جيمس بي روبن
ترجمة الباحث :أمير جبار ألساعدي
معايرة القوة والدبلوماسية
إن تعزيز الوجود العسكري الأمريكي في منطقة الخليج ، فوق كل ذلك، كان الاعتقاد بأنه هو الذي يسير قرارات سياسة الولايات المتحدة مما دفع بالكثير إلى الاعتقاد إن الحرب واقعة لا محالة .وشعر الأوربيون إن استخدام القوة كان هدفا" بحد ذاته وليس استخدام سلاح القوة في الدبلوماسية الأمريكية، كما إن واشنطن كانت ببساطة تستخدم الدبلوماسية لتمهيد طريق الغزو.وكان مسؤولون كبار منهم ساسة بريطانيون بارزون يشعرون بالإحباط من إن الجدول الزمني للتحرك العسكري بدا انه يحدد السياسة الخارجية للولايات المتحدة ولا يدعمها فحسب. حتى إن بعض النقاد اتفقوا على إن إدارة بوش رأت في مجملِ تحرك الأمم المتحدة طريقاً للتوقف لبعض الوقت إن أصبحت القوة العسكرية الأمريكية في نطاقها العملي. وفي أحسن الظروف يعد تزامن القوة والدبلوماسية عملاً متوازناً دقيقاً يتطلب تخطيطاً حذراً. والأوروبيون يتخوفون من هذه العملية؛ إذ تعلق في ذاكرتهم الطريقة التي أعمت فيها عملية تحشيد الجيوش الجهد الدبلوماسي وجعلت من القتال أمراً لا يمكن تجنبه قبل الحرب العالمية الأولى.وليس هذا بالأمر الذي يدفع للاعتقاد إن الأوربيين عجزوا في إدراك الدور الحيوي الذي يمكن أن تقوم به القوة. لقد أدرك محللو القارة الأوربية ومسئولوها إن رغبة أميركا بنشر القوة واستخدامها بمفردها إذا اقتضى الأمر هو ما حفز مجلس الأمن على اتخاذ موقف متشدد من العراق والمطالبة بعودة مفتشي الأمم المتحدة والدخول الواسع وغير المشروط للمنشات ذات الأهمية. حتى إن الرئيس الفرنسي جاك شيراك اعترف إن نشر القوات الأمريكية أسهم في الضغط على صدام للموافقة على هذه الإجراءات. مع ذلك كانت غلطة الرئيس شيراك الاعتقاد انه يمكنه تحديد دور الولايات المتحدة لدعم سياسته المفضلة تجاه العراق: الاحتواء من خلال عمليات تفتيش صارمة. لقد أبدت القوة الأمريكية فعلاً عملاً فعالاً متعدد الأطراف في العراق. ولكن من اجل الحصول على دعم دولي وعلى إدارة بوش أولاً أن تظهر رغبة في تعديل الجدول الزمني للتحرك العسكري ليماشي الوقائع الدبلوماسية. وان التزامن السياسي دفع إلى تقارب الخطى الدبلوماسية والعسكرية التي قد تكون في هذا الخريف. ويقول جميع الأشخاص البارزين في أوربا الأن إنهم سيتهيأون لدعم أو على الأقل فرض استخدام القوة ضد العراق إذا لم ينزع العراق أسلحته بالكامل بحلول الخريف.وقد كشف هذا الانتظار الطويل للجميع إن الولايات المتحدة كانت تتهيأ لإحراز تقدم كبير للفوز بدعم دولي.لكن إدارة بوش لم تظهر رغبتها في ذلك.
ترجمة الباحث :أمير جبار ألساعدي
معايرة القوة والدبلوماسية
إن تعزيز الوجود العسكري الأمريكي في منطقة الخليج ، فوق كل ذلك، كان الاعتقاد بأنه هو الذي يسير قرارات سياسة الولايات المتحدة مما دفع بالكثير إلى الاعتقاد إن الحرب واقعة لا محالة .وشعر الأوربيون إن استخدام القوة كان هدفا" بحد ذاته وليس استخدام سلاح القوة في الدبلوماسية الأمريكية، كما إن واشنطن كانت ببساطة تستخدم الدبلوماسية لتمهيد طريق الغزو.وكان مسؤولون كبار منهم ساسة بريطانيون بارزون يشعرون بالإحباط من إن الجدول الزمني للتحرك العسكري بدا انه يحدد السياسة الخارجية للولايات المتحدة ولا يدعمها فحسب. حتى إن بعض النقاد اتفقوا على إن إدارة بوش رأت في مجملِ تحرك الأمم المتحدة طريقاً للتوقف لبعض الوقت إن أصبحت القوة العسكرية الأمريكية في نطاقها العملي. وفي أحسن الظروف يعد تزامن القوة والدبلوماسية عملاً متوازناً دقيقاً يتطلب تخطيطاً حذراً. والأوروبيون يتخوفون من هذه العملية؛ إذ تعلق في ذاكرتهم الطريقة التي أعمت فيها عملية تحشيد الجيوش الجهد الدبلوماسي وجعلت من القتال أمراً لا يمكن تجنبه قبل الحرب العالمية الأولى.وليس هذا بالأمر الذي يدفع للاعتقاد إن الأوربيين عجزوا في إدراك الدور الحيوي الذي يمكن أن تقوم به القوة. لقد أدرك محللو القارة الأوربية ومسئولوها إن رغبة أميركا بنشر القوة واستخدامها بمفردها إذا اقتضى الأمر هو ما حفز مجلس الأمن على اتخاذ موقف متشدد من العراق والمطالبة بعودة مفتشي الأمم المتحدة والدخول الواسع وغير المشروط للمنشات ذات الأهمية. حتى إن الرئيس الفرنسي جاك شيراك اعترف إن نشر القوات الأمريكية أسهم في الضغط على صدام للموافقة على هذه الإجراءات. مع ذلك كانت غلطة الرئيس شيراك الاعتقاد انه يمكنه تحديد دور الولايات المتحدة لدعم سياسته المفضلة تجاه العراق: الاحتواء من خلال عمليات تفتيش صارمة. لقد أبدت القوة الأمريكية فعلاً عملاً فعالاً متعدد الأطراف في العراق. ولكن من اجل الحصول على دعم دولي وعلى إدارة بوش أولاً أن تظهر رغبة في تعديل الجدول الزمني للتحرك العسكري ليماشي الوقائع الدبلوماسية. وان التزامن السياسي دفع إلى تقارب الخطى الدبلوماسية والعسكرية التي قد تكون في هذا الخريف. ويقول جميع الأشخاص البارزين في أوربا الأن إنهم سيتهيأون لدعم أو على الأقل فرض استخدام القوة ضد العراق إذا لم ينزع العراق أسلحته بالكامل بحلول الخريف.وقد كشف هذا الانتظار الطويل للجميع إن الولايات المتحدة كانت تتهيأ لإحراز تقدم كبير للفوز بدعم دولي.لكن إدارة بوش لم تظهر رغبتها في ذلك.
ومما لاشك فيه إن جدولاً زمنياً كهذا سيؤدي إلى تساؤلات وتعقيدات لوجستية خطيرة.فعلى سبيل المثال هل يمكن إبقاء القوات العسكرية في المنطقة طيلة فترة الصيف؟
مع ذلك يمكن حل هكذا مشاكل.إذ يمكن إبطاء وتيرة نشر القوات،وتخفيف المشقة على جيوش الائتلاف وانتظار فترة الصيف.أو الأخذ بفكرة الجيش البريطاني وهي إمكانية ترك المعدات في المنطقة وتناوب القوات في الدخول إلى المنطقة والخروج منها، لقد كانت حكومة لندن تعتقد إن المكاسب السياسية من الانتظار حتى حلول الخريف تفوق المصاعب الفنية كثيراَ.وبعبارة أخرى حددت حليفة واشنطن الأساسية قمة اولوياتها في الحصول على صوت داعم في مجلس الأمن وكسب التأييد الدولي وكانت تعد المدة الضرورية لضمان هذه النتائج عكس الإدارة الأمريكية.فمن المؤكد إن الإدارة الأمريكية لم تجر ولو تعديلات قليلة على خططها العسكرية برغم إن ذلك قد يدعم التأييد السياسي للحرب دعماً قوياً.
وعلى سبيل المثال،لم تنجح لندن في نهاية النقاشات بشان القرار الثاني في تأخير واشنطن عدة أسابيع برغم إن الانتظار وقتئذ ربما ساعد على ضمان دعم الأغلبية وذكر مسئولون عسكريون بارزون إن هذا التأخير ليس بذات أهمية في تغير مسار الحرب.وببساطة لم تبال الإدارة الأمريكية سواء حصلت على دعم دولي أم لا.وقد عرف الأوربيون ذلك.
التخطيط للاذعان الجزئي
كانت اكبر غلطة ارتكبتها الإدارة الأمريكية في فقدانها الحكمة والتخطيط.إذ لم يكن هناك أي جهد على الإطلاق يقوم على قاعدة احتمال إذعان صدام الجزئي للقرار1441.لذلك لم تكن لواشنطن أية استراتيجية للتعامل مع استجابة بغداد الفعلية لمطالب الأمم المتحدة وتهديد الغزو.
لقد عكس نص القرار 1441 الذي تم تبنيه بالإجماع في تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2002 عدداً من الاختلافات الجوهرية بين الأعضاء البارزين في مجلس الأمن.فبرغم النجاح الدبلوماسي الواضح للتصويت كونه مثل دعماً دولياً لاتخاذ موقف أكثر صراحة تجاه نزع أسلحة العراق،لكنه طرح أيضاً عدداً من الأسئلة المحيرة منها:هل يتطلب الأمر إصدار قرار ثان قبل العمل العسكري؟
كيف نحكم على إذعان العراق؟ والاهم كم من الوقت سيمنح العراق لتوضيح المتناقضات بشان تقارير خزينه من أسلحة الدمار الشامل؟ ولسوء الحظ لم يبذل أي جهد لحل هذه الإشكالات حال تمرير القرار 1441.ولم يتقدم أي من الدول الكبرى بخطة سياسية للتعامل مع حالات الاستجابة الأربع المحتملة من جانب العراق.وبدلاً من ذلك،تمتع الكل بـ"عطلة سياسية " استجابة لاقتراح احد مهندسي سياسة الأمم المتحدة.
الاستجابة الأولى التي يمكن توقعها من العراق هي الإذعان بشروط.فقد يذعن صدام كلياً إذا ما واجه واقع فقدانه قوته.فإذا أذعن وسمح للمفتشين بالدخول من دون شروط إلى علمائه ووثائقه واثبات وجود أو تدمير أسلحة الدمار الشامل ، فيمكن تجنب الحرب.وبرغم إن معظم دول العالم لم تثق بإدارة بوش قبولها هذه النتيجة،فقد اتفق كل من بلير وبوش على إمكانية تجنب الحرب إذا ما نزع العراق فعلاً أسلحته.
إما النتيجة الثانية المحتملة فكانت سياسة "السلاح المدخن". فإذا رفض صدام الاعتراف بامتلاكه أياً من برامج أسلحة الدمار الشامل ولكنه سمح من دون شروط بدخول المفتشين إلى المواقع ذات العلاقة في العراق كافة، توقع الجميع من مفتشي الأمم المتحدة أن يعثروا على "السلاح المدخن" الشهير...وهذا يعني دليلاً لا لبس فيه على امتلاك صدام الأسلحة المحرمة مثل صواريخ سكود أو مخبأ للعناصر البيولوجية.
وقد اعتقد مسئولون بارزون في واشنطن ولندن إن مثل هذا الدليل سيكون مكشوفاً.وحال ظهور الدليل سيتحقق دعم العمل العسكري. فقد اخبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتن على سبيل المثال الرئيس بوش في رسالة خاصة انه سيتقبل فكرة الحرب إذا ما توافر هذا الدليل.
إما السيناريو الثالث فبتضمن "إطلاق صدام النار على قدمه" كما فعل عام 1998 وفي مناسبات عدة في الماضي ابتداءً من رفضه الانسحاب من الكويت عام 1991. ومن شان إثارة كهذه في هذا الربيع أن تقود مرة أخرى إلى دعم واسع النطاق لشن الحرب. فإذا رفض العراق السماح بدخول مواقع الأسلحة المشتبه بها أو لم يبد في الأقل تعاوناً مع مفتشي الأمم المتحدة، فستدعم جميع الحكومات البارزة فكرة الغزو. وقد أوضح ذلك وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيلبان بشكل تهكمي على انفراد انه لو استخدمت قوة أخرى مثل روسيا أو الصين حق النقض(الفيتو) ضد الحرب في ظروف كهذه، فان فرنسا ستنضم إلى الائتلاف العسكري بكل الأحوال.
إما ما حدث فعلاً فهو السيناريو الرابع: سيناريو لم تستعد له واشنطن استعداداً تاماً، ألا وهو الإذعان الجزئي. إذ لم يقبل العراق أن يتحمل عبء إثبات انه دمر أسلحته وأعطى الأمم المتحدة إعلاناً لا يمكن تصديقه عن برنامج أسلحته (ويشمل في بعض أجزائه تقارير سابقه إلى الأمم المتحدة).ولكنه سمح للمفتشين بالدخول من دون قيود إلى المواقع المشتبه بها وتعاون معهم بشكل عام.
وسمح العراق للمفتشين بدخول القصور الرئاسية ومواقع أخرى كانوا يمنعون من دخولها أو مواقع يتعرضون فيها للمضايقة في الماضي، وكذلك دمر العراق العشرات من صواريخ الصمود بعد أن أعلنت الأمم المتحدة أنها تجاوزت المديات المسموح بها.
كما سمح بإجراء مقابلات مع بعض العلماء، وتم اقتراح طرائق جديدة لإثبات ما تم تدميره من أسلحة محظورة. إما واشنطن فوجدت نفسها غير متحضرة لهذه التطورات وكانت النتيجة نكبة.
السبيل الأفضل للتعامل مع الإذعان الجزئي سيتمثل بتطوير جدول زمني لإكمال التحقق من نزع أسلحة العراق وطريقة للتأكد من تلبية بغداد المطالب كافة تلبية حقيقية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق