الجمعة، 19 سبتمبر 2008

لاروش يناقش أزمات العالم (10-11)

ترجمةالباحث: أمير جبار ألساعدي

لماذا الهجوم على الولايات المتحدة
سؤال: لدينا سؤال وأعتقد إن له علاقة بموضوعنا. لقد قلت يا سيد لاروش إن الهجوم الأخير على الولايات المتحدة سببه مضاعفة الفوائد المالية التي تبدو لي معقولة تماما. فهل يمكنك أن توضح لي ما المكاسب التي قد تحصل عليها تلك القوى من الأعمال الأخيرة؟
لاروش: حسنا وكما ترى فلا يمكن تجاهل أهمية الجنون في علم السياسة وبشكل خاص في الإستراتيجية. أن من يقف وراء هذه الهجمات هو الشعب.وأغلبهم من داخل الولايات المتحدة. كما أن هناك بعض الدول المتورطة في هذا.ليست دولا عربية كما أن هناك أشخاص ينتمون إلى ما تبقى من منفذي عملية إيران كونترا* بدعم من بريطانيا والولايات المتحدة وإسرائيل. ومما لا شك فيه أنه تم استخدام هؤلاء كمصدر لهذه العمليات.
لست معجبا بأسامة بن لادن صنيع كل من البريطانيين و( الإسرائيليين) وجورج بوش الأب فأنا لا أدافع عنهم فما هم سوى تافهين.

فالعملية التي شهدناها في الولايات المتحدة مع ما تتضمنه من تخطيط متطور ومعقد لا يعقل أن يقوم بها أي أحد من خارج الولايات المتحدة. وقد قام بها أشخاص أصحاب مراكز بارزة في الولايات المتحدة. أشخاص ذوي خبرة في الحرب الخاصة والقيادة العسكرية. أي أن عقول الأشخاص الذين خططوا لتلك العملية ما هي إلا عقول الأشخاص الذين خططوا لتلك العملية ما يساويهم في المستوى.
لقد كانت هذه العملية بفعل انقلاب عسكري حاذق ومدبر من داخل الولايات المتحدة وعلى الأرجح باستخدام عوائد بريطانية وفرنسية وقدرات حربية خاصة من الولايات المتحدة الأمريكية وهي مشابهة لعمليات بهذا التدبير مثل إيران – كونترا.
وإن الهدف واضح من وراء هذه العملية. فالمحرك لهذه العملية هي السياسة السيئة السمعة التي انتهجهامستشار الأمن القومي السابق في الولايات المتحدة زبيغنيو برجينسكي(Zbignew Brzezinski) وقد أطلق عليها (صراع الحضارات).
فقد اقترح برجنسكي مع كسينجر بان علينا إلغاء الاحتمال بشأن إقامة تعاون بين دول اوراسيا.
إن علينا العودة الى اللعبة البريطانية الكبيرة في القرن التاسع عشر بالتدخل في شؤون أسيا الوسطى باستخدام الحرب المذهبية والحرب القبلية كأسلوب لإخماد إمكانيات التعاون بين دول الاروراسيا . وسماها (بصراع الحضارات) قائلاً انه علم السياسة الجغرافية وهذا ما فعلته بريطانيا مع هلفورد ماكندر ( Halford Mackinder) باستعمال علم السياسة الجغرافية كأسلوب متبع لتنظيم الحرب العالمية الأولى .

إن المحرك الفعلي لهذا هو أولئك الأشخاص الذين يواجهون الأزمة المالية الكبيرة قهم يخشون من دخول دول اوراسيا مجال التعاون مع بعضها البعض ويتوطد هذا التعاون في تلك القارة وقد يولد منطقة نفوذ مهمة قد تمنع القوى التجارية الناطقة بالإنكليزية من الاستمرار في الهيمنة على هذا الكوكب .ولم يكن من اجل القوى التجارية الناطقة بالإنكليزية فحسب. ولكن وفق التقليد فان القوى المسيطرة هي مصالح الرأسماليين وأصحاب الأملاك من السلوك الفينيسي.
هناك عوائل اعرفها جيدا من مدينة نيويورك ومن واشنطن العاصمة ومن شركات قانونية ودور مالية كبيرة مقتنعون بهذا وقد عقدوا ندوة في تموز عام 2000 في مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك.وقد توقعوا احتمال حدوث أزمة من هذا النوع .وكانت هناك لعبة الحرب والأكاذيب في المقر العام الخاص بمركز العلاقات الخارجية في نيويورك ،بينما يحاولون القول :ماذا علينا أن نفعل تجاه هذا ؟

وحاليا فنتيجة ما حدث من لعب الحرب من هذا النوع في الولايات المتحدة الأمريكية هو إحياء اقتراح (برجينكسي) بشأن صراع الحضارات.
حاليا نحن نجهل من كانوا .ومن هم القادة الفعليين لهذا الانقلاب إنها طبيعة الممارسات العسكرية وهذا ما اقصده، فان بعضهم يعرف بعض الأشياء عن الخبرة العسكرية.انك تعلم كيف ينظم الانقلاب وعلى سبيل المثال هناك شخص واقف الى جانبك تعرفه جيدا فهو الجنرال فلان وهذا الكولونيل الفلاني وان هذا الكولونيل أيضا السيد فلان.ولكن تجهل أمره وان السيد فلان يشغل عدة وظائف بانا واحد في المخابرات وفي المجتمع العسكري وفي المجتمع المالي.ويقوم بعمليات أمنية محددة وينظم انقلابا .فإذا نظرت الى التفاصيل بما عمل بالضبط وما هي الاحتياطيات الأمنية المتخذة؟ وما هي العمليات التي لم تنفذ؟. وما هي عوامل التوقيت المستخدمة؟ وما هي مشاكل المواجهة في تنفيذ العمليات؟ فعند إطلاعك على كل هذا ستقول كان ذلك انقلابا عسكريا ومن ثم تعود فتسأل وماذا عن العرب حسناً ؟وماذا عن إيران؟ كم مقاتل قاتل في أفغانستان وهو أفغاني الأصل ومجندين تحت ما يسمى إيران. كونترا؟

وكم من الناس متورط في تجارة المخدرات ؟ حيث إن تجارة المخدرات هي الأساس لأجل إنشاء الجيش الكبير.فان تدفق الأموال لهذا الجيش الكبير من المجندين الذين يديرون حرب العصابات مثل الافغانستانيين في أفغانستان.إذ تعتبر أفغانستان اكبر مصدر لإنتاج الأفيون الى أوربا وروسيا في الوقت الحاضر. إذن فهي حرب الأفيون .فهل تظن أولئك الأشخاص في واشنطن المدمنين على المخدرات لا يستغلونهم كطعم في وجه المدفع لأجل أغراضهم الخاصة ؟ أتظن انهم لا ينتهزون الظروف لإشعال حرب الأديان المندلعة في أسيا.
فإذا ما نوى شارون (Sharon) أو العسكرية الإسرائيلية في الذهاب في الخطوة التالية في صعود الجبل وتدمير القدس ثالث أقدس الأماكن الإسلامية ؟

هذا هو الوضع الذي نعيشه .هذا أسلوبهم الذي علينا أن ندركه وهذا ما يحدث .وما حدث والطريق الوحيد الذي عليك سلوكه لهزيمتهم هو الابتعاد عن المصالح.فإذا ما حشدت الناس. وإذا ما حشدت البلدان.وقالوا جميعا حسنا،فهناك انقلاب يدبر ضدنا.لا نعلم الأسماء الدقيقة لمدبري الانقلاب.لكننا نعرف هويتهم.طبيعة الهوية وفق الظاهرة التي تكمن خلفها هذه المسألة وما هي أهدافهم .وإذا أدرك الشعب إن لا احد يقدر على تدبير انقلاب والوصول الى الهدف،فلن يتمكنوا من السيطرة على "الحكم" .وهذا هو الطريق الذي أتر قبه.

التعليم مقابل العولمة
سؤال: سنستمر في طرح سؤالين أخيرين لكي لا نثقل عليك أكثر من هذا ونشكرك ثانية على هذا الوقت الثمين.
لدي ثلاثة أسئلة حول موضع الثقافة والتعليم ،احدهم :سيد لاروش هل تعتقد بان عملية العولمة تؤثر على عملية التعليم تأثيراً سلبياً؟ هل تعتقد إن واقع بيرو يختلف عن البلدان الأخرى فيما يخص التعليم ؟ والسؤال الأخير بخصوص التعليم أيضا: ماذا علينا أن نفعل لتحسين الثقافة والتوعية الروحية بصفتنا مسئولون عن نشر الثقافة بين الناس .
لاروش حسنا،إن للعولمة خطراً كبيرا على عملية التعليم ،إنها خطر على الشعب .إنها خطر على الجميع .
ما هو الكائن البشري ؟ إن الكائن البشري ليس حيواناً .فالحيوان ليس قادراً على نقل اكتشاف مبدأ الطبيعة الكونية الى الآخرين .لا يستطع نقله الى إي شخص أخر أو الى حيوان أخر حتى وان كان من نوعه .أما الكائن البشري فهو الوحيد القادر على هذا العمل !
وهنا مثال أوضحه حول مسألة طالب اليوم الذي يدرس بعض الاكتشافات للعالم ارخميدس(Archimedes) والتي مضت عليها ألفان وثلاثمائة سنة أو أكثر.إن طالب اليوم، طـالب فتي في مدرسة جيـدة قـادر على إعـادة تشريـع بعض الاكتشافـات لمبدأ وضعه ارخميدس.
إن طالب اليوم لا يتعلم ترديد الكلمات أو إعادة الصيغ كما كانت أو التراكيب التي وضعها ارخميدس .وإنما يعيد تجربة عمل اكتشاف ارخميدس.أي العمل العبقري لارخميدس، فإذا ما نجح الطالب في إعادة الاختيار لصنع الاكتشاف هذا وتجربة العمل العبقري فان الفعل سيعيش في عقل الطالب .وهكذا سيصبح الطالب سعيدا لقيامه بهذه التجربة .ثم بعد هذا يذهب الى الطلبة الآخرين ويشاركهم نفس التجربة .وكان هذا رأيي عن مبدأ التعليم .
* * وهي صفقة السلاح التي مولتها المخابرات المركزية الأمريكية CIA لإرسال صفقة سلاح إلى إيران بتمويل أمريكي من أموال مشبوهة.

ليست هناك تعليقات: