الجمعة، 19 سبتمبر 2008

لاروش يناقش أزمات العالم (9-11)

ترجمةالباحث: أمير جبار الساعدي

حين تنظر الى الولايات المتحدة فانك تفكر في الامبراطورية الرومانية اذا لم يتغير شيء سوى الثوب الخارجي ولكن الاساليب هي نفسها. وانظر الى الشعب الروماني البليد وبالذات الى من يدعوهم مواطنين من روما فمنهم قراء معدمين يعيشون على رغيف لا يحصلون عليه الا من الصدقات وبعدها يدخلون مدرج الملعب الروماني لمشاهدة الاسود وهي تاكل النصارى واشياء كهذه او التقاتل فيما بينهم كمجالدلين[1].

وفي عصرنا،انظر الى الولايات المتحدة انظر الى الملاعب الشائعة المليئة برياضات التلامس الجسدي وانظر الى الناس يتزاحمون بالتشجيع ويتهافتون بجنون لاجل حضور الرياضات العنيفة.وانظر الى الناس في الشوارع وفي بيوتهم.يضعيون اوقاتهم بالمنافشة حول هذا النوع من الرياضة.وانظر الى صناعة التلفزيون،اي صناعة تضييع الوقت،انظرالى ما فيه!دراما عظيمة!وهي تكاد تخلو من اي فكرة.ان ما يعرضه التلفزيون هو الجنس والعنف،وجنس وعنف وانواع جديدة من العنف.انظر الى العاب الفيديو التي تحول الاطفال الصغار الى قتلة محترفين مثل بوكي مون Pokemon"" والعاب"Nin rendo" التي تحول الاطفال في الولايات المتحدة الى قتلة مجرمين ،متوحشين،ومجانين.ان هذا ما يحكمنا. ويحتاج الناس الى صدمة تعيدهم الى رشدهم.

فان وجهة نظري في السياسات هو ما وصفته لكم توا. اذ انها مأساة حقيقية لم تعد هذه المأساة فشلا وانما سبب الفشل هو رئيس الدولة. فما من رئيس يدمر بلاده الا عن طريق الفساد.ولكن البلاد الفاسدة تختار طبعا الذين سيدمرونها - هذا ما يطلبه الناس.
ويمكن ان نجد بديل الماساة في الفن الكلاسيكي الا وهو السمو والرفعة.
كما في شخصية جين دارك"Jeanne d'Arc" فهي لم تكن ماساة.ففي التاريخ وكما اوضحت مسرحية"Schiller"،فان جين دارك لم تكن شخصسية ماساوية، وانما كانت شخصية رفيعة.لقد جعلت مسالة انشاء دولة قومية حديثة شيئا ممكنا.فقد كانت جين دارك فلاحة بسيطة وذكية.ذهبت الى احد الملوك الحمقى وقالت له (ايها الملك المغفل بعثني الله اليك لاقول لك ان تكون ملكا واعيا).فاجابها الملك(انا لا احب هذه الفكرة).ودخلت جين دارك في مجرى الاحداث كبطلة بعد ان قتلها الانكليز،كانت نتيجة ذلك ان تاسست لفرنسا اول دولة قومية حديثة تحت حكم لويس السادس.

وفي ايطاليا فان التضحية التي قام بها جون(Joan) هي المفتاح الرئيس لبناء عصر النهضة فيها وانتعاش الكنيسة الكاثوليكية في ذلك الوقت.كما انشات المجالس في حينها.
ومشكلة كهذه يوجد لها سببان هي افساد الشعب اولا:يمكنك الجلوس والتذمر والتشكي من المأساة.إذ يمكنك القول بان الشعب يدمر نفسه.نعم انه يدمر نفسه.واني ارى ذلك.ولكني لاحظت كما جرى في الماضي اذا احسنا السمو والرفعة استطعنا الوصول الى الشعب.فنحاول التحدث اليهم بهدوء ونقدم لهم افكارا.ونقدم لهم بدائل افضل.ونطلب منهم ان يفكروا.واذا استطعنا فنتقرب منهم في وقت الازمات.وبعد كل هذا فهناك طيبة في نفس كل انسان.فاذا ما لمسنا تلك الطيبة فبامكانهم الرقي الى السمو والرفعة.

فمهمتنا النصح للفقراء،الفقراء الذين افقر ما يكونون الى التعليم وفهم الامور.افقر ما يكونون في الاستعداد للتعامل مع الأزمات ورؤية البديل الممكن عمله.وبذلك يمكننا النجاح.اما اذا لم يقدم لهم البديل الممكن عمله او لانستطيع توجيه الناس الى هذا الطريق او لا نوجههم لهذا الطريق.واذا خططنا وتامرنا وحاولنا التلاعب،فسنقع ضحية لتلاعبنا وخططنا كما هو الحال في كل ماساة حدثت قديما .نحن في مرحلة علينا ان نكون فيها صريحين.
إذا نظرت إلى تاريخ الإنسانية، إلى حين ولادة الدولة القومية في أوربا في القرن الخامس عشر وهو عصر النهضة، فإن ظروف الإنسانية على هذا الكوكب كانت أشبه بحياة الغابة. أنها أسرٌ وقتل وكان بعض الناس يصطادون بعضهم كما يصطادون حيوان بري. ففريقا يقتلون ويسرقون فريقا.

وكان البعض الآخر يقتلون المسنين ويئدون الأطفال كأنهم حيوانات صغيرة. لتصبح أفضل الفئات في المجتمع هم الرعاع. وهي مجتمعات منحطة،مجتمعات تحكمها وتديرها الأقلية منهم ومنضوية تحت حكمها وكان يترأس أو يقوم بالأعمال نيابة عن الرعاع الخدم التابعون لهم.
تلك كانت طبيعة المجتمع السياسي بداية من الإمبراطورية الرومانية وقبلها بابل لحين نشوء الدولة القومية الحديثة. ومشكلة اليوم إن الشعوب تساقا بالعودة الى ظروف الرعاع. فما هو الطريق الذي أوصلهم؟.
عليك توضيح ذلك للناس.والبابا هو واحد من الأشخاص على هذا الكوكب الذي يمكن الاعتماد عليهم في ذلك. ينبغي علينا العودة الى المبدأ الأساسي الذي بنيت عليه الحضارة وهو مبدأ القانون الطبيعي الحديث. وهذا يعني لا توجد أي حكومة لديها سلطة أخلاقية للحكم كسلطة أخلاقية ما لم تلتزم التزاما كفوا لتحقيق الرفاهية والمصلحة العامة لكل الشعب والأجيال القادمة.
نشأت الدولة القومية بمرحلتها الأولى في عهد لويس السادس عشر في فرنسا وهنري السابع في إنكلترا من بعده. فنشأت على فكرة مفادها ( إن على الدولة أن تصون الرفاهية لجميع الشعب) ويجب أن يصمم القانون على أساس حماية الشعب وأجياله القادمة وازدهار بلادهم. وغير ذلك فليس للدولة أية سلطة شرعية عدا هذه. وهذه هي فكرة الدولة الحديثة.
فإذا تخليت عن مسار الدولة القومية فقد تخليت عن سند المجتمع وهي الدولة: أي الدولة ذات السيادة والقادرة على حماية الشعب والصالح العام وأجيال المستقبل بصورة فعالة. وبدون الدولة القومية تنعدم الأخلاقيات الأساسية ومن ثم يكون أي مقترح غايته إضعاف الدولة القومية عمل شيطاني.

لا توجد أي دواع لقيام حرب بين الدول ولا توجد أي مبررات لتلك الحرب، قد نرغم على القتال دفاعا عن أنفسنا. إلا أنه ليس هناك دولة واقعية التوجه على هذا الكوكب لديها مصلحة لدخول الحرب مع دولة أخرى. فما الغرض إذن؟.
إن هدفنا هو الدفاع عن مصالح شعبنا والدفاع عن مبدئنا في المجتمع وهو التعاون بين الدول.
ويمكننا القول إن للبيروفيين دور حقيقي كما هو أخلاقي. فقد مرت بيرو بوقت عصيب ومنطقة حرجة من العالم. فالإحساس بالكرامة والأعراف التي يمتلكها الشعب البيروفي هي المصدر الأساسي لجميع دول نصف الكرة الأرضية.
كما إن هذا الإحساس هو مصدر قوة الشعب في بيرو وبمصدر القوة هذه ستحصل بيرو على ما هو جيد. وكمصدر ستساعد بيرو الدول الأخرى لتعزيز إرادتها، والتي إذا ما أعجبت تكون دافعا للدول الأخرى لسلوك المنهج نفسه الذي سلكته بيرو في الحفاظ على تقاليدها العريقة وتعزيز إرادتهما.

إن وضع الدول الضعيفة الموجودة على هذا الكوكب- وتعد بيرو من الدول الضعيفة مقارنة بالدول القوية- يتوقف على ما اقترحه جون كوينسي آدمز (John Quincy Adams) في عشرينات القرن التاسع عشر.إن الأهداف من إقامة العلاقات بين الدول والمعني بها الأمريكيتين، حيث سياسة الولايات المتحدة التي تمضي عليها، إذ أخذت الولايات المتحدة زمام السلطة لفعل ما تشاء فينبغي الدفاع عن دولنا وحمايتها، والدفاع عن كل الجمهوريات المستقلة في الأمريكيتين من أجل بناء مجتمع مبني على أساس المبادئ. تلك المبادئ التي تقود الى الرفاهية والمصلحة العامة لنا جميعا. وهذه هي القوة الوحيدة الحقيقية التي تمتلكها بيرو، أي تمسك الشعب البيروفي بفكرة السيادة الوطنية حيث ترقبها جون كوينسي آدمز الذي كان يشغل منصب وزير الدولة وترقب الوقت الذي تنفذ فيه الولايات المتحدة هذه السياسة وهكذا تحصل دول الأمريكيتين على سيادتها وتتحد مع بعضها بمجتمع مبني على هذه المبادئ لخدمة المصلحة العامة وتحقيق رفاهية المجتمع.
---------------------------------------------------------------------------
[1] - المجالد هو عبد او اسير يقاتل حتى الموت لامتاع الناس وكان ذلك في روما القديمة.

ليست هناك تعليقات: