جون بيلجر
ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي
وعبر الأبواب الزجاجية لمكتب صندوق إغاثة الأطفال الدولي في الأمم المتحدة ( اليونيسف) في بغداد، يمكنك قراءة العبارة التالية للمفوضية: "فوق كل شيء البقاء والأمل، والتنمية، والإحترام، والكرامة، والمساواة، والعدالة للنساء والأطفال". ومن حسن الحظ ـن الأطفال في الخارج بأطرافهم الهزيلة ووجوههم الطويلة النحيفة لا يعرفون الإنكليزية وربما لا يعرفون ماهي، وربما لا يعرفون القراءة أساسا. وفي ضوء خبرتي"فإن التغيير في مثل هذا الوقت القصير شيء فريد من نوعه وأخبرتني الدكتورة (انوبا ماراسنغ) كبيرة ممثلي اليونيسيف في العراق. انه في عام 1989 كانت نسبة من يعرفون القراءة والكتابة أكثر من 90%، إذ كانت تفرض غرامة على الوالدين الذين لا يرسلون أطفالهم إلى المدرسة. ولم نسمع عن ظاهرة أطفال الشوارع وكان العراق قد وصل إلى مرحلة كانت فيها المؤشرات الأساسية التي نستخدمها لقياس الرفاهية الكلية للإنسان وبضمنهم الأطفال من أفضل ما يكون في العالم. أما الآن فإنها من بين 20% الأوطئ " أما الدكتورة سنغ بشكلها القصير وشعرها الرمادي، والتي تبدو بدقتها كأنها المدرسة التي جسدتها ذات مرة في الهند، فقد قضت معظم حياتها العملية مع اليونسيف. وتقول"أنا حزينة" ذلك ان عملها هو مساعدة الأطفال، أما الآن فهي مسؤولة عن برنامج إنساني لا يمكن ان ينجح. وأخذتني إلى مدرسة ابتدائية نموذجية في مدينة الثورة حيث يقطن أغلب وأفقر السكان في بغداد. واقتربنا من شارع طويل فائض، فقد انهارت منظومة تصريف المجاري والمياه في المدينة منذ قصف حرب الخليج، وقادنا مدير المدرسة (علي حسون) حول برك المياه الآسنة في ساحة المدرسة وأشار إلى نقطة وصول الماء المرتفع على الحائط. وقال "يصل الماء إلى هذا المستوى في فصل الشتاء. حينها نبدأ بالإخلاء. ونبقى أطول وقت ممكن، ولكن بدون الرحلات، يضطر الأطفال إلى الجلوس على قطع الطابوق. وأخشى من سقوط الأبنية". وأثناء حديثنا إنطلقت صافرة الإنذار على مسافة تنذر بغارة جوية. وتقع المدرسة على أطراف مقبرة صناعية شاسعة. ويطبق الصمت على المضخات في مجمعات معالجة مياه الصرف وخزانات المياه الصالحة للشرب، عدا البعض ممن تصدر أزيزاً في جزء من طاقتها. والمضخات التي لم يطالها القصف، فهي مفككة منذ ذلك الحين: وقطع الغيار من مصنعيها في فرنسا وبريطانيا وألمانيا دائما في قائمة "الإنتظار". وقبل عام 1991 كان الماء في بغداد صحيا حاله حال أي ماء في العالم المتقدم. أما اليوم، فهو يسحب وبدون معالجة من نهر دجلة، إنه قاتل. وقال مدير المدرسة وهو يمسك بأخوين قد شفي هذان الطفلان من الزحار، لكن سيعاودهم مرة بعد أخرى حتى يضعفا جدا". وأخبرتني الدكتورة سنغ أنه في عام 1990 كان الطفل العراقي المصاب بالزحار أو مرض آخر ينقله الماء يواجه إحتمالا واحدا من بين 600 إحتمال بالموت، أما اليوم فقد وصل إلى واحد من خمسين إحتمالا. وكان قسم التجارة والصناعة قبل أعياد الميلاد من عام 1999 بالتحديد يحدد صادرات اللقاحات الهادفة إلى حماية الأطفال العراقيين من الخناق والحمى الصفراء. والسبب جاء على لسان دكتور كم هاولس إلى البرلمان. فقد تناسب منصبه كوزير برلماني للدولة لشؤون التنافس والمستهلك مع جوابه بأسلوب الهجاء السياسي( الأورياليني) إذ قال أن لقاحات الأطفال "كان يمكن إستخدامها في أسلحة الدمار الشامل". قالت الدكتورة سنغ" أن معظم المعاناة غير منظورة. فقدت 125% من عدد الاطفال المحتاجين لمساعدة في مشاكل الصحة العقلية. وقد تجردت معظم البيوت من أبرز مواد التحفيز والكتب والدمى في مجتمع يأخذ مسألة التعليم بجدية كبيرة، وذلك لان معظم العوائل ومن أجل مواكبة الحياة،قد باعت كل ما لديها ما عدا الاساسيات المجردة. نرى هنا جيلاً بأسره نشأ تحت احساس العزلة الكاملة وشعور بالأعتمادية وفقدان الأمل. وغالباً ما أفكر بأبناء أخي وأختي وأسال نفسي قائلاً "هل كنت سأقبل بهذا الوضع لعائلتي؟ وأن لم أقبل، فهوغير مقبول كذلك لاطفال العراق. ليست هذه بالعاطفة الفارغة. أنها مبدأ اساسي في أتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل:الفقرة الثانية، مبدأ عدم التمييز. إنه ببساطة حقهم بعدم الضياع في سنين حياتهم". وتشاهد في شارع مزدان بصف (أدواردي) من الأعمدة مبنية على الطراز المعماري الإغريقي تعلوها تيجان مزخرفة، يكثر فيه أطفال مدارس وطلبة كليات جاءوا ليبيعوا كتبهم* ليس كما هو الحال في سوق السلع الرخيصة، ولكن تدفعهم الحاجة الماسة. فترى مدرسين ومثقفين يتخلون عن مجلدات تاريخية، وكتب أدبية مجلدة بالجلد في بغداد في فترة الثلاثينات، ونصوص في علم الولادة وعلم الإشعاع ونسخ من مجلة الطب البريطانية( برتش ميديكال جورنال) والطبعة الأولى والثانية من رواية (إنتظار غودوت) و(الشمس تشرق من جديد) وليس أقل أهمية "سياسة الإسكان البريطانية لعام 1958". وخاطبني رجل بشارب رمادي مشذب أشبه بشخصية بيرين ووستر"علي الذهاب لرؤية أختي في الجنوب، فهي مريضة. أرجوعطفك بإعطائي خمسة وعشرون ديناراً (حوالي بنسا)". أخذها وأومئ برأسه ومضى سريعا. وقال لي مدرس "أتعرفانني بعت كل ما أملكه من كتب وبضمنها قرآني وقاموسي". وقال لي طالب هندسة في التاسعة عشر من عمره "لقد بعت تواً أقلامي وأبقيت على قلم واحد فقط". ووقع بصرنا أنا وفيلستي أربوثنوت على كتاب اسمه "السلام ينبع من السماء".
وقد بدأنا بهذه الكلمات الساخرة وسخرية كئيبة، واشترينا الكتاب. هذه هي الخطبة الرهيبة لمجتمع تثيره حتى مجموعة القصائد الصبيانية العاطفية:
السلام ينبع من السماء
عبر الهواء نحوي..
وتغريد الطيور يخرجني
من نشوتي ليذكرني بالحياة..
وقد قضت فيلستي العقد الماضي بتحذير العالم من معاناة الشعب العراقي، كما سلكت مرات عدة الطريق المرعبة من عمان، ولم تشتكي أبدا من تحمل شخصها المشقة، وكانت تستلهم شجاعتها دوما من شجاعة العراقيين الذين صادقتهم خاصة الأطفال. (راجع ثناءها ونعيها لجاسم في مقالتها "الشاعر الصغير" الصادرة في صحيفة "نيوناشنلست " NeW Nationalist " في تشرين الثاني/نوفمبر عام 1998. وعندما جئت من الأردن برفقة ( فيلستي) و( دينيس هاليداي) ( كلاهما إيرلنديان)، كانت تعاني من كسر معصمها المعلق بعصابة الى عنقها. وكان كل أخدود في الطريق يأتي بكرب تداريه بالإبتهاج وتذكرني (فليستي) بصحفية ومعمرة إنسانية تدعى( مارثا غيلهورن) فهي تشرب وتضحك وتشعر بالسخط الشديد تجاه الظلم والنفاق. وترعى الضعفاء وتكتب بمهارة: وكانت ذات مرة تقود سيارتها الفاروميو الحمراء( بلوحة مصنوعة من خشب الجوز) من ميامي الى مكسيكوسيتي.
وطلبت من فليستي كتابة بحث عن تصوير فلمي الوثائقي "حصار العراق من دفع الثمن". وتوجهنا الى مدينة الموصل في الشمال،عبر طريق أشبه بسطح القمر ويذكرني بـ" مونوفيت فالي" في كاليفورنيا. ووصلنا لما كان مشهد لكارثة قبل ستة أشهر، عندما كانت فليستي هنا. ففي الأرض المتربة المفتوحة كانت ما تزال قطع لخزان ماء وشظية من صاروخ وحذاء وصوف وبقايا خراف. وقالت "لقد وجدت هذه المنطقة بأكملها مغطاة بالخراف الميتة المتناثرة. إضافة الى جثتي كلبي حراسة والممتلكات الشخصية. من الواضح أنه كان ضررا مدمرا. وكان خزان الماء أشبه بغربال من أثر ثقوب الشظايا. وأخبرني السكان المحليون ان ذلك حدث في يوم جمعة حين يزور القرويون بعضهم بعضا، وكان قرابة الأربعين أو الخمسين يتشاطرون وجبة الصباح الباكر. وعندما رجعوا، خلفوا وراءهم العائلة المؤلفة من ستة أفراد: الجد والأب وأربعة أطفال لرعاية الخراف. وحال سماعهم لصوت الطائرة وسقوط القنابل رجعوا راكضين. وقال السكان انهم بحثوا عنهم من الصباح الباكر حتى المساء في محاولة للعثور على الجثث ودفنها في غضون إثنتا عشر ساعة طبقا لتعاليم الدين الإسلامي" وإلتقينا بأخ الراعي ويدعى حسين جرجيس. ووافق على لقائنا في المقبرة حيث يرقد أبوه وأخوه وأربعة أطفال. ووصل بسيارته القديمة نوع تويوتا وبرفقته أرملة الراعي وإسمها أكداي ذنون. كان يشوبها الحزن وكانت تغطي وجهها وأمسكت بيد طفلها المتبقي وجلست بجنب أكوام التراب على قبور أطفالها وأخذت تنتحب وعندما تقدمت فيلستي لتقديم تعازيها لهول الفاجعة، وقفت المرأة المتشحة بالسواد وأصبحت وجها لوجه معها، فقالت "أريد التكلم مع الطيار الذي قتل أطفالي الأربعة". وأخو زوجها راعي أيضا. وقال بعد أن أنهى صلاته عند القبور "عندما وصلت للبحث عن أخي وعائلته كانت الطائرات تحوم فوق رؤسنا. ولم أبلغ الطريق المعبدة عندما حدث القصف الرابع وطالهم آخر صاروخين، وفي ذلك الوقت لم أعي ما يحدث. فالشاحنة كانت تحترق. لقد كانت الشاحنة كبيرة لكنها تحولت الى قطع صغيرة. ولم يبقى منها شيء سوى لوحة الأرقام والإطارات. لقد شاهدنا ثلاث جثث، أما البقية فكانت عبارة عن أشلاء وأوصال. أما الخراف التي أصابها الصاروخ الأخير فرأيتها تتناثر في الهواء. لقد حرق الصاروخ مساحة مائة متر مربع حولها الى رماد بالكامل. لقد حلقت الطائرات في عملية القصف الأخير بمستوى منخفض للغاية. وأطلقت الصاروخين في وقت واحد. والنتيجة ستة قتلى: أبي البالغ من العمر سبعين سنة، وأخي في الخامسة والثلاثين مع أطفاله الأربعة. كان الطفل الأصغر وهو في الخامسة من عمره.ولم يلتحق بعد بالمدرسة. وأخبرني ذات مرة عمي"سألتحق بالمدرسة السنة القادمة".لكن إرادة الله سبحانه وتعالى لم تسمح له بذلك، إنا لله وإنا إليه راجعون. بدون الماشية فالعائلة مفلسة. لذلك عرضت عليه بعض المال فرفض وعرض على الذهاب إلى بيته لتناول شيء.
وجاء الهجوم مدويا ومرعبا على لسان هانزفون سبوينك، مسؤول الأمم المتحدة البارز في العراق الذي جاء هنا خصيصا من بغداد. وليس في الجوار ما يشبه منشأة عسكرية. والوادي خال من الأشجار مفتوح ومقفر، وسجل(فون سبوينك) مشاهدته في وثيقة داخلية سرية بعنوان الضربات الجوية على العراق: من 28كانون/ ديسمبر1998وحتى 31 أيار/مايس 1999بتحضير من شعبة الأمم المتحدة للأمن (UNOHCI). وذكرت فيه عشرات الهجمات المماثلة:على القرى وعلى رصيف الصيادين بالقرب من مستودع لبرنامج الغذاء العالمي. وأمر(فون سبوينك) بعثات الأمم المتحدة للإغاثة بتعليق عملها لساعات عدة وقت الظهيرة حين تكثر الهجمات الجوية. عندما عادت فليستي إلى لندن بعد رؤيتها دليل الفاجعة، إتصلت بوزارة الدفاع وقالت "لقد عدت توا من الموصل،وقد قصفتم الخراف، فهل لديكم تعليق حول ذلك؟". وأجاب المسؤول "نحن نحتفظ بحق الرد إذا تعرضنا لأي تهديد". وتوجهنا بعد ذلك إلى التلال الخضراء بعد مدينة الموصل، على طريق محفوفة بالمخاطر يقودنا إلى دير من القرن الرابع يطل على الأودية. ويرقد هنا القديس(متي) ويأتي المسيحيون العراقيون بالمئات للصلاة في ضريحه. والدير مكان عام للتنزه في عطل نهاية الأسبوع: وإلتقيت هناك بعائلة من عشرين فرداً، يبلغ أصغرهم سنتين وأكبرهم السادسة والثمانين من العمر. ولديهم أقارب في استراليا، وأخذت صورهم، وأرسلت فيما بعد نسخا لهم في الموصل والفرع الأسترالي في ضواحي سدني. وتحدثوا عن القصف وهم يهزون رؤوسهم وممسكين أطفالهم الصغار بالقرب منهم. وتسألوا "لماذا؟". وقال لي أحد القساوسة "لقد ضاع الشعور بالأمان والسلام، ففي السنة الماضية تسلق عشرات الناس المنحدرات لمشاهدة كسوف الشمس. وكان أحد أوضح المشاهد في العالم. وجاءت الطائرات وقصفتنا: لا أعرف البريطانية كانت أم الأمريكية. وأخبرونا أن خمسة أشخاص قد قتلوا. ونسمع يوميا دوي الضربات. مالذي يهاجمونه؟. يطير الأمريكان والبريطانيون فوق العراق فيما أعلنته حكوماتهم من جانب واحد على أنها "مناطق حظر طيران". هذا يعني أنه لا يسمح سوى لهم وحلفاءهم بالطيران هناك. وهذه المناطق في الشمال تمتد من أطراف الموصل وحتى الحدود مع تركيا ومن جنوب بغداد حتى الحدود مع الكويت. وتصر الحكومتان الأمريكية والبريطانية على "شرعية" مناطق حظر الطيران، إذ تدعي أنها جزء من قرار مجلس الأمن 688 أو أنها حاصلة على تأييد بموجبه. هناك المزيد من الغموض يكتنف هذه المسألة التي إبتدعتها وزارة الخارجية عندما تعرضت تصريحاتها للإنتقاد. ليست هناك إشارة إلى مناطق حظر طيران في قرارات مجلس الأمن التي تكشف أنه لا أساس لها في القانون الدولي. وللتأكد فقد ذهبت إلى باريس وسألت الدكتور بطرس غالي، الأمين العام للأمم المتحدة في عام 1992، وقت صدور القرار. وقال لي "لم يتم طرح مسألة مناطق حظر الطيران ولذلك لم تتم مناقشتها: ولا كلمة، وهي بذلك لا تعطي أي شرعية للبلدان التي ترسل طائراتها لضرب العراق". وسألته قائلا هل هذا يعني أنها غير قانونية؟
فأجاب "إنها غير قانونية" ؟
أما مستوى القصف في مناطق حظر الطيران فيثير الذهول، فخلال مدة ثمانية عشر شهرا حتى 14 كانون الثاني/ يناير1999، قامت طائرات القوة الجوية والبحرية الأمريكية بـ 36000 طلعة جوية فوق العراق بضمنها 24000مهمة قتالية. وفي عام 1999، أسقطت الطائرات الأمريكية والبريطانية أكثر من 1.800 مليون قنبلة وضربت 450 هدفا. ووصلت كلفة دافعي الضرائب البريطانيين إلى ما يزيد عن 800 مليون جنيه إسترليني. فهناك قصف شبه يومي: إنها أطول حملة جوية بريطانية - أمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، ومع ذلك تتجاهلها وسائل الإعلام البريطانية والأمريكية. فقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز في عرفان نادر من نوعه ما نصه "تقوم الطائرات الأمريكية بهجوم منهجي على العراق دون نقاش فعلي علني...وبلغت طلعات الطيارين ثلثي عدد الطلعات التي قام بها طياروا الناتو فوق يوغسلافيا في ثمان وسبعين يوما في حرب على مدار الساعة هناك". وتقول الحكومتان الأمريكية والبريطانية ان الغرض من مناطق حظر الطيران هو حماية الأكراد في الشمال والشيعة في الجنوب من قوات ( صدام حسين). ويقول توني بلير ان الطائرات تقوم بمهمة إنسانية أساسية" سوف تعطي للأقلية الأمل والحرية والحق بتقرير مصيرها الخاص" ثمة تاريخ سري أعطى الكذبة لكلام بلير الخادعة فعندما خرج(صدام حسين) من الكويت عام 1991 اندهش قادته بقول المنتصرين انه يمكنهم الإحتفال بمروحياتهم المسلحة. ودافع القائد البريطاني الجنرال السيد ( بيتر دي لا بيلير) عن هذا القرار بالمنطق العجيب التالي: "العراقيون مسؤولون عن حفظ القانون والنظام. ولا يمكنك إدارة البلد دون استخدام مروحيات" القانون والنظام؟ أهو نفس القانون والنظام الذي صادق على تسميم 5000 كردي في حلبجة؟ وجاء الدليل من تعليق مفاجئ لرئيس الوزراء السابق جون ميجر "لا أستذكر سؤال الأكراد لتصعيد هذا العصيان المسلح بالذات.."
ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي
وعبر الأبواب الزجاجية لمكتب صندوق إغاثة الأطفال الدولي في الأمم المتحدة ( اليونيسف) في بغداد، يمكنك قراءة العبارة التالية للمفوضية: "فوق كل شيء البقاء والأمل، والتنمية، والإحترام، والكرامة، والمساواة، والعدالة للنساء والأطفال". ومن حسن الحظ ـن الأطفال في الخارج بأطرافهم الهزيلة ووجوههم الطويلة النحيفة لا يعرفون الإنكليزية وربما لا يعرفون ماهي، وربما لا يعرفون القراءة أساسا. وفي ضوء خبرتي"فإن التغيير في مثل هذا الوقت القصير شيء فريد من نوعه وأخبرتني الدكتورة (انوبا ماراسنغ) كبيرة ممثلي اليونيسيف في العراق. انه في عام 1989 كانت نسبة من يعرفون القراءة والكتابة أكثر من 90%، إذ كانت تفرض غرامة على الوالدين الذين لا يرسلون أطفالهم إلى المدرسة. ولم نسمع عن ظاهرة أطفال الشوارع وكان العراق قد وصل إلى مرحلة كانت فيها المؤشرات الأساسية التي نستخدمها لقياس الرفاهية الكلية للإنسان وبضمنهم الأطفال من أفضل ما يكون في العالم. أما الآن فإنها من بين 20% الأوطئ " أما الدكتورة سنغ بشكلها القصير وشعرها الرمادي، والتي تبدو بدقتها كأنها المدرسة التي جسدتها ذات مرة في الهند، فقد قضت معظم حياتها العملية مع اليونسيف. وتقول"أنا حزينة" ذلك ان عملها هو مساعدة الأطفال، أما الآن فهي مسؤولة عن برنامج إنساني لا يمكن ان ينجح. وأخذتني إلى مدرسة ابتدائية نموذجية في مدينة الثورة حيث يقطن أغلب وأفقر السكان في بغداد. واقتربنا من شارع طويل فائض، فقد انهارت منظومة تصريف المجاري والمياه في المدينة منذ قصف حرب الخليج، وقادنا مدير المدرسة (علي حسون) حول برك المياه الآسنة في ساحة المدرسة وأشار إلى نقطة وصول الماء المرتفع على الحائط. وقال "يصل الماء إلى هذا المستوى في فصل الشتاء. حينها نبدأ بالإخلاء. ونبقى أطول وقت ممكن، ولكن بدون الرحلات، يضطر الأطفال إلى الجلوس على قطع الطابوق. وأخشى من سقوط الأبنية". وأثناء حديثنا إنطلقت صافرة الإنذار على مسافة تنذر بغارة جوية. وتقع المدرسة على أطراف مقبرة صناعية شاسعة. ويطبق الصمت على المضخات في مجمعات معالجة مياه الصرف وخزانات المياه الصالحة للشرب، عدا البعض ممن تصدر أزيزاً في جزء من طاقتها. والمضخات التي لم يطالها القصف، فهي مفككة منذ ذلك الحين: وقطع الغيار من مصنعيها في فرنسا وبريطانيا وألمانيا دائما في قائمة "الإنتظار". وقبل عام 1991 كان الماء في بغداد صحيا حاله حال أي ماء في العالم المتقدم. أما اليوم، فهو يسحب وبدون معالجة من نهر دجلة، إنه قاتل. وقال مدير المدرسة وهو يمسك بأخوين قد شفي هذان الطفلان من الزحار، لكن سيعاودهم مرة بعد أخرى حتى يضعفا جدا". وأخبرتني الدكتورة سنغ أنه في عام 1990 كان الطفل العراقي المصاب بالزحار أو مرض آخر ينقله الماء يواجه إحتمالا واحدا من بين 600 إحتمال بالموت، أما اليوم فقد وصل إلى واحد من خمسين إحتمالا. وكان قسم التجارة والصناعة قبل أعياد الميلاد من عام 1999 بالتحديد يحدد صادرات اللقاحات الهادفة إلى حماية الأطفال العراقيين من الخناق والحمى الصفراء. والسبب جاء على لسان دكتور كم هاولس إلى البرلمان. فقد تناسب منصبه كوزير برلماني للدولة لشؤون التنافس والمستهلك مع جوابه بأسلوب الهجاء السياسي( الأورياليني) إذ قال أن لقاحات الأطفال "كان يمكن إستخدامها في أسلحة الدمار الشامل". قالت الدكتورة سنغ" أن معظم المعاناة غير منظورة. فقدت 125% من عدد الاطفال المحتاجين لمساعدة في مشاكل الصحة العقلية. وقد تجردت معظم البيوت من أبرز مواد التحفيز والكتب والدمى في مجتمع يأخذ مسألة التعليم بجدية كبيرة، وذلك لان معظم العوائل ومن أجل مواكبة الحياة،قد باعت كل ما لديها ما عدا الاساسيات المجردة. نرى هنا جيلاً بأسره نشأ تحت احساس العزلة الكاملة وشعور بالأعتمادية وفقدان الأمل. وغالباً ما أفكر بأبناء أخي وأختي وأسال نفسي قائلاً "هل كنت سأقبل بهذا الوضع لعائلتي؟ وأن لم أقبل، فهوغير مقبول كذلك لاطفال العراق. ليست هذه بالعاطفة الفارغة. أنها مبدأ اساسي في أتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل:الفقرة الثانية، مبدأ عدم التمييز. إنه ببساطة حقهم بعدم الضياع في سنين حياتهم". وتشاهد في شارع مزدان بصف (أدواردي) من الأعمدة مبنية على الطراز المعماري الإغريقي تعلوها تيجان مزخرفة، يكثر فيه أطفال مدارس وطلبة كليات جاءوا ليبيعوا كتبهم* ليس كما هو الحال في سوق السلع الرخيصة، ولكن تدفعهم الحاجة الماسة. فترى مدرسين ومثقفين يتخلون عن مجلدات تاريخية، وكتب أدبية مجلدة بالجلد في بغداد في فترة الثلاثينات، ونصوص في علم الولادة وعلم الإشعاع ونسخ من مجلة الطب البريطانية( برتش ميديكال جورنال) والطبعة الأولى والثانية من رواية (إنتظار غودوت) و(الشمس تشرق من جديد) وليس أقل أهمية "سياسة الإسكان البريطانية لعام 1958". وخاطبني رجل بشارب رمادي مشذب أشبه بشخصية بيرين ووستر"علي الذهاب لرؤية أختي في الجنوب، فهي مريضة. أرجوعطفك بإعطائي خمسة وعشرون ديناراً (حوالي بنسا)". أخذها وأومئ برأسه ومضى سريعا. وقال لي مدرس "أتعرفانني بعت كل ما أملكه من كتب وبضمنها قرآني وقاموسي". وقال لي طالب هندسة في التاسعة عشر من عمره "لقد بعت تواً أقلامي وأبقيت على قلم واحد فقط". ووقع بصرنا أنا وفيلستي أربوثنوت على كتاب اسمه "السلام ينبع من السماء".
وقد بدأنا بهذه الكلمات الساخرة وسخرية كئيبة، واشترينا الكتاب. هذه هي الخطبة الرهيبة لمجتمع تثيره حتى مجموعة القصائد الصبيانية العاطفية:
السلام ينبع من السماء
عبر الهواء نحوي..
وتغريد الطيور يخرجني
من نشوتي ليذكرني بالحياة..
وقد قضت فيلستي العقد الماضي بتحذير العالم من معاناة الشعب العراقي، كما سلكت مرات عدة الطريق المرعبة من عمان، ولم تشتكي أبدا من تحمل شخصها المشقة، وكانت تستلهم شجاعتها دوما من شجاعة العراقيين الذين صادقتهم خاصة الأطفال. (راجع ثناءها ونعيها لجاسم في مقالتها "الشاعر الصغير" الصادرة في صحيفة "نيوناشنلست " NeW Nationalist " في تشرين الثاني/نوفمبر عام 1998. وعندما جئت من الأردن برفقة ( فيلستي) و( دينيس هاليداي) ( كلاهما إيرلنديان)، كانت تعاني من كسر معصمها المعلق بعصابة الى عنقها. وكان كل أخدود في الطريق يأتي بكرب تداريه بالإبتهاج وتذكرني (فليستي) بصحفية ومعمرة إنسانية تدعى( مارثا غيلهورن) فهي تشرب وتضحك وتشعر بالسخط الشديد تجاه الظلم والنفاق. وترعى الضعفاء وتكتب بمهارة: وكانت ذات مرة تقود سيارتها الفاروميو الحمراء( بلوحة مصنوعة من خشب الجوز) من ميامي الى مكسيكوسيتي.
وطلبت من فليستي كتابة بحث عن تصوير فلمي الوثائقي "حصار العراق من دفع الثمن". وتوجهنا الى مدينة الموصل في الشمال،عبر طريق أشبه بسطح القمر ويذكرني بـ" مونوفيت فالي" في كاليفورنيا. ووصلنا لما كان مشهد لكارثة قبل ستة أشهر، عندما كانت فليستي هنا. ففي الأرض المتربة المفتوحة كانت ما تزال قطع لخزان ماء وشظية من صاروخ وحذاء وصوف وبقايا خراف. وقالت "لقد وجدت هذه المنطقة بأكملها مغطاة بالخراف الميتة المتناثرة. إضافة الى جثتي كلبي حراسة والممتلكات الشخصية. من الواضح أنه كان ضررا مدمرا. وكان خزان الماء أشبه بغربال من أثر ثقوب الشظايا. وأخبرني السكان المحليون ان ذلك حدث في يوم جمعة حين يزور القرويون بعضهم بعضا، وكان قرابة الأربعين أو الخمسين يتشاطرون وجبة الصباح الباكر. وعندما رجعوا، خلفوا وراءهم العائلة المؤلفة من ستة أفراد: الجد والأب وأربعة أطفال لرعاية الخراف. وحال سماعهم لصوت الطائرة وسقوط القنابل رجعوا راكضين. وقال السكان انهم بحثوا عنهم من الصباح الباكر حتى المساء في محاولة للعثور على الجثث ودفنها في غضون إثنتا عشر ساعة طبقا لتعاليم الدين الإسلامي" وإلتقينا بأخ الراعي ويدعى حسين جرجيس. ووافق على لقائنا في المقبرة حيث يرقد أبوه وأخوه وأربعة أطفال. ووصل بسيارته القديمة نوع تويوتا وبرفقته أرملة الراعي وإسمها أكداي ذنون. كان يشوبها الحزن وكانت تغطي وجهها وأمسكت بيد طفلها المتبقي وجلست بجنب أكوام التراب على قبور أطفالها وأخذت تنتحب وعندما تقدمت فيلستي لتقديم تعازيها لهول الفاجعة، وقفت المرأة المتشحة بالسواد وأصبحت وجها لوجه معها، فقالت "أريد التكلم مع الطيار الذي قتل أطفالي الأربعة". وأخو زوجها راعي أيضا. وقال بعد أن أنهى صلاته عند القبور "عندما وصلت للبحث عن أخي وعائلته كانت الطائرات تحوم فوق رؤسنا. ولم أبلغ الطريق المعبدة عندما حدث القصف الرابع وطالهم آخر صاروخين، وفي ذلك الوقت لم أعي ما يحدث. فالشاحنة كانت تحترق. لقد كانت الشاحنة كبيرة لكنها تحولت الى قطع صغيرة. ولم يبقى منها شيء سوى لوحة الأرقام والإطارات. لقد شاهدنا ثلاث جثث، أما البقية فكانت عبارة عن أشلاء وأوصال. أما الخراف التي أصابها الصاروخ الأخير فرأيتها تتناثر في الهواء. لقد حرق الصاروخ مساحة مائة متر مربع حولها الى رماد بالكامل. لقد حلقت الطائرات في عملية القصف الأخير بمستوى منخفض للغاية. وأطلقت الصاروخين في وقت واحد. والنتيجة ستة قتلى: أبي البالغ من العمر سبعين سنة، وأخي في الخامسة والثلاثين مع أطفاله الأربعة. كان الطفل الأصغر وهو في الخامسة من عمره.ولم يلتحق بعد بالمدرسة. وأخبرني ذات مرة عمي"سألتحق بالمدرسة السنة القادمة".لكن إرادة الله سبحانه وتعالى لم تسمح له بذلك، إنا لله وإنا إليه راجعون. بدون الماشية فالعائلة مفلسة. لذلك عرضت عليه بعض المال فرفض وعرض على الذهاب إلى بيته لتناول شيء.
وجاء الهجوم مدويا ومرعبا على لسان هانزفون سبوينك، مسؤول الأمم المتحدة البارز في العراق الذي جاء هنا خصيصا من بغداد. وليس في الجوار ما يشبه منشأة عسكرية. والوادي خال من الأشجار مفتوح ومقفر، وسجل(فون سبوينك) مشاهدته في وثيقة داخلية سرية بعنوان الضربات الجوية على العراق: من 28كانون/ ديسمبر1998وحتى 31 أيار/مايس 1999بتحضير من شعبة الأمم المتحدة للأمن (UNOHCI). وذكرت فيه عشرات الهجمات المماثلة:على القرى وعلى رصيف الصيادين بالقرب من مستودع لبرنامج الغذاء العالمي. وأمر(فون سبوينك) بعثات الأمم المتحدة للإغاثة بتعليق عملها لساعات عدة وقت الظهيرة حين تكثر الهجمات الجوية. عندما عادت فليستي إلى لندن بعد رؤيتها دليل الفاجعة، إتصلت بوزارة الدفاع وقالت "لقد عدت توا من الموصل،وقد قصفتم الخراف، فهل لديكم تعليق حول ذلك؟". وأجاب المسؤول "نحن نحتفظ بحق الرد إذا تعرضنا لأي تهديد". وتوجهنا بعد ذلك إلى التلال الخضراء بعد مدينة الموصل، على طريق محفوفة بالمخاطر يقودنا إلى دير من القرن الرابع يطل على الأودية. ويرقد هنا القديس(متي) ويأتي المسيحيون العراقيون بالمئات للصلاة في ضريحه. والدير مكان عام للتنزه في عطل نهاية الأسبوع: وإلتقيت هناك بعائلة من عشرين فرداً، يبلغ أصغرهم سنتين وأكبرهم السادسة والثمانين من العمر. ولديهم أقارب في استراليا، وأخذت صورهم، وأرسلت فيما بعد نسخا لهم في الموصل والفرع الأسترالي في ضواحي سدني. وتحدثوا عن القصف وهم يهزون رؤوسهم وممسكين أطفالهم الصغار بالقرب منهم. وتسألوا "لماذا؟". وقال لي أحد القساوسة "لقد ضاع الشعور بالأمان والسلام، ففي السنة الماضية تسلق عشرات الناس المنحدرات لمشاهدة كسوف الشمس. وكان أحد أوضح المشاهد في العالم. وجاءت الطائرات وقصفتنا: لا أعرف البريطانية كانت أم الأمريكية. وأخبرونا أن خمسة أشخاص قد قتلوا. ونسمع يوميا دوي الضربات. مالذي يهاجمونه؟. يطير الأمريكان والبريطانيون فوق العراق فيما أعلنته حكوماتهم من جانب واحد على أنها "مناطق حظر طيران". هذا يعني أنه لا يسمح سوى لهم وحلفاءهم بالطيران هناك. وهذه المناطق في الشمال تمتد من أطراف الموصل وحتى الحدود مع تركيا ومن جنوب بغداد حتى الحدود مع الكويت. وتصر الحكومتان الأمريكية والبريطانية على "شرعية" مناطق حظر الطيران، إذ تدعي أنها جزء من قرار مجلس الأمن 688 أو أنها حاصلة على تأييد بموجبه. هناك المزيد من الغموض يكتنف هذه المسألة التي إبتدعتها وزارة الخارجية عندما تعرضت تصريحاتها للإنتقاد. ليست هناك إشارة إلى مناطق حظر طيران في قرارات مجلس الأمن التي تكشف أنه لا أساس لها في القانون الدولي. وللتأكد فقد ذهبت إلى باريس وسألت الدكتور بطرس غالي، الأمين العام للأمم المتحدة في عام 1992، وقت صدور القرار. وقال لي "لم يتم طرح مسألة مناطق حظر الطيران ولذلك لم تتم مناقشتها: ولا كلمة، وهي بذلك لا تعطي أي شرعية للبلدان التي ترسل طائراتها لضرب العراق". وسألته قائلا هل هذا يعني أنها غير قانونية؟
فأجاب "إنها غير قانونية" ؟
أما مستوى القصف في مناطق حظر الطيران فيثير الذهول، فخلال مدة ثمانية عشر شهرا حتى 14 كانون الثاني/ يناير1999، قامت طائرات القوة الجوية والبحرية الأمريكية بـ 36000 طلعة جوية فوق العراق بضمنها 24000مهمة قتالية. وفي عام 1999، أسقطت الطائرات الأمريكية والبريطانية أكثر من 1.800 مليون قنبلة وضربت 450 هدفا. ووصلت كلفة دافعي الضرائب البريطانيين إلى ما يزيد عن 800 مليون جنيه إسترليني. فهناك قصف شبه يومي: إنها أطول حملة جوية بريطانية - أمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، ومع ذلك تتجاهلها وسائل الإعلام البريطانية والأمريكية. فقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز في عرفان نادر من نوعه ما نصه "تقوم الطائرات الأمريكية بهجوم منهجي على العراق دون نقاش فعلي علني...وبلغت طلعات الطيارين ثلثي عدد الطلعات التي قام بها طياروا الناتو فوق يوغسلافيا في ثمان وسبعين يوما في حرب على مدار الساعة هناك". وتقول الحكومتان الأمريكية والبريطانية ان الغرض من مناطق حظر الطيران هو حماية الأكراد في الشمال والشيعة في الجنوب من قوات ( صدام حسين). ويقول توني بلير ان الطائرات تقوم بمهمة إنسانية أساسية" سوف تعطي للأقلية الأمل والحرية والحق بتقرير مصيرها الخاص" ثمة تاريخ سري أعطى الكذبة لكلام بلير الخادعة فعندما خرج(صدام حسين) من الكويت عام 1991 اندهش قادته بقول المنتصرين انه يمكنهم الإحتفال بمروحياتهم المسلحة. ودافع القائد البريطاني الجنرال السيد ( بيتر دي لا بيلير) عن هذا القرار بالمنطق العجيب التالي: "العراقيون مسؤولون عن حفظ القانون والنظام. ولا يمكنك إدارة البلد دون استخدام مروحيات" القانون والنظام؟ أهو نفس القانون والنظام الذي صادق على تسميم 5000 كردي في حلبجة؟ وجاء الدليل من تعليق مفاجئ لرئيس الوزراء السابق جون ميجر "لا أستذكر سؤال الأكراد لتصعيد هذا العصيان المسلح بالذات.."
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق