الجمعة، 4 سبتمبر 2009

تطور "التمرد" العراقي (8)

انتوني. كوردسمان
ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي


اختطاف، وقتل، والهجوم على المبعوثين الرسميين والدبلوماسيين المسلمين من الدول التي تسعى لدعم حكومة الجعفري: حدد هذه الأعمال قدرة الحكومة المنتخبة على إرساء شرعية دولية ومصداقية لها، وقد عانت الحكومة العراقية هي الأخرى من تلك الهجمات التي لا تملك الإرادة لمواصلة العلاقات بوجه الإستياء المحلي على نوع من الخسائر بصورة خاصة وعلى الحرب في العراق بصورة عامة. ممكن ان تجعل مثل تلك الهجمات الحكومة العراقية بوضع العاجز.

قتل أعضاء اللجنة الدستورية: اما بدفعهم على عدم المشاركة او حرم اللجنة من المفاوضين السنة، وتقليل العدد الضروري من المشاركين السنة لدفع العملية الدستورية إلى الأمام. مواصلة العمل من غير العدد الضروري في اللجنة من الشيعة والسنة والأكراد سيضع عمل اللجنة الدستورية في موضع تساؤل عن مدى شرعيتها.

دروس عن مناهج الهجوم والمعركة: لا يوجد تقسيم واضح بين خليط تقنيات "المتمردين" والإرهابيين المركزة على الطبيعة النفسية والسياسية للحرب وهؤلاء الذين يركزون على المهاجمة المباشرة لأهداف عسكرية مثل قوات المتعددة الجنسيات والقوات الحكومية العراقية، ومسؤولي التحالف والمسؤولين العراقيين، والاقتصاد العراقي وعملية بناء الوطن. ومن الناحية الثانية، فان أهم التعديلات التي قام بها "المتمردون" والإرهابيون في العراق فيما يخص المصطلحات التقنية ومناهج الهجوم تشمل:

جمع العبوات الناسفة التقليدية والمتقدمة: كان حزب الله سَباقاً في استخدم العبوات الناسفة وبكفاءة في كمائن محكمة بشكل جيد، رغم انه لاشيء جديد حيال مثل تلك التقنيات.
- فقد استخدم الأفغان تلك التقنيات ضد السوفيت. وجاء العراق ليقدم فرصة استثنائية للمتمردين والمتطرفين الإسلاميين من اجل استخدام مكثف (للعبوات الناسفة) وعجلات مفخخة تقليدية من خلال استغلال مخزونهم الكبير للأسلحة. استطاع المتمردون الحصول على مخزون كبير من العبوات الناسفة، وكذلك قنابل كبيرة وقذائف المدفعية.لقد اختفت قرابة 400 طن من العبوات الانفجارية البلاستية (HMX , RDX) من مباني اسلحة قابا (Qabaa) وحدها بعد سقوط نظام صدام حسين.
تعلم المهاجمون العراقيون كيفية دمج الاستخدام المكثف للعبوات الناسفة ذات الشدة المنخفضة، بعناية اكثر، ودمجها بالعبوات الناسفة الأكثر تطورا، في سيارات مفخخة كبيرة جداً ومواد أخرى من أجل عمل سلسلة كبيرة من التهديد باستعمال الطرق التي هي صعب مواجهتها والتي تعتمد على أكثر من نوع من القنابل ومن مجموعة الاهداف.
ركز المتمردون جل جهودهم على أسلحة مصممة بشكل بدائي نسبيا، والتي بعضها يبدو قد تم تبنيه من الترجمات العربية من بروشورات كيفية العمل من حقول أميركية على أهداف سهلة وأدوات محسنة مشابهة. ثم تعلم المتمردون بعدها بفترة قصيرة، كيفية استخدام أنظمة تفجير اكثر تطوراً من أجل مواجهة الإجراءات المجابهة للأنظمة الإلكترونية للولايات المتحدة، ومن ثم استطاعوا زيادة المسافة عن العبوة الناسفة. طبقا الى احد التقارير، 10% من العبوات الناسفة المستخدمة في العراق لحد ايار 2005 كانت قد تم تحويرها على أدوات ضغط المتفجرات التي تم شرحها في كتب كيفية استعمال حقل الجيش الأميركي 5/31 ومن خلال ترجمة عراقية مباشرة نشرت في عام 1987. تعلم المتمردون أيضا كيفية عمل عبوات ذات شكل بدائي من اجل مهاجمة العجلات المصفحة التابعة للولايات المتحدة.
أهتم المتمردون أيضاً عن كثب إلى مناهج جمع المخابرات الأمريكية، ومواجهة عمليات العبوات الناسفة وتغير أسلوبهم طبقا الى ذلك. استخدموا أيضا طرق مستحدثة عن كيفية الغش والاختفاء ، مثل عمل حفر في الطرق ومن ثم "تبليط الحفرة". وطرق اخرى شملت سرقة العجلات الحكومية والعسكرية والأمنية وكذلك الزي والهويات، من اجل اختراق المناطق الآمنة، ومن اجل ربط المتفجرات في الكمائن مع القيام بإطلاق الصواريخ والار بي جي- او عبوات اضافية - من أجل معالجة قوة الرد. بينما ادعت "قوات التحالف" انها وجدت بعض من 30 الى 40% من العبوات الناسفة ، ومن ثم إعطابها. فانه في ايار 2005، قد ذكروا أيضا ان عدد حوادث العبوات الناسفة قد ازدادت بشكل كبير ليصل الى 30 عبوة باليوم الواحد.

ذكر الجنرال ريتشارد كودي ، نائب المسؤول الأعلى لموظفي للجيش الأمريكي، في ايلول 2005 إنه بحدود 500-600 عبوة ناسفة تنفجر كل شهر، وان نصفها يلحق الأذى بأفراد الولايات المتحدة بشكل تقريبي او أنه يضر بعجلات الأميركان. كما ذكر العقيد تي. كونوي، مدير عمليات المستخدمين ، في ايار 2005، ان مجموع 70% من جميع خسائر قوات التحالف منذ سقوط صدام حسين حتى تاريخ اليوم كانت جراء العبوات الناسفة، اي ان جهودهم كانت ناجحة جدا لدرجة ان الولايات المتحدة أعلنت ان حتى عجلات "الهمفي" المصحفة بشكل عالي كانت غير آمنة في مناطق التهديدات القصوى، وأنها قد تم استبدالها بعجلات مصفحة أثقل بخمسة أطنان "شاحنات السلاح" . اظهر تحليل عن عدد خسائر "قوات التحالف" في العراق، ان العبوات الناسفة، إضافة الى 89 اضافية قد قتلت 336 اميركي بواسطة السيارات المفخخة او عمليات انتحارية مختلفة من 29 نيسان 2005.
لكن أي معلومات مشابهة عن الخسائر العراقية غير متوفرة، لذ يبدوا ان النسبة كبيرة للذين يبدون أنهم قد اصيبوا من الانتحاريين المفخخين وفي الكمائن، حسب السرد التاريخي للملحقات التحليلية التي تشير الى انه كان هناك العديد من الهجمات الفعالة. على سبيل المثال، قتل ثلاث جنود عراقيين وجرح 44 بهجوم في سيارة مفخخة واحدة على الباص الذي كان يقلهم في 6 نيسان 2005. ان الجيش العراقي والقوات الأمنية والشرطة هي ضعيفة بشكل واضح حيث لديهم القليل من السلاح او ليس لديهم سلاح على الإطلاق، وغالباً ما عليهم ان يتنقلوا الى مباني غير آمنة او الذهاب في ايام إجازاتهم بعجلات غير محمية ببساطة من اجل القيام بعمل مهام روتينية مثل توصيل المال الى عوائلهم يد بيد من اجل أعانتهم اقتصاديا.

استخدام الهجمات المزدوجة، والسعي لنصب كمائن للجيش الأميركي وقوات الطوارئ وبشكل هجمات تتسمر بعد الانفجار: يُحسن "المتمردون" العراقيون قدراتهم من أجل شن هجمات معقدة حيث ان العبوات الناسفة من الممكن ان تنفجر ومن ثم إنفجار عبوات ناسفة أخرى تم وضعها للاستهداف عملية الإنقاذ أو يتم استخدام اسلوب هجومي ضد المنقذين والقوات التي تأتي بعد حصول الحوادث. وبديل عن ذلك من المكن استخدام الكمين من أجل استدراج القوات الأمريكية او القوات العراقية الى مناطق تحتوي على عبوات ناسفة.
استخدم المتمردون في ربيع 2005 بشكل اكبر خليط من الهجمات في ضرب مباني الولايات المتحدة. على سبيل المثال، استخدم خليط من رجال مسلحين، وسيارات مفخخة، وشاحنات كبيرة مملؤوة بالمتفجرات من اجل مهاجة قاعدة البحرية للولايات المتحدة في معسكر غانون في حصيبة،قرب الحدود السورية في 11 نيسان 2005. كما استخدموا مستشفى في حديثة من أجل عمل نقطة كمين في 9 أيار 2005، ومن ثم هاجموا قوات الولايات المتحدة التي بادرت بالرد بالسيارات المفخخة حالما قاموا بالدخول. ان هذا الخليط من الهجمات الغير متوقعة، يجعل من الصعوبة بالنسبة الى استخبارات الولايات المتحدة اكتشاف الهجمات، حيث انها ادت الى تعقيد عمليات الولايات المتحدة والقوات العراقية الذين لم يحققوا انتصار حقيقي على المتمردين.

القيام بكمائن تسلسلية: يقوم المتمردون بشكل متزايد بخليط معقد من الكمائن التسلسلية من اجل استدرج ومهاجمة من يرد من القوات العراقية وقوات الولايات المتحدة على الهجمات الأساسية أو ما يخلفها أو مايسبقها.

تطوير خليط معقد من الكمائن باستخدام أسلحة خفية وصغيرة: لم يقم المتمردين باستخدام فعال للأسلحة المضادة للدبابات على الاقل في ربيع 2005 التي تم سرقتها، وقد استطاعوا من إسقاط طائرة واحدة فحسب من خلال أسلحة محمولة وصواريخ جوية (MANPADAS). ولكن من الناحية الثانية قاموا بتطوير تقنياتهم في الكمائن بشكل سديد حيث اصبحوا يستخدمون اطلاق النار المتعدد الاتجاهات من الار بي جي ضد نفس الأهداف، بعدما كانوا يستخدمون نار ذات اتجاه واحد وكذلك الى مجموعة من مواقع مختلفة لاطلاق النار، لاطلاق النار التسلسلي، وفي عمل الكمائن والدفاعات- من خلال خلط أسلحة خفيفة، وصواريخ ضد الدروع وأسلحة أوتوماتيكية خفيفة.

"تجميع" التقنيات والهجمات على العجلات: ان نوعية الكمائن في مركز المدنية وكمائن الطرق قد تحسن في قدرته الهجومية في العراق، وكذلك القدرة في اعداد هجمات سريعة، واستغلال نقاط ضعف العجلات ذات التصفيح المحدود. تعلم المتمردين ايضاً على "تجميع" قوات التحالف من خلال التحرك السريع من مناطق مختلفة أو اطلاق النار بشكل متزامن من مواقع مختلفة. في بعض الحالات، يتم ضرب عجلة واحدة بثمان قذائف ار بي جي في مواجهة قصيرة. وبشكل خاص في المناطق تحت الأنشاء. ومن الممكن ان تلحق تلك الهجمات الدمار وأن تسبب إعطاب حتى مصفحة ثقيلة مثل دبابة ابراهام ، وتعمل تهديد كبير على عجلات مصفحة بشكل أقل، ناهيك عن عمل خطر على المشاة الغير محميين.

الهجمات الانتحارية، السيارات المفخخة والانفجارات الضخمة: ان استخدام مثل تلك التقنيات قد تزايد بشكل كبير منذ 1999، بشكل جزئي لمعدل النجاح الكبير الذي حققوه في السبل البديلة للهجوم. ان تفجير العجلات يصل الى مايقارب %60 مستهدفا الشرطة العراقية وأبنية التجنيد التابعة له. وليس واضح دائما من أن استخدام تقنيات الهجمات الانتحارية ضرورياً. في عدة حالات، فان الأجهزة الموقوتة من الممكن ان تخلف نفس الأضرار. حيث أظهرت الأحداث في العراق، من الناحية الثانية، ان العمليات الانتحارية مازالت تخلف تاثيراً نفسيا كبيراً وتحوز على اهتمام أعلامي استثنائي. انها تستخدم ايضا كرموز للالتزام والتفاني، وعناوين للاستشهاد الإسلامي، وتحوز على دعم سياسي كبير واهتمام بين المتعاطفين ازاء القضية التي يسعون لها.
أن كلفة الانفجاريين الانتحاريين منخفضة أيضا. ويبدوا ان الأغلب ليسوا من العراقيين وإنهم يجندون من خارج العراق عبر منظمات إسلامية مختلفة. إن الدلائل المحدودة الموجودة هي أن العديد قد تم اختيارهم لأنهم مقتنعون بالسعي للشهادة الإسلامية وهكذا بشكل جمعي ومن دون المحاولة لطلب اهتمام دعائي كبير لأنفسهم. انهم يتصرفون كـ "داعمين للقوة" لمجاميع متطرفة إسلامية صغيرة بشكل نسبي ، إذ أن متطوع واحد من الممكن أن يستخدم حزام ناسف ، وعجلة فردية معبأة بالمتفجرات، ويخترق منطقة يجتمع فيها الناس ويعتبرها هدفاً كبيراً، ومن ثم يفجر العبوة مخلفاً أضرار كبيرة. حتى عندما تفشل مثل تلك الهجمات في الوصول الى أهدافها، فانها غالبا ما تحوز على اهتمام إعلامي و شعبي كبير.
اصدر March 28, 2006 4:16:00 AM

ليست هناك تعليقات: