في التخلص من المتفجرات على مستودع كبير للاسلحة ودمرت في مناطق مختلفة قرب مدينة كر بلاء وحولها بناءاً على معلومات أدلى بها مواطنون عراقيون.

* نفذت الفرقة 28 المحمولة جواً في المنطقة الغربية 6عمليات هجومية و173 دورية منها 9 دوريات مشتركة مع شرطة الحدود والشرطة العراقية وأزالت مستودعين وقد القت القبض أثناء هذه العمليات على 10من أفراد العدو.

* نفذت الفرقة المدرعة الاولى في بغداد 528 دورية وخمس عمليات هجومية ضد عناصر متمردة تعمل داخل بغداد، واحتجزت 14شخصاً يشتبه بعلاقتهم بفدائيي صدام وقوات مناهضة للتحالف. وقد القت العناصر التي نفذت غارة على اهداف يشتبه بتورطها بشن هجمات على القوات الأمريكية القبض على ثلاثة عراقيين وصادرت مبلغ 1.4مليون دينار وثلاث كومبيوترات وكتيبات وهابية وافكار وتوجهات اسامة بن لادن واسلحة وذخائر. ونفذت قوات التحالف من بغداد غارة مشتركة مع قوات الدفاع المدني العراقية ضد المار الياسري مسؤول عميلات مقتدى الصدر في مدينة الصدر ويشتبه بمسؤوليته عن كمين ضد جنود التحالف في 9 تشرين الاول/اكتوبر.وقد اعتقل دون وقوع حوادث.

* نفذت قوات التحالف في المنطقة الشمالية الشرقية 164دورية وغارتين والقت القبض على 41شخصاً. واكمل اللواء 173المحمول جواً عملية (بريق الحرية) بمعية قوات الدفاع المدني والشرطة العراقية، اذ نفذت غارات ضد عناصر من النظام السابق بناءاً على معلومات استخباراتية. وقد القي القبض على 26فرداً يشتبه بانتمائهم جميعاً لفدائيي صدام في السابق. وحاصرت القوات بناءاً على معلومات ادلى بها مواطنون عراقيون شرق مدينة بلد وقامت بتمشيطها كما نفذت غارة في بيجي. والقي القبض على عشرة اشخاص وعثر الجنود على اسلحة وذخائر بكميات ضخمة وصادرتها.

* نفذت قوات التحالف في الشمال 197دورية وعملية محاصرة ومداهمة واحدة واحتجزت 26 شخصاً. وبدء تدريب المجموعة الاولى من افراد شرطة الموصل لتشكيل فريق الرد الخاص.فقد اختار مدير الشرطة شخصياً 25عضواً من ذوي الكفاءة العالية وهم من ضباط الشرطة ذوي الكفاءة العالية وضباط سابقين في الجيش لتشكيل هذه الوحدة.


* وشكلت الفرقة 101كتيبة جديدة من قوات الدفاع المدني. وستتحمل وحدة قوات الدفاع المدني المتكونة من 854 جندي مسؤولية حماية خط الانابيب في نقاط التقاء نفطية اساسية في الجزء الغربي من محافظة نينوى. وقد دربت الفرقة 101 حتى الان 4 كتائب من جنود قوات الدفاع المدني وهذه الوحدات مستعدة تماماً لعمليات الاشتباك وأمن البنية التحتية.
وتوضح هذه الارقام مستوى النشاط القتالي في يوم محدد، وان فكرة "الحرب بعد الحرب" هي صراع حقيقي، ولكن من المستحيل معرفة هل سترتفع هذه الاحصائيات ام ستنخفض في المستقبل القريب.
مع ذلك فهناك بعض التطورات في مسالة التكتيكات والتقنية والتدريب التي توضح انموذجاً اكثر اتساقاً وقد يكون لها تأثيراً كبيراً على المحصلة النهائية.

نزاع الاستخبارات والاستهداف
من غير المحتمل إن تهديد "انصار النظام السابق" الحالي كان سيتطور لو أن الولايات المتحدة قد دربت قواتها ونظمتها وجهزتها للقتال القليل الشدة بعد سقوط بغداد مباشرة، ونشرت اشخاصاً يجيدون لغات عدة ومختصين ميدانيين وضباط الاستخبارات البشرية نشراً سريعاً.
لقد حقق الجيش الأمريكي مذاك تقدماً كبيراً، ولكن لا يوجد سوى حوالي ثلث أو نصف المختصين المطلوبين ونقص شديد في الفرق الفنية للاستخبارات البشرية ونقص شديد في المترجمين. وبالنتيجة كانت لها القدرة على تطوير بنى الاستخبارات البشرية وخليط موثوق من المخبرين في بعض المناطق ولكن ما تزال تواجه مشاكل كبيرة.
ويخرج الجيش الامريكي عدد اجمالي من 350-400 متكلم للغة العربية في السنة في معهد وزارة الدفاع للغات، ويوجد في الوزارة حوالي 5000 متكلم للغة العربية مع بعض الامتيازات لكن المهارات اللغوية والتدريب لا تضع خبيراً ميدانياً أو خبيراً في الاستخبارات البشرية أو تدرب شخصاً ما للتحدث باللغة الدراجة باللهجة العراقية أو التعامل مع النقاشات العرقية. ليس هنالك ترابط واضح بين التدريب اللغوي والتدريب الميداني والتدريب على القتال قليل الشدة والشرطة العسكرية والشؤون المدنية-العسكرية. ويمكن ان تعد هذه تخصصات اعتيادية ووحدة التخصص القتالي ينتج وظيفة تأخذ مساراً سريعاً.
وستتفاقم هذه المشاكل اذا علمنا ان معظم الاشخاص الكفوئين المتواجدين في العراق الان يتناوبون مع كامل وحداتهم خلال الاشهر القليلة القادمة وسيتم استبدالهم بقوات جديدة تفتقد الخبرة في التعامل مع الوضع الداخلي. وحتى إذا كان هناك مجموعة خبراء يتم استبدالهم فسوف يفتقد الكادر الجديد لخبرة التعامل الداخلي وسيكون مجبراً على اعادة توقيع كل العقود الشخصية ذات الاهمية البالغة والمتعلقة بالاستخبارات البشرية والشؤون المدنية-العسكرية والعمليات العسكرية والامنية.ومن شأن هذه الخطوة اضافة الى التناوب الزمني للفرق القتالية ذات الخبرة ان يعرقل الكثير من القدرات الامريكية.وقد اثبتت عمليات تناوب مشابهة فشلها في فيتنام، وقد تدفع الولايات المتحدة للاعتماد أكثر على قوات الامن العراقية والمؤيدين لجميع الاستخبارات البشرية تقريباً. ولن تشكل هذه أية مشكلة فيما إذا ظهرت الولايات المتحدة بانها المنتصرة ولم يتسللها عناصر أنصار النظام السابق بقوة. وكلاهما بنفس درجة الخطورة.
ويتحسن استخدام الولايات المتحدة للاستخبارات البشرية وطائرات المراقبة المسيرة والمعدات المساعدة الاخرى في التهديف بالرغم من ان معظم الوحدات لما تمتلك طائرات مراقبة مسيرة او معدات مساعدة كافية للتهديف والاستخبارات على مستوى الكتيبة، والفرقة الرابعة هي الفرقة الوحيدة التي تمتلك متعقب القوة الزرقاء (عبر الاقمار الاصطناعية) وتقنية العرض الرقمي.إن التهديف في تحسن، لكن ما تزال العديد من الضربات تضرب اهدافاً خالية ومهمولة وتبقى نوعية التهديف غير مؤكدة.
وقد طرأ تطور مطرد على نظام الاستخبارات لانصار النظام السابق وقدرتهم على الاستهداف في الاشهر الأخيرة. ويبدو ان العمل المدني للولايات المتحدة والتحالف والمنظمات غير الحكومية ومجلس الحكم عرضة للاختراق بقوة، وذات الشيء ينطبق على بعض عناصر الشرطة وقوات الامن العراقية. فقد رصدت الاستخبارات الأمريكية المضادة وحدها اكثر من 25% من العملاء المعادين في فيتنام، ومن المرجع أن تتكرر هذه التجربة.

نزاع الهجوم والهجوم المضاد
كانت الولايات المتحدة قادرة على تحسين نشاطها الهجومي باطراد وقد أظهرت الاحصائيات في أيلول/سبتمبر وتشرين الاول/اكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر ارتفاعا كبير في نشاط كل شهر. وكذلك كانت الولايات المتحدة قادرة في نفس الوقت على تحسين الاستخبارات البشرية لتمتاز بقدر أكبر من التركيز والنجاح. وقد كرر الجيش الأمريكي تدريبه وتنظيمه لاستثمار أبرز نقاط قوته في التدريب والخبرة والقوة النارية ونقاط القوة في التكتيك الاستخباراتي.
مع ذلك فقد نجحت الولايات المتحدة بضرب مجموعة من الاهداف المتفرقة والمتحركة كثيراً، كما قامت بغارات متعددة للقبض على أحد أخطر الناشطين من أنصار النظام السابق ومن غير الواضح فيما أذا كان الجيش الأمريكي يقتل قوات أنصار النظام السابق أو يمسكهم أسرع من متطوعين جدد وعناصر مأجورة يمكن تجنيدهم.
إن النجاح الأمريكي يعتمد أعتماداً كبيراً على الاستخبارات البشرية العراقية في القيام بالغارات وتقوم الجهة المعارضة من أنصار النظام السابق بعمل لابأس به من أستخدام الدعاية والمعلومات المضللة لاتهام الجيش الامريكي بضرب أهداف لها حرمتها.

نزاع الكمائن
لقد شمل نموذج الضحايا الامريكان حتى الرابع من كانون/ديسمبر 98قتيلاً بحوادث برية و324 قتيلاً في القتال وقتيلين في حادث معسكر بنسلفانيا، و11قتيلاً بنيران صديقة و36 قتيلاً بحوادث مروحيات ذات صلة بالاشتباكات و 8قتلى بسبب المرض و43 قتيلاً قضوا دون قتال. ولاتعكس هذه الارقام المستويات العالية لنجاح أنصار النظام السابق وكان الجيش الامريكي قادراً على تقليص عدد الكمائن، وأنزلت إصابات جسيمة بمهاجمي أنصار النظام السابق في عمليات دفاع ضد هجمات حدثت أخيراً. لقد ساعد نشر عربات هامفي غير المدرعة والدرع الجسدي المتطور الذي يستخدم بين الواحة (لوحات سيراميكية) وقائية صغيرة للاسلحة في صدريات كيفلر، والحماية المرافقة واستخدام المروحيات والطائرات المسيرة ومجموعة متنوعة من التقنيات، في حماية القوات الامريكية في مهام القوافل العسكرية ومهام الحماية وتنفيذ الغارات.
وفي نفس الوقت كان أنصار النظام السابق قادرين على تنظيم هجمات كبيرة للمرة الاولى، وكان انصار النظام يرتدون احياناً بدلات تشبه تلك التي يرتديها فدائيو صدام، وقد ابدى بعض المقاتلين تفانياً واصراراً ينمان عن قدر عال في الاندفاع. تمتلك الولايات المتحدة نقاط قوة بارزة في التحرك والحماية والقوة النارية، ولكن لا تتحرك أي قوة دون ان تكشف عن نفسها.كما تتحسن قدرة انصار النظام السابق.
إن الارقام في اجمالي الضحايا تنم على ان الخسائر جسيمة كذلك. فقد اصيب 2.150 جندي للولايات المتحدة وحدها في العلميات القتالية حتى تاريخ 4 من كانون الاول/ديسمبر واصيب 354جندياً بنيران غير معادية. أما اجمالي عدد القتلى فهو كما يلي:

-----الاجمالي ---منذ 1ايار/مايو
عدائي 304 --- 189
غير عدائي 137 --- 114
الاجمالي 441 --- 303
وطبقاً لاحصائية اقل رسمية اوضحها بداين هارتمان من قناة أي.بي.سي ABC الاخبارية، تلخص الارقام الاجمالية لعدد الضحايا بـ530 قتيلاً تقريباً كما تفيد الاحصائية التالية حسب البلدان.
الموقف-- الاجمالي-- أمريكان-- بريطانيين-- من بلدان اخرى
متوفي ---522 --- 441------ 52 -----29

أسير محرر -- 8 ----8 ------0 ------ 0

نزاع المدفعية
لقد تحسن أداء العراقيين ببطء في استخدام قذائف المورتر والمدفعية، ولكن في الغالب بصورة هجمات غير دقيقة نسبياً باستخدام الأسلحة الخفيفة التي تتجاوز بقليل التأثير الرمزي والإزعاج المستمر. وقد تكيف الجيش الأمريكي مع ذلك بنشر طائرات مراقبة مسيرة وأجهزة رادار ضد قذائف المورتر وتخطيط مناطق الخطر في ميدان القتال، والهجمات الجوية او بواسطة المروحيات بناء على النداءات وقد أحدثت هذه الإجراءات بعض الفعالية، لكن قدرة أنصار النظام السابق على"الرمي والاختفاء" او استخدام الصواريخ الموجهة عن بعد قد حدت بدورها من فعالية الجيش الامريكي.
وقد يصبح الوضع اكثر خطورة اذا ما نجح أنصار النظام السابق في تعلم كيفية أستخدام اسلحة المدفعية استخداماً فاعلاً في مديات تتجاوز (1) كيلو متر، وكيفية توجيه هذه الاسلحة والتحكم بها. وما تزال أعداد كبيرة من أسلحة المدفعية والقاذفات الانبوبية والصواريخ الثقيلة وقواعدها مجهولة المصير.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اصدرت في October 2, 2005 10:33:00 AM

ليست هناك تعليقات: