ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي
تفجرت ازمة الديون الروسية اثناء الحملة الانتخابية في اب 1998 وسببت صدمة خطرة في الاسواق في كل مكان بما فيها البرازيل وبفضل كاردوسو بقى المنتخبون الى جانبه بالرغم من تباطا نتائج الاقتصاد وارتفاع نسبة البطالة، ولان المعارضة لم تقدم اي بدائل مشجعة فان كاردوسو ربح الانتخابات بنسبة (54%) من الاصوات على الرغم من انه حذر من ان فترة تقشف ستلي الانتخابات لكن التزام كاردوسو بالنظام المالي سرعان ما تعرض الى تقويض. فلقد فشل الرئيس اولا في تقديمه اصلاحات على العجز الكبير في الميزانية واضافة الى هذه الخسارة الكبيرة رفض اتمار فرانكو ، الحاكم المنتخب الجديد لولاية ميناس جيراس (ثاني اكبر ولاية في البرازيل) الاعتراف ودفع الديون التي بذمة الحكومة الاتحادية المحاصرة واظهرت نتائج استطلاع الراي العام الى هبوط كبير في شعبية كاردوسو وبدت الحكومة ضعيفة وطالبت المعارضة باستقالة كاردوسو بل حتى محاكمة برلمانيا وانتشرت الاضطرابات بسرعة من احزاب المعارضة لتدب بين الدوائر المحيطة بالرئيس . وحاولت عصبة الرئيس بقيادة وزير المالية بيدرو مالان ونجحت هذه العصبة في خلع كوستافو فرانكو رئيس البنك المركزي واستخدم بديل فرانكو والذي عمل بعد اسبوعين من استلامه السلطة على اسقاط الريال في كانون الثاني 1999، لقد تم اللجوء الى تخفيض قيمة العملة كطريق باقتصاد البرازيل قفزة كبيرة عن طريق توفير الائتمان الرخيص ولسوء الحظ اغرقت هذه الخطوة البرازيل في اسوء لحظات رئاسة كاردوسو.
واجه نموذج اقتصاد البرازيل فجاءة صدمة حقيقية فبرنامج الحكومة ضد التضخم حاد عن خط سيرة يقريبا بسبب سحب راس المال من البرازيل بعد تاهيل دفع الديون الروسية حيث فشل مجلس الشيوخ بتقليل العجز في الانفاق والتعامل الغير بارع الذي تعاملت به السلطات النقدية من خلال اسقاط الريال سلمت الفرصة للريال بان يطفو بحرية في الخامس عشر من كانون الثاني مع سحب راس المال الذي اخذ ياكل مدخرات البرازيل وادت هذه النتيجة غير المقصودة الى انخفاض القوة الشرائية لقيمة صرف الريال بشكل يثير الذعر بنسبة (60%) في غضون ايام قلائل وسرعان ما اثار المراقبون تحذيرهم بالارتداد للاسلوب الاسيوي والبطالة الخطرة. وعدم ايفاء الديون العامة والعودة بالتضخم وادخال فهارس الاسعار والاجور , لذا فان خطة الريال بدت وكانها ستنفجر داخليا.
البرازيل تعزل
في معظم الحقيقة لم يحدث شيئا من ان يتقلص اقتصاد البرازيل بنسبة(5%) عما توقع معظم خبراء الاقتصاد فانه انتهى عام 1999 بارتفاع الناتج الاجمالي المحلي ونسب العمل قليلا ، اما اسعار الفائدة فهبطت بانتظام خلال تلك السنة ، وارتفع سعر الريال في سوق الصيرفة الحرة، وارتفعت اسعار الاستهلاك بنسبة اقل من (10%) مع ان اسعار الجملة ارتفعت تقريبا بنسبة (20%) (وذلك يعكس تكاليف اعلى لواردات البترول) ، الا ان اسعار المنتجين امتصوا هذه الزيادات من دون تمريرها في طور اسعار التجزئة ، ولقد قاوم المستهلكون وبسلسلة الاسواق المركزية بقوة اي زيادة في الاسعار وهذا تغير جوهري في ثقافة البرازيل المتعلقة بالتضخم ، لكن مجهزين الخدمات العامة مثل الكهرباء والهاتف والسكر المدعوم حكوميا وصناعات الكحول ، هم الوحيدين الذين رفعوا الاسعار بنسبة اكبر من نسبة التضخم.
لم تسبب ازمة الريال في كانون الثاني عام 1999 ابقاء التمزق حتى في المرحلة الحرجة لوصول البرازيل من راس المال الاجنبي ، حيث صب المستثمرون ما قيمته 29 بليون دولار امريكي على شكل اعتمادات اجنبية بعد انسحاب اولي لبعض هذه الاموال ذات الاجل القصير والذي يعتبر اعلى مجمل سنوي خلال عشر سنوات اخذت بعض هذه الاموال شكل الاستثمارات المباشرة في خصخصة مجالات الاتصالات الهاتفية وتوليد الطاقة الكهربائية وتوزيع الغاز ولكن هناك عدد كبير من المشترين واندماج الشركات وسندات الاستثمارات التجارية , تدفقت رؤوس الاموال بتمويل كامل لعجز ميزانية المدفوعات البرازيلية خلال سنة عندما انخفضت الصادرات كثيرا اقل من التوقعات. وكنتيجة لذاك سحبت البرازيل على الاقل نصف قيمة اتفاقية الدعم والبالغة 24 بليون دولار والتي تم الاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي في كانون الاول عام 1998 خطوة عن خطة الريال.
لماذا لم تنفجر خطة الريال ؟ وما الذي ضمن النجاح الحتمي لاسقاط الريال؟
يعود الفضل الى الاصلاحات المبكرة في ان يكون هناك ثوابت اساسية في المكان الصحيح من اجل الحفاظ على الاستقرار ، حيث ان النظام الصيرفي كان صلدا وعائدات القطاع العام كانت اخذة بالازدياد وخفضت الخصخصة الخسائر في مشاريع الدولة وساعد الانتاج الزراعي والحيواني على الحفاظ على اسعار المواد الغذائية مستقرة , فلم تكون هناك محاولات عندما انحلت خطط الاستقرار البرازيلية مؤخرا ، وعند مراجعة الاحداث الماضية وتاملها فان اسقاط العملة كان مثل هبة مقنعة قد اشرت نقطة تحول بخطة الريال.
فلقد بدا كاردوسو وهو اجتماعي وسياسي معروف بكونه دبلوماسي اكثر من كونه اداري اقتصادي حازم باظهار توجه سياسي جديد ونصيحة بتحرير الاعتمادات وتحفيز الاقتصاد مع ((تضخم قليل)) فلقد وضع الرئيس قرارات اساسية ليثابر في خطته ضد التضخم وسياسات السوق المفتوحة مع عدم العودة الى اوراق التطرف السياسي .
وسند الرئيس ومالان وزيرالمالية مع فريق اقتصادي بارع دعم اصلاحات الارثودوكس للمشاكل المالية فعندما انضم ارمانيو فراكو مدير البورصة المشهور الى المجموعة كرئيس جديد للبنك المركزي اطلق المجتمع الدولي المالي تلهف لاعانة البرازيل , فلقد التنميون بمقاومة مالان لمنهجهم وبتعين في البنك المركزي.
اشتري الان وادفع بعد حين
لقد خف تاثيراسقاط العملة على الاقتصاديات المحلية والعالمية لكن حكومة البرازيل ادركت من ان خطة الريال كانت هي المشكلة والسبب الذي ادى الى اسقاط العملة في عام 1999 حيث ان ديون البرازيل تضاعفت بشكل كبير فخلال الاربع سنوات الاولى من خطة الريال ارتفع مستوى الديون من (30%) من الناتج الاجمالي المحلي الى (50%) , وارتفعت مدفوعات الفائدة على هذه الديون الى 13% من الناتج المحلي الاجمالي اي ما يعادل (40%) من عائدات الضرائب لقد حصل ذلك بالرغم من الزيادات المظطردة في عائدات الضرائب الفيدرالية والتي ارتفعت بنسبة (30%) منذ عام 1994 الا ان الانفاق ازداد بشكل سريع محدثا فجوة مالية وعجزا في ميزان المدفوعات . ولذلك لم يكن بمقدور البرازيل ان تقترض لفترة اطول وكان لزاما عليها ان تسد عجز تجاري قيمته 7 مليار دولار امريكي تولد زيادة الواردات على الصادرات.
استفحلت مشكلة واحدة داخل نفسها وهي استنادا استقرار الريال على الاستراتيجية التي اعتمدت على زيادة قيمة سعر الصرف وقبول القروض الكبيرة مرتكزا للبرنامج المضاد للتضخم وبمعنى اخر كانت النظرية تتلخص بان النظام المالي – يمكن ان ينتظر وان الاقتراض سيشتري الوقت حتى يتمكن مجلس الشيوخ من خفض الميزانية ان استراتيجية الاقتراض هذه خفضت في البداية نسبة التضخم انخفاضا هائلا عن طريق صيرفة الواردات الرخيصة الثمن من اجل الحفاظ على الاسعار المحلية والقروض الاجنبية والمحلية لدفع فواتير الحكومة , ولكنها عجزت عن الحد من اتساع الديون الذي اعقب تباطؤ التضخم وتعميق الفجوة المالية وبذلك اصبحت الديون مكلفة اكثر.
وعلاوة على ذلك , فان خطة الريال فاقمت الديون العامة, عندما عالجت مشكلة مالية مضى على حدوثها وقت طويل, وتسعى الحكومة البرازيلية لزيادة ايراداتها عن طريق فرض (ضريبة التضخم التي رفعت من عوائد الضريبة من خلال اعداد جداول خاصة بها ومقارنتها بالتضخم , بيد ان ابفاق الحكومة على الرواتب العامة وعمليات تسديد نفقات المجهزين تاخرت, وفق شروط حقيقية , ذلك ان هذه البنود لم يتم جدولتها , لذلك فان الموظفين والمجهزين انتهوا الى حال اسواء , اخفى هذا الامر عملية سحب الاموال من جانب الحكومة من الاجراء والمؤتمنين بنسبة اكثر من (10%) من اجمالي الناتج المحلي – وهي ضريبة لم يصادق عليها الكونغرس فهي تثقل كاهل الفقراء اكثر مما هي عليه بالنسبة للاغنياء, ولمجابهة ضريبة التضخم فان كاردوسو اختار ولمرة اخرى الاستراتيجية الخطيرة استراتيجية الاقتراض وتقليص الانفاق , وفي دراسة لخطة الريال اجرتها اللجنة الاقتصادية التابعة للامم المتحدة لشؤون امريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي, اوجز روبير بينا سيرة المشكلة ايجازا جيدا عندما كتب قائلا بانه من الواجب على الحكومة خفض الاتفاق لا زيادة الديون.
على الرغم من ذلك يجب الا نلقي اللوم على كاردوسو ، اذ ان العديد من الديون التي قد ظهرت خلال تنفيذ خطة الريال هي من بقايا ايام التضخم حين اهمال مشاكل الموارد المالية العامة.على سبيل المثال ، الامتيازات الممنوحة غير الممولة – الفوائد التي صوت السياسون بالابقاء عليها، الذين لم يوفروا سبل تسديدها قد اربكت بمجملها ثروة البرازيل , اضف الى ذلك ان وزارة المالية وجدت نفسها ملزمة بعد عام 1994 بتغطية حالات عجز كبيرة ومتصاعدة في منظومة الامن الاجنماعي – حالات عجز تساوي الان (10%) من اجمالي الناتج المحلي لكل سنة , واستثمر المصرف المركزي اكثر من (21) مليون دولار لتنظيف المنظومة المصرفية العائدة للقطاع الخاص ، و(30) مليون دولار اخرى لغلق وخصصة مصارف حكومية مفلسة ، ونظرا لان اغلبية مالكي الاسهم هم في مصرف البرازيل فان الحكومة وضعت (8) مليار دولار لاعادة تنظيم هذه المؤسسة تنظيما راسماليا ، ذلك بسبب خسارات في القروض التي لم يعد تسديدها من جاتب فلاحين كبار وعملاء اخرون من ذوي الامتيازات ، وبالنتيجة ، انتهت وزارة المالية الى اعادة تمويل التزامات ترتبت عليها من الولايات المتحدة والبلدبات.
على الرغم منم ان الاتفاقيات الرسمية تطلبت من المقترضين ان يوظفوا مواردهم المالية وفقا لقواعد النظام. الا انه دائما ما كانت تشم منها رائحة السياسة , وفي الختام جاءت الارباح الكبيرة من جيوب دافعي الضرائب.
ان التاثير الخطير لهذه الديون المترتبة على الحالة الاقتصادية الحالية يمكن قياسه من الحقيقة التي مفادها ان وزارة المالية تنفق لسد التزامات غير ممولة (خارجة عن الميزانية) التي قد تجاوزت مسبقا ما نسبته (80) مليار من عوائد كونتها خصصة الشركات الحكومية والتنازلات التي قدمتها الحكومة خلال فترة رئاسة كادروسو . ونتيجة لذلك فقد ازداد الدين العام على الرغم من الجهود المنذولة لبيع ودائع حكومية وخفض كل من الدين وفوائد مدفوعاته المدمرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق