الجمعة، 4 سبتمبر 2009

تطور "التمرد" العراقي (15)

أنتوني . كورد سمان
ترجمة الباحث:أمير جبار الساعدي

وكذلك يبدو البعض الأخر مجرد جماعات عشائرية أو قبلية ، وذلك منذ أن اندمجت الكثير من عناصر "التمرد" السني وبشكل قوي أو على هيئة خلايا منفصلة.إن الغالبية الساحقة من أولئك الذين تم اعتقالهم أو قتلهم كانوا من العراقيين السنة ، حيث تم اعتقال نسبة كبير تصل إلى (90-95%) منهم.
وتركزت المجموعات السنية الرئيسية من "المتمردين" في مدن مثل الموصل وبغداد، كما تركزت هذه المجموعات في المناطق التي يقطنها السنة مثل "المثلث السني" ومحافظة الانبار إلى الغرب من بغداد ، وما يسمى بـ"مثلث الموت " إلى الجنوب الشرقي من بغداد، ومناطق سنية أخرى قرب الحدود العراقية - التركية، وعليه فلقد شكلت أربع محافظات عراقية تهديدا رئيسيا من "التمرد" إضافة إلى وجود فعلي "للتمرد" الرئيسي . فلقد ظهر "التمرد" السني ولمرات عديدة، منذ معركة الفلوجة، وبينوا بذلك قدرتهم على مهاجمة الأهداف في المدن المتنوعة المذاهب او حتى في المدن التي يسيطر عليها الشيعة مثل بغداد ، الموصل والبصرة ، كما أنهم قاموا بتنفيذ عملياتهم في المناطق الكردية. لا توجد محافظة هي في مأمن من هجمات "المتمردين" المتوقعة، وان تلك الهجمات هي فقط جزء من هذه القضية.
إن "المتمردين" السنة ينقسمون الى خليط معقد من القوميات السنية المختلفة وهم إما من الموالين لنظام البعث السابق ، أو من الإسلاميين السنة العراقيين ، أو من المتطرفين الإسلاميين القادمين من وراء الحدود ، أو من المتطوعين الأجانب ، مع ملاحظة عدم وجود تحالفات واضحة بين هذه الفئات مع وجود بعض المجرمين المأجورين ومن تحركهم الدوافع السياسية.

ومن الجدير بالذكر، إن هذه المجموعات المنظمة تنتشر على شكل خلايا صغيرة ، حيث تضم هذه الخلايا أحيانا ما بين رجلين إلى ثلاثة رجال. وباستطاعة هذه الخلايا استقطاب عدد من المجندين أو الدعوة لتوسيع جماعاتهم ، إلا إن فقدان أعضاء مهمين في مثل هذه الخلايا قد لا يعطل عمل تلك المجاميع ، وبذلك تستمر الجماعات السنية بإدارة عمليات مختلفة وبمختلف المناطق. ويبدو ان هناك البعض الأخر من الجماعات تقوم بعمليات اكبر بكثير مما سبق وصفه، ولكنهم ينتشرون على شكل مجاميع قادرة على أن تهاجم بأعداد قد تتراوح ما بين (30-50) رجل.

البعثيون الموالون للنظام السابق أو "العرب السنة"
لقد أقرت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في دراسة تصنيفية بان البعثيين والموالين للنظام السابق يشكلون جزءا من "التمرد" الحالي لا أكثر ولا اقل – مع أنهم يلعبون دورا مهما في عمليات القيادة والتنظيم ، وتهيئة رؤوس الأموال . ويبدو إن الجزء الأعم من عناصر "التمرد" يشكلون نوعا جديدا من الراديكاليين السنة من العراقيين.ونسبة إلى تقارير وكالة المخابرات فان العامل الرئيسي لإعمال "التمرد" يكمن في فقدان السنة السيطرة على الأمور وفقدانهم لهيبتهم بالإضافة إلى التأثيرات الاقتصادية مع حالة البطالة المستمرة وخسارة المواقع والمراكز الشخصية – إن البطالة بين صفوف شباب العرب السنة شكلت وبصورة مباشرة أو غير مباشرة نسبة(40-60%) في كثير من المناطق منذ سقوط صدام حسيين. فلقد شكلت تظلمات العوائل والقبائل بالإضافة إلى تحريض الوطنيين والواجب الديني، الحافز الرئيسي للكثير من "المتمردين". بينما شكل الاحتلال الأمريكي حافزا رئيسيا أخر لبقية "المتمردين"_ وخصوصا أولئك الذين يفضلون قتال القوات الأمريكية - وما صاحب الاحتلال من اضطرابات سياسية واقتصادية.

وهذا لا يعني إن البعثيين السابقين لا يلعبون دورا مهما في العملية ، فان الكثير من أعضاء الجماعات السنية (الدائمين أو المؤقتين) لا تربطهم روابط او علاقات عائلية مع المجموعات البعثية أو مع الأعضاء السابقين في جذب البعث المنحل ونظام صدام. وعلى أية حال فمن الخطأ أن ندعوهم بالموالين للنظام السابق (بصورة عامة) أو أن ندعوهم "عناصر النظام السابق" فإنهم بالأحرى من السنة الوطنيين اشتركوا في القتال لأجل السلطة الحالية.وهذا ما يسمح لتوسيع قاعدة " التمرد" وإنشاء روابط تربطهم بالجماعة الإسلامية ،كذلك.
ويبدو إن العديد من "المتمردين" السنة لديهم مستويات هامة في استقلالية عملهم،إلا أن من الواضح تعاون العديد منهم في بعض العمليات - على الأقل، وان الكثير من هذه العناصر مرتبطة بعلاقات مع مؤيدي نظام صدام السابق الذين قد توفرت لديهم درجة من القيادة المركزية والتنسيق. لقد تحدث خبراء أمريكيون على شبكات غير رسمية، حول استخدامهم ("المتمردين") لوسائل مثل (الانترنيت لتنسيق العمليات وتبادل المعلومات حول آلية التكتيك وتحديد الأهداف وبدء العمليات ). وهناك أدلة تبين حصول مثل ذلك التعاون بين خلايا في العراق ومجموعات خارج الحدود بضمنهم أولئك ممن هم في سوريا وأفغانستان. كذلك استعملت مجاميع "المتمردين" وسائل الإعلام للحصول على المعلومات الآنية والقريبة المنال حول ما تقوم به بقية المجاميع والخلايا والحصول على ما يقدمه إليها التكتيك من تصادم عالي المستوى في مجالي السياسة والإعلام. إلا انه من غير الواضح التعرف على كيفية التأثير الكبير الذي تتمتع به جماعات حزب البعث. ومع ذلك فان كل من مسئولي الولايات المتحدة والحكومة العراقية الانتقالية - مثل قائد القوات المتعددة الجنسية ووزير الدفاع العراقي حازم الشعلان - يؤمنون بان قادة البعث في سوريا يقومون بالتنسيق مع المتعاطفين من البعثيين. كما دعا مكتب رئيس الوزراء العراقي لاعتقال ستة من الأعضاء الرئيسيين في النظام السابق وذلك في شهر آذار (2005) وهم:

* عزت إبراهيم الدوري يعتقد انه قائد منطقة إقليمية جديدة والقائد الجديد لحزب البعث.
* محمد يونس الأحمد وهو الذي يسهل عمليات التمويل وقائد للعمليات في الإقليم الجديد ولحزب البعث الجديد.
* رشيد طعان كاظم مسئول حزب البعث المركزي الإقليمي في محافظة الانبار.
* عبد الباقي عبد الكريم العبد الله السعدون مسئول التجنيد والتمويل لتحركات شرق ووسط العراق.
* دحام حسن شاكر العبيدي ضابط استخبارات سابق وحاليا يتعاون مع أنصار الإسلام.
* ماضي إبراهيم محمود المشهداني (أبو هدى) العنصر الرئيسي لحزب البعث الجديد والممول الرئيسي " للمتمردين" والأعمال الإرهابية.

لقد استفاد عناصر حزب البعث من وراء حقيقة استمرار قدرتهم على الوصول إلى رؤوس أموال أعضاء النظام السابقين وبدؤا بتنظيم - ولو على مستوى متدني - عملياتهم قبل أن يبدأ الغزو ومن ذلك الوقت قاموا بتقوية روابطهم بصورة منتظمة والمتعلقة بتنظيمهم كذلك قاموا بعمليات تطهير لكل عنصر يشتبهون به. وطبقاً لأحد التقارير فأنهم عقدوا اجتماعا مهما في منطقة الحسكة وذلك في شهر نيسان أو مايس للعام (2004) لغرض تقوية تشكيلهم. إن القادة الميدانيين هم من الأسماء التالية (محمد يونس الأحمد) المساعد السابق لصدام حسين،و(إبراهيم سبعاوي) الأخ غير الشقيق لصدام حسين ومدير الجهاز الأمني السابق. كما أنهم استفادوا من حقيقة إن بعض عناصر القيادة التابعة للفيلق الخامس من الجيش العراقي لا زالوا في مدينة الموصل، كما وفرت لهم سوريا ملجأ سري (لقيادي حزب البعث العراقي على الأقل)،وفي بعض الحالات قد يلاحظ المسئولين في الجيش الأمريكي أدلة تؤكد وجود مجموعات سنية علمانية ، كما ثبت وجود تعاون بين الموالين لصدام حسين مع المتطرفين الإسلاميين. ففي مدينة الموصل ثبت وجود تعاون بين البعثيين والسلفيين لمهاجمة القطعات الأمريكية ولتقويض عملية الانتخابات . بينما لكل واحد من هذه التنظيمات رؤى مختلفة ومتباينة وآمال مختلفة لمستقبل العراق – وفي بعض الأحيان يحقد البعض على الأخر بل وحتى بقتل بعضهم البعض - بينما تتوحد أهدافهم على المدى القصير وهي عدم الاستقرار وعدم استتباب الأمن وتدمير الحكومة العراقية الجديدة وحرمانها من شرعيتها الجماهيرية وإبعاد القوات العراقية من أن تصبح قوات فاعلة ومؤثرة وإخراج الولايات المتحدة والقوات المتعددة الجنسية من العراق.
اصدر April 18, 2006 2:50:00 AM

ليست هناك تعليقات: