ترجمة الباحث:أمير جبار الساعدي
العواقب السكانية وتحدياتها
تواجه حكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بغض النظر عن مستوى النمو الاقتصادي أو الدخل الوطني، تحدياً متزايداً لتقديم الحاجات الأساسية لأعداد متزايدة من المواطنين.
وهذا يشمل السكن المناسب والصحة والدعاية الصحية والتعليم والوظائف ولمكافحة الفقر وتضيق الفارق بين الغني والفقير وتحسين المستوى المعيشي عموماً بالإضافة الى ذلك تحتاج الموارد المائية الشحيحة في المنطقة الى التنظيم لمواجهة الطلب المتزايد عليها.
ويعطي السكان الشباب دفعاً جديداً لزيادة السكان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. إن ثلثي سكان المنطقة هم دون سن الخامسة عشر وسيصلون الى سن القدرة على الإنجاب ودخول سوق العمل في غضون الخمسة عشر عاماً القادمة.
ويمكن القول سيتضاعف عدد النساء في سن الإنجاب(15-49) في معظم بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في السنوات الثلاثين القادمة.ويمثل تقديم خدمات الصحة الإنجابية المتميزة لعدد متزايد من النساء تحديا ومفتاحا في نفس الوقت لتخفيض النمو السكاني.
وكما ازداد العدد الكلي للسكان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فقد ازداد أيضا عدد السكان المسنين وازداد معه العبء الصحي ذو المضامين المهمة للكلفة وترتيب الأنظمة الصحية. ومثال ذلك فمن المتوقع أن يزداد عدد المسنين في مصر(60 سنة فما فوق) من 4,3 مليون نسمة في عام2000 الى32.7 مليون نسمة في عام2050.ومن المتوقع أيضا أن يزداد عدد المسنين في السعودية من مليون نسمة في عام 2000الى7.7 مليون نسمة في عام2050.ويزداد عدد السكان القادرين على العمل ازديادا سريعا جداً في حين تصل مجاميع كبيرة من الأطفال الى سن المراهقة فعلى سبيل المثال في عام1996 كان هناك 5اشخاص أردنيا تحت سن15 سنة مؤهلين لدخول مجال العمل لكل أردني يبلغ من العمر45الى60 يقترب من سن التقاعد، أما في السعودية فكانت هذه النسبة8الى1في عام1996.(انظر الشكل-5 صفحة9).
ويمثل الاتكال الاقتصادي في المنطقة- أي نسبة السكان غير النشيطين اقتصاديا الى السكان النشيطين اقتصاديا- النسبة الأعلى في العالم.إذ أن البنية الشابة للسكان والمستوى الضئيل لمشاركة المرأة كيد عاملة، جعل نسبة السكان النشيطين اقتصاديا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اقل من كافة المناطق الأخرى.
وطبقا لمنظمة العمل الدولية فان الدول الوحيدة ذات نسبة اتكال(2 أو أكثر)(معدل شخصين أو أكثر غير نشيطين اقتصاديا لكل شخص نشيط اقتصاديا) توجد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد يؤدي الالتزام بالاستقرار السياسي والاستثمار في مجال الصحة والموارد البشرية والسياسات الاقتصادية السليمة الى تحويل التحديات السكانية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الى"مكاسب اقتصادية".
إذ يحصل المكسب في حالة وجوده عدد كبير من السكان الشباب مثلا الأقوياء والمتعلمين والمدربين والمستعدين للاندماج في اقتصاد السوق والمساهمة في الاقتصاد الوطني.وللأسف فمن المحتمل أن تتعرض بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الوقت الراهن لـ"نزف دماغي" إذ يهاجر المزيد من الأشخاص المتعلمين الى أوربا وأمريكا الشمالية وأجزاء أخرى من العالم.
وتكافح العديد من الحكومات لتقديم الحاجات الأساسية لعدد سكانها المتزايد وتعد نسبة البطالة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي الأعلى في العالم اجمع.وطبقا لأحد التحاليل فسوف تحتاج اقتصاديات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الى إيجاد فرص عمل إضافية مرة أخرى بين عامي1996و2010 تبلغ نصف الوظائف الموجودة في عام1996 وذلك لكبح معدل البطالة من الصعود الى أعلى من معدله في منتصف التسعينات والذي بلغ حوالي14%، هذا إذا اقترضنا أن نسبة السكان القادرين على العمل والذين يدخلون سوق العمل فعلا بقيت على حالها.
فالاقتصاد المصري على سبيل المثال يحتاج الى إيجاد(500الف) فرصة عمل إضافية سنويا لاستيعاب الداخلين الجدد في سوق العمل. إن مشكلة بطالة الشباب قد تلقي بظلالها حتى على بعض الدول النفطية الغنية في منطقة الخليج مثل السعودية والتي لا تعاني عادة من البطالة.
وتنتشر البطالة في أعلى معدلاتها بين الشباب والنساء، ففي الأردن كانت ثلاثة أرباع البطالة عام1997 تنحصر في الشباب من عمر15الى29سنة. أما البطالة في صفوف النساء فبلغت ضعف ما هي عليه في الرجال وتواجه النساء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نسبة البطالة الأعلى في العالم.وطبقا لمنظمة العمل الدولية فان اكبر الفوارق بين الجنسين في البطالة موجودة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.وتشير التقارير الى أن نسبة البطالة في مصر قد بلغت24%بين النساء عام1995مقارنة بمعدل7% بين الرجال.
وتحتاج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الى استثمار واسع جدا للموارد البشرية، من اجل تحضير عدد السكان المتزايد والقادر على العمل لعصر العولمة الاقتصادية.ورغم جهود حكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجال التعليم، إلا أن عدد ألاميين من البالغين مستمر في الزيادة في عدد من الدول.فقد ازدادت نسبة الذين يعرفون القراءة والكتابة بين السكان من عمر15عاما فأكثر في مصر من40%الى 50% بين عامي1980و1995.غير أن العدد الكلي للاميين في مصر قد ازداد أيضا من16مليون الى19مليون شخص.كما ازداد عدد ألاميين في المغرب من8ملايين عام1980 الى9.5مليون في عام1995، ورغم الزيادة التي حدثت في نسبة الذين يعرفون القراءة والكتابة من29% الى44% وجدير بالذكر أن ثلثي عدد ألاميين من البالغين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هم من النساء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق