ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي
* تركيا: سيكون للاتجاه المستقبلي لتركيا بشقيه الداخلي والجغرافي السياسي الأثر الكبير في المنطقة وأيضاً في المصالح الأمريكية والغربية ،وسيطغى على الخطة الداخلية لتركيا تحويل الأنشطة السياسية والمناقشات حول الهوية والعرقية ودور الدين في الدولة واستمرار تطوير المجتمع المدني،ان طريق تركيا لنيل عضوية الاتحاد الأوربي (EU) شاق وطويل كما ان تقييم الدول الأعضاء في الاتحاد لترشيح تركيا لن يكون أساسه الأداء الاقتصادي فحسب بل أيضاً مدى نجاحها في التعامل مع هذه الخطة الشاملة.وسوف يعتمد جزء من نجاح تركيا وهدفها باندماج كلي مع الغرب،وان تواجد الناتو (NATO) في دول البلقان والتوسع المتوقع في أوربا الجنوبية سيزيد من الروابط بين تركيا والغرب.
وستستمر تركيا بفضل تاريخها وموقعها ومصالحها بالاهتمام بعلاقاتها مع جيرانها من الشمال – في القوقاز واسيا الوسطى – وفي الجنوب والشرق – سوريا والعراق وإيران ، كما ستستمر هذه الدول مع بعض الاستثناءات بالقتال من اجل الحكم وإذا ما برعت تركيا في سياستها تجاه دول هذه المناطق فلن تكون هناك اية قضية تسيطر على خطتها الأمنية، وبخلاف ذلك ستجد أنقرة نفسها ملزمة بالتعايش مع خصوم إقليميين ،وبضمنها السياسات الواجب إتباعها بشأن الصراعات الداخلية والصراعات بين دولة وأخرى وانتشار أسلحة الدمار الشامل وعلم السياسة وعلم الاقتصاد حول نقل الطاقة وحقوق المياه.
* أوربا والعالم: إن خطة أوربا تتطلب منها أن تثبت وجودها في القضايا الدولية بما يتناسب مع حجم سكانها وقوتها الاقتصادية .وسيعتمد الانتشار العالمي للاتحاد الأوربي أساسا على الاقتصاد من خلال الروابط التجارية والاستثمارية القوية مع الولايات المتحدة والعلاقات النامية مع شرق وجنوب شرق أسيا وأمريكا اللاتينية.
وفيما يخص التعامل مع القضايا خارج المنطقة ،فسيقدم القادة الأوربيون خططهم الدولية مثل بناء الآليات القانونية وتشجيع الاتصال الدبلوماسي والى حد اقل تقديم المساعدة غير العسكرية وسيتجاوبون بسرعة مع الأزمات الخارجية إما عن طريق الأمم المتحدة UN او عن طريق (ائتلاف الإرادة) خاصة مع واشنطن أو غيرها ولكنهك لن يقدموا التزامات دولية قوية وثابتة خصوصاً اذا تعلق الأمر بإرسال قوات.
* العلاقات عبر الأطلسي: ستطغى القضايا الاقتصادية على القضايا الأمنية من حيث الأهمية في عام 2015 وسترى الولايات المتحدة علاقتها مع اوربا تمر اكثر فاكثر من خلال الاتحاد الأوربي،ليس فقط على اساس التجارة،ولكن أيضاً في اطار استعمال الأدوات الاقتصادية مثل الأنظمة التجارية للمساعدة والتمييز للموافقة على مبادرات السلام.
وبحول عام 2015 سيقبل حلف الناتو (NATO) في عضويته العديد من دول أوربا الوسطى والشرقية وستوضع السياسة الدفاعية والأمنية الأوربية على أساس الشراكة مع حلف الناتو وليس بديلاً له.
* كندا
* التوجهات: ستكون كندا عضوا مشاركاً في عملية العولمة عام 2015 كما تؤدي دوراً قيادياً في الأمريكيتين بعد الولايات المتحدة جنباً الى جنب مع المكسيك والبرازيل ،كما ستستمر اوتاوا بالتعامل مع التأثير السياسي والسكاني والثقافي للهجرة الآسيوية الواسعة في الغرب إضافة الى الاستياء القومي المتبقي في إقليم كيوبك الناطق باللغة الفرنسية ،مع ذلك سيبقى هذا البلد الواسع والمتنوع متمتعاً بالاستقرار وسط تغير مستمر وفعال ،وستستمر اوتاوا بالتأكيد على أهمية التعليم وخصوصا العلم والتكنولوجيا ،وذلك من اجل الارتقاء بالاقتصاد الجديد ،كما ستعزز كندا من سياستها الهادفة الى وقف تدفق العمال المهاجرة نحو الجنوب والسعي الى جذب المهاجرين المهرة ،خصوصاً المحترفين من الشرق وجنوب اسيا ،للتأكيد من ان كندا ستتمكن من الاستفادة الكاملة من الفرص العالمية ،كما ستستمر قضية مكان اقليم كيوبك من البلاد مثار نقاش وطني.
اما مركز كندا كأهم شريك اقتصادي للولايات المتحدة فسيغدو ذا أهمية بارزة عام 2015 وستبقى الحساسية القومية تجاه التطفل على الثقافة الأمريكية ،حتى في حالة الاندماج الأكثر لاقتصاد البلدين ،كما تستمر اوتاوا بالحفاظ على مصالحها في استقرار ورفاهية شرق اسيا ويعود هذا الى الروابط الكندية المتنامية في منطقة المحيط الهادي في المجالات الاقتصادية والثقافية والسكانية،وستستفيد كندا أكثر فأكثر من خطوات التنمية في نصف الكرة الارضية الغربي من العالم بعد تطوير المزيد من الروابط التجارية مع أمريكا اللاتينية من خلال اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية واحتمال إقامة منطقة تجارة حرة للأمريكيتين ،ورغم أنهم سيبقون يتطلعون الى الناتو (NATO) على انه ركيزة الأمن الغربي ،وستحكم كندا حالها حال أوربا ،القيادة العلمية للولايات المتحدة في علاقتها مع روسيا وخصوصا في تعلق الأمر بالأسلحة الاستراتيجية ودفاع الصواريخ القومي (NMD) وبالرغم من الحجم الصغير نسبياً للقوات الاستراتيجية للقوات المسلحة الكندية إلا إن اوتاوا ستستمر بالسعي الى الاشتراك في المناقشات الدولية والإقليمية حول مستقبل حفظ السلام الدولي كما ستستمر كندا بتعزيز دعمها التقليدي للمنظمات الدولية من خلال السعي لضمان عمل الأمم المتحدة (UN) أكثر نشاطا وكذلك مزيد من الاحترام للمعاهدات والأعراف والأنظمة الدولية ،وسيتعاطف الكنديون مع النداءات المطالبة بمزيد من "الإدارة السياسية " للعولمة للمساهمة في التخفيف من التأثيرات العكسية على البيئة وضمان وصول مكاسب العولمة الى مناطق وبلدان لم تنعم بهذه المكاسب.
أمريكا اللاتينية
التيارات الإقليمية: ستنعم العديد من دول أمريكا اللاتينية بحلول عام 2015 بمزيد من الرفاهية نتيجة لتوسع الروابط الاقتصادية العالمية في هذا النصف من العالم ،وثورة المعلومات وانخفاض معدلات الولادة ،وسيؤدي التقدم في بناء المؤسسات الديمقراطية الى دعم الإصلاح وزيادة الرفاهية من خلال تعزيز ثقة المستثمر، وستصبح كل من البرازيل والمكسيك قويتين واثقتين مقتدرتين شيئاً فشيئاً وتسعيان الى إيصال صوتيهما في قضايا النصف الغربي من العالم.
غير ان المنطقة ستبقى عرضة للازمات المالية بسبب اعتمادها على المال الخارجي واستمرار دور المنتجات الفردية في معظم اقتصاديات المنطقة ،ويستمر تقهقر مستوى اضعف بلدان المنطقة خاصة المنطقة الأندية ،وسيشير الفشل بالتعامل الفعال مع المطالب الشعبية والجريمة والفساد والمخدرات وحركات التمرد انعكاسات ديمقراطية في بعض البلدان.
وستصبح أمريكا اللاتينية خصوصاً فنزويلا والمكسيك والبرازيل منتجاً نفطياً ذا اهمية متزايدة بحلول عام 2015 وأيضاً عنصراًَ مهماً في نظام الطاقة البارز لحوض الأطلسي وتأتي احتياطيات النفط المكتشفة في المنطقة في المرتبة الثانية بعد احتياطي منطقة الشرق الاوسط.
*ومكاسب العولمة وحدودها: سيشمل الحافز المهم للنمو في التحرر المستمر للتجارة والاستثمار وتوسيع اتفاقيات التجارة الحرة داخل وخارج أمريكا اللاتينية. وسيشجع الاندماج التجاري في المنطقة من خلال منظمات مثل (ميركوسور (MERCOSUR- والنتائج المستقبلية لمنطقة التجارة الحرة في الأمريكيتين فرص العمل وتقديم إطار سياسي للحكومات للاستمرار بخطط الإصلاح الاقتصادي حتى مع معارضة جماعات محصنة ومهمة.
ومن المتوقع ان ينمو سوق الانترنيت في أمريكا اللاتينية نمواً واسعاً مما سيلقي بنتائجه على تحفيز التجارة والاستثمار الأجنبي وتوفير فرص العمل الجديدة والفعالية المشتركة ،ورغم ان فرص أعمال الانترنيت ستعزز نمو الشركات في المنطقة كلها إلا ان البرازيل والأرجنتين والمكسيك قد يكونان اكبر المستفيدين من ذلك.
*التحول السكاني: يكون التحول الكبير في نسب السكان في أمريكا اللاتينية ذو فائدة بارزة لبعض الدول اذ سيساهم في تخفيف الخلافات الاجتماعية ودعم النمو الاقتصادي الكبير،وستشهد معظم الدول خلال 15 عاماً القادمة انخفاضاً كبيراً في عدد الباحثين عن العمل ،وهذا سيساعد في انخفاض نسبة البطالة وزيادة الأجور ،غير إن هذه التحولات لن تشهدها جميع الدول ،إذ ستواجه بوليفيا والإكوادور وغواتيمالا والهندوراس ونيكاراغو والبرغواي زيادة سريعة في السكان الباحثين عن عمل.
تقدم عملية ارساء الديمقراطية وعقباتها: بحلول عام 2015 ستكون الدول البارزة قد حققت خطوة كبيرة في عملية ارساء مؤسسات ديمقراطية قوية وراسخة ،ويبدو ان المؤسسات الديمقراطية في المكسيك والارجنتين وتشيلي والبرازيل مستعدة لتحقيق اندماج تدريجي مستمر،إما الدول الاخرى ،فستقدم الجريمة والفساد العام وانتشار الفقر وفشل الحكومات في معالجة مشكلة الإنصاف في الدخل، وستقدم أراضا خصبة للساسة الشعبيين والسلطويين،وستساهم معدلات الجريمة المرتفعة في ظهور حالات القتل الاهلية وبدون محاكمة على ايدي رجال الشرطة.تغرق بعض بلدان الكاريبي بممارسة النشاط الاجرامي المنتشر بسرعة بضمنها غسل الاموال وتهريب الاجانب وتجارة المخدرات،إما ارساء الديمقراطية في كوبا فسيعتمد على كيفية تنحي فيديل كاسترو عن المشهد السياسي وزمان ذلك.
توسع الفجوات الإقليمية: ستتوسع الفجوة بين الدول الاكثر رفاهية وديمقراطية في امريكا اللاتينية وبين الدول الأخرى في عام 2015،وستشهد الدول غير القادرة او غير الراغبة باجراء الاصلاحات نمواً في احسن الاحوال.وستعاني العديد من الدول وبشكل متقطع من مشاكل سياسية واقتصادية خطيرة في الداخل مثل الجريمة والفساد والاعتماد على منتجات وحيدة مثل النفط ،كما ستفقد الدول التي تعاني معدلات عالية في الجريمة والفساد المنتشر الى الاجماع السياسي لتبني خطط الاصلاح وستواجه ايضا احتمالات نمو ضعيفة ،ورغع ان الفقر وعدم العدالة،سيبقى مزمناً عبر المنطقة ،الا ان الدول ذات النسب العالية في المواليد ستواجه معدلات عالية في الفقر والبطالة.
وتعد الدول الاندية وهي – كولومبيا وفنزويلا والإكوادور والبيرو – أولى الدول في مواجهة اكبر تحديات الطبيعة والأعراق المتعددة ،وسيؤدي التنافس على الموارد الشحيحة والضغوط السكانية ونقص فرص العمل على الارجح الى تزايد غضب العمال وشحن غضبهم بطرق عدوانية في المستقبل،وقد يؤدي الإجهاد من الظلم الاقتصادي والسخط الشعبي الكبير من المؤسسات السياسية خصوصاً الاحزاب التقليدية الى حالة عدم الاستقرار في فنزويلا والبيرو والإكوادور،إما الأفاق المستقبلية لكولومبيا وهي متعلقة بحل مشكلة حرب العصابات طويلة الامد ،وسيتقهقر مستوى الاقتصاد الكوبي في ظل حكومة كاسترو بعيداً عن مستوى معظم دول امريكا اللاتينية التي تتقبل العولمة وتتبنى مبادئ السوق الحرة.
* صدرت عن مركز الدراسات الدولية جامعة بغداد عام 2001
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق